السؤال: في الغرب أنشئت بنوك للأجنة يتم فيها تجميد الحيوانات المنوية بحيث تستعملها الزوجة بعد فترة من الزمن، فما حكم الشرع في ذلك؟
*** تقول دار الإفتاء المصرية: تعتبر عملية تجميد الأجنة من جملة التطورات والطفرات العلمية الجديدة في مجال الإنجاب الصناعي، وهذه العملية يتم إجراؤها في معامل أطفال الأنابيب المتقدمة في حالات التلقيح الخارجي، حيث يوجد عدد فائض من البويضات التي لا ينفع نقلها إلى رحم صاحبتها بعد أن نقلت إليها إحداها مخصبة، فيلجأ إلى تجميد ذلك الزائد مخصبا أو غير مخصب من أجل حفظه، مما يتيح للزوجين فيما بعد أن يكرر عملية الإخصاب عند الحاجة، كما في حالة عدم حدوث حمل في المرة الأولى مثلا، أو في حالة ما إذا قررا فيما بعد إنجاب طفل آخر، وذلك من دون حاجة إلى إعادة عملية تحفيز المبيض لإنتاج بويضات أخرى.
وفكرة التجميد هذه تعتمد على حفظ الخلايا تحت درجات برودة منخفضة جدا بغمرها في النيتروجين السائل الذي تبلغ درجة برودته مائة وتسعين درجة مئوية تحت الصفر، ويمكن أن تصل مدة الحفظ إلى عدة سنوات من دون أن تتأثر البويضات المحفوظة.
والذي نراه أن القيام بعملية التجميد المذكور ليس فيه محظور شرعي، لأنه من مكملات عملية طفل الأنابيب التي أجازتها المجامع الفقهية الإسلامية بين الزوج وزوجته بناء على أنها من باب العلاج للإنجاب، والأصل في العلاج والتداوي المشروعية، وهذا مما لا خلاف فيه بين أئمة المسلمين، وإذا كان العلاج جائزا، فإن مكملاته جائزة أيضا لأن الإذن في الشيء إذن في مكملات مقصودة، كما يقول الإمام أبو الفتح ابن دقيق العيد في “أحكام الإحكام”، ويؤكد هذا الجواز هنا ما يحققه اللجوء للتجميد من تقليل للتكاليف المالية الباهظة التي تلزم لإجراء عملية الإخصاب عند تكرار أخذ البويضات من المرأة، ولكن يجب أن يلتفت إلى أن هذا الجواز مقيد ببعض الضوابط وهي:
* أن تتم عملية التخصيب بين زوجين، وأن يتم استدخال اللقيحة في المرأة أثناء قيام الزوجية بينها وبين صاحب الماء، ولا يجوز ذلك بعد انفصام عرى الزوجية بوفاة أو طلاق أو غيرهما.
* أن تحفظ هذه اللقائح المخصبة بشكل آمن تماما تحت رقابة مشددة بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمدا أو سهوا بغيرها من اللقائح المحفوظة.
* ألا يتم وضع اللقيحة في رحم أجنبية غير رحم صاحبة البيضة الملقحة لا تبرعا ولا بمعاوضة.
* ألا يكون لعملية تجميد الأجنة آثار جانبية سلبية على الجنين نتيجة تأثر اللقائح بالعوامل المختلفة التي قد تتعرض لها في حال الحفظ، كحدوث التشوهات الخلقية أو التأخر العقلي فيما بعد.. والله أعلم.