aleman59
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

aleman59

منتدى اسلامى خالص
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» دعاء جميل جدا جدا
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالخميس مايو 12, 2022 6:07 pm من طرف Admin

» القران الكريم كاملا بصوت جميع المقرئين
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالخميس مايو 12, 2022 5:59 pm من طرف Admin

» مايقال فى سجده التلاوه
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالخميس مايو 12, 2022 5:56 pm من طرف Admin

» فديوهات للشيخ حازم
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2017 2:34 pm من طرف Admin

» الشيخ ايمن صيدح
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2017 11:20 am من طرف Admin

» الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2017 11:19 am من طرف Admin

» للعمل بشركة كبري بالدقي 2017
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2016 4:52 pm من طرف كاميرات مراقبة

» الانتركم مرئي وصوتي 2017
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2016 4:50 pm من طرف كاميرات مراقبة

» كاميرات مراقبة, كاميرات المراقبة, كاميرا 2016
كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2016 4:48 pm من طرف كاميرات مراقبة

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
منتدى

 

 كـــــــتاب الصيام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 64
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــــتاب الصيام Empty
مُساهمةموضوع: كـــــــتاب الصيام   كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 7:49 pm

إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
كتاب الصيام
[الأحاديث 901 - 929]

(901) - (حديث ابن عمر: " بنى الإسلام على خمس " (ص 216).
* صحيح.
وتقدم بتمامه مع تخريجه برقم (781).

(902) - (وقرأ [1] صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته , وأفطروا لرؤيته " متفق عليه (ص 216).
* صحيح.
وهو من حديث أبى هريرة , وله عنه طرق:
الأولى: عن محمد بن زياد عنه به وزاد: " فإن غبى عليكم فأكلموا عدة شعبان ثلاثين ".
أخرجه البخارى (4/106 ـ فتح) ومسلم (3/124) والنسائى (1/301) والدارمى (2/3) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/209) والبيهقى (4/205 و206) والطيالسى فى " مسنده " (3481) وأحمد (2/415 , 430 , 454 , 456 , 469) من طرق عنه , واللفظ للبخارى وهو رواية لأحمد , وفى أخرى له وهو رواية الجماعة " فإن غم ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا بلفظ:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: قوله }
(4/3)

" إذا رأيتم الهلال فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما ".
أخرجه مسلم والنسائى وابن الجارود فى " المنتقى " (395) والدارقطنى فى سننه (229) والبيهقى وأحمد (2/263) وكذا الطيالسى (2306) من طرق عن الزهرى عنه وقال ابن الجارود والدارقطنى: " عنه وأبى سلمة أو أحدهما " وهو رواية لأحمد (2/281).
الثالثة: عن الأعرج عنه به مثل رواية سعيد , إلا أنه قال: " فعدوا ثلاثين ".
أخرجه مسلم والنسائى , والبيهقى وأحمد (2/287).
الرابعة: عن أبى سلمة عنه به.
أخرجه الترمذى (1/133) والدارقطنى وأحمد (2/259 , 438 , 497) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الخامسة: عن عطاء عنه.
أخرجه أحمد (2/422) من طريق الحجاج عن عطاء به.
قلت: ورجاله ثقات غير أن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه.
السادسة: عن سعد بن إبراهيم عنه.
أخرجه البيهقى (4/247) بسند صحيح.
(4/4)

و للحديث شاهد من رواية ابن عباس رضى الله عنه , وله عنه أنه بسبع [1] طرق:
الأولى: عن أبى البخترى قال: " أهللنا رمضان ونحن بذات عرق , فأرسلنا رجلا إلى ابن عباس رضى الله عنهما يسأله , فقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أمده لرؤيته فإن أغمى عليكم فأكملوا العدة ".
أخرجه مسلم (3/127) والدارقطنى (230) وصححه , { و} البيهقى (4/206) والطيالسى فى مسنده " (2721) وأحمد (1/327 , 344 , 371).
الثانية: عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين , إلا أن يكون شىء يصومه أحدكم , ولا تصوموا حتى تروه , ثم صوموا حتى تروه , فإن حال دونه غمامة فأتموا العدة ثلاثين , ثم أفطروا , والشهر تسع وعشرون ".
أخرجه أبو داود (2327) والنسائى (1/302) والترمذى (1/133) والدارمى (1/2) وابن حبان (873) والحاكم (1/425) والطيالسى (2671) وأحمد (1/226) وأبو عبيدة فى " غريب الحديث " (من 59/1 ـ 2) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
الثالثة: عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: سبع }
(4/5)

عجبت ممن يتقدم الشهر , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ".
أخرجه النسائى (1/301) والدارمى (2/3) وأحمد (1/221) وقال الدارمى: " محمد بن جبير " بدل " ابن حنين " (1) وهو الأرجح لأن الإمام أحمد قد أخرجه (1/367) من طريق ابن جريج أخبرنى عمرو بن دينار أنه سمع محمد بن جبير يقول: كان ابن عباس ينكر أن يتقدم فى صيام رمضان إذا لم ير هلال شهر رمضان , ويقول : قال النبى صلى الله عليه وسلم " إذا لم تروا الهلال فاستكملوا ثلاثين ليلة "
وتابعه زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار به. أخرجه الطحاوى (1/209).
قلت: وهذا سند صحيح , فإن محمد بن جبير وهو ابن مطعم ثقة من رجال الشيخين وكذلك سائر الرواة , وأما محمد بن حنين فمجهول لا يعرف وقد صوب المزى فى " التهذيب " أنه ابن جبير , وأفاد الحافظ فى " تهذيبه " أن ابن حنين غير ابن جبير وذكر فى " التقريب " أنه مقبول. ورواية ابن جريج تؤيد ما صوبه المزى والله أعلم.
وقد خالف حماد بن سلمة فقال: عن عمرو بن دينار عن ابن عباس مرفوعا. فأسقط من بينهما ابن حنين أو ابن جبير , أخرجه النسائى , والصواب إثباته لاتفاق سفيان وابن جريج عليه وإن اختلفا فى اسم أبيه كما سبق.
__________
(1) ثم رجعت إلى نسخة مخطوطة من الدارمي فرأيت فيها "ابن حنين" كما عند النسائي وأحمد , وهي نسخة جيدة مقروءة محفوظة في المكتبة الظاهرية , وقد استخرجتها هذا العام (1384) من الدست.
(4/6)

الرابعة: عن كريب عنه.
أخرجه البيهقى (4/247).
وللحديث شاهد آخر من حديث أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا.. الحديث مثل حديث ابن حنين إلا أنه قال: " فعدوا ثلاثين يوما "
أخرجه أحمد (3/329) بسند صحيح وكذا البيهقى (4/206) والطبرانى فى " الأوسط , (1/98/1 ـ زوائد المعجمين "
وعن أبى بكرة الثقفى مرفوعا مثل حديث ابن حنين عن ابن عباس.
أخرجه الطيالسى فى مسنده (873) وعنه أحمد (5/42) والبيهقى , ورجاله موثقون.
وعن طلق بن على مرفوعا بلفظ: " إن الله عز وجل جعل هذه الأهلة مواقيت للناس , صوموا لرؤيته... " الحديث.
أخرجه أحمد (4/23) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (1/22 ـ 23 طبع) ورجاله موثقون إلا أن محمد بن جابر وهو الحنفى كان قد ذهبت كتبه فساء حفظه , وخلط كثيرا وعمى فصار يلقن كما فى " التقريب ".
والحديث عزاه السيوطى فى " الجامع " للطبرانى وحده فقصر ! ومن طريق الطبرانى أخرجه الديلمى (2/710).
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة منهم ابن عمر , ويأتى حديثه فى الكتاب عقب هذا , ومنهم جماعة لم يسموا ويأتى حديثهم فى الكتاب برقم (910) .
ومنهم السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره , ثم
(4/7)

يصوم لرؤية رمضان , فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ".
أخرجه أبو داود (2325) وابن حبان (869) والحاكم (1/423) والبيهقى (4/206) وأحمد (6/149) عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبى قيس عنها.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر فإن ابن صالح وابن أبى قيس لم يحتج بهما البخارى فهو على شرط مسلم وحده.
وعن حذيفة مرفوعا: " لا تقدموا الشهر , حتى تروا الهلال , أو تكملوا العدة , ثم صوموا حتى تروا الهلال , أو تكملوا العدة ".
أخرجه أبو داود والنسائى وابن حبان (875) وغيرهم.
قلت: وإسناده صحيح.

(903) - (قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن عمر: " فإن غم عليكم فاقدروا له " متفق عليه (ص 216).
* صحيح.
وله طرق عن ابن عمر رضى الله عنهما:
الأولى: عن نافع عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: " لا تصوموا حتى تروا الهلال , ولا تفطروا حتى تروه , فإن غم... " الحديث.
أخرجه البخارى (4/102 ـ 103) ومسلم (3/122) ومالك (1/286/1) وأبو داود (2320) والنسائى (1/301) والدارمى (2/3) والدارقطنى (229) والبيهقى (4/204) وأحمد (2/5 و13 و63) من طرق عن نافع به.
وزاد أبو داود والدارقطنى والبيهقى وأحمد من طريق أيوب عنه قال:
(4/Cool

" فكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعا وعشرين , نظر له , فإن رئى فذاك وإن لم ير , ولم يحل دون منظره سحاب ولا قترة أصبح مفطراً , فإن حال دون منظره سحاب أو قترة أصبح صائما ".
زاد الأولان: " فكان ابن عمر يفطر مع الناس ".
زاد أبو داود: " ولا يأخذ عضدا [1] الحساب ".
وزاد البيهقى:" قال: وقال ابن عدن [2] : ذكرت فعل ابن عمر لمحمد بن سيرين , فلم يعجبه ".
قلت: وإسنادهم جميعا صحيح على شرط الشيخين.
وفى رواية لأحمد من طريق عبيد الله عن نافع قال: " وكان ابن عمر إذا كان ليلة تسع وعشرين , وكان فى السماء سحاب , أو قتر
أصبح صائما ".
وإسناده صحيح أيضا على شرطهما.
وزاد مسلم فى آخر الحديث المرفوع: " ثلاثين ".
وزاد البيهقى وهى رواية للحاكم (1/423) من طريق عبد العزيز بن أبى رواد عن نافع:... إن الله تبارك وتعالى جعل الأهلة مواقيت , فإذا رأيتموه فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم عليكم , فاقدروا له , أتموه ثلاثين ".
الطريق الثانية: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به بلفظ: " الشهر تسع وعشرون ليلة , فلا تصوموا حتى تروه , فإن غم... "
الحديث
أخرجه البخارى ومسلم (3/123) ومالك (1/286/2) إلا أن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: بهذا }
[2] { كذا فى الأصل , و الصواب: عون }
(4/9)

البخارى قال: " فأكملوا العدة ثلاثين ".
الثالثة: عن سالم بن عبد الله عنه بلفظ: " إذا رأيتموه فصوموا , وإذا رأيتموه فأفطروا , فإن غم... " الحديث
أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه (1654) وأحمد (2/145) وزاد ابن ماجه " وكان ابن عمر يصوم قبل الهلال بيوم ".
قلت: وهذه زيادة منكرة من هذه الطريق تفرد بها محمد بن عثمان العثمانى وهو صدوق يخطىء كما فى التقريب " وإنما صمت [1] من طريق نافع كما تقدم.

(904) - (حديث: " كان ابن عمر إذا حال دون مطلعه غيم أو قتر أصبح صائما " (ص 216).
* صحيح.
أخرجه أبو داود , والدارقطنى والبيهقى وأحمد من طريق نافع عنه فى حديثه المتقدم آنفا.
(تنبيه): استدل المصنف بهذا الأثر على وجوب صوم ليلة الثلاثين احتياطا إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر. وقال: " وابن عمر هو راوى الحديث ـ يعنى المتقدم ـ وعمله به تفسير له ".
قلت: وبناء على ذلك فسر قوله فى الحديث المشار إليه: " فاقدروا له " بـ " ضيقوا له العدة وذلك بأن يحسب شعبان تسعة وعشرين يوما ".
قلت: بنا في [2] ذلك أمور:
الأول: أن فى حديث أبى هريرة المتقدم قبل حديث: " فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " , وكذلك فى حديث جماعة آخرين من الصحابة سبق ذكرهم هناك.
الثانى: أن فعل ابن عمر هذا مخالف لفعله صلى الله عليه وسلم أيضا فقد تقدم من حديث عائشة رضى الله عنها: " ثم يصوم لرؤية رمضان , فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: صحت }
[2] { كذا فى الأصل , و الصواب: ينافى }
(4/10)

و أما ما رواه سعيد بن منصور عن عائشة أنها قالت: " لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان " فلا يصح سنده , فيه رجل لم يسم , لكن قد جاء مسمى بـ "عبد الله بن أبى موسى " فى مسند أحمد (6/125 ـ 126) وسنده صحيح, فمن قال: العبرة برأى الراوى لا براويته لزم الأخذ به كالحنفية.

(905) - (قرأ [1] صلى الله عليه وسلم: " صومكم يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون " رواه أبو داود (ص 217).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2324) وكذا الدارقطنى (231 , 257 ـ 258) والبيهقى (4/251 ـ 252) من طريقين بل ثلاثة عن محمد بن المنكدر عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " فطركم يوم تفطرون , وأضحاكم يوم تضحون , وكل عرفة موقف , وكل منى
منحر , وكل فجاج مكة منحر , وكل جمع موقف ".
وكذا أخرجه أبو على الهروى فى " الأول من الثانى من الفوائد " (ق 20/1) من طريق روح بن القاسم ومعمر كلاهما عن محمد بن المنكدر به.
فهذه طرق أربعة عن ابن المنكدر.
فالسند صحيح لولا أنه مقطع , فإن ابن المنكدر لم يسمع مسند [2] أبى هريرة كما قال البزار وغيره , وقد جعله بعض الضعفاء من مسند عائشة رضى الله عنها , وبعضهم جعله من حديث محمد بن سيرين عن أبى هريرة , وكل ذلك وهم , وإليك البيان:
قال ابن ماجه (1660): حدثنا محمد بن عمر المقرى حدثنا إسحاق بن عيسى , حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة مرفوعا مختصرا بلفظ:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: قوله }
[2] { كذا فى الأصل , و الصواب: من }
(4/11)

" الفطر يوم تفطرون , والأضحى يوم تضحون ".
وقال الشيخ أحمد رحمه الله فى تعليقه على " مختصر السنن " (3/213):" وهذا إسناد صحيح جداً على شرط الشيخين ".
وأقول كلا , فإن محمد بن عمر هذا لم يرو له من السنة [1] سوى ابن ماجه , ثم هو لا يعرف كما فى " التقريب ".. ومع ذلك فقد خالف الثقات , فقد أخرجه الدارقطنى من طريق العباسى بن محمد بن هارون وعلى بن سهل قالا: أخبرنا إسحاق بن عيسى الطباع عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن المنكدر به.
أخرجه الدارقطنى , وكذلك رواه الثقات الآخرون عن محمد بن المنكدر كما سبقت الإشارة إليه.
فهذه الرواية منكرة الإسناد لمخالفة المجهول الثقات.
وقال يحيى بن اليمان: عن معمر عن محمد بن المنكدر عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الفطر يوم يفطر الناس , والأضحى يوم يضحى الناس " أخرجه الترمذى (1/153) والدارقطنى (258) وقال الأول: " سألت محمدا (يعنى الإمام البخارى) قلت: محمد بن المنكدر سمع من عائشة ؟ قال: نعم , يقول فى حديثه: سمعت عائشة ". قال الترمذى: " هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه ".
كذا قال. وهو عندى ضعيف من هذا الوجه لأمرين:
الأول: ضعف يحيى بن اليمان , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق عابد , يخطىء كثيرا , وقد تغير ".
والآخر: مخالفته للثقة , فقد رواه يزيد بن زريع عن معمر عن محمد بن المنكدر عن أبى هريرة.
أخرجه أبو على الهروى فى " الفوائد " كما تقدم , وتابع معمرا على ذلك
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: الستة }
(4/12)

جماعة من الثقات كما سبق بيانه.
فالحديث من مسند أبى هريرة , وليس من مسند عائشة رضى الله عنها.
وله عنه طريق أخرى , يرويه إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثنى عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " الصوم يوم تصومون , والفطر يوم تفطرون , والأضحى يوم تضحون "
أخرجه الترمذى (1/135) وقال: " هذا حديث حسن غريب ".
قلت: وإسناده حسن , رجاله كلهم ثقات معروفون , وفى عثمان بن محمد وهو ابن المغيرة بن الأخنس كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن , وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
وعبد الله بن جعفر هو ابن عبد الرحمن المسور المخرمى المدنى وهو ثقة , روى له مسلم.
وإسحاق بن جعفر بن محمد هو الهاشمى الجعفرى , وهو صدوق كما فى " التقريب ".
وقد تابعه أبو سعيد مولى بنى هاشم وهو ثقة من رجال البخارى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمى به , دون الجملة الوسطى " والفطر يوم تفطرون ".
أخرجه البيهقى (4/252)
وخالفهما الواقدى , فقال: حدثنا عبد الله بن جعفر الزهرى عن عثمان بن محمد عن المقبرى عن أبى هريرة به.
أخرجه الدارقطنى (231) , والواقدى متروك فلا يعتد بمخالفته.
ثم أخرجه من طريقه أيضا: حدثنا داود بن خالد وثابت بن قيس ومحمد بن مسلم جميعا عن المقبرى به بلفظ: " صومكم يوم تصومون , وفطركم يوم تفطرون ".
(4/13)

و قال: " الواقدى ضعيف ".
وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه صحيح إن شاء الله تعالى.
(تنبيه): تبين من هذا التخريج أن أبا داود رحمه الله ليس عنده قوله فى حديث الكتاب: " صومكم يوم تصومون " فعزوه إليه من المؤلف لا يخفى ما فيه , فكان الواجب عزوه للترمذى لا سيما وإسناده حسن بخلاف سند أبى داود !.

(906) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " (ص 217).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/499) ومسلم (2/177) ومالك (1/113/2) وأبو داود (1371) والنسائى (1/308) والترمذى (1/154) والدارمى (2/26) وابن ماجه (1326) وأحمد (2/281 , 289 , 408 , 423) والفريابى فى " كتاب الصيام " (من 73/1) وعبد الغنى المقدسى فى " فضائل رمضان " (54/2) من طرق عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا به.
وعند مسلم وأبى داود والترمذى وغيرهم زيادة فى أوله بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب فى قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بفرعيه [1] , فيقول... " فذكره.
وفى آخره زيادة أيضا عندهم بلفظ: " فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك , ثم كان الأمر على ذلك فى خلافة أبى بكر , وصدرا من خلافة عمر على ذلك ".
وفى رواية الفريابى التصريح بأن هذه الزيادة من قول الزهرى , وقد ثبت ذلك عند البخارى (1/499) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة مرفوعا به. قال ابن شهاب: فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم... الخ.
وأخرج المرفوع منه مسلم والنسائى وأحمد (2/486 , 503).
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: بعزيمة }
(4/14)

(907) - (لحديث ابن عباس قال: " جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت الهلال قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال: نعم , قال: يا بلال: أذن فى الناس فليصوموا غدا " رواه أبو داود والترمذى والنسائى.
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (2340) والنسائى (1/300) والترمذى (1/134) والدارمى (2/5) وابن ماجه (1652) وابن الجارود فى " المنتقى " (379 , 380) وابن حبان (870) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (1/201 ـ 202) والدارقطنى (227 ـ 228) والحاكم (1/424) والبيهقى (4/211 , 212) من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم: " هذا الحديث صحيح , احتج البخارى بأحاديث عكرمة , واحتج مسلم بأحاديث سماك بن حرب ".
قلت: ووافقه الذهبى , وفيه نظر , فإن سماكا مضطرب الحديث , وقد اختلفوا عليه فى هذا فتارة رواه موصولا , وتارة مرسلا , وهو الذى رجحه جماعة من مخرجيه , فقال الترمذى: " حديث ابن عباس فيه اختلاف , وروى سفيان الثورى وغيره عن سماك عن عكرمة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , وأكثر أصحاب سماك رووا عن سماك عن عكرمة عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
قلت: وقد رواه الفضل بن موسى عن سفيان به موصولا بذكر ابن عباس.
أخرجه النسائى والدارقطنى والحاكم , لكن خالفه جماعة منهم عبد الله بن المبارك فرووه عن سفيان مرسلا كما ذكر الترمذى , وقال النسائى فيما نقله الزيلعى (2/443): " وهذا أولى بالصبواب , لأن سماكا كان يلقن فيتلقن , وابن المبارك أثبت
(4/15)

فى سفيان من الفضل ". ونحوه فى " مختصر السنن " للمنذرى (3/228).
ولم أجد قول النسائى هذا فى " سننه الصغرى " المطبوعة , " فلعله فى " السنن الكبرى " له.

(908) - (وعن ابن عمر قال: " تراءى الناس الهلال فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم أنى رأيته فصام وأمر الناس بصيامه " رواه أبو داود.
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2342) والدارمى (2/4) وابن حبان (871) والدارقطنى (227) والبيهقى (4/212) من طريق مروان بن محمد عن عبد الله بن وهب عن يحيى ابن عبد الله بن سالم عن أبى بكر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر.
وقال الدارقطنى: " تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب وهو ثقة ".
قلت: لم يتفرد به , فقد تابعه هارون بن سعيد الأيلى حدثنا عبد الله ابن وهب. أخرجه الحاكم (1/423) وعنه البيهقى.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى , وهو كما قالا , وقال ابن حزم (6/236): " وهذا خبر صحيح ".
وأقره الحافظ فى " التلخيص " (2/187).

(909) - (لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وفيه: " فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا " رواه أحمد والنسائى (ص 218).
* صحيح.
أخرجه أحمد (4/321) والنسائى (1/300 ـ 301) وكذا الدارقطنى (ص 232) من طرق عن حسين بن الحارث الجدلى عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس فى اليوم الذى يشك فيه فقال: إلا إنى جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم , وإنهم حدثونى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صوموا لرؤيته , وأفطروا لرؤيته , وانسكوا لها , فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين , فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا ".
والسياق للنسائى
(4/16)

و زاد أحمد: " مسلمان ". وقال الدارقطنى: " ذوا عدل ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات كلهم وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ولد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم , وزوجه عمر ابنته فاطمة.

(910) - (يقول عليه السلام: " صوموا لرؤيته " (ص 218).
* صحيح.
وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه وطرقه برقم (902).

(911) - (حديث: " رفع القلم عن ثلاثة " (ص 216).
* صحيح.
وتقدم تخريجه فى أول " كتاب الصلاة " برقم (297).

(912) - (يقول ابن عباس فى قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية): " ليست بمنسوخة هى للكبير الذى لا يستطيع الصوم " رواه البخارى.
* صحيح.
رواه البخارى فى " التفسير " من " صحيحه " (8/135 ـ فتح) والدارقطنى (250) من طريق زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء سمع ابن عباس يقول: " (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) , قال ابن عباس: ليست بمنسوخة , هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما , فليطعما مكان كل يوم مسكينا ".
ورواه النسائى (1/318 ـ 319) من طريق ورقاء عن عمرو بن دينار به نحوه ولفظه : " (يطيقونه) يكلفونه , (فدية طعام مسكين , فمن تطوع خيرا) طعام مسكين آخر , ليست بمنسوخة (فهو خير له , وأن تصوموا خير لكم) لا يرخص فى هذا إلا للذى لا يطيق الصيام أو مريض لا يشفى ".
قلت: وإسناده صحيح. ورواه الدارقطنى (249) وقال: " إسناده
(4/17)

صحيح ثابت ".
وأخرجه ابن جرير فى تفسيره (3/431/2778) عن ابن أبى نجيح عن عمرو بن دينار به مثل رواية ورقاء مع بعض اختصار.
قلت: وإسناده صحيح أيضا. ثم رواه بسند مثله عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقول: " ليست بمنسوخة ".
ثم أخرج هو (2752 , 2753) وابن الجارود فى " المنتقى " (381) والبيهقى (4/230) من طرق عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " رخص للشيخ الكبير , والعجوز الكبيرة فى ذلك وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا , ويطعما كل يوم مسكينا , ولا قضاء عليهما , ثم نسخ ذلك فى هذه الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) , وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم , والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا , وأطعمتا كل يوم مسكينا ".
ورواه أبو داود (2318) من طريق ابن أبى عدى عن سعيد به إلا أنه اختصره اختصارا مخلا , ولفظه: " (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال: كانت رخصته [1] للشيخ الكبير , والمرأة الكبيرة , وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا , والحبلى والمرضع إذا خافتا ـ قال أبو داود: يعنى على أولادهما ـ أفطرتا وأطعمتا ".
ووجه الإخلال أنه اختصر جملة " وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم " فصارت الرواية تعطى الترخيص للشيخ والمرأة بالإفطار وهما يطيقان الصوم , والواقع أن هذا منسوخ بدليل رواية الجماعة عن ابن عروبة [2] وما قبلها من الروايات !
وإسناد هذه الرواية صحيح على شرط الشيخين , وأما رواية أبى داود فهى
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: رخصة }
[2] {كذا فى الأصل , و الصواب: ابن أبى عروبة }
(4/18)

شاذة , وقد وقع فيها " عروة " بدل " عزرة " وهو تصحيف بدليل رواية الجماعة , وأيضا فقد رواه البيهقى من طريق أبى داود فقال: " عزرة " على الصواب وقد تصحف هذا الاسم أيضا فى تفسير الطبرى من الطبعة الأولى كما نبه عليه محققه الأستاذ الفاضل محمود ومحمد شاكر فى تعليقه عليه طبعة دار المعارف بمصر , ثم تصحف أيضا فى أحد الموضعين المشار إليهما من هذه الطبعة (2753) !
ومن روايات الحديث ما عند الطبرى (2758) من طريق عبدة وهو ابن سليمان الكلابى عن سعيد بن أبى عروبة بسنده المتقدم عن ابن عباس قال: " إذا خافت الحامل على نفسها , والمرضع على ولدها فى رمضان قال: يفطران , ويطعمان مكان كل يوم مسكينا , ولا يقضيان صوما ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفى رواية له بالسند المذكور عن ابن عباس: " أنه رأى أم ولد له حاملا أو مرضعا فقال: أنت بمنزلة الذى لا يطيق , عليك أن تطعمى مكان كل يوم مسكينا ولا قضاء عليك ".
زاد فى رواية أخرى (2761) عن سعيد به: " أن هذا إذا خافت على نفسها ".
ورواه الدارقطنى (250) من طريق روح عن سعيد به بلفظ: " أنت من الذين لا يطيقون الصيام , عليك الجزاء , وليس عليك القضاء ".
وقال الدارقطنى: " إسناده صحيح ".
ثم روى من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وابن عمر قال:
(4/19)

" الحامل والمرضع تفطر ولا تقضى ". وقال: " وهذا صحيح ".
قلت: ورواه ابن جرير (2760) من طريق على بن ثابت عن نافع عن ابن عمر مثل قول ابن عباس فى الحامل والمرضع.
قلت: وسنده صحيح ولم يسق لفظه , وقد رواه الدارقطنى من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر: " أن امرأته سألته وهى حبلى , فقال: أفطرى وأطعمى عن كل يوم مسكينا ولا تقضى ".
وإسناده جيد , ومن طريق عبيد الله عن نافع قال: " كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش , وكانت حاملا , فأصابها عطش فى رمضان , فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا ". وإسناده صحيح.
ومنها ما عند الدارقطنى وصححه من طريق منصور عن مجاهد عن ابن عباس قرأ: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) يقول:
" هو الشيخ الكبير الذى لا يستطيع الصيام فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من حنطة ".
وأخرجه (249) من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: " إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مداً مداً ". وقال: " إسناده صحيح ".
ومن شواهد الحديث: عن معاذ بن جبل قال: " أما أحوال الصيام , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة , فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام , وصيام يوم عاشوراء , ثم إن الله فرض عليه الصيام , فأنزل الله: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من
(4/20)

قبلكم) إلى هذه الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسطين) فكان من شاء صام , ومن شاء أطعم مسكينا فأجزى ذلك عنه , ثم إن الله أنزل الآية الأخرى : (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس) إلى قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) , فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح , ورخص فيه للمريض وللمسافر , وثبت الإطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام , فهذان حولان... " الحديث.
أخرجه أبو داود (507) وابن جرير (2733) والحاكم (2/774) والسياق له والبيهقى (4/200) وأحمد (5/246 ـ 247) من طريق المسعودى: حدثنى عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن معاذ بن جبل.
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " وافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر , فإن المسعودى كان اختلط , ثم إنه منقطع , وبه أعله البيهقى فقال عقبه: " هذا مرسل , عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل ".
وبذلك أعله الدارقطنى والمنذرى , وقد ذكرت كلامهما فى " صحيح أبى داود " (رقم 524).
لكن قد جاء بعضه من طريق غير المسعودى فراجع المصدر المذكور.
ومنها: عن قتادة: " أن أنسا ضعف قبل موته فأفطر , وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكينا ". أخرجه الدارقطنى بسند صحيح.
وأخرج من طريق أخرى عن أنس نحوه ولفظه: " عن أنس بن مالك أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة ثريد ودعا ثلاثين مسكينا فأشبعهم "
(4/21)

و سنده صحيح أيضا , وعلق البخارى بنحوه.
وعن مالك عن نافع: " أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة ".
أخرجه الشافعى (1/266) ومن طريقه البيهقى (4/230) وهو فى " الموطأ " (1/308/52) بلاغا أن عبد الله بن عمر سئل...
وعن أبى هريرة قال: " من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم رمضان , فعليه لكل يوم مد من قمح ".
أخرجه الدارقطنى وفيه عبد الله بن صالح وفيه ضعف.
(تنبيه): استدل المؤلف رحمه الله تعالى بحديث ابن عباس هذا على أن العاجر عن الصيام لكبر أو مرض مزمن يطعم عن كل يوم مسكينا , وهذا صحيح يشهد له حديث ابن عمر وأبى هريرة. غير أن فى قول ابن عباس فى هذه الآية (وعلى الذين يطيقونه...) ليست منسوخة , وأن المراد بها الشيخ الكبير , والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام , إشكالا كبيرا , ذلك لأن معنى (يطيقونه) أى يستطيعون بمشقة , فكيف تفسر حينئذ بأن المراد بها من لا يستطيع الصيام , لا سيما وابن عباس نفسه يذكر فى رواية عزرة أن الآية نزلت فى الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان أى يستطيعان الصوم ثم نسخت , فكيف تفسر الآية بتفسيرين متناقضين
(يستطيعون) و(لا يستطيعون) ؟ ! وأيضا فقد جاء عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال ": " لما نزلت (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) كان من أراد أن يفطر , ويفتدى [ فعل ] حتى نزلت الآية التى بعدها فنسختها ".
أخرجه الستة إلا ابن ماجه. وفى رواية عنه قال:
(4/22)

" كنا فى رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , من شاء صام ومن شاء
أفطر فافتدى بطعام مسكين , حتى نزلت هذه الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) " أخرجه مسلم.
ويشهد له حديث معاذ المتقدم.
فهذا يبين لنا أن فى حديث ابن عباس إشكالا آخر , وهو أنه يقول: أن الرخصة التى كانت فى أول الأمر , إنما كانت للشيخ أو الشيخة وهما يطيقان الصيام , وحديث سلمة ومعاذ يدلان على أن الرخصة كانت عامة لكل مكلف شيخا أو غيره , وهذا هو الصواب قطعا لأن الآية عامة , فلعل ذكر ابن عباس للشيخ والشيخة لم يكن منه على سبيل الحصر , بل التمثيل , وحينئذ فلا إختلاف بين حديثه والحديثين المذكورين.
ويبقى الخلاف فى الإشكال الأول قائما لأن الحديثين المشار إليهما صريحان فى نسخ الآية. وابن عباس يقول ليست بمنسوخة ويحملها على الذين لا يستطيعون الصيام كما سبق بيانه !
فلعل مراد ابن عباس رضى الله عنه أن حكم الفدية الذى كان خاصا بمن يطيق الصوم ويستطيعه ثم نسخ بدلالة القرآن , كان هذا الحكم مقررا أيضا فى حق من لا يطيق الصوم ولا يستطيعه , غير أن الأول ثبت بالقرآن , وبه نسخ , وأما الآخر فإنما ثبتت مشروعيته بالسنة لا بالقرآن , ثم لم ينسخ , بل استمرت مشروعيته إلى يوم القيامة , فأراد ابن عباس رضى الله عنه أن يخبر عن الفرق بين الحكمين: بأن الأول نسخ , والآخر لم ينسخ , ولم يرد أن هذا يثبت بالقرآن بآية (وعلى الذين يطيقونه) , وبذلك يزول الإشكال إن شاء الله تعالى.
ويؤيد ما ذكرته أن ابن عباس ـ فى رواية عزرة ـ بعد أن ذكر نسخ الآية المذكورة قال: " وثبت للشيخ الكبير , والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم , والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا , وأطعمتا كل يوم مسكينا ".
(4/23)

ففى قوله: " ثبت " إشعار بأن هذا الحكم فى حق من لا يطيق الصوم كان مشروعاً , كما كان مشروعا فى حق من يطيق الصوم , فنسخ هذا , واستمر الآخر , وكل من شرعيته , واستمراره إنما عرفه ابن عباس من السنة , وليس من القرآن.
ويزيده تأييدا , أن ابن عباس أثبت هذا الحكم للحبلى والمرضع إذا خافتا ومن الظاهر جدا أنهما ليسا كالشيخ والشيخة فى عدم الاستطاعة , بل إنهما مستطيعتان ولذلك قال لأم ولد له أو مرضع: " أنت بمنزلة الذى لا يطيق " كما سبق.
فمن أين أعطاهما ابن عباس هذا الحكم مع تصريحه بآن الآية (وعلى الذين يطيقونه) منسوخة , ذلك من السنة بلا ريب.
ويشهد لما سبق ذكره حديث معاذ , فإنه بعد أن أفاد نسخ الآية المذكورة بقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) قال: " فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح , ورخص فيه للمريض والمسافر , وثبت الإطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام ".
فقد أشار بقوله " وثبت الإطعام " إلى مثل ما أشار إليه حديث ابن عباس. وبذلك يلتقى الحديثان حديث معاذ وسلمة مع حديث ابن عباس , ويتبين أن فى حديثه ما يوافق الحديثين , وفيه ما يوافق حديث معاذ ويزيد على حديث سلمة وهو ثبوت الإطعام على العاجز عن الصيام , فاتفقت الأحاديث ولم تختلف والحمد لله على توفيقه.
وإذا عرفت هذا فهو خير مما ذكره الحافظ فى " الفتح " (4/164): " أن ابن عباس ذهب إلى أن الآية المذكورة محكمة , لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير " لما عرفت أن ابن عباس صرح بأن الآية منسوخة , لكن حكمها منسحب إلى العاجز عن الصيام بدليل السنة لا الكتاب لما سبق بيانه , وقد توهم كثيرون
(4/24)

أن ابن عباس يخالف الجمهور الذين ذهبوا إلى نسخ الآية وانتصر لهم الحافظ ابن حجر فى " الفتح " فقال (8/136) تعليقا على رواية البخارى عن ابن عمر أنه قرأ (فدية طعام مسكين) , قال: " هو صريح فى دعوى النسخ , ورجحه ابن المنذر من جهة قوله: (وأن تصوموا خير لكم) قال: لأنها لو كانت فى الشيخ الكبير الذى لا يطيق الصيام , لم يناسب أن
يقال له (وأن تصوموا خير لكم) مع أنه لا يطيق الصيام ".
قلت: وهذه حجة قاطعة فيما ذكر , وهو يشير بذلك إلى الرد على ابن عباس , ومثله لا يخفى عليه مثلها , ولكن القوم نظروا إلى ظاهر الرواية المتقدمة عن ابن عباس عند البخارى الصريحة فى نفى النسخ , ولم يتأملوا فى الرواية الأخرى الصريحة فى النسخ , ثم لم يحاولوا التوفيق بينهما , وقد فعلنا ذلك بما سبق تفصيله , وخلاصته: أن يحمل النفى على نفى نسخ الحكم لا الآية , والحكم مأخوذ من السنة , ويحمل النسخ عليها , وبذلك يتبين أن ابن عباس رضى الله عنه ليس مخالفا للجمهور.
وهذا الجمع مما لم أقف عليه فى كتاب , فإن كان صوابا , فمن الله , وإن كان خطأ فمن نفسى , وأستغفر الله من كل ما لا يرضيه.

(913) - (والحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا ". رواه أبو داود (ص 218).
* صحيح.
وتقدم بتمامه مع تخريجه فى تخريج الذى قبله.

(914) - (لحديث حفصة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له " رواه أبو داود (ص 219).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2454) عن [1] ابن خزيمة (1933) والدارقطنى أيضا (ص 234) والطحاوى (1/325) والبيهقى (4/202) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (3/92) من طرق عن عبد الله بن وهب:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: و }
(4/25)

حدثنى ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبى بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ".
هذا هو لفظ أبى داود وسائر من ذكرنا إلا أن الطحاوى قال: " يبيت " بدل " يجمع ". والباقى مثله سواء.
وأخرجه الإمام أحمد (2/287) من طريق حسن بن موسى قال: حدثنا ابن لهيعة حدثنا عبد الله بن أبى بكر به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة , لكنه فى رواية الجماعة مقرون بيحيى بن أيوب.
ثم هو صحيح الحديث إذا رواه عنه أحد العبادلة الثلاثة عبد الله بن المبارك , وعبد الله بن يزيد المقرى , وعبد الله بن وهب , وهذا من روايته عنه عند الجماعة كما رأيت , فهى متابعة قوية ليحيى.
وقد أخرجه النسائى (1/320) والترمذى (1/141) والبيهقى من طرق أخرى عن يحيى وحده.
وقال الترمذى: " لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه , وقد روى عن نافع ابن عمر قوله وهو أصح , وهكذا أيضا روى هذا الحديث عن الزهرى موقوفا , ولا نعلم أحداً رفعه إلا يحيى بن أيوب ".
قلت: وفى قوله الأخير نظر , فقد رفعه ابن لهيعة أيضا كما سبق , ورفعه آخرون فقال أبو داود: " رواه الليث وإسحاق بن حازم أيضا جميعا عن عبد الله بن أبى بكر مثله , ووقف [1] على حفصة معمر والزبيدى وابن عيينة ويونس الأيلى كلهم عن الزهرى ".
وأقول: أما رواية الليث , فليست عن عبد الله بن أبى بكر مباشرة , بل بواسطة يحيى بن أيوب فروايته إنما هى متابعة لابن وهب لا ليحيى كما أوهم أبو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: ووقفه }

نــــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 64
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــــتاب الصيام Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــــتاب الصيام   كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 7:51 pm

(4/26)

داود.
كذلك أخرجه النسائى والدارمى (2/6 ـ 7) والطحاوى عن الليث عن يحيى به. إلا أن الدارمى لم يذكر فى إسناده ابن شهاب , وهو رواية للنسائى.
وأما رواية إسحاق بن حازم فهى عن عبد الله بن أبى بكر عن سالم لم يذكر فيه أيضا الزهرى.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/155/2) وعنه ابن ماجه (1700) والدارقطنى والخطابى فى " غريب الحديث " (ق 39/1) بلفظ: " لا صيام لمن لم يفرضه من الليل ".
قلت: وهذا سند صحيح أيضا , فإن إسحاق بن حازم ثقة اتفاقا , وروايته تدل على أن لرواية الليث عن يحيى بإسقاط ابن شهاب أصلا , كما أن اثباته صحيح عنه.
وتوجيه ذلك أن عبد الله بن أبى بكر كان قد أدرك سالما وروى كما قال ابن أبى حاتم فى " العلل " (1/225) عن أبيه , فإذا قد صحت الرواية عنه بالوجهين فمعنى ذلك أن عبد الله بن أبى بكر رواه أولا عن ابن شهاب عن سالم , ثم رواه عن سالم مباشرة , فكان يحدث تارة بهذا , وتارة بهذا وكل صحيح. ولا يستكثر هذا على عبد الله بن أبى بكر , فقد كان من الثقات الأثبات , وقال الدارقطنى عقب
هذا الحديث: " رفعه عبد الله بن أبى بكر عن الزهرى , وهو من الثقات الرفعاء "
وقال البيهقى: " وهذا حديث قد اختلف على الزهرى فى إسناده , وفى رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم , وعبد الله بن أبى بكر أقام إسناده ورفعه , وهو من الثقات الأثبات ".
قلت: ثم إنه لم يتفرد بذلك بل تابعه ابن جريج عن ابن شهاب به , ولفظه: مثل لفظ الكتاب تماما.
أخرجه النسائى (1/320) ومن طريق [1] ابن حزم فى " المحلى " (6/162) والبيهقى (4/202) من طرق عن عبد الرزاق أنبأ ابن جريج به.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: طريقه }
(4/27)

و قال ابن حزم: " وهذا إسناد صحيح , ولا يضر إسناد ابن جريج له أن أوقفه معمر ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة , فابن جريج لا يتأخر عن أحد من هؤلاء فى الثقة والحفظ , والزهرى واسع الرواية , فمرة يرويه عن سالم عن أبيه , ومرة عن حمزة عن أبيه وكلاهما ثقة , وابن عمر كذلك: مرة رواه مسندا , ومرة روى أن حفصة أفتت به , ومرة أفتى هو به , وكل هذا قوة للخبر ".قلت: وهذا توجيه قوى للاختلاف الذى أعل بعضهم هذا الحديث به , وابن جريج هو كما قال ابن حزم فى الثقة والضبط , غير أنه موصوف بالتدليس كما صرح بذلك الدارقطنى وغيره , والظاهر أن ابن حزم لا علم عنده بذلك وإلا لم يحتج بابن جريج أصلا , فإن من مذهبه أن المدلس لا يحتج بحديثه , ولو صرح بالتحديث , خلافا لجمهور العلماء الذين يقبلون حديثه إذا صرح بسماعه , لكن ابن
جريج لم يذكر سماعه فى هذا الحديث , فإن كان تلقاه عن الزهرى مباشرة فهو متابع قوى لعبد الله بن أبى بكر , وإلا فالعمدة فيه على الثانى منهما.
وقد وجدت له طريقا أخرى عن ابن شهاب بإسناد آخر له عن ابن عمر به.
رواه رشدين عن عقيل وقرة عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم مرفوعا بلفظ: " لا صيام لمن لا يوجب الصيام من الليل ".
أخرجه ابن عدى فى " الكامل " (ص 273/1).
وهذا سند ضعيف , رشدين هو ابن سعد المصرى وهو ضعيف , رجح عليه أبو حاتم ابن لهيعة , وقال ابن يونس: " كان صالحا فى دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط فى الحديث " كما فى " التقريب ".
قلت: وهذا من تخاليطه , فقد رواه يونس ومعمر وسفيان عن ابن شهاب به موقوفا على حفصة.
(4/28)

أخرجه عنهم النسائى (1/320 , 320 ـ 321) والطحاوى عن سفيان فقط.
وكذلك رواه نافع عن عبد الله بن عمر موقوفاً عليه كما سبقت الإشارة إليه فى كلام بن حزم ولفظه: " كان يقول: لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل السفر [1] ".
أخرجه مالك (1/288/5) وعنه النسائى (1/321) وأخرجه هو والطحاوى (1/326) من طريقين آخرين عن نافع به.
وله شاهد مرفوع من حديث عائشة بلفظ الكتاب غير أنه قال: " قبل طلوع الفجر " بدل " من الليل ".
أخرجه الدراقطنى (234) ومن {؟} البيهقى (4/203) عن عبد الله بن عباد حدثنا المفضل بن فضالة حدثنى يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عنها وقال الدارقطنى وأقره البيهقى: " تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذ الإسناد , وكلهم ثقات ".
قلت: وهذا وإن كان ليس صريحا فى دخول عبد الله بن عباد فى التوثيق فلا شك أنه ظاهر فى ذلك , ولذلك فقد تعقبوه , فقال ابن التركمانى فى " الجوهر النقى ": " قلت: كيف يكون كذلك وفى " كتاب الضعفاء " للذهبى: عبد الله بن عباد البصرى ثم المصرى , عن المفضل بن فضالة , واهٍ.
وقال ابن حبان: روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة (1) ".
وقال الزيعلى فى " نصب الراية " (2/434 ـ 435) بعد أن ذكر التوثيق:
__________
(1) قول ابن حبان , هذا ليس فى " الضعفاء " هو من نقل التركمانى عن ابن حبان.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] {كذا فى الأصل , و الصواب: الفجر }
(4/29)

" وفى ذلك نظر , فإن عبد الله بن عباد غير مشهور , ويحيى بن أيوب ليس بالقوى , وقال ابن حبان: عبد الله بن عباد البصرى يقلب الأخبار , روى عن المفضل بن فضالة عن يحيى بن أيوب (قلت: فساقه بسنده ولفظه) وهذا مقلوب إنما هو عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبى بكر عن الزهرى عن سالم عن أبيه عن حفصة , روى عنه روح بن الفرج نسخة موضوعة. انتهى ".
قلت: وقد روى عن عائشة موقوفا عليها , فقال مالك فى " الموطأ " (1/288/5): عن ابن شهاب عن عائشة وحفصة زوجى النبى صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك.
يعنى مثل رواية مالك عن نافع عن ابن عمر المتقدمة.
ورواه النسائى والطحاوى من طريق مالك عن ابن شهاب به.
قلت: وهذا منقطع بين ابن شهاب وعائشة.
وجملة القول: أن هذا الحديث ليس له إسناد صحيح يمكن الإعتماد عليه سوى إسناد عبد الله بن أبى بكر , وهذا قد عرض له من مخالفته الثقات , وفقدان المتابع المحتج به ما يجعل النفس تكاد تميل إلى قول من ضعف الحديث , واعتبار رفعه شذوذا , لولا أن القلب يشهد أن جزم هذين الصحابيين الجليلين حفصة وعبد الله ابنى عمر وقد يكون معهما عائشة رضى الله عنهم جميعا بمعنى الحديث وافتائهم بدون توقيف من النبى صلى الله عليه وسلم إياهم عليه , إن القلب ليشهد أن ذلك يبعد جدا صدوره منهم , ولذلك فإنى أعتبر فتواهم به تقويه لرفع من رفعه كما سبق عن ابن حزم , وذلك من فوائده , والله أعلم.

(915) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير فى الأفق " حديث حسن (ص 220).
* صحيح.
رواه مسلم (3/130) وأبو داود (2346) والترمذى (1/136) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/154/1) وابن خزيمة فى " صحيحه " (1929) والطحاوى (1/83) والدارقطنى (231 ـ 232)
(4/30)

و البيهقى (4/215) والطيالسى فى " مسنده " (رقم 879 , 798) وأحمد (5/13 ـ 14) من طرق عن سوادة بن حنظلة القشيرى عن سمرة بن جندب مرفوعا به. واللفظ لأحمد والترمذى وقال:
" حديث حسن ".
قلت: وإنما لم يصححه لأنه عنده من رواية أبى هلال وهو محمد بن سليم الراسبى وهو صدوق فيه لين , ولكنه لم يتفرد به , بل تابعه شعبة وعبد الله بن سوادة عند الآخرين ولفظ الثانى منهما قريب من هذا هو: " لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال , ولا بياض الأفق المستطيل ـ هكذا حتى يستطير هكذا , وحكاه حماد بيديه , وقال: يفي [1] معترضا "
وهو من ألفاظ مسلم والدارقطنى وقال: " إسناده صحيح ".
وفى الباب عن ابن سعود [2] عند الشيخين وعن عائشة عندهما وطلق بن على عند أبى داود والترمذى وقال: " حديث حسن غريب " ومن غيرهم.

(916) - (وعن عمر مرفوعا: " إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس أفطر الصائم " متفق عليه (ص 220).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/171 ـ فتح) ومسلم (3/132) وأبو داود (2351) والترمذى (1/135) والدارمى (2/7) وابن أبى شيبة (2/148) والفريابى (60/1) وابن الجارود فى " المنتقى " (393) والبيهقى (4/216) وأحمد (1/28 و35و 48) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه مرفوعا , والسياق للبخارى إلا أنه قال: " فقد أفطر الصائم ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأخرج الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن أبى أوفى قال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: يعنى }
[2] { كذا فى الأصل , و الصواب: ابن مسعود }
(4/31)

" كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر وهو صائم , فلما غابت الشمس قال لبعض القوم: يا فلان قم فاجدح لنا (1) , فقال: يا رسول الله لو أمسيت , قال: انزل فاجدح لنا , قال يا رسول الله فلو أمسيت , قال: انزل فاجدح لنا , قال: إن عليك نهارا , قال: انزل فاجدح لنا , فنزل فجدح لهم , فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم ". زاد فى رواية: " وأشار بأصبعه قبل المشرق ".

(917) - (حديث أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتى بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر " رواه أحمد (ص 220).
* منكر بهذا التمام.
أخرجه أحمد (5/146 و172) من طريق ابن لهيعة عن سالم بن غيلان عن سليمان بن أبى عثمان عن عدى بن حاتم الحمصى عن أبى ذر به.
قلت: وهذا سند ضعيف , ابن لهيعة ضعيف , وليس الحديث من رواية أحد العبادلة عنه.
وسليمان بن أبى عثمان مجهول , وبه أعله الهيثمى , فقال فى " مجمع الزوائد " (3/154): " وفيه سليمان بن أبى عثمان قال أبو حاتم: مجهول ". وسكوته عن ابن لهيعة ليس بجيد.
وإنما قلت إن الحديث منكر , لأنه قد جاءت أحاديث كثيرة بمعناه لم يرد فيها " تأخير السحور " أصحها حديث سهل بن سعد مرفوعاً بلفظ: " لا تزال أمتى بخير ما عجلوا الإفطار ".
أخرجه بهذا اللفظ أبو نعيم فى " الحلية " (7/136) بسند صحيح , وكذا أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/148/2) إلا أنه قال:
__________
(1) الجدح تحريك السويق ونحوه بالماء بعود يقال له " المجدح " مجنح الرأس.اهـ.
(4/32)

" هذه الأمة ".
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وهو عند الشيخين والترمذى والدارمى والفريابى (59/1) وابن ماجه والبيهقى وأحمد (5/331 و334 و336 و337 و339) بلفظ: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ".
وأورده ابن القيم رحمه الله فى " زاد المعاد " بلفظ أبى نعيم المتقدم , وبلفظ : " لا تزال أمتى على الفطرة... ".
ولم أره بهذا اللفظ فى التعجيل بالفطر , وإنما جاء فى صلاة المغرب بلفظ: " لا تزال أمتى على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم ".
أخرجه أبو داود والحاكم وأحمد بسند جيد , فلعل ابن القيم اشبته عليه بهذا.

(918) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإنه شاتمه أحد أو قاتله فليقل أنى امرؤ صائم " متفق عليه (ص 220).
* صحيح.
وقد جاء من طرق عن أبى هريرة رضى الله عنه:
الأولى , عن ابن جريج أخبرنى عطاء عن أبى صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل عمل ابن آدم (1) له , إلا الصيام , فإنه لى وأنا أجزى به , والصيام جنة , وإذا كان يوم صوم... الخ , والذى نفس محمد بيده لخلوف فم
__________
(1) أشكل على بعض أهل العلم , وتفسيره في حديث أبي صالح عن أبي مرفوعا: " كل عمل ابن آدم الحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف , قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي..... " وفي حديث عنه بلفظ: " كل حسنة يعملها ابن آدم فله عشر أمثالها إلا الصيام " رواه النسائي بسند صحيح.
(4/33)

الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك , وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره , وإذا لقى ربه عز وجل فرح بصيامه ".
أخرجه البخارى (4/101) ومسلم (3/157 ـ 158) والنسائى (1/310) وابن خزيمة (1896) وأحمد (2/273) والسياق له والبيهقى (4/270).
الثانية: عن أبى الزناد عن الأعرج عنه مرفوعا مختصرا بلفظ: " الصيام جنة , فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث , ولا يجهل , فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل , إنى صائم , إنى صائم ".
أخرجه مالك (1/310/57) ومن طريقه البخارى (4/87) وأبو داود (رقم 2363) والبيهقى وأحمد (2/465) كلهم عن مالك به.
وأخرجه مسلم (3/157) وأحمد (2/257) من طرق أخرى عن أبى الزناد به وليس عند مسلم فيه " الصيام جنة ".
الثالثة: عن سليم بن حيان حدثنا سعيد عن أبى هريرة به مثل رواية مالك.
أخرجه أحمد (2/306 و462 و504).
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وسعيد هو ابن ميناء.
الرابعة: عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم...
قلت: فذكر أحاديث كثيرة جداً هذا أحدهما [1] بلفظ مالك , أخرجه أحمد (2/313).
قلت: وإسناده على شرط الشيخين.
الخامسة: عن محمد بن موسى بن يسار عن أبى هريرة مثله.
أخرجه أحمد (2/257).
قلت: وهذا سند رجاله ثقات رجال مسلم غير أن محمدا وهو ابن إسحاق
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: أحدها }
(4/34)

ابن يسار لم يحتج به مسلم وإنما روى له مقروناً بآخر , ثم هو مدلس وقد عنعنه السادسة: عن ابن أبى ذئب عن عجلان مولى المشمعل عن أبى هريرة مرفوعا ولفظه: " لا تساب وأنت صائم وإن سابك أحد , فقل , إنى صائم , وإن كنت قائما فاجلس".
أخرجه ابن حبان (897) عن ابن خزيمة وهو فى " صحيحه " (1994) بسنده الصحيح عن ابن أبى ذئب به.
قلت: وهذا سند جيد , عجلان هذا قال النسائى: " ليس به بأس ".
وكذا قال الحافظ فى " التقريب " , وقد انساق إلى ذهنى لأول وهلة أن هذه الزيادة " وإن كنت قائما فاجلس " شاذة لتفرد عجلان بها دون سائر الطرق , ولكنى وجدت له متابعا قويا وهو فى الطريق الآتية.
السابعة: قال الإمام أحمد (2/505): حدثنا يزيد أنبأنا ابن أبى ذئب عن المقبرى وأبو عاصم مولى حكيم , وقال أبو أحمد الزبيرى مولى حسام عن أبى هريرة به وزاد:
" والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , والمقبرى هو سعيد بن أبى سعيد المقبرى.
وأما أبو عاصم فالظاهر أن كنيته عجلان مولى المشمعل المذكور فى الطريق السابقة , فقد قيل فيه أنه مولى حكيم كما فى هذا الإسناد , لكن قال ابن حبان فى " الثقات " (1/178): " كنيته أبو محمد , وليس هو والد محمد ".
قلت: فلعل له كنيتان كما هو الشأن فى بعض الرواة.
(4/35)

الثامنة: عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر قال: حدثنى الزهرى عن سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة بلفظ: " إن شتم أحدكم وهو صائم , فليقل: إنى صائم , ينهى (الأصل ننتهى) بذلك عن مراجعة الصائم " أخرجه ابن حبان (898).
قلت: ورجاله ثقات غير أن الوليد بن مسلم مدلس.
التاسعة: عن أبى صالح عن أبى هريرة مثل رواية مسلم من الطريق الثانية.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/145/2) وابن خزيمة (1894).
قلت: وإسناده جيد.

(919) - (حديث ابن عباس وأنس كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: " اللهم لك صمنا , وعلى رزقك أفطرنا , اللهم تقبل منا , إنك أنت السميع العليم".
* ضعيف.
أما حديث ابن عباس , فيرويه عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عنه مرفوعا به.
أخرجه الدارقطنى فى " سننه " (240) وابن السنى فى " عمل اليوم والليلة " (رقم 474) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/174/2).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا , وفيه علتان:
الأولى: عبد الملك هذا , ضعيف جدا , قال الذهبى فى " الضعفاء ": " تركوه , قال السعدى: دجال ".
والأخرى: هارون بن عنترة , مختلف فيه , نقل الذهبى فى " الميزان "
(4/36)

عن الدارقطنى أنه ضعفه.
وأورده ابن حبان فى " الضعفاء " وقال: " منكر الحديث جدا , يروى المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
وأورده فى " الثقات " أيضاً ! ووثقه آخرون , وفى " التقريب ": " لا بأس به ".
قلت: فآفة هذا الإسناد من ابنه عبد الملك , ولذلك قال ابن القيم فى " زاد المعاد ": " ولا يثبت ".
وقال الحافظ فى " التلخيص ": " سنده ضعيف ". وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/156): " رواه الطبرانى فى " الكبير " , وفيه عبد الملك بن هارون وهو ضعيف".
وفى ذلك تساهل منه ومن اللذين قبله , فإن حقهم أن يقولوا: " ضعيف جدا ". وذلك خشية أن يغتر أحد بظاهر كلامهم فيقوى الحديث بحديث أنس الآتى , معتمدا على قاعدة " يتقوى الحديث الضعيف بكثرة الطرق " ومن شرطها أن تكون مفردات هذه الطرق غير شديدة الضعف , وهذا مما لم يتوفر فى هذه الطريق عند التحقيق.
وأما حديث أنس , فيرويه إسماعيل بن عمرو البجلى: حدثنا داود بن الزبرقان حدثنا شعبة عن ثابت البنانى عنه مرفوعا بلفظ: " كان إذا أفطر قال: بسم الله , اللهم لك صمت , وعلى رزقك أفطرت ".
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 189) وفى " الأوسط " أيضا ورمز لذلك فى " زوائدها " (1/100/2) ومن طريقه أبو نعيم فى
(4/37)

" أخبار أصبهان " (2/217) وقال الطبرانى: " تفرد به إسماعيل بن عمرو ".
قلت: وهو ضعيف , قال الذهبى فى " الضعفاء ": " ضعفه غير واحد ".
قلت: وشيخه داود بن الزبرقان شر منه , قال الذهبى: " قال أبو داود: متروك , وقال البخارى: مقارب الحديث ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " متروك , كذبه الأزدى ".
والحديث قال الهيثمى فى " المجمع ": " رواه الطبرانى فى " الأوسط " , وفيه داود بن الزبرقان وهو ضعيف ".
قلت: اقتصر هنا على " الأوسط " وفى " الزوائد " أشار إلى أنه فى " الصغير " أيضا وهو الصواب , فإنه فى " الصغير " فى المكان الذى سبقت الإشارة إليه.
وقد روى الحديث من طريق أخرى مرسلا , عن حصين بن عبد الرحمن عن معاذ أبى زهرة أنه بلغه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمت , وعلى رزقك أفطرت ".
أخرجه عبد الله بن المبارك فى " الزهد " (ق 221/2) وابن صاعد فى " الزوائد عليه " أبو داود (2358) وعنه البيهقى (4/239) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/181/2) وابن السنى (473) من طرق عن حصين به إلا أنه لم يقل أحد منهم " أنه بلغه " سوى أبى داود.
قلت: وهذا سند ضعيف , فإنه مع إرساله فيه جهالة معاذ هذا. فإنهم لم يذكروا له راويا عنه سوى حصين هذا , وأورده ابن أبى حاتم فى " الجرح والتعديل " (4/248/1126) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وقد ذكره
(4/38)

ابن حبان فى " التابعين " من " الثقات " كما فى " التهذيب " ومع ذلك فلم يوثقه فى " التقريب " , وإنما قال: " مقبول ". يعنى عند المتابعة , كما نص عليه فى المقدمة , وبما أن الطريقين اللذين قبله ضعيفان جدا , لا يستشهد بهما , فيبقى حديثه ضعيفا لينا.
ومع ذلك صحح حديثهم جميعا {؟} , ولا أدرى كيف تأثرت بهم فى تعليقى على " صحيح ابن خزيمة " فسبقهم فيه {؟} , مع أننى استغربت ذلك منهم فى المصدر المشار إليه وبينت أنه صحاب {؟} للفطر عن الحديثين مع عدم وجود شاهد له يعتبر.
وفى الباب حديث أنس من فعله صلى الله عليه وسلم وهو فى الكتاب الآخر.

(920) - (عن ابن عمر مرفوعا كان إذا أفطر قال: " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت (1) الأجر إن شاء الله ". رواه الدارقطنى (ص 221).
* حسن.
أخرجه أبو داود (2357) والنسائى فى " السنن الكبرى " (ق 66/1) وعنه ابن السنى (472) والدارقطنى (240) والحاكم (1/422) والبيهقى (4/239) من طريق على بن حسن بن شقيق: أخبرنى الحسين بن واقد: حدثنا مروان بن سالم المقفع قال: رأيت ابن عمر يقبض على لحيته , فيقطع ما زاد على الكف , وقال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر... " الحديث مثله.
وقال الدارقطنى: " تفرد به الحسين بن واقد , وإسناده حسن ".
وهو كما قال , وأقره الحافظ فى " التلخيص ". فإن الحسين هذا وإن أخرج له مسلم , فقد قال الحافظ فى " التقريب ":
__________
(1) الأصل (ووجب) والتصحيح من عند الذين خرجوا الحديث و"المغني".
(4/39)

" ثقه له أوهام ".
ثم إن مروان بن سالم قد روى عنه غير الحسين بن واقد: عزرة بن ثابت , وهو وإن لم يوثقه غير ابن حبان , فأورده فى " الثقات " (1/223) , فيقويه تحسين الدارقطنى لحديثه كما رأيت وتصحيح من صححه كما يأتى.
والحديث قال الحاكم عقبه: " صحيح على شرط الشيخين , فقد احتجا بالحسين بن واقد , ومروان بن المقفع ".
قلت: وفيه أوهام:
الأول: أنه ليس على شرط الشيخين , يعرف ذلك مما سبق فى ترجمة الحسين ومروان , وقد انتبه لبعض هذا الذهبى فقال فى " تلخيصه ": " على شرط البخارى , احتج بمروان وهو ابن المقفع وهو ابن سالم ".
الثانى: الحسين بن واقد لم يرو له البخارى محتجا به , بل تعليقا.
الثالث: أن مروان بن المقفع لم يحتج به البخارى ولا مسلم , ولم يخرجا له شيئا والذهبى نفسه فى " الميزان " لما ترجمه أشار إلى أنه من رجال أبى داود والنسائى فقط.
وقال الحافظ فى " التهذيب ". " زعم الحاكم فى " المستدرك أن البخارى احتج به , فوهم , ولعله اشتبه عليه بمروان الأصفر ".
قلت: قول الحافظ هذا , قد نبهنى إلى شىء , طال ما كنت عنه غافلا , وهو أن الذى فى " المستدرك "... على شرط الشيخين , فقد احتجا... " وهم من بعض النساخ وهو فى قوله: " الشيخين " والصواب " البخارى " كما يشعر به نقل الحافظ عنه , ويؤيده قول الذهبى فى تلخيصه كما سبق: " على شرط البخارى احتج بمروان ".
وكنت أظن سابقا أيضا أن هذا القول من الذهبى متعقبا به على الحاكم
(4/40)

و الآن تبين لى أنه حكاية منه لقول الحاكم مقرا له عليه كما هى عادته , وأما عند التعقب فإنه يصدره بقوله " قلت... وذلك ما لم يصنعه هنا فتصويب نسخة المستدرك " صحيح على شرط البخارى , فقد احتج... " , والله أعلم.

(921) - (وفى الخبر: " إن للصائم عند فطرة دعوة لا ترد " (ص 221).
* ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (1753) وابن السنى (475) والحاكم (1/422) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (2/287/2) عن الوليد بن مسلم حدثنا إسحاق بن عبيد الله قال : سمعت ابن أبى مليكة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وزاد: " قال ابن أبى مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إنى أسألك برحمتك التى وسعتْ كل شىء أن تغفر لى ".
قلت: وهذا سند ضعيف وعلته إسحاق هذا , وهو ابن عبيد الله بن أبى المهاجر المخزومى مولاهم الدمشقى أخو إسماعيل بن عبيد الله , وفى ترجمته ساق الحافظ ابن عساكر هذا الحديث , وقال: " روى عنه مسلم " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وقال (2/13): " من أهل الشام , كنيته أبو عبد الحميد مولى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام , يروى عن أم الدرداء (أى الصغرى) , روى عنه سعيد بن عبد العزيز , مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة ".
وقال الذهبى فى " الميزان ": " إسحاق بن عبد الله بن أبى المهاجر ينسخ للوليد بن مسلم , لا يعرف دمشقى ".
كذا قال " عبد الله " وتعقبه العسقلانى فى " اللسان " بقوله:
(4/41)

" وهو رجل معروف , وإنما تحرف اسم أبيه على الذهبى فجهله , وهو إسحاق بن عبيد الله بالتصغير أخو إسماعيل بن عبيد الله... وحديثه عن ابن أبى مليكة عند ابن ماجه من رواية الوليد عنه , واختلفت النسخ فى ضبط والده بالتصغير والتكبير , وقد أوضحته فى " تهذيب التهذيب " ".
ولم يوضح هناك شيئا من الاختلاف وغاية ما فعل أنه قال: " قلت: الذى رأيته فى عدة نسخ من ابن ماجه: حدثنا إسحاق بن عبيد الله المدنى عن عبد الله بن أبى مليكة ".
ذكر هذا فى ترجمة إسحاق بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى وفيها قال المزنى: " روى عن عبد الله بن أبى مليكة عن عبد الله بن عمرو حديث: أن للصائم ... روى به ابن ماجه هذا الحديث ".
فتعقبه الحافظ بما سبق يريد من ذلك أنه ليس فى نسب المترجم فى سنن ابن ماجه أنه ابن أبى مليكة وإنما عن عبد الله بن أبى مليكة. فهذا هو الذى أوضحه الحافظ فى " التهذيب " وأما الاختلاف الذى أشار إليه فلا.
ثم ذكر الحافظ بعد تلك الترجمة ابن أبى المهاجر المذكور آنفاً وساق فيها هذا الحديث ثم قال: " فهو الذى أخرج له ابن ماجه ".
وذكر نحوه فى " التقريب " , وزاد: " وهو مقبول ".
قلت: وما قاله فى " التهذيب " هو الذى ينبغى الاعتماد عليه , بيد أنه يرد عليه إشكال وهو أنه وقع عند ابن ماجه أنه (المدنى) , والمترجم شامى , والحافظ لم يفدنا شيئا نرد به هذا الإشكال , والذى عندى أن هذه النسبة (المدنى) لم ترد فى شىء من الطرق الكثيرة المشار إليها عن الوليد بن مسلم إلا فى طريق ابن ماجه , واغتر بها الحافظ المنذرى فقال فى " الترغيب " (2/63)
(4/42)

بعد أن ساق الحديث من رواية البيهقى عن إسحاق بن عبيد الله: " وإسحاق هذا مدنى لا يعرف ".
ومدار هذه الطريق على هشام بن عمار: حدثنا الوليد... وهشام فيه ضعف وإن أخرج له البخارى , فقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , مقرىء , كبر فصار يتلقن , فحديثه القديم أصح ".
قلت: فمثله إذا تفرد بمثل هذه الزيادة لم تقبل منه لمخالفته بها الثقات , فهى شاذة إن لم تكن منكرة.
ومثل هذا أنه وقع فى سند الحاكم " إسحاق بن عبد الله " مكبرا , وبناء عليه قال الحاكم عقبه: " إسحاق هذا إن كان ابن عبد الله , مولى زائدة , فقد خرج له مسلم , وإن كان ابن أبى فروة , فإنهما لم يخرجاه ".
ووافقه الذهبى , إلا أنه قال: " وإن كان ابن أبى فروة قواه [1] ".
وهذا أصح فى الإفادة , وهو محتمل , وليس كذلك احتمال كونه إسحاق بن عبد الله مولى زائدة , لأن هذا تابعى , ولم يدركه الوليد بن مسلم.
وأما قول البوصيرى فى " الزوائد " (ق 111/2): " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , رواه الحاكم... " ثم ذكر رواية البيهقى وقوله المنذرى فى إسحاق بن عبيد الله , لا يعرف , ثم تعقبه البوصيرى بقوله: " قلت: قال الذهبى فى " الكاشف ": صدوق. وذكره ابن حبان فى (الثقات) ".
هكذا قال فى نسختنا من " الزوائد " وهى محفوظة فى مكتبة الأوقاف الإسلامية فى حلب , ومن الظاهر أنها تختلف بعض الشىء عن النسخة التى كان
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: فواه }
(4/43)

ينقل عنها أبو الحسن السنيدي [1] رحمه الله فى حاشيته على ابن ماجه , ومن ذلك تخريج هذا الحديث فقد قال: " وفى الزوائد , إسناده صحيح , لأن إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال النسائى ليس به بأس , وقال أبو زرعة: ثقة , وذكره ابن حبان فى " الثقات " وباقى رجال الإسناد على شرط البخارى ".
فقد سمى فى هذا النقل عن البوصيرى عن إسحاق الذى لم يسمه فى نسختنا , فإن كان أراد حقيقة إسحاق بن عبد الله بن الحارث هذا فيكون هو المراد بقول الذهبى: " صدوق " فهذا محتمل , ولكن لا يحتمل أن يكون هو الذى فى إسناد هذا الحديث , لأنه من التابعين ولم يدركه الوليد أيضاً , وإن كان البوصيرى أراد فى نسختنا غير ابن الحارث فلم أعرفه , وإن أراد به ابن أبى المهاجر فيبعد أن يقول فيه الذهبى: " صدوق " وقد قال فى " الميزان ": " لا يعرف " كما سبق والله أعلم.
وجملة القول: إن إسناد هذا الحديث ضعيف لأنه إن كان راويه إسحاق هو ابن عبيد الله مصغرا فهو إما ابن أبى المهاجر وهو الراجح فهو مجهول وإن كان هو ابن أبى مليكة كما ظن المزى فهو مجهول الحال كما فى " التقريب ".
وإن كان هو ابن عبد الله مكبرا فالأرجح أنه ابن أبى فروة لأنه من هذه الطبقة وهو متروك كما قال الحافظ , والله أعلم.
وقد وجدت للحديث شاهدا يرويه أبو محمد المليكى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة ". فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا.
وأبو محمد المليكى لم أعرفه , ويحتمل أنه عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله ابن أبى مليكة المدنى فإنه من هذه الطبقة , فإن يكن هو فإنه ضعيف كما فى " التقريب " بل قال النسائى: ليس بثقة. وفى رواية: متروك الحديث.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: السندى }
(4/44)

و الحديث أشار ابن القيم فى " الزاد " إلى تضعيفه بقوله: " ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم: إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد. رواه ابن ماجه ".

(922) - (حديث أنس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى , فإن لم يكن فعلى تمرات , فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء ". رواه أبو داود , والترمذى , وقال: حسن غريب (ص 221).
* حسن.
أخرجه الإمام أحمد (3/164): حدثنا عبد الرزاق حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنى ثابت البنانى عن أنس به.
وأخرجه أبو داود (2356) والدارقطنى (240) والحاكم (1/432) والبيهقى (4/239) والضياء فى " المختارة " (1/495) كلهم من طريق أحمد به.
وأخرجه الترمذى (1/135) عن محمد بن رافع والدارقطنى أيضا عن مهنى بن يحيى أبى عبد الله الشامى , والضياء أيضا , وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (2/381/1) عن أبى يعقوب إسحاق بن الضيف , ثلاثتهم عن عبد الرزاق به.
إلا أن أبا يعقوب قال: " لبن " بدل: " رطبات ".
وهو شاذ أو منكر , فإن أبا يعقوب هذا وإن كان صدوقا , فقد قال ابن حبان فى ترجمته من " الثقات ": " ربما أخطأ ".
فلا يقبل منه ما تفرد به مخالفا للثقات , وقد وافقه بعض الضعفاء على هذه اللفظة من طريق أخرى عن أنس كما سيأتى بيانه.
(4/45)

ثم قال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
قلت: وهو كما قال. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
وهو كما قالا لولا أن جعفر بن سليمان , وإن كان احتج به مسلم , ففيه كلام يسير , وقال الذهبى والعسقلانى فيه: " صدوق ".
فالحديث حسن كما قال الترمذى. وقد رواه غير عبد الرزاق عنه , فقال ابن عدى فى " الكامل " (ق 56/1): أخبرنا الحسن بن سفيان: حدثنا عمار بن هارون حدثنا جعفر بن سليمان به مختصرا.
قلت: وعمار هذا ضعيف كما فى " التقريب ". وتابعه سعيد بن سليمان النشيطى كما فى " التلخيص " (صـ 192) وقال: " قال البزار: رواه النشيطى , فأنكره عليه , وضعف حديثه (1) ".
وتابع جعفرا بعض الضعفاء على إسناده , وخالفه فى متنه , ألا وهو عبد الواحد ابن ثابت أبى ثابت فقال: عن ثابت عن أنس مرفوعا بلفظ: " كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات , أو شىء لم تصبه النار ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (صـ 251) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 49/1) من طريق أبى يعلى الموصلى , وهذا فى مسنده كلاهما عن عبد الواحد به وقال العقيلى: " عبد الواحد بن ثابت لا يتابع على حديثه هذا.
قلت: وقال فيه البخارى:
__________
(1) قلت: رواه ابن عدى (ق 56/1) عنه به مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم نحو رواية سعيد بن عامر الآتية.
(4/46)

" منكر الحديث ".
فهو ضعيف جدا , وتساهل الهيثمى فى " المجمع " فقال (3/155): " رواه أبو يعلى , وفيه عبد الواحد بن ثابت , وهو ضعيف ".
وللحديث طريقان آخران عن أنس: الأول: يرويه زكريا بن يحيى بن أبان , حدثنا مسكين بن عبد الرحمن التجيبى , حدثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ: " كان إذا كان صائما لم يصل حتى نأتيه برطب وماء , فيأكل ويشرب إذا كان الصيف , وإذا كان الشتاء لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء ".
رواه الطبرانى فى " الأوسط " (1/100/2) وقال: " لم يروه عن حميد إلا يحيى , ولا عنه إلا مسكين , تفرد به زكريا ".
قلت: ولم أجد له ترجمة , ومثله شيخه مسكين , وبقية رجاله موثقون.
وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/156): " رواه الطبرانى فى " الأوسط " وفيه من لم أعرفه ".
قلت: وسكت عليه الحافظ فى " التلخيص " وخالف فى سياقه لمتنه , فإنه ذكره بعد قوله فيأكل ويشرب: " وإذا لم يكن رطب لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء " فكأنه رواه بالمعنى.
وأما الطريق الآخر , فيرويه عباد بن كثير الرملى عن عبد الرحمن السدى: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره بلفظ: " كان يفطر إذا كان صائما على اللبن , وجئته بقدح من لبن , فوضعته إلى جانبه , ففطر [1] عليه , وهو يصلى ".
أخرجه الطبرانى أيضا فى المصدر السابق وقال:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: فغطى }
(4/47)

" لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو ضعيف من أجل عباد هذا , وقال الهيثمى: " رواه الطبرانى فى " الأوسط " وفيه عباد بن كثير الرملى , وفيه كلام , وقد
وثق ".
وقد روى الحديث عن أنس مرفوعا من قوله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " من وجد تمرا فليفطر عليه , ومن لم يجد فليفطر على الماء , فإن الماء طهور "
أخرجه الترمذى والحاكم والبيهقى والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 214) وعنه أبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/231 ـ 232) من طريق محمد بن إسحاق الصاغانى , حدثنا سعيد عامر الضبعى , حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عنه به.
وقال الترمذى: " لا نعلم أحدا رواه عن شعبة مثل هذا غير سعيد بن عامر , وهو حديث غير محفوظ , ولا نعلم له أصلا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس , وقد روى أصحاب شعبة هذا الحديث عن شعبة عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب
عن سلمان بن عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم , وهو أصح من حديث سعيد بن عامر , وهكذا رووا عن شعبة عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن سلمان , ولم يذكر فيه شعبة عن الرباب , والصحيح ما رواه سفيان الثورى وابن عيينة وغير واحد عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر. وابن عون , يقول: عن أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر , والرباب هو أم الرائح ".
وقال البيهقى عقب حديث شعبة الذى أشار إليه الترمذى عن الرباب عن سلمان: " ورواه سعيد بن عامر عن شعبة , فغلط فى إسناده " ثم ساقه من طريق شعبة عن ابن صهيب كما تقدم , ثم قال:
(4/48)

" قال البخارى فيما روى عنه أبو عيسى: حديث سعيد بن عامر وهم , يهم فيه سعيد , والصحيح حديث عاصم عن حفصة بنت سيرين ".
قلت: فقد اتفق الإمام البخارى وتلميذه الترمذى على تخطئة سعيد بن عامر فى إسناده لهذا الحديث عن أنس , فمعنى ذلك أن سعيدا قد يخطىء , وقد أشار إلى ذلك أبو حاتم فقال كما فى كتاب ابنه (2/1/49): " هو صدوق , وكان رجلا صالحا , وكان فى حديثه بعض الغلط ".
وأما الحاكم فجرى على ظاهر السند , فقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
وكيف يكون على شرط البخارى , وهو قد أعله بمخالفة سعيد بن عامر للثقات كما سبق. ثم إن محمد بن إسحاق الصاغانى لم يخرج له البخارى إطلاقا , فهو على شرط مسلم وحده , ولكن الصواب أنه معلول بما عرفت , وما يدرينا فلعل مسلما وافق البخارى على إعلاله كما وافقه الترمذى , وكلاهما من تلاميذه , غير أن إعلال مسلم لم نقف عليه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن حديث شعبة المحفوظ قد أخرجه أصحاب السنن وغيرهم , فقال الطيالسى فى " مسنده " (1181): حدثنا شعبة عن عاصم قال: سمعت حفصة بنت سيرين تحدث عن الرباب عن سلمان (1) بن عامر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صام أحدكم فليفطر على التمر , فإن لم يجد فعلى الماء , فإنه طهور ".
وأخرجه البيهقى (4/239) من طريق أبى داود الطيالسى به وقال: " هكذا وجدته فى " المسند " وقد أقام إسناده أبو داود , وقد رواه محمود بن غيلان عن أبى داود دون ذكر الرباب , وروى عن روح بن عبادة عن شعبة
__________
(1) الأصل: سليمان فى موضعين منه , وهو خطأ.
(4/49)

موصولا ".
قلت: وأخرجه أحمد فقال (4/18/215): حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة به. إلا أنه لم يذكر الرباب فى سنده. والصواب إثباتها فيه كما فى رواية الطيالسى , وهو الذى صححه الترمذى كما تقدم , وهكذا رواه جماعة كثيرة من الثقات عن عاصم به.
أخرجه أبو داود (2355) والترمذى والدارمى (2/7) وابن ماجه (1699) وابن أبى شيبة (2/184/2) وابن حبان (892) والفريابى (62/2) والحاكم (1/431 ـ 432) والبيهقى (4/238) وأحمد (4/17 و19 و213 ـ 215) من طرق عن عاصم به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى ". ووافقه الذهبى.
قلت: وليس كذلك , فإن الرباب هذه إنما أخرج لها البخارى تعليقا , ثم هى لا تعرف إلا برواية حفصة بنت سيرين عنها كما قال الذهبى نفسه فى " الميزان "
وقد وثقها ابن حبان كما تقدم فى " الزكاة " وصحح حديثها هذا , كما رأيت , وهو فى ذلك تابع لشيخه ابن خزيمة فقد صحح الحديث أيضا كما فى " بلوغ المرام " وكذا صححه أبو حاتم الرازى كما فى " التلخيص " (192).
أقوله: ولا أدرى ما وجه هذا التصحيح , لا سيما من مثل أبى حاتم , فإنه معروف بتشدده فى التصحيح , والقواعد الحديثية تأبى مثل هذا التصحيح , لتفرد حفصة عن الرباب كما تقدم , ومعنى ذلك أنها مجهولة , فكيف يصحح حديثها ؟ ! مع عدم وجود شاهد له , إلا حديث أنس وهو معلول بمخالفة سعيد بن عامر للثقات كما سبق بيانه.
وقد وجدت له مخالفة أخرى , فقد أخرج ابن حبان (893) من طريق محمد بن يحيى الذهلى: حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر به.
(4/50)

فقد خالف سعيد جميع من رواه عن شعبة عن عاصم فقال: هو عن شعبة عن خالد الحذاء!
وخلاصة القول أن الذى يثبت فى هذا الباب إنما هو حديث أنس من فعله صلى الله عليه وسلم , وأما حديثه وحديث سلمان بن عامر من قول صلى الله عليه وسلم وأمره , فلم يثبت عندى , والله أعلم.

(923) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ومن استقاء فليقض " (ص 224).
* صحيح.
أخرجه الإمام أحمد فى " مسنده " (2/498) وأبو إسحاق الحربى فى " غريب الحديث " (5/155/1): حدثنا الحكم بن موسى قال عبد الله بن الإمام أحمد: وسمعته أنا من الحكم ـ حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ذرعه القىء فليس عليه قضاء , ومن استقاء فليقض ".
وأخرجه ابن ماجه (1676) من طريق الحكم به.
وأخرجه أبو داود (2380) والترمذى (1/139) والدارمى (2/14) والطحاوى (1/348) وابن خزيمة (1960) وابن حبان (907) وابن الجارود (385) والدارقطنى (240) والحاكم (1/427) والبيهقى (4/219) من طرق أخرى عن عيسى بن يونس به. وقال الدارقطنى: " رواته ثقات كلهم ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , وقال الترمذى: " حديث حسن غريب , لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس , وقال محمد (يعنى البخارى): لا أراه محفوظا ".

تــــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 64
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــــتاب الصيام Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــــتاب الصيام   كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 7:52 pm

(4/51)
قلت: قد عرفه غيره من حديث غير عيسى بن يونس. فقال أبو داود عقبه: " رواه أيضا حفص بن غياث عن هشام مثله ".
وقد أخرجه ابن ماجه وابن خزيمة (1961) والحاكم والبيهقى من طرق عن حفص بن غياث به.

وقال البيهقى: " تفرد به هشام بن حسان القردوسى , وبعض الحفاظ لا يراه محفوظا , قال أبو داود (يعنى فى غير السنن) سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس من ذا شىء ".
قال الخطابى: " يريد أن الحديث غير محفوظ ".
قلت: وإنما قال البخارى وغيره بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس عن هشام , كما تقدم عن الترمذى. وما دام أنه قد توبع عليه من حفص بن غياث , وكلاهما ثقة محتج بهما فى الصحيحين , فلا وجه لإعلال الحديث إذن على أننا نرى أن الحديث صحيح ولو تفرد به عيسى بن يونس لأنه ثقة كما عرفت , وقال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة مأمون " , ولأنه لم يخالفه أحد فيما
علمنا , بل قد روى الحديث من طريق أخرى عن أبى هريرة كما يأتى.
وقد وقفت على إعلال آخر للحديث يشبه ما سبق , فقد قال الدارمى عقب الحديث , وقد رواه من طريق ابن راهويه عن عيسى بن يونس: " قال عيسى: زعم أهل البصرة أن هشاما أوهم فيه ".
ونعرف الجواب عن هذا مما سبق , وهو أن هشاما ثقة ممن احتج به الشيخان , لا سيما وقد قال فيه الحافظ: " ثقة من أثبت الناس فى ابن سيرين ".
فلا يقبل فيه الزعم المذكور , ولعل فى قول عيسى: " زعم... " إشارة
(4/52)

إلى رده.
ثم قال الترمذى والبيهقى والسياق له: " وقد روى من وجه آخر ضعيف عن أبى هريرة مرفوعا ".
قلت: وهو ما أخرجه ابن أبى شيبة (2/158/1) والدارقطنى (240) واللفظ له من طريق عبد الله بن أبى سعيد عن جده عن أبى هريرة مرفوعا: " إذا ذرع الصائم القىء , فلا فطر عليه ولا قضاء عليه , وإذا تقيأ فعليه القضاء ".
وقال الدارقطنى: " عبد الله بن سعيد ليس بقوى ".
قلت: بل هو متروك متهم.

(924) - (الحديث الصحيح: " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ".
* صحيح.
وقد مضى تخريجه فى " الحيض " رقم (190).

(925) - (حديث: " ليس من البر الصيام فى السفر " متفق عليه , ورواه النسائى [1]. حبان 912)
* صحيح.
وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله , وكعب بن عاصم الأشعرى , وعبد الله بن عمر , وأبى برزة الأسلمى , وعبد الله بن عباس , وعبد الله بن عمرو , وعمار بن ياسر , وأبى الدرداء:
1 ـ أما حديث جابر , فله عنه طرق:
الأولى: عن محمد بن عمرو بن الحسن بن على عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر , فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه , فقال ما هذا ؟ فقالوا: صائم , فقال... " فذكره.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { و زاد: " عليكم برخصة الله التى رخص لكم فاقبلوها " }
(4/53)

أخرجه البخارى (1/485) ومسلم (3/142) وأبو داود (2407) والنسائى (1/315) والدارمى (2/9) وابن أبى شيبة (2/149/1) والطحاوى (1/329) وابن جرير فى تفسيره (3/473/2892) والفريابى فى " كتاب الصيام " (63/2) وابن خزيمة (2017) وابن الجارود (399) والبيهقى (4/242) والطيالسى (1721) وأحمد (3/299 و317 و319 و352 و399) من طرق عن محمد بن عمرو به
الثانية: عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثنى جابر بن عبد الله قال: " مر النبى صلى الله عليه وسلم برجل فى سفر فى ظل شجرة يرش عليه الماء. فقال: ما بال هذا ؟ قالوا: صائم يا رسول الله , قال: فذكر الحديث , وزاد الزيادة التى ذكرها المؤلف. وزاد: " عليكم برخصة الله التى رخص لكم فاقبلوها ".
أخرجه النسائى (1/314) عن شعيب , والطحاوى (1/329 ـ 330) عن الوليد بن مسلم , كلاهما قالا: حدثنا الأوزاعى , إلا أن الأول قال: حدثنى يحيى بن أبى كثير قال: أخبرنى محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنى جابر , وقال الآخر: عن يحيى بن أبى كثير قال: حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثنى جابر ...
ورواه الفريابى فى " الصيام " (63/2) عن الوليد: أخبرنا الأوزاعى حدثنى يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر.
وخالفهما الفريابى فقال: حدثنا الأوزاعى قال: حدثنى يحيى قال: أخبرنى محمد ابن عبد الرحمن قال: حدثنى من سمع جابراً ... فذكره نحوه , فأدخل بين محمد بن عبد الرحمن وجابر شخصا لم يسمه , أخرجه النسائى.
وتابع الأوزاعى على بن المبارك , ولكن اختلف عليه فيه كما اختلف على الأوزاعى فقال وكيع: حدثنا على بن المبارك عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن جابر به مع الزيادة دون قصة الرجل.
(4/54)

و قال عثمان بن عمر: أنبأنا على بن المبارك عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن رجل عن جابر به دون الزيادة.
أخرجهما النسائى. ثم أشار بباب عقده إلى أن الرجل الذى لم يسم هو محمد بن عمرو بن الحسن بن على المذكور فى الطريق الأولى , ولكن يشكل عليه أن الراوى لهذه الطريق إنما هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد كما فى رواية لمسلم من طريق شعبة عنه , وهو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارى , بخلاف الطريق الثانية , فإن راويها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كما تقدم فى رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعى , ورواية وكيع عن على بن المبارك كلاهما عن يحيى بن أبى كثير.
فالظاهر أن شيخ شعبة فى هذا الحديث غير شيخ يحيى , وأن الأول رواه عن جابر بالواسطة , وأما الآخر فرواه عنه يحيى عن جابر بدون واسطة , وتارة بواسطة الرجل الذى لم يسم.
ومن الممكن أن يكون هذا الرجل هو محمد بن عمرو بن الحسن الذى هو مدار الطريق الأولى. وعليه فيكون ليحيى بن أبى كثير شيخان فى هذا الحديث أحدهما محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهو الذى رواه عن جابر مباشرة , وحفظ لنا تلك الزيادة , والآخر محمد بن عبد الرحمن , وهو ابن سعد , وهو الذى يرويه عن محمد بن عمرو بن الحسن بن على عن جابر بدون الزيادة , فإنه لم
يحفظها , كما فى رواية لمسلم (3/142) من طريق شعبة فى الطريق الأولى قال: " وكان يبلغنى عن يحيى بن أبى كثير أنه كان يزيد فى هذا الحديث وفى هذا الإسناد أنه قال: " عليكم برخصة الله الذى رخص لكم " فلما سألته لم يحفظه ".
يعنى محمد بن عبد الرحمن بن سعد , لم يحفظ هذه الزيادة.
وإن مما يؤيد ما ذكرته أن رواية عثمان بن عمر عن على بن المبارك التى فيها الرجل الذى لم يسم , لم يقل يحيى فيها " ابن ثوبان " بخلاف رواية وكيع عن ابن المبارك التى ليس فيها الرجل فقد صرح يحيى بأنه " ابن ثوبان " , فدل ذلك على أنه يرويه عن شيخين , أحدهما ابن ثوبان , والآخر ابن سعد.
وإلى هذا ذهب الحافظ المحقق ابن القطان فقال بعد أن ذكر هذه الزيادة:
(4/55)

" إسنادها حسن متصل , قال: وهذا الحديث يرويه عن جابر رجلان , كل منهما اسمه محمد بن عبد الرحمن , ورواه عن كل منهما يحيى بن أبى كثير:
أحدهما: ابن ثوبان.
والآخر: ابن سعد بن زرارة , فابن ثوبان سمعه من جابر , وابن سعد بن زرارة رواه بواسطة محمد بن عمرو بن حسن , وهى رواية الصحيحين ".
نقله الحافظ فى " التلخيص " (ص 195) وأقره , وأما فى " الفتح " (4/162) فذهب إلى أن الصواب فى رواية يحيى بن أبى كثير أنها عنه عن محمد بن عبد الرحمن , وهو ابن سعد عن محمد بن عمرو بن الحسن عن جابر وأن قول من قال فيها محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهم , وإنما هو ابن عبد الرحمن بن سعد , وهذا عندى بعيد لأنه يلزم منه تخطئة ثقتين حافظين هما الوليد بن مسلم ووكيع فإنهما قالا: " ابن ثوبان " كما سبق , ومثل هذا ليس بالأمر السهل ما أمكن الجمع دون تخطئة الثقات الآخرين على نحو ما ذكرنا , وذهب إليه ابن القطان , والله أعلم.
وخلاصة القول أن هذه الزيادة إسنادها صحيح , ولا يضره تفرد يحيى بن أبى كثير بها لأنه ثقة ثبت كما فى " التقريب " , وإنما يخشى البعض من التدليس , وقد صرح هنا بالتحديث , فأمنا بذلك تدليسه.
فائدة: قال الحافظ فى " الفتح " فى الصفحة المشار إليها آنفاً :
" (تنبيه): أوهم كلام صاحب " العمدة " أنه قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم برخصة الله التى رخص لكم " مما أخرجه مسلم بشرطه , وليس كذلك , وإنما هى بقية فى الحديث لم يوصل إسنادها كما تقدم بيانه , نعم وقعت عند النسائى موصولة فى حديث يحيى بن أبى كثير بسنده , وعند الطبرانى من حديث كعب بن عاصم الأشعرى كما تقدم ".
قلت: وفى هذا الكلام ملاحظتان:
الأول: أن الذى أخذه الحافظ على صاحب " العمدة " , قد وقع فيه
(4/56)

الزيلعى فى " نصب الراية " (2/461) فقال عقب الحديث: " وزاد مسلم فى لفظه: وعليكم برخصة الله التى رخص لكم ".
وليس هذا فقط , بل تابعه على ذلك الحافظ نفسه فى " الدراية " ص 177 !
والأخرى: قوله: " وعند الطبرانى... ".
فإنى أظنه خطأ مطبعياً , فإنه قال قبل صحيفة: " قال الطبرى , بعد أن ساق نحو حديث الباب من رواية كعب بن عاصم الأشعرى ولفظه
: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى حر شديد , فإذا رجل من القوم , قد دخل تحت ظل شجرة , وهو مضطجع كضجعة الوجع , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لصاحبكم ؟ أى وجع به ؟ فقالوا: ليس به وجع , ولكنه صائم , وقد اشتد عليه الحر , فقال النبى صلى الله عليه وسلم حينئذ: " ليس البر أن تصوموا فى السفر عليكم برخصة الله التى رخص لكم ": فكان فكان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن كان فى مثل ذلك الحال ".
قلت: فهذا الحديث لم أجده فى تفسير الطبرى مع أنه قد ذكر فيه (3/474) نحو هذا الكلام ولكن عقب حديث جابر هذا , وليس فيه حديث كعب هذا , فلعله فى بعض كتبه الأخرى كـ " التهذيب " مثلا , والله أعلم.
الطريق الثالثة: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فى رمضان , فصام حتى بلغ كراع الغميم , فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه , حتى نظر الناس إليه ثم شرب , فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام , فقال: أولئك العصاة , أولئك العصاة ".
أخرجه مسلم (3/141 ـ 142) والنسائى (1/315) والترمذى (1/137) والشافعى (1/268) والفريابى فى " الصيام " (ق 65 ـ 66)
(4/57)

و الطحاوى (1/331) والبيهقى (4/241) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
2 ـ وأما حديث كعب بن عاصم الأشعرى , فيرويه الزهرى عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس من البر الصيام فى السفر ".
هكذا رواه الثقات عن الزهرى , فقال الإمام أحمد (5/434): حدثنا سفيان عن الزهرى به. وكذا قال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/149/1) والطيالسى فى مسنده (1/190 ـ ترتيبه) والإمام الشافعى فى " السنن " (1/267 ـ ترتيبه).
وهكذ رواه النسائى (1/314) والدارمى (2/9) وابن ماجه (1664) والفريابى (63/1) والطحاوى (1/330) والحاكم (1/433) والبيهقى (4/242) من طرق عن سفيان به.
وزاد الطحاوى: " قال سفيان: فذكر لى أن الزهرى كان يقول ـ ولم أسمع أنا منه ـ ليس من ( ام برام صيام فى ام سفر) [1] ".
قلت: وهذه الزيادة عن سفيان شاذة , بل منكرة , تفرد بها شيخ الطحاوى محمد بن النعمان السقطى , وهو شيخ مجهول كما قال أبو حاتم , وتبعه الذهبى فى " الميزان " ثم الحافظ فى " اللسان ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد , ولم يخرجاه ". ووافقه الذهبى.
ثم أخرجه الإمام أحمد والطحاوى عن ابن جريج , والدارمى عن يونس , والطحاوى عن محمد بن أبى حفصة , والفريابى والبيهقى عن معمر , والفريابى عن الزبيدى كلهم عن الزهرى به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر به. إلا أن لفظه مثل لفظ الطحاوى الشاذ: " ليس من امبر امصيام فى امسفر ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: امبر امصيام فى امسفر }
(4/58)

و هكذا رواه البيهقى من طريق محمد بن يحيى الذهلى حدثنا عبد الرزاق به.
وزاد: " قال محمد بن يحيى: وسمعت عبد الرزاق مرة يقول: أخبرنا معمر..."
قلت: فذكره بإسناده باللفظ الأول , وهو الذى رواه عن يزيد بن زريع عن معمر عند الفريابى , وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم: قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 195) بعد أن ذكره باللفظ الثانى من رواية أحمد: " وهذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم خاطب بها هذا الأشعرى كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعرى هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوى عنه , وأداها باللفظ الذى سمعها به , وهذا الثانى أوجه عندى. والله أعلم ".
قلت: الأمر كما قال الحافظ ـ رحمه الله ـ لو كان هذا اللفظ ثابتا عن الأشعرى , وليس كذلك لاتفاق جميع الرواة عن الزهرى على روايته عنه باللفظ الأول , وكذلك رواه جابر وغيره كما يأتى عن النبى صلى الله عليه وسلم , فى جميع الطرق عنهم رضى الله عنهم , وأيضا فإن الراوى عن الأشعرى إذا أدى الحديث باللفظ الذى سمعه منه , فأحرى بهذا ـ أعنى الأشعرى ـ أن يؤديه باللفظ الذى سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم.
(تنبيه): وقع الحديث فى مسند الشافعى بهذا اللفظ الشاذ كما نبه عليه مرتبه الشيخ البنا الساعاتى رحمه الله فى " بدائع المنن ".
3 ـ وأما حديث عبد الله بن عمر , فيرويه محمد بن المصفى الحمصى قال: حدثنا محمد بن حرب الأبرش قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا باللفظ الأول.
أخرجه ابن ماجه (1665) والفريابى (64/1) والطحاوى , وابن حبان فى " صحيحه " (912) , وقال الهيثمى فى " الزوائد " (1/106): " هذا إسناد صحيح , ورجاله ثقات , وله شاهد فى " الصحيحين "
(4/59)

و غيرهما من حديث جابر بن عبد الله وأنس وغيرهما ".
قلت: ولم أجده فى الصحيحين ولا فى غيرهما من حديث أنس بهذا اللفظ.
4 ـ وأما حديث أبى برزة الأسلمى , فيرويه معمر بن بكار السعدى , حدثنا إبراهيم بن سعد , عن عبد الله بن عامر الأسلمى عن خالد [1] عبد الرحمن بن حرملة عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا به.
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/104/1) وقال: " لا يروى عن أبى برزة إلا بهذا الإسناد , تفرد به معمر ".
قلت: وهو صويلح كما قال الذهبى فى " الميزان " , لكن عبد الله بن عامر الأسلمى ضعيف كما فى " التقريب ". وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/161): " رواه أحمد والبزار والطبرانى فى الأوسط وفيه رجل لم يسم ".
قلت: وفى هذا التخريج ملاحظتان:
الأولى: أننى لم أره فى مسند الإمام أحمد.
والأخرى: أن إسناد الطبرانى ليس فيه رجل لم يسم , وإنما فيه من هو معروف بالضعف كما رأيت.
5 ـ وأما حديث ابن عباس , فرواه البزار والطبرانى فى " الكبير ". قال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
6 ـ وأما حديث ابن عمرو فرواه الطبرانى فى " الكبير " أيضا نحو حديث جابر.
قال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
7 ـ وأما حديث عمار بن ياسر , فرواه الطبرانى أيضا فى " الكبير " نحو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب : خاله }
(4/60)

حديث جابر عند النسائى بالزيادة , قال الهيثمى: " وإسناده حسن ".
8 ـ وأما حديث أبى الدرداء فرواه الطبرانى أيضا فى " الكبير " كما فى " الجامع الكبير " (2/152/2) وقال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
وسقط من كتابه اسم مخرجه , فاستدركته من " الجامع ".

(926) - (حديث: " هى رخصة من الله , فمن أخذ بها فحسن , ومن أحب أن يصوم , فلا جناح عليه " رواه مسلم والنسائى (ص 222).
* صحيح.
وهو من حديث حمزة بن عمرو الأسلمى رضى الله عنه: " أنه قال: يا رسول الله أجد بى قوة على الصيام فى السفر , فهل على جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم... " فذكره.
أخرجه مسلم (3/145) والنسائى (1/317) وكذا الطحاوى (1/334) وابن خزيمة (3/258/2026) والبيهقى (4/243) عن أبى الأسود عن عروة بن الزبير عن أبى مراوح عنه.
وله عنه طريق أخرى , رواه محمد بن عبد المجيد المدنى قال: سمعت حمزة بن محمد ابن حمزة بن عمرو الأسلمى يذكر أن أباه أخبره عن جده حمزة بن عمرو قال: " قلت: يا رسول الله إنى صاحب ظهر أعالجه: أسافر عليه وأكريه , وإنه ربما صادفنى هذا الشهر ـ يعنى رمضان ـ وأنا أجد القوة , وأنا شاب , وأجد بأن أصوم يا رسول الله أهون على من أن أوخره فيكون دينا , أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجرى أو أفطر ؟ قال: أى ذلك شئت يا حمزة ".
(4/61)

أخرجه أبو داود (2403) والحاكم (1/433) وعنهما البيهقى (4/241) وسكتوا عنه , وأخرجه الطبرانى فى " الأوسط " وقال: " تفر د به محمد عن حمزة ".
ذكره الحافظ فى " التهذيب " ثم قال: " وحمزة ضعفه ابن حزم , وقال ابن القطان: مجهول , ولم أرَللمتقدمين فيه كلاما ".
وقال فى " التقريب ": " مجهول الحال ".
قلت: ومحمد بن عبد المجيد قال ابن القطان: " لا يعرف , ولا ذكر له إلا فى هذا الحديث ".
وتبعه الحافظ الذهبى فى " الميزان ". وقال الحافظ فى " التقريب ": " مقبول ".
وله طرق أخرى عن حمزة مختصرا أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم فى السفر فقال: " إن شئت أن تصوم فصم , وإن شئت أن تفطر فأفطر ".
خرجها النسائى (1/317) والفريابى (67/1 ـ 2) والطحاوى (1/333) والطيالسى (1175) وأحمد (3/494).

(927) - (وعن حمزة بن عمرو الأسلمى: " أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم: أصوم فى السفر ؟ قال: إن شئت فصم , وإن شئت فأفطر " متفق عليه (ص 222).
* صحيح.
وجعله المصنف من مسند حمزة بن عمرو , ورواية الشيخين وهم أو تساهل , فإنه عندهما من مسند عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم: " أن حمزة بن عمرو الأسلمى قال... " فذكر الحديث.
أخرجه البخارى (4/157) ومسلم (3/144 و144 ـ 145) وكذا
(4/62)

مالك (1/295/24) وأبو داود (2402) والنسائى (1/318) والترمذى (711) وقال: حسن صحيح , والدارمى (2/8 ـ 9) وابن خزيمة (2028) وابن الجارود (397) وابن أبى شيبة (2/150/1) وعنه ابن ماجه (1/510) والسراج فى " جزء من حديثه " (98/2) والفريابى (67/2) والطحاوى (1/333) والبيهقى (4/243) وأحمد (6/46 و193 و202 و207) من طرق كثيرة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها.
وقال بعض الرواة عند النسائى: عن هشام عن عروة عنها عن حمزة كما ذكره المصنف , وقال آخر: عن هشام عن عروة عن حمزة , لم يذكر عائشة , وجعلوه من مسند حمزة , قال الحافظ: " والمحفوظ أنه مسند عائشة , ويحتمل أن يكون هؤلاء لم يقصدوا بقولهم " عن حمزة " الرواية عنه , وإنما أرادوا الإخبار عن حكايته , فالتقدير : عن عائشة عن قصة حمزة أنه سأل , لكن قد صح مجىء الحديث من رواية حمزة , فأخرجه مسلم من طريق أبى الأسود... " يعنى الطريق الأولى فى الحديث المتقدم.
وله طرق أخرى عن حمزة كما ذكرت هناك.
وبالجملة: فالحديث صح من مسند عائشة , ومن مسند حمزة , لكن عزوه للشيخين من مسند حمزة فيه ما عرفت.

(928) - (لحديث أبى بصرة الغفارى: " أنه ركب سفينة من الفسطاط فى شهر رمضان فدفع , ثم قرب غداءه , فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة , ثم قال: اقترب , قيل: ألست ترى البيوت ؟ قال: أترغب عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأكل ". رواه أبو داود (ص 222).
* صحيح.
رواه أبو داود (2412) وعنه البيهقى (4/246) وأحمد (6/398) عن يزيد بن أبى حبيب أن كليب بن ذهل الحضرمى أخبره عن عبيد بن جبر (وفى المسند: ابن حنين , وهو تحريف) قال: " كنت مع أبى بصرة الغفارى صاحب النبى صلى الله عليه وسلم فى سفينة... ".
(4/63)

هذا هو نص الحديث عند أبى داود , وزاد أحمد: " هو يريد الإسكندرية ".
قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير كليب بن ذهل قال الحافظ: " مقبول ".
لكن للحديث شاهد من حديث دجنة بن خليفة , فهو يتقوى به , وآخر من حديث أنس بإسناد صحيح , وقد غمزه بعض المعاصرين من الشافعية , وقد رددت عليه ذلك , وبينت صحة الحديث بما لا قبل له برده , نشر ذلك أولا فى مجلة " التمدن الإسلامى " ثم فى رسالة خاصة بعنوان: " تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والرد على من ضعفه " فليراجعها من شاء.

(929) - (قال ابن عباس: " كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة , وهما يطيقان الصيام أن يفطرا , ويطعما مكان كل يوم مسكيناً , والحبلى والمرضع , إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا " رواه أبو داود (ص 222 ـ 223).
* شاذ بهذا السياق.
أخرجه أبو داود من طريق ابن أبى عدى عن سعيد , وهو ابن أبى عروبة , عن قتادة عن عزرة ـ الأصل عروة ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال: كانت رخصة... الحديث.
وإسناده صحيح , ولكنه بظاهره يدل على أن هذه الرخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ثابتة لهما كما هى ثابتة للحبلى والمرضع , والثابت عن ابن عباس من طرق أن الرخصة للشيخ والمرأة إنما هى إذا كانا لا يطيقان الصيام , ولا يستطيعانه , وأما إذا أطاقاه , فالآية منسوخة إليهما , وبهذا التفصيل رواه جماعة من الثقات عن ابن أبى عروبة , كما تقدم بيانه برقم (912).
(تنبيه): ينتهى الحديث عند أبى داود بقوله: " إذا خافتا " وقال أبو داود بعده: " يعنى على أولادهما... " فهى من قول أبى داود أدرجه المصنف فى الحديث !
(4/64)

فصل فى المفطرات

(930) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " من ذرعه القىء فليس عليه قضاء , ومن استقاء عمدا فليقض " رواه أبو داود والترمذى (ص 224).
* صحيح.
وقد مضى مع تخريجه برقم (923).

(931) - (حديث: " أفطر الحاجم والمحجوم ". رواه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أحد عشر نفسا (ص 224).
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة بلغ عددهم فى تخريج الزيلعى فى " نصب الراية " ثمانى عشر شخصا , إلا أن الطرق إلى أكثرهم معللة , فأقتصر على ما صح منها , وأحيل فى الباقى على " نصب الراية " فقد شفى وأروى.
أولا: عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وله عنه طرق:
الأولى: عن أبى أسماء الرحبى عنه مرفوعا به.
أخرجه أبو داود (2367) والدارمى (2/14) وابن ماجه (1680) والسراج فى " جزء من حديثه " (ق 98/1) والطحاوى (1/349) وابن الجارود (386) وابن خزيمة (1962 و1963) وابن حبان (899) والحاكم (1/427) والبيهقى (4/265) والطيالسى (1/186) وأحمد (5/277 و280 و282 و283) من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى أسماء به.
ولفظ ابن حبان عن الأوزاعى: حدثنى يحيى بن أبى كثير , قال: حدثنى أبو
(4/65)

قلابة أن أبا أسماء الرحبى حدثه عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لثمانى عشرة خلت من رمضان إلى البقيع , فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل يحتجم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم... " فذكره.
وهكذا أخرجه الحاكم وقال: " قد أقام الأوزاعى هذا الإسناد فجوده , وبين سماعَكل واحد من الرواة من صاحبه , وتابعه على ذلك شيبان بن عبد الرحمن النحوى , وهشام بن أبى عبد الله الدستوائى , وكلهم ثقات , فإذن: الحديث صحيح على شرط الشيخين , قال أحمد بن حنبل: وهو أصح ما روى فى هذا الباب ".
قلت: ووافقه الذهبى , وإنما هو على شرط مسلم وحده , فإن أبا أسماء الرحبى واسمه عمرو بن مرثد الدمشقى , لم يرو له البخارى فى صحيحه , وإنما فى " الأدب المفرد ".
وليحيى بن أبى كثير أسانيد أخرى تأتى , وقد تابعه يحيى بن حمزة: حدثنى أبو المهلب راشد بن داود الصنعانى حدثنا أبو أسماء الرحبى به.
قلت: وهذا سند حسن , أخرجه البيهقى (4/266).
الطريق الثانية: عن ابن جريج: أخبرنى مكحول أن شيخا من الحى [ مصدقا ] أخبره أن ثوبان مولى النبى صلى الله عليه وسلم أخبره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : فذكره.
أخرجه أحمد (5/282) والسياق له , وابن أبى شيبة (2/160/2) والزيادة له.
قلت: وهذا سند جيد فى المتابعات , وقد صح , فإن أبا داود سمى شيخ مكحول أبا أسماء الرحبى , رواه عن العلاء بن الحارث عن مكحول به.
الثالثة: عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان به.
أخرجه أحمد (5/276 و282) , وإسناده كالذى قبله.
الرابعة: عن معدان بن أبى طلحة عن ثوبان به.
(4/66)

أخرجه السراج (98/1) عن بكير بن أبى السمط: حدثنا قتادة عن سالم بن أبى الجعد عن معدان به.
قلت: وإسناده ثقات رجال مسلم غير بكير بن أبى السمط , ففيه كلام , وفى " التقريب " أنه " صدوق ".
قلت: وقد خولف فى إسناده فقال شعبة: سعيد بن أبى عروبة: عن قتادة عن شهر بن حوشب بسنده المذكور فى الطريق الثالثة.
وقال أيوب أبو العلاء: عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/161/2): يزيد بن هارون قال: أنبأنا أيوب به , وخالفه محمد بن يزيد وهو الواسطى فقال: حدثنا أبو العلاء يعنى القصاب عن قتادة عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن شداد بن أوس كما يأتى , وأيوب هذا هو ابن أبى مسكين صدوق له أوهام , فلعل قتادة له فى هذا الحديث أسانيد.
ثانيا: عن شداد بن أوس , يرويه أبو قلابة عن أبى أسماء عنه.
وقد اختلف فيه على أبى قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمى على وجوه:
1 ـ قتادة عنه بهذا.
رواه الإمام أحمد (4/124): حدثنا محمد بن يزيد حدثنا أبو العلاء يعنى القصاب عنه.
2 ـ عاصم الأحول عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء به , فأدخل بينهما أبا الأشعث.
أخرجه أحمد (4/123 و124) والدارمى (2/14) وابن أبى شيبة (2/162/2) وابن حبان (900) والبيهقى (4/265).
لكن أخرجه أحمد أيضا والطيالسى (1/187) والسراج والحاكم (1/428 ـ 429) من طرق أخرى عن عاصم به دون ذكر أبى أسماء فى
(4/67)

مسنده. ويؤيده الوجه الآتى.
وتابعه داود بن أبى هند عن عبد الله بن زيد , وهو أبو قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء به.
أخرجه أحمد وابن أبى شيبة.
وتابعه أيضا أيوب عن أبى قلابة به.
أخرجه أحمد (4/123): حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب به.
لكن خالفه حماد بن زيد ووهيب فقالا: عن أيوب به دون ذكر أبى أسماء فيه.
أخرجه أحمد (4/124) والحاكم (1/428) وأبو داود (2369) والبيهقى.
وكذا خالفه إسماعيل فقال: حدثنا أيوب عن أبى قلابة عمن حدثه عن شداد بن أوس به.
أخرجه أحمد (4/125) حدثنا إسماعيل به , وكذا قال ابن أبى شيبة.
قلت: وإسماعيل هو ابن علية.
ويرجح رواية هؤلاء متابعة جماعة من الثقات لأيوب عليه , وهو:
3 ـ خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد به.
أخرجه أحمد (4/122 ـ 123) والسراج (98/1) وسمى الرجل " معقل بن يسار " وابن حبان (901).
وأخرجه الطحاوى (1/349) عن خالد ومنصور معا عن أبى قلابة به.
4 ـ يحيى بن أبى كثير: حدثنى أبو قلابة الجرمى أنه أخبره أن شداد بن أوس بينما هو يمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث.
هكذا أخرجه أحمد (5/283) عن شيبان عن يحيى وهكذا رواه أبو داود
(4/68)

(2368) عن أحمد , ورواه ابن ماجه (1681) به عن يحيى عن أبى قلابة أنه أخبره أن شداد ... ولعله الصواب , فإن قوله عند أحمد " حدثنى " بدل " عن " لا معنى له مع قوله بعد " أنه أخبره ". والله أعلم.
وعلى كل حال , فهذا وجه رابع من الاختلاف فيه على أبى قلابة , فإنه أسقط من السند أبا الأشعث وأبا أسماء , ومعنى ذلك أنه أرسله.
وأولى الوجوه بالصواب عندى إنما هو الوجه الثانى لاتفاق جماعة من الثقات على روايته كذلك , وقد زادوا فى الإسناد على الوجوه الأخرى فقالوا: عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن أبى أسماء. وزيادة الثقة مقبولة , وعلى هذا فيكون لأبى أسماء الرحبى فى هذا الحديث إسنادان: أحدهما عن ثوبان وقد مضى , والآخر عن شداد وهو هذا.
وقد أشار إلى هذا الإمام على بن المدينى , فروى البيهقى (4/266) بسنده عنه قال: " ما أرى الحديثين إلا صحيحين , وقد يمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما ".
يعنى ثوبان وشدادا , ففيه إشارة إلى ترجيح الوجه الذى ذكرنا , وهذا بخلاف ما روى البيهقى أيضا (4/267) بالسند المشار إليه عنه قال: " رواه عاصم الأحول عن أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد , رواه يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن ثوبان , ولا أرى الحديثين إلا صحيحين , فقد يمكن أن يكون سمعه منهما جميعا ".
فهذا ظاهره ترجيح الوجه الثالث الذى ليس فيه ذكر أبى أسماء , وهو مقتضى كلام البخارى , ففى " نصب الراية " (2/472): " قال الترمذى فى " علله الكبرى ": قال البخارى: ليس فى هذا الباب أصح من حديث ثوبان وشداد بن أوس , فذكرت له الاضطراب , فقال: كلاهما عندى صحيح , فإن أبا قلابة روى الحديثين جميعا (1): رواه عن أبى
__________
(1) ويؤيد هذا ما روى السراج عقبهما بسنده الصحيح عن وهب بن جرير عن أبيه قال: عرضت على أيوب كتابا لأبي قلابة فإذا فيه: عن شداد بن أوس وثوبان. فاعرفه.
(4/69)

أسماء عن ثوبان , ورواه عن أبى الأشعث عن شداد. قال الترمذى: وكذلك ذكروا عن ابن المدينى أنه قال: حديث ثوبان وحديث شداد صحيحان ".
قلت: والوجه عندى هو ما ذكرته , لأننا إذا رجحنا ما أشار إليه البخارى وشيخه ابن المدينى لزمنا أن نخطىء الثقات بدون حجة , وهذا لا يجوز. والله أعلم.
وعلى كل حال فالحديثان صحيحان كما قالوا , والأول أصح عندى للطرق الأخرى التى ذكرتها. وأشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله:
" هو أصح ما فى الباب " كما ذكره الحاكم عنه فيما تقدم.
(تنبيه): عزا الزيلعى حديث أبى قلابة عن أبى الأشعث عن شداد لأبى داود والنسائى وابن ماجه. وفيه نظر من وجهين:
الأول: إطلاق العزو للنسائى , فأوهم أنه أخرجه فى " الصغرى " له , ولم يخرجه إلا فى " الكبرى " له.
والآخر: عزوه لابن ماجه من هذا الوجه وهم , فإنه إنما أخرجه من طريق يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة مرسلا كما تقدم تحريره فى الوجه الرابع.
وقد شارك الحافظ ابن حجر الإمام الزيلعى فى هذين الوهمين , وزاد عليه فى الوهم الثانى أنه عزى فى " التلخيص " (190) طريق يحيى هذه لأبى داود والنسائى وابن ماجه والحاكم وابن حبان ! ولم يخرجها أحد من هؤلاء سوى أبى داود وابن ماجه , ومرسلا كما ذكرنا.
ثالثا: عن رافع بن خديج يرويه يحيى بن أبى كثير أيضاً عن إبراهيم بن عبد الله ابن قارظ عن السائب بن يزيد عنه مرفوعا به.
أخرجه أحمد (3/465) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر به.
ومن هذا الوجه أخرجه الترمذى (1/148) والسراج (98/1) وابن خزيمة (1964) وابن حبان (902) والحاكم (1/428) والبيهقى (4/465). ثم

تـــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 64
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــــتاب الصيام Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــــتاب الصيام   كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 7:54 pm

(4/70)

روى عن الإمام أحمد أنه قال: " تفرد به معمر ".
قال أبو حامد بن الشرفى: " وقد رواه معاوية بن سلام عن يحيى بن اأبن [1] كثير ".
قلت: قد وصله الحاكم وعنه البيهقى من طريق معاوية به , وعليه فيكون ليحيى بن أبى كثير فى هذا الحديث إسنادان موصولان: أحدهما عن ثوبان , والآخر عن رافع هذا , وأشار إلى ذلك البيهقى بقوله: " وكأن يحيى بن أبى كثير روى الحديث بالإسنادين جميعا ".
وقال الحاكم عقبه: " وليعلم أن الإسنادين ليحيى بن أبى كثير قد حكم لأحدهما أحمد بن حنبل بالصحة , وحكم على بن المدينى للآخر بالصحة , فلا يعلل أحدهما بالآخر , وقد حكم إسحاق بن إبراهيم الحنظلى لحديث شداد بالصحة ".
وقال الترمذى: " حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح , وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: أصح شىء فى هذا الباب حديث رافع بن خديج , وذكر على بن عبد الله أنه قال: أصح شىء فى هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس ".
وقال الزيلعى فى قول أحمد هذا: " وفيه نظر فإن ابن قارظ انفرد به مسلم ".
قلت: فالأصح مه هذه الأحاديث الثلاثة حديث ثوبان كما تقدم.
وقد ادعى بعض المحدثين أن إسناد حديث رافع هذا خطأ , وكأنهم قالوا ذلك بناء على قول أحمد أن معمرا تفرد به , وقد عرفت أنه قد توبع , فلا مطعن فى السند إن شاء الله تعالى.
رابعا: عن معقل بن سنان ـ قال الترمذى: ويقال: ابن يسار ـ يرويه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: أبى }
(4/71)

عطاء بن السائب قال: شهد عندى نفر من أهل البصرة منهم الحسن بن أبى الحسن على معقل بن سنان الأشجعى قال: مرّعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم فى ثمان عشرة من رمضان , فقال: " فذكره ".
أخرجه ابن أبى شيبة (2/162/2) وعنه الطحاوى (1/349) وأحمد (3/480) وابنه عبد الله فى زوائده عن محمد بن فضيل عن عطاء به.
وتابعه أحمد بن حميد حدثنا بن فضيل به.
وتابعه عمار بن زريق [1] عن عطاء به.
أخرجه أحمد (3/474): حدثنا أبو الجواب: حدثنا عمار بن رزيق به.
وأخرجه النسائى فى " الكبرى " عن محمد بن فضيل به. ثم أخرجه من حديث سليمان بن معاذ عن عطاء بن السائب به وقال: " معقل بن يسار ".
ذكره الزيلعى (2/474) وقال: " وفى كتاب العلل " للترمذى: قلت لمحمد بن إسماعيل: حدثنى الحسن عن معقل بن يسار أصح , أو معقل بن سنان ؟ فقال: معقل بن يسار أصح ".
قلت: ويؤيد هذا رواية خالد الحذاء بسنده عن شداد المتقدمة عند السراج وسندها صحيح , وهى فائدة عزيزة لم أجد من ذكرها , وهى شاهد قوى لحديث معقل هذا , وإن كان فى سنده انقطاع بينه , وبين الحسن , وكان عطاء قد اختلط , فإن موافقة حديثه لرواية خالد قد دلت على أنه قد حفظ.
خامسا: عن أنس بن مالك قال: " أول ما كرهت الحجامة للصائم ; أن جعفر بن أبى طالب احتجم وهو صائم , فمر به النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان , ثم رخص النبى صلى الله عليه وسلم بعد فى الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: رزيق }
(4/72)

أخرجه الدارقطنى (239) وعنه البيهقى (4/268) وقال الأول منهما , وأقره الآخر: " كلهم ثقات , ولا أعلم له علة ".
وهو كما قالا , لكن أعله صاحب " التنقيح " بأنه شاذ الإسناد والمتن فراجع كلامه فى " نصب الراية " (2/480) وسكت عليه , وأما الحافظ فى " الدراية " (ص 179) فإنه لم يورد كلام الدارقطنى فيه ولا كلام " التنقيح " عليه. والله أعلم.
ثم رأيت الحافظ قد أورد الحديث فى " الفتح " من رواية الدارقطنى ثم قال (4/155): " ورواته كلهم من رجال البخارى , إلاأن فى المتن ما ينكر , لأن فيه أن ذلك كان فى " الفتح " , وجعفر قتل قبل ذلك ".
كذا قال: وليس فى المتن , حتى ولا فى سياق الحافظ أن ذلك كان فى " الفتح " , فالله أعلم.
(فائدة): حديث أنس هذا صريح فى نسخ الأحاديث المتقدمة " أفطر الحاجم والمحجوم ". ومثله ما أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/101/2) من طريق أخرى عن أنس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم بعدما قال: أفطر الحاجم والمحجوم ". وقال: " لم يروه عن أبى قلابة إلا أبو سفيان وهو السعدى واسمه طريف , تفرد به أبو حمزة ".
قلت: وطريف هذا ضعيف كما قال الحافظ فى " الدراية " و" التقريب ".
وأخرجه الدارقطنى (239) من طريق أخرى عن أنس وقال: " هذا إسناد ضعيف , واختلف عن ياسين الزيات وهو ضعيف ".
(4/73)

و خير منه حديث أبى سعيد الخدرى قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القبلة للصائم , والحجامة ".
أخرجه الطبرانى (1/102/1) والدارقطنى من طريق المعتمر بن سليمان سمعت حميد الطويل يحدث عن أبى المتوكل عن أبى سعيد به. وقال الدارقطنى: " كلهم ثقات , وغير معتمر يرويه موقوفا ".
وفى " الفتح " (4/155): " وقال ابن حزم: صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب , لكن وجدنا من حديث أبى سعيد: أرخص النبى صلى الله عليه وسلم فى الحجامة للصائم. وإسناده صحيح , فوجب الأخذ به , لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة , فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما. انتهى
والحديث المذكور أخرجه النسائى (يعنى فى الكبرى) وابن خزيمة والدارقطنى , ورجاله ثقات , لكن اختلف فى رفعه ووقفه ".
قلت: قد توبع معتمر عليه , فقال الطبرانى: حدثنا إبراهيم (هو ابن هاشم) حدثنا أمية حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن حميد عن أنس مثله وزاد: " ولا تعذبوا أولادكم بالغمز من العذرة ". وقال: " لم يروه عن حميد إلا عبد الوهاب ".
قلت: وهو ثقة من رجال مسلم , وسائر الرواة ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم , وهو ابن هاشم بن الحسين أبو إسحاق البيع المعروف بـ (البغوى) قال الدارقطنى: ثقة , فالسند صحيح , ولا علة فيه سوى عنعنة حميد , لكنهم قد ذكروا أن حديثه عن أنس إنما تلقاه عن ثابت عنه , وثابت ثقة محتج به فى الصحيحين.
وعلى ذلك فلحميد فيه إسنادان:
أحدهما عن أبى المتوكل عن أبى سعيد.
والآخر عن أنس.
وله عن أبى المتوكل طريق أخرى , يرويه إسحاق بن يوسف الأزرق
(4/74)

عن سفيان , عن خالد الحذاء عن أبى المتوكل به دون ذكر القبلة.
أخرجه الدارقطنى وكذا الطبرانى والبيهقى (4/264) وقال الدارقطنى: " كلهم ثقات , ورواه الأشجعى أيضا وهو من الثقات ".
قلت: ثم ساقه من طريق الأشجعى عن سفيان به وزاد: " والقبلة ".
قلت: فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه , وهو نص فى النسخ , فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله.

(932) - (حديث ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم , وهو صائم ". رواه البخارى (ص 224).
* صحيح.
وله طرق عن ابن عباس:
الأولى: عن عكرمة عنه به.
أخرجه البخارى (4/155 و10/125 ـ فتح) وأبو داود (2372) والترمذى (1/149) وابن أبى شيبة (2/163/1) والطحاوى (1/350) والبيهقى (4/263) من طرق عن أيوب به.
وفى رواية للبخارى من طريق وهيب عن أيوب بلفظ: " احتجم وهو محرم , واحتجم وهو صائم ".
وتابعه جعفر بن ربيعة , والحسن بن يزيد (وفى نسخة: زيد) كلاهما عن عكرمة به , أخرجهما الطحاوى.
الثانية: عن مقسم عن ابن عباس بلفظ: " احتجم وهو صائم محرم ".
(4/75)

أخرجه أبو داود (2373) والترمذى وابن ماجه (1682) والشافعى (1/257) والطحاوى والطيالسى (2700) وأحمد (1/286) والبيهقى من طرق عن يزيد بن أبى زياد عن مقسم به. وقال الترمذى عقبه: " حديث حسن صحيح ".
كذا قال , ويزيد بن أبى زياد فيه ضعف , فلعله يعنى الحديث بطريقيه , على أن ابن أبى زياد لم يتفرد به , فقال الطيالسى (2098): حدثنا شعبة عن الحكم عن مقسم به , وأخرجه ابن أبى شيبة وابن الجارود (388) وأحمد (1/244 و286و 344) عن شعبة. وزاد الطيالسى وأحمد فى رواية به: " محرما " وعزاهالحافظ فى " التلخيص " (ص 189) لأصحاب السنن من طريق الحكم , ولم أره عند أحد منهم , ثم قال الحافظ: " لكن أعل بأنه ليس من مسموع الحكم عن مقسم ".
وأخرجه ابن أبى شيبة وأحمد (1/248) من طريق الحجاج عن الحكم به.
ولم يذكر ابن أبى شيبة " وهو محرم ". وزاد أحمد: " فغشى عليه , قال: فلذلك كره الحجامة للصائم " لكن الحجاج ـ وهو ابن أرطاة ـ ضعيف تدليسه.
قال الحافظ: " ورواه البزار من طريق داود بن على عن أبيه عن ابن عباس " وزاد فى آخر: " فغشى عليه ".
الثالثة: عن ميمون بن مهران عن ابن عباس: " أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ".
أخرجه الترمذى (1/146) , وعزاه الحافظ للنسائى , وكأنه يعنى فى " الكبرى " وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
(4/76)

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين , لكن طعن الإمام أحمد فيه , فإنه أورده من هذا الوجه بزيادة " محرم " كما فى الطريق الثانية ورواية الطيالسى فى هذه الطريق , فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية فى رسالته فى الصيام (ص 93 ـ بتحقيقنا): " قال مهنى: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم ؟ فقال: ليس
بصحيح , وقد أنكره يحيى بن سعيد الأنصارى ".
قلت: ووجه الإنكار ما نقله الحافظ عن النسائى , فقال عنه: " واستشكل كونه صلى الله عليه وسلم جمع بين الصيام والإحرام لأنه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام فى السفر , ولم يكن محرما إلا وهو مسافر , ولم يسافر فى رمضان إلى جهة الإحرام إلا فى غزاة الفتح , ولم يكن حينئذ محرما ".
قال الحافظ: " قلت: وفى الجملة الأولى نظر , فما المانع من ذلك ؟ فلعله فعل مرة لبيان الجواز , وبمثل هذا لا ترد الأخبار الصحيحة , ثم ظهر لى أن بعض الرواة جمع بين الأمرين فى الذكر , فأوهم أنهما وقعا معا , والأصوب رواية البخارى: " احتجم وهو صائم , واحتجم وهو محرم " فيحمل على أن كل واحد منهما وقع فى حالة مستقلة , وهذا لا مانع منه , فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم صام فى رمضان وهو مسافر , وهو فى " الصحيحين " بلفظ: " وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة , ويقوى ذلك أن غالب الأحاديث ورد مفصلا ".
فقلت: وهذا هو التحقيق , وبه يزول الإشكال إن شاء الله تعالى , ولكن ليس هناك ما يشعر بأن احتجامه صلى الله عليه وسلم وهو صائم كان فى سفر , فيحتمل أن يكون وقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم فى السفر , ويحتمل أن يكون فى الحضر , فلا ضرورة حينئذ لإثبات أنه صلى الله عليه وسلم صام فى رمضان وهو مسافر، فتأمل.
الرابعة: قال الطيالسى (2657): حدثنا رباح عن عطاء عن ابن عباس
(4/77)

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم " (1).
قلت: وهذا سند جيد , رجاله رجال مسلم , إلا أن رباحا ـ وهو ابن أبى معروف المكى ـ ضعفه بعضهم من قبل حفظه , وفى " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون قد وهم فى هذا الحديث , فقد تابعه فى إسناده عمرو بن دينار , ولكن خالفه فى متنه فقال: " احتجم النبى صلى الله عليه وسلم وهو محرم " أخرجه البخارى (10/126).
لكن تابعه أبو الزبير عن عطاء باللفظ الأول , أخرجه أحمد (1/299).
وفى الباب عن أنس بن مالك رضى الله عنه: " أن أبا طيبة حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم , فأعطاه أجره , ولو كان حراما ما أعطاه ".
أخرجه الطحاوى (1/351) عن القاسم بن مالك عن عاصم عن أنس.
قلت: وهذا سند على شرط الشيخين , إلا أن القاسم هذا , فيه كلام وفى " التقريب ": " صدوق فيه لين ".
قلت: وأنا أخشى أن يكون قوله " وهو صائم " زيادة منه , وهم فيها , فقد أخرج الإمام أحمد (3/100 و182 و282) من طريقين أحدهما عند البخارى (10/127) كلاهما عن أنس , وليس فيهما هذه الزيادة.
نعم له طريقان آخران عن الأعمش عن أنس به نحوه.
__________
(1) للحديث عند الطيالسي طريقان آخران عن ابن عباس كما تقدم , ومع ذلك فإن مرتبه الشيخ البنا رحمه الله لم يورد منها إلا هذه مما يؤكد أنه قد فاته أشياء قصدا أو سهوا.
(4/78)

أخرجهما الطبرانى فى " الأوسط " (1/101/2) , وفى أحدهما الربيع بن بدر , وفى الآخر يوسف بن خالد السمني [1] , وكلاهما متروك. ثم وجدت له طريقاً رابعا.
وفيه شريك عن ليث , وكلاهما ضعيف. رواه ابن أبى شيبة (2/163/2).
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة , لكن الطرق إليهم كلها معلولة , فمن شاء الاطلاع عليها فليراجع " مجمع الزوائد " (3/170).
وجملة القول: أن حديث ابن عباس من الطريق الأولى صحيح لا مغمز فيه , فقول ابن القيم فى " زاد المعاد ": " ولا يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم , وقد رواه البخارى " ! مما لا يلتفت إليه , لأن ما نقله عن أحمد من إعلاله للحديث من طرق تقدم أكثرها ليس فيها طريق البخارى , فهى سالمة من الطعن , وقد أشار إلى رد قول ابن القيم هذا الحافظ فى " الفتح " بقوله (4/155): " والحديث صحيح لا مرية فيه".

(933) - (حديث ابن عباس أنه: " كان يعد الحجام والمحاجم قبل مغيب الشمس , فإذا غابت احتجم " رواه الجوزجانى (ص 224).
* لم أقف على إسناده , ولا وجدته فى شىء من المصادر التى عندى , وما أراه يصح
والمصنف أورده مستدلا به على أن حديث ابن عباس المتقدم " أنه صلى الله عليه وسلم احتج وهو صائم " منسوخ , قال: " لأن ابن عباس راويه كان يعد... ".
وقد ثبت عن ابن عباس خلافه فقال ابن أبى شيبة (2/163/1): وكيع عن الأعمش عن أبى ظبيان عن ابن عباس فى الحجامة للصائم , قال: " الفطر مما دخل وليس مما يخرج ".
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين , وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب الجنبى الكوفى.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: السمتى }
(4/79)

فهذا نص صريح على أن ابن عباس يرى أن الحجامة لا تفطر , فرأيه موافق لروايته فيمكن قلب استدلال المصنف عليه , فيقال: إن الراوى أدرى بمرويه من غيره , فلو كان ما رواه منسوخا , لم يخف ذلك عليه إن شاء الله تعالى.
ويؤيده حديث أبى سعيد الخدرى وأنس فإنهما يدلان على أن حديث ابن عباس المرفوع محكم , وأن حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " هو المنسوخ , وقد خرجتهما قبل حديثين.

(934) - (حديث عائشة رضى الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم , ولكنه كان أملككم لإربه " رواه الجماعة إلا النسائى.
* صحيح.
وله عنها طرق كثيرة:
الأولى: عن الأسود عنها به.
أخرجه البخارى (1/480) ومسلم (3/135) وأبو داود (2382) والترمذى (1/141) وابن ماجه (1687) والطحاوى (1/346) وكذا الشافعى (1/261) وابن أبى شيبة (2/166/1) وابن خزيمة (1998) والبيهقى (4/230) وأحمد (6/42 و216 و230) ولأبى داود الطيالسى (1391) التقبيل منه فقط.
ولفظه : قالت: " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من وجهى , وهو صائم. تعنى: يقبلها ".
وفى رواية لأحمد (6/128) عن الأسود بن يزيد عنها قال: " قلت لعائشة: أيباشر الصائم يعنى امرأته ؟ قالت: لا , قلت: أليس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يباشر وهو صائم ؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أملككم لإربه ".
قلت: وهو بهذا السياق عن الأسود غريب , تفرد به جماعة عن إبراهيم
(4/80)

عنه , وحماد هو ابن أبى سليمان مع فضله وفقهه فى حفظه ضعف , فلا يقبل منه ما تفرد به مخالفا فيه الثقات. ومن طريقه أخرجه البيهقى (4/232).
الثانية: عن علقمة عنها.
أخرجه مسلم وأصحاب السنن إلا النسائى والشافعى وابن أبى شيبة وابن الجارود (391) والبيهقى (4/229 ـ 230) والطيالسى (1399) وأحمد (6/40 و42و 126 و174 و201 و266) عنه , ومنهم من قرنه مع الأسود.
الثالثة: عن شريح بن أرطاة مقرونا مع علقمة أنهما كانا عند عائشة , فقال أحدهما: سلها عن القبلة للصائم , فقال: لا أرفث عند أم المؤمنين , فقالت: فذكره.
أخرجه الطيالسى (1339) وأحمد (6/126) والبيهقى (4/229 ـ 230).
الرابعة: عن مسروق عنها.
أخرجه مسلم وابن ماجه وابن خزيمة (2001) والبيهقى (4/233) وأحمد (6/101 و156 و216 و252 و263) , قرنه الأولان بالأسود بن يزيد , وهو رواية لأحمد ولفظها عنده: " أتينا عائشة نسألها عن المباشرة للصائم , فاستحينا , فقمنا قبل أن نسألها فمشينا لا أدرى كم , ثم قلنا: جئنا نسألها , عن حاجة , ثم نرجع قبل أن نسألها ؟ ! فرجعنا فقلنا: يا أم المؤمنين إنا جئنا لنسألك عن شىء فاستحينا , فقمنا ! فقالت: ما هو ؟ سلا ما بدا لكما , قلنا: أكان النبى صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم ؟ قالت: قد كان يفعل ذلك , ولكنه كان أملك لإربه منكم ".
ولفظ مسلم مختصر: " انطلقت أنا ومسروق إلى عائشة ".
ورواه الطحاوى أيضا (1/346) من الوجه الذى رواه مسلم لكن وقع عنده. " أنا وعبد الله بن مسعود ".
(4/81)

و ما أظنه إلا خطأ من بعض الرواة , وقد استدل به الطحاوى على أن ما روى عن ابن مسعود أنه قال عن القبلة للصائم: يقضى يوماً آخر , كان متقدما على ما حدثته عائشة به !
الخامسة: عن القاسم عنها به دون ذكر المباشرة.
أخرجه مسلم وابن ماجه وابن خزيمة (2000) والطحاوى والبيهقى وأحمد (6/39 و44).
السادسة: عن عروة عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه , وهو صائم , ثم تضحك ".
أخرجه الشيخان ومالك (1/292/14) والدارمى (2/12) وابن أبى شيبة والشافعى (1/260) وأحمد (6/192 و241 و252 و280) والبيهقى.
السابعة: عن عمرو بن ميمون عنها بلفظ: " كان يقبل فى رمضان وهو صائم ".
أخرجه مسلم وأبو داود (2383) وابن ماجه (1683) والطحاوى وابن أبى شيبة والبيهقى والطيالسى (1534) وأحمد (6/130 و154 و252 و258 و364 ـ 365)
, وفى رواية للطحاوى بلفظ: " كان يقبلنى وأنا صائمة ".
قلت: وسنده صحيح , ويأتى له شاهد فى الطريق التاسعة.
الثامنة: عن على بن الحسين عنها مختصرا.
أخرجه مسلم والطحاوى وأحمد (6/282).
التاسعة: عن طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمى عنها قالت: " أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلنى , فقلت: إنى صائمة ! فقال: وأنا صائم , فقبلنى ".
أخرجه أبو داود (2384) وابن خزيمة (2004) والطحاوى وكذا
(4/82)

الشافعى (1/260) والطيالسى (1523) وأحمد (6/134 و162 و175 ـ 176 و179 و269 ـ 270 و270) والبيهقى من طرق عن سعد بن إبراهيم عنه ولفظ أبى داود وهو رواية
لأحمد: " كان يقبلنى وهو صائم , وأنا صائمة " وإسناده صحيح على شرط البخارى .
العاشرة: عن عكرمة عنها بلفظ: " كان يقبل وهو صائم , ولكم فى رسول الله أسوة حسنة " أخرجه أحمد (6/192) بسند صحيح على شرط البخارى.
الحادية عشر: عن عائشة بنت طلحة عنها بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم , ثم يجعل بينه وبينها
ثوبا يعنى الفرج " أخرجه أحمد (6/59) بسند جيد وهو على شرط مسلم.
وهناك طرق أخرى لا ضرورة بنا إلى ذكرها , وهى عند الترمذى والطحاوى والطيالسى (1476 و1578) وأحمد (6/98 و162 و193 و223 و232 و242).
وفى الباب عن جماعة من الصحابة منهم أم سلمة يرويه عبد الله بن فروخ. " أن امرأة سألت أم سلمة فقالت: إن زوجى يقبلنى وهو صائم , وأنا صائمة , فما ترين ؟ فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلنى وهو صائم , وأنا صائمة ".
أخرجه الطحاوى (1/345) وأحمد (6/291 و320) بسند جيد وهو على شرط مسلم.
(4/83)

و عن عمر بن أبى سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم , أيقبل الصائم ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل هذه ـ لأم سلمة ـ فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك , فقال: يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله إنى لأتقاكم لله , وأخشاكم له ".
أخرجه مسلم (3/137) والبيهقى (4/234).
(تنبيه): فى هذا الحديث إشارة إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقبل أم سلمة , وذلك ما صرحت به فى الحديث الذى قبله.
وقد جاء ذلك عنها من طريقين آخرين صحيحين عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن زينب بنت أبى سلمة عنها عند الطحاوى (1/345) وأحمد (6/291 و300 و310 و318 و319) وهذا سند غاية فى الصحة.
وقد عارض ذلك ما روى موسى بن على عن أبيه عن أبى قيس مولى عمرو بن العاص , قال : " قلت: لأم سلمة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل , وهو صائم ؟ قالت : لا , قلت: فإن عائشة تخبر الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم , قالت: قلت: لعله كان لا يتمالك عنها حبا , أما أنا فلا ".
أخرجه الطحاوى (1/346) وأحمد (6/296 و317) وإسناده على شرط مسلم , وهو معارض أشد المعارضة لما تقدم بحيث لا يمكن التوفيق بينه وبينها إلا بالترجيح , ولا شك أن ماتقدم أصح منه لكثرتها , وغرابة هذا , لا سيما وموسى بن على وهو اللخمى المصرى وإن كان ثقة , واحتج به مسلم , فقد تكلم فيه بعضهم , فقال ابن معين: " لم يكن بالقوى " , وقال ابن عبد البر: " ما انفرد به فليس بالقوى " فهو علة هذا الإسناد , والله أعلم.
(تنبيه ثان): وفى حديث عائشة من الطريق التاسعة , ما يرد ما رواه ابن حبان (904) من طريق محمد بن الأشعث عنها بلفظ:
(4/84)

" كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يمس من وجهى شيئا وأنا صائمة ".
وهو بهذا اللفظ منكر كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة " برقم (962).

(935) - (قوله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: "... وبالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائما " (ص 225).
* صحيح.
وقد مضى بتمامه مع تخريجه فى " الطهارة " رقم (90).

(936) - (وروى أبو داود والبخارى فى تاريخه عن النبى صلى الله عليه وسلم: " أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم ".
* منكر.
أخرجه أبو داود (2377) واللفظ له , وكذا الدارمى (2/15) والبيهقى (4/262) وأحمد (3/476 و499 ـ 500) من طرق عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه وجده عن النبى صلى الله عليه وسلم به.
وقال أبو داود عقبه: " قال لى يحيى بن معين: وهو حديث منكر ".
وقال فى " مسائل الإمام أحمد " (ص 298): " قلت لأحمد: عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة ؟ فقال: هذا حديث منكر , يعنى هذا الحديث ".
وسكت البيهقى , فلم يحسنه , وتعقبه ابن التركمانى بقوله: " عبد الرحمن بن النعمان مختلف فيه , ضعفه ابن معين , وقال الرازى: " صدوق ".
قلت: وهذا التعقب ليس بشىء وإنما علة الحديث والد عبد الرحمن: النعمان بن معبد , فإنه مجهول كما فى " التقريب " , " والميزان ".

(937) - (قول ابن عباس: " لا بأس أن يذوق الخل والشىء يريد شراءه ". حكاه عنه أحمد والبخارى.
(4/85)

* حسن.
علقه البخارى فى " صحيحه " (4/132 ـ فتح) , ووصله ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/161/2) من طريق جابر عن عطاء عن ابن عباس قال: " لا بأس أن يذوق الخل , أو الشىء ما لم يدخل حلقه وهو صائم ".
وجابر هو الجعفى وهو ضعيف , ثم رواه من طريق شريك عن سليمان عن عكرمة عن ابن عباس قال: " لا بأس أن يتطاعم الصائم العسل والسمن ونحوه , يمجه ".
وهذا سند حسن فى مثل هذا المتن.
وشريك هو ابن عبد الله القاضى وفيه ضعف من قبل حفظه , ومن طريقه رواه البيهقى (4/261).
والحديث سكت عليه الحافظ فى " الفتح ".

(938) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " من نسى وهو صائم , فأكل أو شرب , فليتم صومه , فإنما أطعمه الله وسقاه " رواه الجماعة إلا النسائى (ص 226).
* صحيح.
وله عنه طرق:
الأولى: عن محمد بن سيرين عنه به.
أخرجه البخارى (1/481) ومسلم (3/160) وأبو داود (2398) والترمذى (1/) والدارمى (2/13) وابن ماجه (1673) والدارقطنى (237) والبيهقى (4/229) وأحمد (2/395 و425 و491 و513) من طرق به , ولفظ أبى داود: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: يا رسول الله إنى أكلت وشربت ناسيا , وأنا صائم ؟ فقال: أطعمك الله وسقاك ".
وهو رواية للبيهقى. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال الدارقطنى - وزاد: " ولا قضاء عليه " -:
(4/86)

" إسناده صحيح , وكلهم ثقات ".
الثانية: عن خلاس بن عمرو عنه.
أخرجه البخارى (4/318) والترمذى وابن ماجه وابن الجارود فى " المنتقى " (389) والدارقطنى (238) والبيهقى وأحمد (2/395) كلهم قرنوه مع رواية ابن سيرين سوى ابن الجارود , وقال الدارقطنى: " هذا إسناد صحيح ".
الثالثة: عن أبى رافع عنه.
أخرجه ابن الجارود (390) والدارقطنى وأحمد (2/489).
قلت: وإسناده صحيح.
الرابعة: عن أبى سلمة عنه بلفظ: " من أفطر فى شهر رمضان ناسيا , فلا قضاء عليه , ولا كفارة ".
أخرجه ابن حبان (906) والحاكم (1/430) وصححه على شرط مسلم ! ووافقه الذهبى , وأخرجه الدارقطنى والبيهقى وقالا: " كلهم ثقات ".
قلت: وإسناده حسن.
الخامسة: عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذياب عن عمه عنه.
أخرجه الدارمى , وإسناده حسن فى المتابعات.
وله عند الدارقطنى طرق أخرى عنه , لكنها معلولة فأضربنا عنها.
وله شاهدان:
الأول: عن أم إسحاق مولاة أم حكيم بنت دينار: " أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بقصعة من ثريد , فأكلت معه ,
(4/87)

و معه ذو اليدين , فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرقا , فقال: يا أم إسحاق أصيبى من هذا , فذكرت أنى صائمة , فرددت يدى , لا أقدمها ولا أؤخرها , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ما لك ؟ قالت: كنت صائمة فنسيت , فقال ذو اليدين: الآن بعدما شبعت ؟ ! فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " أتمى صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك ".
أخرجه الإمام أحمد (6/367) عن بشار بن عبد الملك قال: حدثنتنى أم حكيم بنت دينار عنها.
قلت: وهذا سند ضعيف , أم حكيم هذه لا تعرف , وبشار مختلف فيه.
والشاهد الآخر: عن الحسن قال: بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مثل حديث أبى هريرة أخرجه أحمد (2/359 و493).
وإسناده مرسل صحيح..

فصل

(939) - (حديث أبى هريرة: " أن رجلا قال: يا رسول الله وقعت على امرأتى وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال: لا , قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال: لا , قال: هل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال: لا , فسكت فبينما نحن على ذلك أتى النبى صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال: أين السائل خذ هذا تصدق به , فقال الرجل: على أفقر منى يا رسول الله ؟ فو الله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أفقر من أهل بيتى , فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه , ثم قال: أطعمه أهلك ". متفق عليه (ص 226 ـ 227).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/141 ـ 149 و151) و(2/130
(4/88)

و 3/490 و4/133 ـ 134 و151و 278 ـ طبع أوربا) ومسلم (3/139) وأبو داود (2390) والترمذى (1/139) والدارمى (2/11) وابن ماجه (1671) وابن أبى شيبة (2/183 ـ 184) والطحاوى (1/328 ـ 329) وابن الجارود (384) والدارقطنى (251) والبيهقى (4/221 و222 و224 و226) وأحمد (2/208 و241 و281) من طرق كثيرة عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال: " بينما نحن جلوس عند النبى صلى الله عليه وسلم إذا جاء رجل فقال: يا رسول الله هلكت ! قال: ما لك ؟ قال: وقعت على امرأتى... " الحديث وسياقه للبخارى.
ورواه مالك فى " الموطأ " (1/296/28) عن ابن شهاب به نحوه إلا أنه قال: " أفطر فى رمضان ". ولم يذكر الوقاع , وقال: " فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ". هكذا على التخيير لا الترتيب.
ومن طريق مالك أخرجه مسلم وأبو داود (2392) والدارمى والطحاوى والدارقطنى والبيهقى وأحمد (2/516).
وهكذا رواه ابن جريج عن ابن شهاب به.
أخرجه مسلم والبيهقى وغيرهما. وقال الدارقطنى عقب رواية مالك: " تابعه يحيى بن سعيد الأنصارى وابن جريج وعبد الله بن أبى بكر , وأبو أويس , وفليح بن سليمان , وعمر بن عثمان المخزومى ويزيد بن عياض , وشبل والليث ابن سعد من رواية أشهب بن عبد العزيز عنه , وابن عيينة من
(4/89)

رواية نعيم بن حماد عنه , وإبراهيم بن سعد من رواية عمار بن مطر عنه , وعبيد الله بن أبى زياد إلا أنه أرسله عن الزهرى , كل هؤلاء رووه عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة ; أن رجلا أفطر فى رمضان.
وخالفهم أكثر منهم عددا , فرووه عن الزهرى بهذا الإسناد أن إفطار ذلك الرجل كان بجماع , وأن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يكفر بعتق رقبة , فإن لم يجد فصيام شهرين , فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
منهم عراك بن مالك , وعبيد الله بن عمر , وإسماعيل بن أمية , ومحمد بن أبى عتيق , وموسى بن عقبة , ومعمر , وشعيب بن أبى حمزة , ومنصور بن المعتمر , وسفيان بن عيينة , وإبراهيم بن سعد , والليث بن سعد , وعبد الله بن عيسى , ومحمد بن إسحاق , والنعمان بن راشد , وحجاج بن أرطاة , وصالح بن أبى الأخضر , ومحمد بن أبى حفصة , وعبد الجبار بن عمر , وإسحاق بن يحيى العوصى , وهبار بن عقيل , وثابت بن ثوبان , وقرة بن عبد الرحمن , وزمعة بن صالح , وبحر السقا , والوليد بن محمد , وشعيب بن خالد , ونوح بن أبى مريم , وغيرهم.
قلت: فهؤلاء أكثر من ثلاثين شخصا اتفقوا على أن الرواية على الترتيب , وأن الإفطار كان بالجماع , فروايتهم أرجح لأنهم أكثر عددا , ولأن معهم زيادة علم , ومن علم حجة على من لم يعلم. وثمة مرجحات أخرى فانظر " الفتح " (4/145).
قلت: ويمكن أن نضم إلى ثلاثين شخصا رجلا آخر , وهو هشام بن سعد.
فقد رواه أيضا عن الزهرى مثل رواية الجماهير عنه إلا أنه خالف فى إسناده فقال: " عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة به ". وزاد فى آخره: " وصم يوما واستغفر الله ".
(4/90)

أخرجه أبو داود (2393) وابن خزيمة (1954) والدارقطنى (243 و252) والبيهقى (4/226 ـ 227).
قلت: وهشام بن سعد مختلف فيه , والذى استقر عليه رأى المحققين أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , ومع المخالفة فلا يحتج به , كما فعل هنا , فإنه خالف فى السند كما عرفت , وفى المنن [1] فزاد فيه هذه الزيادة , لكنه لم يتفرد بها عن الزهرى , فقد تابعه إبراهيم بن سعد كما رواه أبو عوانة فى صحيحه على ما فى " التلخيص " (ص 196) , قلت: وقد
أخرجه البيهقى (4/326) من طريق إبراهيم بن سعد قال: وأخبرنى الليث بن سعد عن الزهرى عن حميد عن أبى هريرة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: اقض يوما مكانه ".
وقال البيهقى: " وإبراهيم سمع الحديث عن الزهرى , ولم يذكر عنه هذه اللفظة , فذكرها عن الليث بن سعد عن الزهرى ".
كأنه يشير إلى حفظ إبراهيم بن سعد وضبطه , فإنه حين روى الحديث عن الزهرى مباشرة , لم يذكر هذه الزيادة , لأنه لم يسمعها منه , ولما رواه عن الليث عنه , ذكرها لأنه سمعها من الليث , وهذا حفظها من الزهرى.
ثم قال البيهقى: " ورواها أيضا أبو أويس المدنى عن الزهرى ".
ثم أخرج هو والدارقطنى (251) من طريق إسماعيل بن أبى أويس حدثنى أبى أن محمد ابن مسلم بن شهاب أخبره عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدثه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الذى أفطر فى رمضان أن يصوم يوما مكانه " ثم قال البيهقى: " ورواه أيضا عبد الجبار بن عمر الأيلى عن الزهرى , وليس بالقوى "
ثم ساقه بسنده عن عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب به.
وقال الحافظ
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: المتن }
(4/91)

فى " التلخيص " - بعد أن عزا رواية عبد الجبار هذه ورواية أبى أويس للدارقطنى , ولم أرَهذه عند الدارقطنى -: " وقد اختلف فى توثيقهما وتجريحهما ".
ويبدو أن عبد الجبار اضطرب فى إسناده , فرواه مرة كما سبق , ومرة أخرى قال: " حدثنى يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن أبى هريرة به ".
أخرجه ابن ماجه (1671). وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 106/2). " وعبد الجبار وإن وثقه ابن سعد , فقد ضعفه يحيى بن معين والبخارى وأبو داود والترمذى والنسائى والدارقطنى وغيرهم ".
قلت: ولحديث سعيد بن المسيب أصل ولكن مرسل , فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/183/2): حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن المطلب بن أبى وداعة عن سعيد بن المسيب قال: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنى أفطرت يوما من رمضان , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: تصدق , واستغفر الله وصم يوما مكانه " (1).
قلت: وهذا مرسل جيد الإسناد , رجاله كلهم ثقات معروفون غير المطلب ابن أبى وداعة , نسب إلى جده , فإنه المطلب بن عبد الله بن أبى وداعة ابن أبى صبيرة... أورده ابن أبى حاتم (4/1/359) برواية جماعة من الثقات عنه , ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلا , وذكره ابن حبان فى " الثقات " من التابعين (1/231) وقال: " يروى عن حفصة وأبيه , وله صحبة. روى عنه ابنه إبراهيم بن المطلب , وهو ختن سعيد بن المسيب على ابنته , زوجه إياها على مهر درعين ".
وقد تابعه عطاء بن عبد الله الخراسانى عن سعيد بن المسيب به.
__________
(1) رواه سعيد بن منصور حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان به , كما فى " التلخيص ". اهـ.
(4/92)

أخرجه مالك (1/297/29) وعبد الرزاق (7459).
وعطاء هذا ثقة فيه ضعف , ولكنه مدلس إلا أنه صرح بالتحديث عند عبد الرزاق.
وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بمثل حديث الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة المتقدم , وزاد: " وأمره أن يصوم يوما مكانه ".
أخرجه ابن خزيمة (1955) وأحمد (2/208) والبيهقى (4/226) عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو به.
قلت: والحجاج مدلس وقد عنعنه.
ولهذه الزيادة طرق أخرى مرسلة , أوردها الحافظ فى " التلخيص " وفى " الفتح " (4/150) وقال فيه: " وبمجموع هذه الطرق تعرف أن لهذه الزيادة أصلا ".
وهو كما قال رحمه الله تعالى , فإنه من المستبعد جدا , أن تكون باطلة , وقد جاءت بهذه الطرق الكثيرة , لا سيما وفيها طريق سعيد المرسلة وهى وحدها جيدة.
وبذلك رددنا على ابن تيمية رحمه الله قوله بضعفها فى رسالة فى " الصيام " فيما علقناه عليها , وقد طبعت فى " المكتب الإسلامى ".

(940) - (وقال صلى الله عليه وسلم للمجامع: " صم يوما مكانه ". رواه أبو داود (ص 227).
* صحيح. بمجموع طرقه وشواهده
وقد ذكرناها فى الذى قبله.

(941) - (" لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر امرأة المواقع بكفارة " وجعلوا كفارته على التخيير.
* ليس بحديث
والمصنف استنبط ذلك استنباطا من حديث أبى هريرة المتقدم.

(942) - (حديث: " عفى لأمتى عن الخطأ والنيسان " رواه النسائى.
(4/93)

* صحيح.
وتقدم تخريجه فى أول " باب الوضوء " (رقم 82).

فصل

(943) - (عن ابن عمر مرفوعا [ فى ] قضاء رمضان: " إن شاء فرق وإن شاء تابع ". رواه الدارقطنى (ص 228).
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (ص 244) من طريق سفيان بن بشر , حدثنا على بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى قضاء ... الحديث وقال: " لم يسنده غير سفيان بن بشر ".
قلت: ولم أجد له ترجمة , والبيهقى أشار إلى هذا الحديث بقوله (4/59): " وقد روى من وجه ضعيف عن ابن عمر مرفوعا , وقد روى فى مقابلته عن أبى هريرة فى النهى عن القطع مرفوعا , وكيف يكون ذلك صحيحا , ومذهب أبى هريرة جواز التفريق , ومذهب ابن عمر المتابعة ؟ ! وقد روى من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا فى جواز التفريق , ولا يصح شىء من ذلك ".
وقال ابن الملقن فى " الخلاصة " (101/2) عقب قول الدارقطنى المتقدم: " قلت: وهو غير معروف الحال , قاله ابن القطان , لا جرم قال البيهقى: " حديث لا يصح ". وخالف ابن الجوزى فصححه ".
وفى " المغنى إلى سنن الدارقطنى ".
" وقد صحح الحديث ابن الجوزى , وقال: ما علمنا أحدا طعن فى سفيان بن بشر ".
قلت: ولا علمت أحدا وثقه , وهذا هو صفة المجهول , فكيف يصحح
(4/94)

حديثه , لا سيما والثابت عن ابن عمر المتابعة كما تقدم عن البيهقى , وقد أخرجه عنه ابن أبى شيبة (2/156/2): حدثنا ابن علية عن معمر عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس فى قضاء رمضان: صمه كيف شئت , وقال ابن عمر: صمه كما أفطرته.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , ومن طريق ابن أبى شيبة رواه الدارقطنى (244) , ورواه عبد الرازق عن معمر به دون قول ابن عمر.
ولفظه: " يقضيه مفرقا , قال الله تعالى: (فعدة من إيام أخر) ".
وسكت عليه الحافظ فى " الفتح " (4/165).
ثم روى ابن أبى شيبة من طريق نافع عن ابن عمر فى قضاء رمضان يتابع بينه.
وسنده صحيح أيضا.
وعن عطاء عن ابن عباس وأبى هريرة قالا: " لا بأس بقضاء رمضان متفرقا ".
وإسناده صحيح لولا عنعنة ابن جريج. ورواه الدارقطنى أيضا.
وفى رواية له من طريق عقبة بن الحارث عن أبى هريرة قال: " يواتره إن شاء ".
وإسناده صحيح , ورواه الدارقطنى أيضاً .
وقد روى عن أبى هريرة مرفوعا خلافه , يرويه عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عنه بلفظ: " من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه " أخرجه السراج فى " حديثه ـ رواية المخلدى عنه " (ق 99/2) والدارقطنى (243) والبيهقى (4/259) وقال الدارقطنى:
(4/95)

" عبد الرحمن بن إبراهيم ضعيف ". وقال البيهقى: " ضعفه ابن معين والنسائى والدارقطنى ".
قلت: الرواية عن ابن معين مختلفة , ففى " الميزان ": " روى عباس عن يحيى: ليس بشىء " , وفى " اللسان " عن ابن أبى حاتم أنه روى عن ابن معين أنه قال: " هو ثقة ".
وذكره الساجى والعقيلى وابن الجارود فى " الضعفاء ".
وقال أبو حاتم: " ليس بالقوى , روى حديثا منكرا عن العلاء ".
قلت: لعله هذا فإنه بهذا الإسناد , أو حديث: " اطلبوا الخير عند حسان الوجوه " فإنه بهذا السند أيضا , أورده الذهبى فى ترجمته , كما أورد الأول , وصرح فيه بأنه من مناكيره.
لكن قال فيه أحمد: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: لا بأس به , أحاديثه مستقيمة وبالجملة: فهو مختلف فيه , والجمهور على تضعيفه وممن ضعفه غير من سبق أبو حاتم والنسائى فقالا: " ليس بالقوى ". وهو الذى اعتمده الذهبى فقال فى " الضعفاء ": " عبد الرحمن بن إبراهيم المدنى , قال النسائى: ليس بالقوى ".
وأورد قبله " عبد الرحمن بن إبراهيم القاص عن ابن المنكدر وقال: " ضعفه الدارقطنى ".
ففرق بينهما , ولا وجه له فيما نرى , فقد أورده فى " الميزان " كما أورده قبله. وقال عقب قوله: " ضعفه الدارقطنى ": " وهو بصرى , ويقال له: الكرمانى , وقيل: مدنى ".
وحديث أبى هريرة هذا أورده عبد الحق فى " الأحكام الكبرى " (93/1) من تخريج الدارقطنى , ثم قال: " رواه عبد الرحمن بن إبراهيم القاص , وقد أنكره عليه أبو حاتم ,
(4/96)

و وثق , وضعف ".
قال الحافظ فى " التلخيص " (195): " وتعقبه ابن القطان بأنه لم ينص عليه , فلعله حديث غيره , قال: ولم يأت من ضعفه بحجة , والحديث حسن. قلت: قد صرح ابن أبى حاتم عن أبيه أنه أنكر هذا الحديث بعينه على عبد الرحمن ".
قلت: ولم أر هذا التصريح لا فى " الجرح " ولا فى " العلل " , فالله أعلم.
وقال ابن الملقن فى " الخلاصة " (101/2) بعد أن ذكر قول البيهقى المتقدم: " حديث لا يصح " وتضعيفه لعبد الرحمن: " وخالف ابن القطان فحسنه , وذكره ابن السكن فى سننه الصحاح ".
وخلاصة القول أنه لا يصح فى التفريق ولا فى المتابعة حديث مرفوع , والأقرب جواز الأمرين كما قال أبى هريرة رضى الله عنه.
(تنبيه): تصحيح ابن الجوزى لحديث أبى هريرة المرفوع لم أقف عليه فى " التحقيق " فى النسخة المحفوظة فى المكتبة الظاهرية تحت رقم (301 ـ حديث). والله أعلم.

(944) - (لقول عائشة: " لقد كان يكون على الصيام من رمضان فما أقضيه حتى يجىء شعبان " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/166 ـ فتح) ومسلم (3/154 ـ 115) وكذا مالك (1/308/54) وأبو داود (2399) وابن ماجه (1669)
(4/97)

و ابن خزيمة (2046 ـ 2048) والبيهقى (4/252) من طرق عن يحيى بن سعيد عن أبى سلمة قال: سمعت عائشة تقول
: فذكره. وزاد مسلم: " الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو برسول الله صلى الله عليه وسلم "
وفى رواية له: " وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وهى عند البخارى من قول يحيى بن سعيد , فهى مدرجة ويؤيده رواية أخرى لمسلم بلفظ: " فظننت أن ذلك لمكانها من النبى صلى الله عليه وسلم , يحيى يقوله ".
ثم أخرجه مسلم وابن الجارود (400) من طريق محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة به دون الزيادة بلفظ: " إن كانت إحدانا لتفطر فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم , فما نقدر على أن نقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتى شعبان".
وله طريق أخرى عنها بلفظ: " ما كنت أقضى ما يكون على من رمضان إلا فى شعبان , حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه الترمذى (1/150) وابن خزيمة (2049 ـ 1051) والطيالسى (رقم 1509) وأحمد (6/124 , 131 , 179) عن إسماعيل السدى عن عبد الله البهى عنها "
وقال الترمذى: " هذا حديث حسن صحيح ".

(945) - (حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما " متفق عليه (ص 228).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/286 ـ طبع أوربا) ومسلم (3/165) وكذا أبو داود (2448) والنسائى (1/321) والدارمى
(4/98)

(2/20) وابن ماجه (1712) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/100) وفى " شرح المعانى " (1/342) والبيهقى (4/295 ـ 296) وأحمد (2/160) عن عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو به.
وله فى مسلم والنسائى (1/226) و" المسند " (2/164 , 190 , 200 , 205 , 216) طرق أخر عن ابن عمرو , وفى بعضها: " أفضل الصيام " وفى أخرى: " أعدل الصيام ".

(946) - (قول أبى هريرة: " أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر , وركعتى الضحى , وأن أوتر قبل أن أنام " متفق عليه (ص 228).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/197 ـ فتح) ومسلم (2/158 , 159) وكذا الدارمى (2/19) والبيهقى (4/293) وأحمد (2/459) من طرق عن أبى عثمان النهدى عن أبى هريرة به.
ورواه أحمد (2/263 , 384 , 513) من طريق ثابت عن أبى عثمان أن أبا هريرة كان فى سفر , فلما نزلوا , أرسلوا إليه وهو يصلى , فقال: إنى صائم , فلما وضعوا الطعام , وكاد أن يفرغوا , جاء , فقالوا: هلم فكل , فأكل , فنظر القوم إلى الرسول , فقال: ما تنظرون ؟ ! فقال: والله لقد قال: إنى صائم , فقال أبو هريرة: صدق , وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صوم شهر الصبر , وثلاثة أيام من كل شهر , صوم الدهر كله " فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر , فأنا مفطر فى تخفيف الله , صائم فى تضعيف الله ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وروى النسائى (1/327) المرفوع منه.
ثم روى أحمد (2/353) من طريق أخرى عن أبى عثمان النهدى قال: " تضيفت أبا هريرة سبعا , فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل
(4/99)

أثلاثا: يصلى هذا , ثم يوقظ هذا , ويصلى هذا ثم يرقد , ويوقظ هذا , قال: قلت: يا أبا هريرة كيف تصوم ؟ قال: أما أنا فأصوم من أول الشهر ثلاثا , فإن حدث لى حادث كان آخر شهرى ".
قلت: وسنده صحيح أيضا.
وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أبى هريرة.
2 ـ عن أبى سعيد من أزد شنوءة عنه به.
أخرجه أبو داود (1432)
3 ـ عن الأسود بن هلال عنه.
أخرجه النسائى (1/327) وأحمد (2/331).
4 ـ عن أبى الربيع عنه.
أخرجه الترمذى (1/146) وأحمد (2/277).
5 ـ عن موسى بن طلحة عن أبى هريرة قال: " جاء أعرابى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها , فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا , وأمسك الأعرابى , فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: ما يمنعك أن تأكل ؟ قال : إنى أصوم ثلاثة أيام من الشهر , قال: إن كنت صائما فصم الغد ".
أخرجه النسائى (1/328 ـ 329) وابن حبان (945) وأحمد (2/336 , 346) من طريق عبد الملك بن عمير عن موسى به.
قلت: وعبد الملك بن عمير ثقة فقيه , لكنه تغير حفظه , وربما دلس كما قال الحافظ فى " التقريب " وقد خولف فى إسناده , كما بينه النسائى ثم قال : " الصواب عن أبى ذر ".
قلت: وهو رواية لابن حبان من طريق أخرى عن موسى بن طلحة , ومما
(4/100)

يرجح أن الحديث ليس عن أبى هريرة ما تقدم فى بعض الروايات من الطريق الأولى عن أبى هريرة أنه كان يصوم الثلاثة أيام فى أول الشهر , فلو كان الحديث: " فصم الغد " وهى الأيام البيض لم يخالف ذلك إن شاء الله تعالى.
6 ـ عن سليمان بن أبى سليمان أنه سمع أبا هريرة يقول: " أوصانى خليلى بثلاث , ولست بتاركهن فى سفر ولا حضر... " الحديث وزاد فى ركعتى الضحى: " فإنها صلاة الأوابين ".
أخرجه أحمد (2/505) عن العوام وسنده صحيح على شرط الشيخين , وبه أخرجه الدارمى (2/18 ـ 19) لكن بدون الزيادة , وقد وقعت عند أحمد أيضا (2/265) من طريق أخرى عن العوام وهو ابن حوشب: حدثنى من سمع أبا هريرة يقول.
وبقيت طرق أخرى , وفيما ذكرنا كفاية , فمن شاء المزيد فليراجعها فى " المسند " (2/229 , 233 , 254 , 260 , 329 , 472 , 473 , 489) عن الحسن البصرى عنه و(2/258 , 311 , 402 , 484 , 497 , 526) من الطرق الأخر عنه.
(تنبيه): وقع فى طريق الحسن البصرى " غسل الجمعة " بدل " صلاة الضحى " وكذلك وقع فى طريق الأسود بن هلال المتقدمة إلا فى رواية للنسائى , وكذا وقع فى بعض الطرق المشار إليها فى المسند , وكل ذلك شاذ والصواب رواية الجماعة " وركعتى الضحى " ويؤيده قول قتادة أحد رواته عن الحسن: " ثم أوهم الحسن فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة ". رواه أحمد (2/271 , 489).

(947) - (وعن أبى ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة " حسنه الترمذى (ص 228).

تــــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 64
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــــتاب الصيام Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــــتاب الصيام   كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 7:55 pm

(4/101)

* حسن.
أخرجه الترمذى (1/146) وكذا النسائى (1/329) وابن حبان (رقم 943 , 944) والبيهقى (4/294) والطيالسى (رقم 475) وأحمد (5/162 , 177) من طريق يحيى بن سام عن موسى بن طلحة قال: سمعت أبا ذر يقول: فذكره. وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: وهو كما قال إن شاء الله تعالى , ويحيى بن سام لا بأس به , وقد توبع عليه وخولف فى سنده , فقيل: عن أبى هريرة , وقيل غير ذلك , ورجح النسائى قول يحيى: عن أبى ذر كما تقدم فى الحديث الذى قبله.
وللحديث طريق أخرى بلفظ: " من صام من كل شهر ثلاثة أيام , فذلك صيام الدهر , فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك فى كتابه (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) اليوم بعشرة أيام ".
أخرجه الترمذى وابن ماجه (1708) من طريق أبى عثمان النهدى عن أبى ذر مرفوعا به , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده على شرط الشيخين.
(تنبيه): عزا الحديث باللفظ الأول الحافظ المنذرى فى " الترغيب " (2/84) لابن ماجه أيضا , وذكر أنه زاد: " فأنزل الله تصديق ذلك... "
وهذا ليس بجيد , فإن ابن ماجه لم يروه إلا باللفظ الثانى , وهو الذى فيه هذه الزيادة , ثم إنه ليس من أفراد ابن ماجه فقد رواه الترمذى أيضا ! !.

(948) - (لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصومهما (الإثنين والخميس) فسئل عن ذلك فقال: " إن الأعمال تعرض يوم الإثنين والخميس " رواه أبو داود (ص 229).
(4/102)

* صحيح.
أخرجه أبو داود (2436) وكذا الدارمى (2/19 ـ 20) وابن أبى شيبة (2/160/1 ) والطيالسى (632) وعنه البيهقى (4/293) وأحمد (5/200 , 204 ـ 205 , 208 ـ 209) من طريق مولى قدامة بن مظعون عن مولى أسامة بن زيد عن أسامة بن زيد به.
قلت: وهذا سند ضعيف لجهالة مولى قدامة ومولى أسامة , وبهما أعله المنذرى فى " الترغيب " (1/85).
قلت: لكن له طريق أخرى فقال الإمام أحمد (5/201): حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا ثابت بن قيس أبو غصن: حدثنى أبو سعيد المقبرى حدثنى أسامة بن زيد قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام , يسرد حتى يقال: لا يفطر , ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم , إلا فى يومين من الجمعة إن كانا فى صيامه وإلا صامهما , ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان , فقلت: يا رسول الله , إنك تصوم لا تكاد أن تفطر , وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا فى صيامك وإلا صمتهما , قال: أى يومين ؟ قال: قلت : يوم الإثنين ويوم الخميس , قال: ذانك يومان تعرض فيها الأعمال على رب العالمين , وأحب أن يعرض عملى وأنا صائم , قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان , قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان , وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين , فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم ".
ورواه النسائى (1/322) عن عبد الرحمن به.
قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير ثابت بن قيس قال النسائى: " ليس به بأس " وقال أحمد ثقة. وقال أبو داود: ليس حديثه بذاك.
وقال المنذرى فى " مختصر السنن " (3/320): " وهو حديث حسن ".
وله طريق ثالثة: عن شرحبيل بن سعد عن أسامة قال:
(4/103)

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الإثنين والخميس , ويقول: إن هذين اليومين تعرض فيهما الأعمال ".
أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " (رقم 2119) , وشرحبيل بن سعد هو أبو سعد الخطمى المدنى وفيه ضعف , لكن الحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث لا شك فى صحته.
لا سيما وله شاهد من حديث أبى هريرة وهو الآتى بعده.

(949) - (وفى لفظ: " وأحب أن يعرض عملى وأنا صائم " (ص 229).
* صحيح.
أخرجه الترمذى (1/144): حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو عاصم عن محمد بن رفاعة عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا: " تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس , فأحب... ".
وأخرجه الإمام أحمد بهذا الإسناد منه , فقال (2/329): حدثنا أبو عاصم به , ولفظه: " كان أكثر ما يصوم الإثنين والخميس , قال: فقيل له ؟ فقال: إن الأعمال تعرض كل إثنين وخميس , أو كل يوم إثنين وخميس , فيغفر الله لكل مسلم أو لكل مؤمن إلا المتهاجرين فيقول: أخرهما ".
وكذلك رواه الدارمى (2/20) بهذا الإسناد والمتن , دون قوله: " فيغفر الله... " ورواه ابن ماجه (1740) بتمامه بلفظ " كان يوم الإثنين والخميس " دون عرض الأعمال.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
وقال المنذرى بعد عزوه لابن ماجه: " رجاله ثقات ". وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 110/2): " هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات " !
قلت: ومحمد بن رفاعة فى عداد المجهولين عندى , فإنه لم يوثقه غير ابن
(4/104)

حبان , ولم يرو عنه غير أبى عاصم الضحاك بن مخلد , فمثله لا تساعد القواعد العلمية على تحسين حديثه بله تصحيحه , وتوثيق ابن حبان لا يعتد به لتساهله فيه كما نبهنا عليه مراراً , زد على ذلك أنه قد خولف ابن رفاعة فى متن الحديث فقال مالك فى " الموطأ " (2/908/17): عن سهيل بن أبى صالح به بلفظ: " تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس , فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً , إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء , فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا ,انظروا هذين حتى يصطلحا ".
وأخرجه مسلم (8/11) من طريق مالك وجرير وعبد العزيز الدراوردى عن سهيل به.
وتابعهم معمر عن سهيل , أخرجه أحمد (2/268).
وتابع سهيلا مسلم بن أبى مريم عند مسلم ومالك.
وتابع أبا صالح أبو أيوب مولى عثمان عن أبى هريرة مرفوعا مختصرا بلفظ: " إن أعمال بنى آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم ".
أخرجه أحمد (2/484) والبخارى فى " الأدب المفرد " (61) وإسناده ضعيف.
ورواه الطبرانى (1/22/2) من حديث أسامة بن زيد نحوه. وفيه موسى بن عبيدة ضعيف.
وجملة القول أن إسناد الحديث ضعيف , وإنما يتقوى بحديث أسامة بن زيد الذى قبله , والله أعلم.
وعن ربيعة بن الغاز أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت: " كان يتحرى صيام الإثنين والخميس ".
(4/105)

أخرجه النسائى (1/306) والترمذى (1/143) وحسنه وابن ماجه (1739) وأحمد (6/80 , 89 , 106) وإسناده صحيح , وفيه اختلاف بينه النسائى , ولكن لا يضره إن شاء الله تعالى.

(950) - (حديث أبى أيوب مرفوعا: " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر " رواه مسلم وأبو داود (ص 229).
* صحيح.
رواه مسلم (3/169) وأبو داود (2433) وكذا الترمذى (1/146) والدارمى (2/21) وابن ماجه (1716) وابن أبى شيبة (2/180/2) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (3/117 ـ 119) والبيهقى (4/292) والطيالسى (رقم 594) وأحمد (5/417 و419) من طرق كثيرة عن سعد بن سعيد أخى يحيى بن سعيد عن عمر بن ثابت الأنصارى عن أبى أيوب به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: سعد بن سعيد صدوق سىء الحفظ كما فى " التقريب " , وقد أخذ هذا من قول الترمذى عقب الحديث: " قد تكلم بعض أهل الحديث فى سعد بن سعيد من قبل حفظه ".
ولذلك قال الطحاوى: " هذا الحديث لم يكن بالقوى فى قلوبنا من سعد بن سعيد , ورغبة أهل الحديث عنه , حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة فى الرواية والتثبت , ووجدناه قد حدث به عن عمرو بن ثابت: صفوان بن سليم وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصارى وعبد ربه بن سعيد الأنصارى ".
قلت: ثم ساق أسانيده إليهم بذلك , فصح الحديث والحمد لله , وزالت شبهة سوء حفظه سعد بن سعيد.
وحديث صفوان بن سليم , أخرجه أبو داود أيضا والدارمى مقرونا برواية سعد بن سعيد.
(4/106)

و يزداد الحديث قوة بشواهده , وهى كثيرة فمنها:
عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا به نحوه وزاد: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
أخرجه ابن ماجه (1715) والدارمى والطحاوى (3/119 , 120) وابن حبان (928) والبيهقى (4/293) وأحمد (5/280) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (2/362) من طرق عن يحيى بن الحارث الذمارى عن أبى أسماء الرحبى عنه.
ولفظ الطحاوى: " جعل الله الحسنة بعشرة , فشهر بعشرة أشهر , وستة أيام بعد الفطر تمام السنة ".
وهكذا أخرجه ابن خزيمة فى " صحيحه " كما فى " الترغيب " (2/75) وإسنادهم جميعا صحيح.
وراجع بقية الشواهد فى " الترغيب " و" مجمع الزوائد " إن شئت.

(951) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ". رواه مسلم (ص 229).
* صحيح.
رواه مسلم (3/169) وكذا أبو داود (2429) والترمذى (1/143) والدارمى (2/21) وابن ماجه (1742) والطحاوى فى " المشكل " (2/100) وابن خزيمة (2076) والبيهقى (4/291) وأحمد (2/303 و329 و342 و344 و535) من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميرى عنه. وقال الترمذى: " حديث حسن ".
قلت: ولا أدرى لمَلم يصححه فإن إسناده صحيح غاية.
وللحديث شاهد من رواية جندب بن سفيان البجلى رضى الله عنه
(4/107)

أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (1/85/1) والبيهقى (4/291) من طرق عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عنه.
وقال المنذرى (2/78). " رواه النسائى والطبرانى بإسناد صحيح ".
قلت: فيه نظر لأن عبد الملك بن عمير يدلس وكان تغير كما سبق نقله عن الحافظ فى الحديث (946) , وإطلاق العزو للنسائى يشعر بأنه يعنى " الصغرى " وليس الحديث فيها ! ثم رأيت ابن أبى حاتم قد ذكر عن أبى زرعة أنه أعلّ الحديث بعبيد الله بن عمرو وأن جماعة خالفوه فرووه عن ابن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميرى عن أبى هريرة. وقال: " وهو الصحيح ".أنظر " العلل " (1/260).

(952) - (حديث أبى قتادة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى صيام عاشوراء: " إنى أحتسب على الله أن يكفر السنة التى بعده " رواه مسلم (ص 229).
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/167 و167 ـ 168) وكذا أبو داود (2425 و2426) والبيهقى (4/286 و293 و300) وأحمد (5/297 و308 و311) عن عبد الله بن معبد الزمانى عن أبى قتادة: " أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تصوم ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما رأى عمر رضى الله عنه غضبه , قال: رضينا بالله ربا , وبالإسلام دينا , وبمحمد نبيا , نعوذ بالله من غضب الله , وغضب رسوله , فجعل عمر رضى الله عنه يردد هذا الكلام , حتى سكن غضبه , فقال عمر: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله ؟ قال: لا صام ولا أفطر , أو قال: لم يصم ولم يفطر , قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما ؟ قال: ذاك صوم داود عليه السلام , قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال: وددت أنى طوقت ذلك , ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كل شهر , ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله , صيام يوم
(4/108)

عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله , والسنة التى بعده , وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله "
هذه رواية مسلم وأبى داود , وفى رواية لهما وهو رواية أحمد والبيهقى: " قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين ؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه , ويوم بعثت أو أنزل على فيه , قال وسئل عن صوم يوم عرفة , فقال: يكفر السنة الماضية والباقية , قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء , فقال: يكفر السنة الماضية ".
وأخرج النسائى (1/324) الرواية الأولى دون صوم عرفة وعاشوراء , والترمذى (1/144 , 145) مفرقا وكذا ابن ماجه (1730 و1738) والطحاوى (335 و338) صوم اليومين المذكورين فقط وقال الترمذى: " حديث حسن ".
كذا قال. وهو حديث صحيح رجاله كلهم ثقات لا مغمز فيهم , لا سيما وله طريق أخرى عن أبى قتادة.
أخرجه البيهقى (4/283) وأحمد (5/296 و304 و307) عن أبى حرملة حرملة بن إياس الشيبانى عنه بحديث عرفة وعاشوراء فقط.
وإسناده جيد فى المتابعات , وفى تسمية راويه عن أبى قتادة اختلاف ذكره الحافظ فى ترجمة حرملة هذا من " التهذيب " والصواب كما قال أبو بكر بن زياد النيسابورى أنه حرملة المذكور , ورواه ابن أبى شيبة (2/165/2) فأسقطه من الإسناد , أو هكذا وقعت الرواية له.
وللحديث شاهد أورده المنذرى فى " الترغيب " (2/76 و78) عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً بلفظ: " من صام يوم عرفة , غفر له سنة أمامه , وسنة خلفه , ومن صام عاشوراء غفر له سنة ".
وقال: " ورواه الطبرانى فى " الأوسط " بإسناد حسن "
(4/109)

كذا قال , وهو من أخطائه , فقد أورده الهيثمى أيضا (3/189) بهذا اللفظ , ثم قال: " رواه البزار , وفيه عمر بن صهبان , وهو متروك , والطبرانى فى " الأوسط " باختصار يوم عاشوراء , وإسناد الطبرانى حسن ".
قلت: فيتحرر من كلامه ثلاثة أمور:
الأول: أن اللفظ المذكور ليس للطبرانى , وإنما للبزار.
الثانى: أن إسناد البزار ضعيف جدا.
الثالث: أن إسناد الطبرانى حسن كما قال المنذرى.
وفى هذا الأمر الأخير نظر ظاهر , فقد وقفت على إسناد الطبرانى فى " زوائد المعجمين " (1/104/2) فرأيته من طريق سلمة بن الفضل حدثنا الحجاج بن أرطاة عن عطية عن أبى سعيد.
وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء , عطية وهو العوفى فمن دونه , فلا أدرى كيف اتفق المنذرى والهيثمى على تحسينه , ووجود واحد منهم فى إسناد ما يمنع من تحسينه , فكيف وفيه ثلاثتهم ؟ !
(تنبيه): وقع الحديث فى الكتاب بلفظ " السنة التى بعده ". وكذلك وقع فى " الترغيب " (2/78) , وكل ذلك وهم , والصواب " قبله " كما تقدم فى التخريج , وقد ذكره المؤلف بعد حديثين على الصواب بلفظ " ماضية ".

(953) - (حديث ابن عباس مرفوعا: " ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ". رواه البخارى (ص 229).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/246 طبع أوربا ـ عيدين) وأبو داود (2438) والترمذى (1/145) والدارمى (2/25) وابن ماجه (1727) والبيهقى (4/284) والطيالسى (رقم 2631) وأحمد (1/346) من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عنه به. واللفظ للترمذى وتمامه:
(4/110)

" فقالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد فى سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشىء ".
وقال: " حديث حسن صحيح ".
(تنبيه): عزا الحديث الحافظ عبد الحق الأشبيلى فى " الأحكام الكبرى " (ق 94/2) وفى الأحكام الصغرى) (ق 91/2) للترمذى فقط !.

(954) - (وعن حفصة قالت: " أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء والعشر , وثلاثة أيام من كل شهر , والركعتان قبل الغداة ". رواه أحمد والنسائى (ص 229).
* ضعيف.
أخرجه أحمد (6/287) والنسائى (1/328) من طريق أبى إسحاق الأشجعى ـ كوفى ـ عن عمرو بن قيس الملائى عن الحر بن الصباح عن هنيدة بن خالد الخزاعى عنها.
قلت: وهذا إسناد ضعيف. رجاله ثقات غير أبى إسحاق الأشجعى فهو مجهول , على أن الرواة اختلفوا على الحر بن الصباح اختلافا كبيرا فى إسناده ومتنه , زيادة ونقصا , ولذلك قال الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية ": " هو حديث ضعيف ". وقد تكلمت على الاختلاف المذكور وذكرت الراجح منه فى " صحيح أبى داود " (2106).

(955) - (حديث أبى قتادة مرفوعا: " صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة , وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية ". رواه الجماعة إلا البخارى والترمذى (ص 229).
* صحيح.
وقد مضى تخريجه قبل حديثين.
وقول المصنف "... إلا البخارى والترمذى ". قلد فيه ابن تيمية فى " المنتقى من أخبار المصطفى " والصواب استثناء البخارى وحده من الجماعة فإن الترمذى قد أخرجه كما
(4/111)

سبق ذكره هناك , وأما النسائى فلم يخرجه فى سننه الصغرى , كما نبهنا عليه فى المكان المشار إليه نعم عزاه إليه المنذرى فى " الترغيب " (2/76) فالظاهر أنه يعنى سننه الكبرى , والله أعلم.
(فائدة): أخرج ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/164/2) من طريق الهجرى عن أبى عياض عن أبى هريرة مرفوعا بلفظ: " صوم عاشوراء يوم كانت تصومه الأنبياء , فصوموه أنتم ".
قلت: وهذا منكر بهذا اللفظ , وعلته الهجرى واسمه إبراهيم بن مسلم , قال الحافظ: " لين الحديث ". والثابت فى " الصحيحين " وغيرهما أن " موسى وقومه صاموه ".

(956) - (حديث: " صوم يوم التروية كفارة سنة ". الحديث. رواه أبو الشيخ فى الثواب وابن النجار عن ابن عباس مرفوعا (ص 229).
* ضعيف.
على أحسن الأحوال فإنى لم أقف على سنده لنتمكن من دراسته وإعطائه ما يستحقه من النقد بدقة. والمصنف قد نقله عن السيوطى , وهذا أورده فى جامعيه " الصغير " و" الكبير " وقد نص فى مقدمة هذا أن كل ما عزاه من الأحاديث للعقيلى فى " الضعفاء " أو لابن عدى فى " الكامل " أو للخطيب , أو لابن عساكر فى تاريخه أو للحكيم الترمذى فى " نوادر الأصول " , أو للحاكم فى " تاريخه " , أو لابن النجار فى " تاريخه " أو الديلمى فى " مسند الفردوس " , قال: " فهو ضعيف " فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه ".
بل قال ابن الجوزى كما فى " تدريب الراوى ": " ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول , أو يخالف المنقول , أو يناقض الأصول , فاعلم أنه موضوع. قال: ومعنى مناقضته
(4/112)

للأصول , أن يكون خارجا عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة ".
فالحديث بهذ المعنى موضوع لكونه خارجا عن المسانيد والكتب المشهورة , ولذلك قلت فيه أنه ضعيف على أحسن الأحوال , والله أعلم.
ثم وقفت والحمد لله على إسناده عند الديلمى فى " مسند الفردوس " , (2/248) من رواية أبى الشيخ عن على بن على الحميرى عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس به.
قلت: وهذا موضوع , آفته الكلبى , واسمه محمد بن السائب , قال الحافظ: " متهم بالكذب ".
قلت: قد قال هو نفسه لسفيان الثورى: " كل ما حدثتك عن أبى صالح فهو كذب " !
وعلى بن على الحميرى ترجمه ابن أبى حاتم (3/1/197) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

(957) - (روى عن أحمد عن خرشة بن الحر قال: " رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها فى الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " (ص 230).
* صحيح.
وليس هو فى " المسند " للإمام أحمد , فهو فى بعض كتبه الأخرى التى لم تصل إلينا , وقد أخرجه ابن أبى شيبة فى "المصنف " (2/182/2): أبو معاوية عن الأعمش عن وبرة بن عبد الرحمن عن خرشة بن الحر به.
قلت: وهذا سند صحيح.
وأخرجه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/106/1): حدثنا محمد بن المرزبان الأدمى حدثنا الحسن بن جبلة الشيرازى أخبرنا سعيد بن الصلت عن الأعمش به ولفظه :
(4/113)

" ويقول: رجب , وما رجب ؟ ! إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية , فلما جاء الإسلام ترك ". والباقى مثله. وقال: " لم يروه عن الأعمش إلا سعيد تفرد به الحسن ".
كذا قال: وقد رواه عن الأعمش أبو معاوية أيضا كما سبق , وأما الحسن فقال الهيثمى فى " المجمع " (3/191): " لم أجد من ذكره , وبقية رجاله ثقات ".
قلت: وأما شيخه سعيد , فهكذا وقع فى النسخة وهى بخط الحافظ السخاوى " سعيد " بالمثناة التحتية بعد العين , والصواب " سعد " بإسقاط المثناة كذلك أورده ابن أبى حاتم (2/1/86) وابن حبان فى أتباع التابعين من كتابه " الثقات " (2/107) وقال: " من أهل فارس من شيراز , يروى عن الأعمش وإسماعيل بن أبى خالد... ربما أغرب ".
وبالجملة فالاعتماد فى تصحيح هذا الأثر إنما هو على سند ابن أبى شيبة , وأما هذا فلا بأس به فى المتابعات. وعزاه ابن عبد الهادى فى " تنقيح التحقيق " (2/162/1) لسعيد بن منصور من طريق أخرى عن وبرة مثل رواية ابن أبى شيبة..

(958) - (وبإسناده عن ابن عمر أنه: " كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه وقال: صوموا منه وأفطروا " (ص 230).
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شبة (2/182/2): وكيع عن عاصم بن محمد عن أبيه قال: فذكره دون قوله: " صوموا منه وأفطروا ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
ولم أقف الآن على سند أحمد لنعرف منه صحة هذه الزيادة " صوموا وأفطروا " وإن كان يغلب على الظن صحتها , وهى نص على أن نهى عمر رضى
(4/114)

الله عنه عن صوم رجب المفهوم من ضربه للمترجبين كما فى الأثر المتقدم ليس نهيا لذاته بل لكى لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان , وهذا ما صرح به بعض الصحابة , فقد أورد ابن قدامة فى " المغنى " (3/167) عقب أثر ابن عمر هذا من رواية أحمد عن أبى بكرة: " أنه دخل على أهله , وعندهم سلال جدد وكيزان , فقال: ما هذا ؟ فقالوا: رجب نصومه , فقال: أجعلتم رجب رمضان ؟ ! فأكفأ السلال وكسر الكيزان ".
ثم قال ابن قدامة عقبه: " قال أحمد: من كان يصوم السنة صامه , وإلا فلا يصومه متواليا , يفطر فيه , ولا يشبه برمضان ".
ويظهر أن رأى ابن عمر فى كراهة صوم رجب كله كان شائعا عنه فى زمانه وأن بعض الناس أساء فهما عنه فنسب إليه أنه يقول بتحريم هذا الصوم , فقد قال عبد الله مولى أسماء بنت أبى بكر: " أرسلتنى أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت: بلغنى أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم فى الثوب , وميثرة الأرجون , وصوم رجب كله ! فقال لى عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الأبد... ".
أخرجه مسلم (6/139) وأحمد (1/26).
وعليه يشكل قوله فى هذه الرواية: " فكيف بمن يصوم الأبد " , فقد فسروه بأنه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه , وأخبار منه أنه يصوم رجبا كله , وأنه يصوم الأبد. كما فى شرح مسلم للنووى , و" السراج الوهاج " لصديق حسن خان (2/285).
فلعل التوفيق بين صومه لرجب , وكراهته لذلك , أن تحمل الكراهة على إفراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به , فأما صيامه فى جملة ما يصوم
فليس
(4/115)

مكروها عنده. والله أعلم.
لكننا نرى أن صوم الدهر لا يشرع , ولو لم يكن فيها أيام العيد المنهى عن صيامها لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا صام ولا أفطر ".
رواه مسلم وغيره كما تقدم فى الحديث (952). وراجع لهذا " السراج الوهاج " (1/387 ـ 388).
ومن الغريب أن المؤلف رحمه الله لم يتعرض لصوم الدهر بذكر البتة , وإن كان صنيعه يشعر بجوازه عنده لأنه ذكر ما يكره وما يحرم من الصوم ولم يذكر فيه صوم الدهر. واختار ابن قدامة رحمه الله أنه مكروه فراجع كتابه " المغنى " (3/167).

(959) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوماً بعده ". متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/203 فتح البارى) ومسلم (3/154) وأبو داود (2420) والترمذى (1/143) وابن أبى شيبة (2/160/1) وعنه ابن ماجه (1773) وابن خزيمة (2158) والبيهقى (4/302) وأحمد (2/495) من طريق الأعمش عن أبى صالح عنه به مع اختلاف يسير وليس عند أحد منهم النون المشددة فى " لا يصوم " , اللهم إلا فى رواية الكشميهنى للبخارى.
وله طرق أخرى كثيرة عن أبى هريرة عند الطحاوى (1/339) وابن أبى شيبة (2/160/2) والطيالسى (2595) وأحمد (2/422 و458 و526) , وكلها فى المعنى واحد , إلا ما رواه معاوية بن صالح عن أبى بشر عن عامر بن لدين الأشعرى عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن يوم الجمعة يوم عيد , فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم , إلا أن تصوموا
قبله أو بعده ".
أخرجه الطحاوى وابن خزيمة (2161) والحاكم (1/437) وأحمد
(4/116)

(2/303 و532) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد , إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه , وليس ببيان بن بشر , ولا بجعفر بن أبى وحشية ".
وتعقبه الذهبى بقوله: " أبو بشر مجهول ".
قلت: ولم يورده فى " الميزان " , ولا الحافظ فى " اللسان " ولا فى " تعجيل المنفعة " وهو من شرطهم.
وأما عامر بن لدين فأورده ابن أبى حاتم (3/1/327) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وذكره ابن حبان فى " التابعين الثقات " (1/157) وقال: " عداده فى أهل الشام , روى عنه أهلها وأبو بشر ".
وهذا الحديث مما سكت عليه الحافظ فى " الفتح " (4/205) وهو منكر عندى.
ثم روى ابن أبى شيبة (2/160) عن قيس بن سكن قال: " مر ناس من أصحاب عبد الله على أبى ذر يوم جمعة وهم صيام , فقال أقسمت عليكم لتفطرن فإنه يوم عيد ".
قلت: وإسناده صحيح.
ثم روى عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد عن على بن أبى طالب رحمه الله قال: " من كان منكم متطوعا من الشهر أياما فليكن صومه يوم الخميس , ولا يصوم يوم الجمعة , فإنه يوم طعام وشراب وذكر , فيجمع الله يومين صالحين يوم صيامه ويوم نسكه مع المسلمين ".
وقال الحافظ:
(4/117)

" إسناده حسن ".
كذا قال , وعمران بن ظبيان قال الحافظ نفسه فى " التقريب ": " ضعيف ".

(960) - (حديث: " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم " حسنه الترمذى (ص 230).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2421) والترمذى (1/143) والدارمى (2/19) وابن ماجه (1726) والطحاوى (1/339) وابن خزيمة فى " صحيحه " (2164) والحاكم (1/435) والبيهقى (4/302) وأحمد (6/368) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 114/1) , عن سفيان بن حبيب والوليد بن مسلم وأبى عاصم , بعضهم عن هذا وبعضهم عن هذا وهذا , والضياء أيضا فى " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 34/1) عن يحيى بن نصر كلهم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمى عن أخته الصماء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وزاد: " وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة , أو عود شجرة فليمضغه"
وقال الترمذى: " حديث حسن , ومعنى كراهيته فى هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام , لأن اليهود تعظم يوم السبت ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى ".
قلت: وهو كما قال , وأقره الذهبى , ونقل ابن المللقن فى " الخلاصة " (ق 103/1) عن الحاكم أنه قال: " صحيح على شرط الشيخين " وهو سهو قطعا , فإن السند يأباه لأن ثورا ليس من رجال مسلم , وصححه ابن السكن أيضا كما فى " التلخيص " (2/216).
وقد أعل بالاختلاف فى سنده على ثور على وجوه:
(4/118)

الأول: ما تقدم.
الثانى: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر مرفوعاً ليس فيه " عن أخته الصماء ".
رواه عيسى بن يونس عنه وتابعه عتبة بن السكن عنه.
أخرجه ابن ماجه وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند " (ق 60/1) والضياء فى " المختارة " (106/2 و107/1) عن عيسى , وتمام فى " الفوائد " (109/1) عن عتبة.
الثالث: عنه عن خالد عن عبد الله بن بسر عن أمه , بدل " أخته ".
رواه أبو بكر عبد الله بن يزيد المقرى سمعت ثور بن يزيد به.
أخرجه تمام أيضا.
الرابع , وقيل عن عبد الله بن بسر عن الصماء عن عائشة.
ذكره الحافظ فى " التلخيص " (200) وقال: " قال النسائى: حديث مضطرب ".
وأقول: الاضطراب عند أهل العلم على نوعين:
أحدهما: الذى يأتى على وجوه مختلفة متساوية القوة , لا يمكن بسبب التساوى ترجيح وجه على وجه.
والآخر: وهو ما كانت وجوه الاضطراب فيه متباينة بحيث يمكن الترجيح بينها.
فالنوع الأول هو الذى يعل به الحديث.
وأما الآخر , فينظر للراجح من تلك الوجوه ثم يحكم عليه بما يستحقه من نقد.
وحديثنا من هذا النوع , فإن الوجه الأول اتفق عليه ثلاثة من الثقات , والثانى اتفق عليه اثنان أحدهما وهو عتبة بن السكن متروك الحديث كما قال الدارقطنى فلا قيمة لمتابعته. والوجه الثالث , تفرد به عبد الله بن يزيد المقرى وهو ثقة ولكن أشكل على أننى وجدته بخطى مكنياً بأبى بكر , وهو إنما يكنى
(4/119)

بأبى عبد الرحمن وهو من شيوخ أحمد.
والوجه الرابع لم أقف على إسناده.
ولا يشك باحث أن الوجه الأول الذى اتفق عليه الثقات الثلاثة هو الراجح من بين تلك الوجوه , وسائرها شاذة لا يلتفت إليها.
على أن الحافظ حاول التوفيق بين هذه الوجوه المختلفة فقال عقب قول النسائى " هذا حديث مضطرب ": " قلت: ويحتمل أن يكون عبد الله عن أبيه , وعن أخته , وعند أخته بواسطته وهذه طريقة من صححه , ورجح عبد الحق الرواية الأولى وتبع فى ذلك الدارقطنى ".
قلت: وما رجحه هذا الإمام هو الصواب إن شاء الله تعالى لما ذكرنا , إلا أن الحافظ تعقبه بقوله: " لكن هذا التلون فى الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن راويه , وينبىء بقلة ضبطه , إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك دالا على قلة ضبطه , وليس الأمر هنا كذا , بل اختلف فيه أيضا على الراوى عن عبد الله بن بسر أيضا ".
قلت: فى هذا الكلام ما يمكن مناقشته:
أولا: إن التلون الذى أشار إلى أنه يوهن راويه , هو الاضطراب الذى يعل به الحديث ويكون منبعه من الراوى نفسه , وحديثنا ليس كذلك.
ثانيا: إن الاختلاف فيه قد عرفت أن مداره على ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر الصحابى. وثور بن زيد [1] قال الحافظ نفسه فى " التقريب ": " ثقة ثبت " واحتج به البخارى كما سبق فهل هو الراوى الواهى أم خالد بن معدان وقد احتج به الشيخان , وقال فى " التقريب ": " ثقة عابد " ؟ ! أم الصحابى نفسه ؟ !
ولذلك فنحن نقطع أن التلون المذكور ليس من واحد من هؤلاء , وإنما ممن دونهم.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: يزيد }
(4/120)

ثالثا: إن الاختلاف الآخر الذى أشار إليه الحافظ لا قيمة له تذكر , لأنه من طريق الفضيل بن فضالة أن خالد بن معدان حدثه أن عبد الله بن بسر حدثه أنه سمع أباه بسرا يقول: فذكره. وقال: وقال عبد الله بن بسر: إن شككتم فسلوا أختى , قال: فمشى إليها خالد بن معدان , فسألها عما ذكر عبد الله , فحدثته ذلك.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/59/2).
قلت: لا قيمة تذكر لهذه المخالفة , لأن الفضيل بن فضالة , لا يقرن فى الثقة والضبط بثور بن يزيد , لأنه ليس بالمشهور , حتى أنه لم يوثقه أحد من المعروفين غير ابن حبان. وهو معروف بالتساهل فى التوثيق.
والحق يقال: لو صح حديثه هذا , لكان جامعاً لوجوه الاختلاف ومصححاً لجميعها , ولكنه لم يصح , فلابد من الترجيح وقد عرفت أن الوجه الأول هو الراجح.
وقد جاء ما يؤيده فروى الليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بسر عن أبيه عن عمته الصماء به.
أخرجه البيهقى. ولكنى لم أعرف ابن عبد الله بن بسر هذا (1) , وقد تبادر إلى ذهنى أن قول عبد الله بن بسر " عن عمته " يعنى عمته هو , وليس عمة أبيه.
وإن كان يحتمل العكس , فإن كان كما تبادر إلى فهو شاهد لا بأس به , وإن كان الآخر لم يضر لضعفه.
ثم وجدت لثور بن يزيد متابعا جيدا , فقال الإمام أحمد (6/368 ـ 369): حدثنا الحكم بن نافع قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن الوليد الزبيدى عن لقمان بن عامر عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء به.
قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات , فإن إسماعيل بن عياش ثقة فى روايته عن الشاميين وهذه منها.
__________
(1) ثم رأيته عند ابن خزيمة (2165) من هذا الوجه دون لفظة (ابن) , فلعله الصواب.
(4/121)

فهذا يؤيد الوجه الأول تأييدا قويا , ويبطل إعلال الحديث بالاضطراب إبطالا بيناً , لأنه لو سلمنا أنه اضطراب معل للحديث فهذا الطريق لا مدخل للاضطراب فيه والحمد لله على توفيقه , وحفظه لحديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء ما يؤيد الوجه الثانى من وجه الاضطراب , فقال يحيى بن حسان , سمعت عبد الله بن بسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره مختصرا دون الزيادة.
أخرجه أحمد (4/189) والضياء فى " المختارة " (141/1).
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات , ويحيى بن حسان هو البكرى الفلسطينى. وتابعه حسان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ترون يدى هذه ؟ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعته يقول: فذكره بتمامه.
أخرجه الدولابى فى " الكنى " (2/118) وابن حبان فى " صحيحه " (940) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (9/4/1) والضياء فى " المختارة " (106/1 ـ 2).
ورواه أحمد فى " المسند " (4/189) من هذا الوجه ولكن لم يقل: " سمعته " , وإنما قال: " ونهى عن صيام... ". وهو رواية للضياء , أخرجوه من طريق مبشر بن إسماعيل وعلى بن عياش وكلاهما عن حسان به.
وخالفهما أبو المغيرة أخبرنا حسان بن نوح قال: سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
أخرجه الرويانى فى " مسنده " (30/224/2): أخبرنا سلمة أخبرنا أبو المغيرة.
قلت: وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير حسان بن نوح وثقه العجلى وابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات وقال الحافظ فى " التقريب " : " ثقة ".
(4/122)

قلت: فإما أن يقال: إن حسانا له إسنادان فى هذا الحديث أحدهما عن عبد الله بن بسر , والآخر عن أبى أمامة , فكان يحدث تارة بهذا , وتارة بهذا , فسمعه منه مبشر بن إسماعيل وعلى بن عياش منه بالسند الأول , وسمعه أبو المغيرة ـ واسمه عبد القدوس بن الحجاج الخولانى ـ منه بالسند الآخر , وكل ثقة حافظ لما حدث به.
وإما أن يقال: خالف أبو المغيرة الثقتين , فروايته شاذة , وهذا أمر صعب لا يطمئن له القلب , لما فيه من تخطئه الثقة بدون حجة قوية.
فإن قيل: فقد تبين من رواية يحيى بن حسان وحسان بن نوح أن عبد الله بن بسر قد سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم , وهذا معناه تصحيح للوجه الثانى أيضا من وجوه الاضطراب المتقدمة , وقد رجحت الوجه الأول عليها فيما سبق , وحكمت عليها بالشذوذ , فكيف التوفيق بين هذا التصحيح وذاك الترجيح ؟
والجواب: إن حكمنا على بقية الوجوه بالشذوذ إنما كان باعتبار تلك الطرق المختلفة على ثور بن يزيد , فهو بهذا الاعتبار لا يزال قائما. ولكننا لما وجدنا الطريقين الآخرين عن عبد الله بن بسر يوافقان الطريق المرجوحة بذاك الاعتبار , وهما مما لا مدخل لهما فى ذلك الاختلاف , عرفنا منهما صحة الوجه الثانى من الطرق المختلفة.
بعبارة أخرى أقول: إن الاضطراب المذكور وترجيح أحد وجوهه إنما هو باعتبار طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ابن بسر , لا باعتبار الطريقين المشار إليهما بل ولا باعتبار طريق لقمان بن عامر عن خالد بن معدان , فإنها خالية من الاضطراب أيضا , وهى عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء , وهى من المرجحات للوجه الأول , وبعد ثبوت الطريقين المذكورين , يتبين أن الوجه الثانى ثابت أيضا عن ابن بسر عن النبى صلى الله عليه وسلم بإسقاط أخته من الوسط. والتوفيق بينهما حينئذ مما لابد منه وهو سهل إن شاء الله تعالى , وذلك بأن يقال: إن عبد الله بن بسر رضى الله عنه سمع الحديث أولا من أخته الصماء , ثم سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة , فرواه خالد بن معدان عنه على الوجه الأول , ورواه يحيى وحسان عنه على الوجه
(4/123)

الآخر , وكل حافظ ثقة ضابط لما روى.
ومما سبق يتبين لمن تتبع تحقيقنا هذا أن للحديث عن عبد الله بن بسر ثلاثة طرق صحيحة , لا يشك من وقف عليها على هذا التحرير الذى أوردنا أن الحديث ثابت صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فمن الإسراف فى حقه , والطعن بدون حق فى رواته ما رووا بالإسناد الصحيح عن الزهرى أنه سئل عنه ؟ فقال: " ذاك حديث حمصى " !
وعلق عليه الطحاوى بقوله: " فلم يعده الزهرى حديثاً يقال به , وضعفه " !
وأبعد منه عن الصواب , وأغرق فى الإسراف ما نقلوه عن الإمام مالك أنه قال: " هذا كذب " !
وعزاه الحافظ فى " التلخيص " (200) لقول أبى داود فى " السنن " عن مالك.
ولم أره فى " السنن " فلعله فى بعض النسخ (1) أو الروايات منه. وقال ابن الملقن فى " خلاصة البدر المنير " بعد أن ذكر قول مالك هذا (103/1): " قال النووى لا يقبل هذا منه , وقد صححه الأئمة ".
والذى فى " السنن " عقب الحديث: " قال أبو داود: وهذا حديث منسوخ ".
قلت: ولعل دليل النسخ عنده حديث كريب مولى ابن عباس: " أن ابن عباس وناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثونى إلى أم سلمة أسألها: أى الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لصيامها ؟ قالت: يوم السبت والأحد , فرجعت إليهم فأخبرتهم , فكأنهم أنكروا ذلك , فقاموا بأجمعهم إليها
__________
(2) هو فى النسخة التازية آخر الباب.
(4/124)

فقالوا: إنا بعثنا إليك هذا فى كذا , وذكر أنك قلت: كذا , فقالت: صدق , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيام السبت والأحد , وكان يقول إنهما عيدان للمشركين , وأنا أريد أن أخالفهم ".
أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: " إسناده صحيح ". ووافقه الذهبى.
قلت: وضعف هذا الإسناد عبد الحق الأشبيلى فى " الأحكام الوسطى " وهو الراجح عندى , لأن فيه من لا يعرف حاله كما بينته فى " الأحاديث الضعيفة " (بعد الألف) (1). ولو صح لم يصلح أن يعتبر ناسخا لحديث ابن بسر ولا أن يعارض به لما [1] ادعى الحاكم , لإمكان حمله على أنه صام مع السبت يوم الجمعة , وبذلك لا يكون قد خص السبت بصيام , لأن هذا هو المراد بحديث ابن بسر كما سبق عن الترمذى. ولذلك قال ابن عبد الهادى فى " تنقيح التحقيق " (2/60/1) عقب حديث ابن عباس: " وهذا لا يخالف أحاديث الانفراد بصوم يوم السبت , وقال شيخنا (يعنى ابن تيمية) ليس فى الحديث دليل على إفراد يوم السبت بالصوم , والله أعلم ".
قلت: وهذا أولى مما نقله المصنف عن ابن تيمية فقال: واختار الشيخ تقى الدين أنه لا يكره صوم يوم السبت مفردا , وأن الحديث شاذ أو منسوخ ".
ذلك لأن الحديث صحيح من طرق ثلاث كما سبق تحريره فأنى له الشذوذ.

(961) - (لقول عمار: " من صام اليوم الذى يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود والترمذى (ص 230).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2334) والترمذى (1/133) وكذا النسائى
__________
(1) وقد حسنته فى تعليقى على صحيح ابن خزيمة (2168) ولعله أقرب فيعاد النظر. اهـ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: كما }
(4/125)

(1/306 والدارمى (1/2) والطحاوى (1/356) وابن حبان (878) والدارقطنى (227) والحاكم (1/424) وعنه البيهقى (4/208) من طريق عمرو بن قيس الملائى عن أبى إسحاق عن صلة قال: " كنا عند عمار , فأتى بشاة مصلية , فقال: كلوا , فتنحى بعض القوم , قال: إنى صائم , فقال عمار... " فذكره واللفظ للنسائى وكذا الترمذى إلا أنه زاد فقال : " يشك فيه الناس ". وقال: " حديث حسن صحيح ".
وقال الدارقطنى: " هذا إسناد حسن صحيح , ورواته كلهم ثقات ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك كله نظر عندى , فإن عمرو بن قيس لم يحتج به البخارى , وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعى , وهو وإن كان ثقة فقد كان اختلط بآخره كما فى " التقريب " , وقد رماه غير واحد بالتدليس , وقد رواه معنعنا !
نعم له طريق أخرى عن عمار يتقوى بها , فلعله لذلك علقه البخارى فى صحيحه بصيغة الجزم. فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/170 ـ 171): عبد العزيز بن عبد الصمد العمى عن منصور عن ربعى (1) أن عمار بن ياسر وناسا معه أتوهم بسلونة (2) مشوية فى اليوم الذى يشك فيه أنه من رمضان أو ليس من رمضان , فاجتمعوا , واعتزلهم رجل , فقال له عمار: تعال فكل , قال: فإنى صائم , فقال له عمار: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر , فتعال فكل.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , واقتصر الحافظ فى " الفتح " على تحسينه ولعله ما ذكر بعد أنه رواه عبد الرزاق من وجه آخر عن
__________
(1) فى الأصل " عن ربعى عن منصور " على القلب , وصححته من " الفتح " (4/102).
(2) كذا فى الأصل.
(4/126)

منصور عن ربعى عن رجل عن عمار , وعبد العزيز العمى الذى رواه ابن أبى شيبة عنه ثقة حافظ احتج به الستة , فالذى خالفه , وأدخل بين ربعى وعمار رجلا لم يسمه لم يذكره الحافظ حتى ننظر فى مخالفته هل يعتد بها أم لا.
والحديث رواه ابن أبى شيبة (2/171/1) بسند صحيح عن عكرمة من قوله.
ومنهم من وصله بذكر ابن عباس فيه. فراجع " نصب الراية " إن شئت (2/442).

(962) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " نهى عن صوم يومين: يوم الفطر , ويوم الأضحى " متفق عليه (ص 230).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/496) ومسلم (3/152) وكذا مالك (1/300/36) والطحاوى (1/430) والبيهقى (4/297) وأحمد (2/511 و529) من طريقين عن أبى هريرة به.
وأخرجه الشيخان وأبو داود (2417) والترمذى (1/148) وابن أبى شيبة (2/183/1) والدارمى (2/20) وعنه ابن ماجه (1721) والطحاوى والبيهقى والطيالسى (2242) وأحمد (3/7 و34 و45 و51 ـ 52 و77) من طريق قزعة عن أبى سعيد الخدرى مرفوعا به. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وله طرق كثيرة أخرى عن أبى سعيد.
أخرجها أحمد (3/39 و53 و64 و66 و67 و71 و85 و96) وابن أبى شيبة.
ثم أخرجه الشيخان ومالك (1/178/5) وأبو داود (2416) والترمذى وابن ماجه (1722) وابن أبى شيبة والطحاوى (1/430) وابن الجارود (401) والبيهقى وأحمد (1/24 و34 و40) من طريق أبى عبيد مولى أزهر قال:
(4/127)

" شهدت العيد مع عمر بن الخطاب , فقال: هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم , واليوم الآخر تأكلون فيه من
نسككم ". وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أحمد (1/60 و61 و70) والطحاوى من طريق أخرى عن أبى عبيد عن على وعثمان رضى الله عنهما مرفوعا.
قلت: وإسناده جيد.
وفى الباب عن عائشة وابن عمر.
رواه ابن أبى شيبة وأحمد (2/59 ـ 60 و138 ـ 139) وكذا مسلم والطحاوى.

(963) - (حديث: " وأيام منى أيام أكل وشرب " رواه مسلم (ص 230).
* صحيح.
أخرجه مسلم (3/153) وكذا أحمد (3/460) والبيهقى (4/297) من طريق أبى الزبير عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه حدثه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه أوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى: أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن , وأيام منى... ".
وأبو الزبير مدلس , لكن للحديث شواهد كثيرة:
1 ـ عن نبيشة الهذلى مرفوعا: " أيام التشريق أيام أكل وشرب ".
أخرجه مسلم والبيهقى وأحمد (5/75) والطحاوى (1/428).
2 ـ عن بشر بن سحيم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادى أيام التشريق: أنه لا يدخل الجنة... الحديث مثل حديث كعب.
(4/128)

أخرجه النسائى (2/267) والدارمى (2/23 ـ 24) وابن ماجه (1720) والطحاوى (429) والطيالسى (1299) وأحمد (3/415 و4/335) والبيهقى.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
3 ـ عن أبى هريرة مرفوعا به مثل حديث كعب " أيام منى... ".
أخرجه ابن ماجه (1719).
قلت: وإسناده حسن. وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 109/1): " إسناده صحيح , رجاله ثقات ". ونقل عنه أبو الحسن السندى فى حاشيته على ابن ماجه أنه قال: " إسناده صحيح على شرط الشيخين " !
وهو خطأ قطعاً , ولا أدرى أهو من السندى أم من الأصل الذى نقل منه.
وله طريقان آخران عن أبى هريرة فى " شرح المعانى " (1/428) و" المسند " (2/229 و387 و513 و535) , وأحدهما عند ابن حبان (959) والدارقطنى (ص 241) والطبرانى (3911).
4 ـ عن أم مسعود بن الحكم الزرقى عن على مرفوعا بلفظ: " إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل وشرب وذكر ".
أخرجه الطحاوى (1/429) والحاكم (1/434 ـ 435) والبيهقى (4/298) وأحمد (1/92 و104) وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ! ووافقه الذهبى !
5 ـ عن عبد الله بن حذافة أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادى فى أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب.
(4/129)

أخرجه الطحاوى (1/428) وأحمد بسند صحيح (3/450 ـ 451) , وأخرجه هو (5/224) والطحاوى (1/429) من طريق أخرى عن مسعود بن الحكم الأنصارى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة أن يركب راحلته أيام منى فيصيح فى الناس: " لا يصومن أحد , فإنها أيام أكل وشرب ". قال: فلقد رأيته على راحلته ينادى بذلك ".
قلت: وإسناده صحيح أيضا.
6 ـ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص , فوجده يأكل , قال: فدعانى: قال: فقلت له: إنى صائم , فقال: هذه الأيام التى نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن , وأمرنا بفطرهن ".
أخرجه مالك (1/376/137) وعنه أبو داود (2418) وأحمد (4/197) , والدارمى (2/24) والحاكم (1/435).
قلت: وإسناده صحيح وكذلك قال الحاكم والذهبى.
وله طريق أخرى فى " المسند " (4/199).
7 ـ عن عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ: " يوم عرفة , ويوم النحر , وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام , وهى أيام أكل وشرب ".
أخرجه أبو داود (2419) والترمذى (1/148) وابن أبى شيبة (2/183/1) والدارمى (2/23) والطحاوى (1/335) وابن حبان (958)
(4/130)

و كذا ابن خزيمة (2100) والحاكم (1/434) والبيهقى (4/298) وأحمد (4/152) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى , وهو كما قالا.
8 ـ عن ابن عمر , يرويه أبو الشعثاء قال: " أتينا ابن عمر فى اليوم الأوسط من أيام التشريق , قال: فأتى بطعام فدنا القوم , وتنحى ابن له , قال: فقال له: ادن فاطعم , قال: فقال: إنى صائم , قال: فقال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها إيام طعم
وذكر ".
أخرجه أحمد (2/39): حدثنا حسين بن على عن زائدة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبى الشعثاء.
قلت: وهذا إسناد على شرط مسلم , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن مهاجر , فتفرد بالاحتجاج به مسلم , لكن فى حفظه ضعف , وفى " التقريب ": " صدوق لين الحفظ ". وقال الهيثمى فى " المجمع " (3/203). " رواه أحمد , ورجاله رجال الصحيح ".
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة رضى الله عنهم منهم سعد بن أبى وقاص وحمزة بن عمرو الأسلمى ويونس بن شداد فى " المسند " (1/69 و174 و3/394و/77).
وبالجملة , فهذا الحديث متواتر المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تــــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 64
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــــتاب الصيام Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــــتاب الصيام   كـــــــتاب الصيام Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 7:56 pm

(4/131)

(964) - (حديث ابن عمر وعائشة: " لم يرخص فى أيام التشريق أن يصمن , إلا لمن لم يجد الهدى ". رواه البخارى (ص 230).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/211 ـ فتح) وكذا الطحاوى (1/428) والدارقطنى (ص 240) والبيهقى (4/298) من طريق عبد الله بن عيسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة ; وعن سالم عن ابن عمر رضى الله عنهما قالا: فذكره.
وأخرجه الطبرى فى تفسيره (4/100/3470) والطحاوى والدارقطنى من طريق يحيى ابن سلام حدثنا شعبة عن عبد الله بن عيسى عن ابن أبى ليلى عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر قال: " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتمتع إذا لم يجد الهدى أن يصوم أيام التشريق ".
وقال الطحاوى (1/430): " حديث منكر , لا يثبته أهل العلم بالرواية لضعف يحيى بن سلام عندهم , وابن أبى ليلى , وفساد حفظهما , مع أنى لا أحب أن أطعن على أحد من العلماء بشىء , ولكن ذكرت ما تقول أهل الرواية فى ذلك ".
وقال الدارقطنى: " يحيى بن سلام ليس بالقوى ".
ثم رواه من طريق عبد الغفار بن القاسم عن الزهرى: حدثنى عروة بن الزبير قال: قالت عائشة وعبد الله بن عمر قالا: " لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد فى صيام أيام التشريق إلا لمتمتع أو محصر ".
وضعفه بقوله: " أخطأ فى إسناده عبد الغفار , وهو أبو مريم الكوفى وهو ضعيف ".
ومن طريق يحيى بن أبى أنيسة عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت:
(4/132)

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من لم يكن معه هدى فليصم ثلاثة أيام قبل يوم النحر , ومن لم يكن صام تلك الثلاثة الأيام فليصم أيام التشريق: أيام منى " وقال: " يحيى بن أبى أنيسة ضعيف ".
وعن عبد الله بن حذافة السهمى قال: " أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رهط أن يطوفوا فى منى فى حجة الوداع يوم النحر فينادوا: إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله , فلا تصوموا فيهن إلا صوماً فى هدى ".
أخرجه الدارقطنى (241) عن سليمان أبى معاذ عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عنه: قلت: سليمان (بن أبي معاذ) [1] ضعيف جدا.
ثم أخرج (241 و253) عن سليمان بن أبى داود الحرانى حدثنا الزهرى عن مسعود بن الحكم الزرقى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة فنادى... ". وقال: " سليمان بن أبى داود ضعيف , رواه الزبيدى عن الزهرى أنه بلغه عن مسعود بن الحكم عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا. لم يقل فيه: إلا
محصراً أو متمتع ".
قلت: ورواه معمر عن الزهرى عن مسعود بن الحكم به دون الزيادة , أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح كما تقدم فى الحديث الذى قبله (الحديث 5).
وجملة القول أنه لم تصح هذه الزيادة أو معناها مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بصريح العبارة , وإنما صح حديث ابن عمر وعائشة المذكور فى الكتاب , وهو ليس صريحاً فى الرفع , وإنما هو ظاهر فيه , فهو كقول الصحابى: " أمرنا بكذا " أو " نهينا عن كذا " فإنه فى حكم المرفوع عند جمهور أهل العلم , وهو الذى استقر عليه رأى علماء المصطلح. فانظر " الباعث الحثيث " (ص 50).
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: أبى معاذ }
(4/133)

و أما الطحاوى فادعى فى هذا الحديث أنه موقوف عليهما , وأن الرخصة التى ذكراها إنما هى فهم منهما واجتهاد فقال: " يجوز أن يكونا عنيا بهذه الرخصة ما قال الله عز وجل فى كتابه (فصيام ثلاثة أيام فى الحج) فعدا أيام التشريق من أيام الحج , فقالا: رخص للحجاج المتمتع والمحصر فى صوم أيام التشريق لهذة الآية , ولأن هذه الأيام عندهما من أيام الحج , وخفى عليهما ما كان من توقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من بعده على أن هذه الأيام ليست بداخلة فيما أباح الله عز وجل صومه من ذلك " (1).
قلت: وفى هذا الكلام نظر عندى من وجهين:
الأول: قوله: وخفى عليهما , فإنه ينافيه أن عبد الله بن عمر من جملة رواة التوقيف الذى أشار إليه , وقد تقدم حديثه فى جملة الأحاديث التى سقناها فى الحديث الذى قبل هذا , وهو الحديث (Cool منها.
الثانى: يبعد جدا أن يخفى عليهما ذلك , مع مناداة جماعة من الصحابة به فى أيام منى كما تقدم فى أحاديثهم.
الثالث: هب أنه فهم فهما من الآية , ففهم الصحابى مقدم على غيره لا سيما إذا لم يخالفه أحد , فكيف وهما صحابيان ؟ وأما احتجاج الطحاوى لمذهبه بما أخرجه (1/431) من طريق حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب يوم النحر , فقال: يا أمير المؤمنين إنى تمتعت , ولم أهد , ولم أصم فى العشر , فقال: سل فى قومك , ثم قال: يا معيقيب أعطه شاة ".
فلا يخفى ضعف الاحتجاج بمثل هذا على أهل العلم , لأن حجاجا وهو ابن أرطاة مدلس , وقد عنعنه. وسعيد بن المسيب عن عمر مرسل عند بعض المحدثين.

(965) - (لحديث عائشة قلت: " يا رسول الله أهديت لنا هدية أو
__________
(1) يعنى بالتوقيف الذى ذكره الأحاديث المتقدمة فى النهى عن صوم أيام التشريق.
(4/134)

جاءنا زور (1) قال: ما هو ؟ قلت: حيس , قال: هاتيه , فجئت به فأكل ثم قال: قد كنت أصبحت صائما " رواه مسلم (ص 231).
رواه مسلم (3/159) وأبو داود (2455) والنسائى فى " الصغرى " (1/319 ـ 320) وفى " الكبرى " (ق 22/1 ـ 2) والشافعى (1/263 ـ 264) وعنه الطحاوى (1/355) وابن خزيمة (2141 و2142) والدارقطنى (236) والبيهقى (4/275) وأحمد (6/49 و207) من طرق عن طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله حدثتنى عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: " قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: يا عائشة هل عندك شىء ؟ قالت : قلت: لا والله ما عندنا شىء , قال: فإنى صائم , قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهديت لنا هدية , أو جاءنا زور , فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم , قلت: يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور , وقد خبأت لك شيئا , قال: ما هو... " الحديث مثله سواء واللفظ للبيهقى , وكذا مسلم , لكن ليس عنده: " لا والله " , وزاد فى آخره: " قال طلحة: فحدثت مجاهدا بهذا الحديث , فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله , فإن شاء أمضاها , وإن شاء أمسكها ".
قلت: وقد وردت هذه الزيادة فى الحديث مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم , أخرجه النسائى من طريق الأحوص عن طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما , فقال: هل عندكم شىء ؟ فقلت: لا. قال: فإنى صائم , ثم مر بى بعد ذلك اليوم , وقد أهدى إلى حيس , فخبأت له منه , وكان يحب الحيس , قالت: يا رسول الله إنه أهدى لنا حيس, فخبأت لك منه , قال: أدنيه , أما إنى قد أصبحت وأنا صائم , فأكل منه , ثم قال:
__________
(1) الأصل "رزق" والتصويب من "البيهقي"، و"الزور" وسط الصدر أو ما ارتفع منه إلى الكتفين، أو ملتقى أطراف عظام الصدر حيث اجتمعت، ((القاموس)).
(4/135)

إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة , فإن شاء أمضاها , وإن شاء حبسها ".
أخرجه النسائى , وإسناده صحيح على شرط مسلم وأبو الأحوص اسمه سلام بن سليم الحنفى وهو ثقة متقن كما فى " التقريب " , وقد تابعه شريك عن طلحة به.
أخرجه النسائى أيضا.
قلت: فهذه الزيادة ثابتة عندى , ولا يعلها أن بعض الرواة أوقفها على مجاهد , فإن الراوى قد يرفع الحديث تارة ويوقفه أخرى , فإذا صح السند بالرفع بدون شذوذ كما هنا فالحكم له ولذلك قالوا: زيادة الثقة مقبولة. وهذا بخلاف زيادة أخرى , جاءت عند الشافعى , وكذا الدارقطنى والبيهقى فى رواية لهما بلفظ : " سأصوم يوما مكانه ".
فإنها زيادة شاذة تفرد بها سفيان بن عيينة عن جماعة الثقات الذين رووا الحديث عن طلحة عن عائشة بدونها , وإنما حدث ابن عيينة بها فى آخر حياته.
فقد قال الإمام الشافعى رحمه الله: " سمعت سفيان عامة مجالستى إياه لا يذكر فيه " سأصوم يوما مكان ذلك " ثم إنى عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة فأجاز فيه: " سأصوم يوماً مكان ذلك ".
وفى هذا النص رد على الدارقطنى , فإنه قال: " لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلى , ولم يتابع على قوله " وأصوم يوما مكانه " , ولعله شبه عليه , والله أعلم لكثرة من خالفه عن ابن عيينة " !
فقد حدث به الشافعى أيضا عنه , وبين أنه إنما أتى بها فى آخر أيامه , ولهذا تعقبه البيهقى بقوله: " وليس كذلك فقد حدث به ابن عيينة فى آخر عمره , وهو عند أهل العلم
(4/136)

بالحديث غير محفوظ ".
وللحديث طريق أخرى عن عائشة رضى الله عنها , فقال الطيالسى (1551): حدثنا سليمان بن معاذ عن سماك عن عكرمة عن عائشة قالت: " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , فقال: أعندك شىء ؟ قلت: لا , قال: إذن أصوم , ودخل على يوما آخر , فقال: عندك شىء ؟ قلت: نعم , قال: إذن أفطر وإن كنت فرضت الصوم ".
ومن طريق الطيالسى أخرجه الدارقطنى والبيهقى وقالا: " هذا إسناد صحيح ".
ورده ابن التركمانى بقوله: " قلت: كيف يكون صحيحاً , وفيه سليمان بن معاذ , ويقال: سليمان بن قرم قال ابن معين: ليس بشىء , وفى " الميزان ": قال ابن حبان: كان رافضياً ومع ذلك يقلب الأخبار ".
قلت: قد ضعفه الجمهور , ووثقه بعضهم كأحمد , وهو بلا شك سىء الحفظ , فيمكن الاستشهاد بحديثه , وأما الاحتجاج به فلا.
وجملة القول أن للحديث عن عائشة ثلاث طرق:
الأولى: عن عائشة بنت طلحة عنها.
والثانية: عن مجاهد عنها.
والثالثة: عن عكرمة عنها.
والطريقان الأوليان صحيحان , والثالثة شاهد.
والطريقان الأوليان كلاهما يرويهما طلحة بن يحيى , وكان تارة يرويه عن مجاهد وتارة عن عائشة بنت طلحة , وهو الأكثر , وتارة يجمعهما معاً كما فى رواية القاسم بن معن عنه عنهما معاً عن عائشة.
(4/137)

أخرجه النسائى بسند صحيح.
وللشطر الأول منه طريق أخرى عن مجاهد عنها.
أخرجه ابن أبى شيبة (2/155/2).
(تنبيه): وأما حديث: " الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار " فهو ضعيف لا يصح , أخرجه البيهقى (4/277) عن عون بن عمارة حدثنا حميد الطويل حدثنا أبو عبيدة عن أنس مرفوعاً به.
وقال: " تفرد به عون بن عمارة العنبرى وهو ضعيف ".
ثم أخرجه من طريق إبراهيم بن مزاحم حدثنا سريع بن نبهان قال: سمعت أبا ذر به وقال: " إبراهيم وسريع مجهولان ".
(4/138)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
 
كـــــــتاب الصيام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كـــــــتاب الحج
» مقاصد الصيام
» ماذا قال الغربيون عن الصيام ؟
» الصيام ليس امتناع عن الاكل والشرب فقط ولاكن :
» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصيام جنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
aleman59 :: الفئة الأولى :: الالبــــــــــــانى :: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل-
انتقل الى: