الحاج نائب المدير
عدد الرسائل : 310 العمر : 64 المزاج : فى سبيل الله تاريخ التسجيل : 21/07/2008
| موضوع: الشتاء موسم المؤمنين الأربعاء يناير 21, 2009 3:27 pm | |
| على الرغم من أن فصل الشتاء يمثل لكثيرين مجرد نزلات البرد وأنفلونزا واكتئاب، كما أنه يمثل آخرون مجرد عائق للخروج والتنزه، سواء بسبب مطر، أو برد وريح شديد، أو لأن نهاره قصير وليله شديد البرودة، ولكننا إذا رأينا كلام الرسول والصحابة عن فصل الشتاء، عرفنا كيف كان حبهم لهذا الفصل، فهو بالنسبة لهم فصل العبادة والصيام والقيام والتفكر!
فقد وصف الكثير من الصحابة والسلف فصل الشتاء بأنه غنيمة وشجعوا على اغتنامه حيث قال عمر بن الخطاب: "الشتاء غنيمة العابدين"، كما خص النبي (صلى الله عليه وسلم) فصل الشتاء بحديث شريف، حيث قال: "الشتاء ربيع المؤمن، طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه".
وقد تم تفضيل عبادة الصيام (مدرسة للتقوى)، وعبادة صلاة القيام (أول صلاة تفرض على المسلمين الأوائل)، في هذا الفصل؛ لأن طول الليل يمنح الإنسان فرصة؛ لأن يأخذ فيه حظه من النوم، ثم يقوم بعد ذلك إلى الصلاة، أما قصر نهار الشتاء أدى إلى سهولة صيامه.
وكما قال ابن رجب رحمه الله: "قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف"، كما بكى معاذ عند موته، وقال إنما أبكي على ظمأ الهاجر، وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركاب عند حلقات الذكر".
ولكن غالبا ما يكون تكرار الوضوء في الشتاء أمر بالغ الصعوبة لبرودة المياه، وحتى لو استبدلت بالماء الدافئ، فإن استعمال الماء باستمرار لا يعطي الإنسان إحساس بالدفء، ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رغبنا في إسباغ الوضوء على المكاره، ووصفه قائلا: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط".
ومن سنن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يبكر بصلاة الظهر، إذا اشتد البرد؛ وذلك لأنه يشغل الإنسان عن الخشوع في الصلاة.
ساعة خير من 70 سنة :
والشتاء به من الظواهر الربانية ما يدعو لعبادة التفكر منذ دخوله؛ فيكفي أن نتفكر في التدرج الذي نراه في دخول الشتاء بعد حر الصيف الشديد، فلنتخيل أن الشتاء لو دخل فجأة، ترى هل سنتحمل برودة الطقس بعد أن الطقس شديد السخونة!
هذا بجانب ضرورة التفكر في المظاهر العديدة التي نراها مثل المطر والبرد، وقد قال الله عز وجل فيهم "أًلَمَ تَرَ أَنَ اللهَ يُزجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنَ يَشَاءُ وَيَصرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرقِهِ يَذهَبُ بِالأَبصَار"ِ .
كما أن شدة البرد تذكرنا بنعيم أهل الجنة، وأنهم لا يعانوا مما يعانى منه أهل النار من زمهرير جهنم، "فقد اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين، نفس في الشتاء فهو أشد ما تجدون من الزمهرير ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر"، كما يقول عز وجل في أهل الجنة "مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً".
وكذلك البرق والرعد، وهو مَلك موكل بالسحاب، فعن ابن عباس قال: أقبلت يهود إلى النبي، فقالوا: "يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله، قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر، قالوا: صدقت".
اللهم استجب لنا :
وهناك العديد من الأدعية التي نكثر من ذكرها في الشتاء، مثل الأدعية التي تستحب عند رؤية المطر "اللهم صيباً نافعاً"، ويستحب للعبد أن يكثر من الدعاء عند نزول المطر؛ لأنه من مواطن إجابة الدعاء، وإذا كثر المطر وخيف منه الضرر، قلنا: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام (الهضاب) والظرب (الجبال) وبطون الأودية ومنابت الشجر".
أما عند رؤية الريح فيفضل الدعاء ب"اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به"، وعن دعاء رؤية السحاب: "اللهم إني أعوذ بك من شرها"، أما دعاء الرعد "سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته".
وقد أوصى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بملابس الشتاء، قائلاً: "إن الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعارًا"، وهي ما يلي البدن" ودثارًا "الملابس الخارجية"؛ فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه".
فتاوى الشتاء :
ولأن إسباغ الوضوء من العبادات المستحبة، فقد أجاز الإسلام لبس الجوارب والخف والمسح عليهما على أن يلبسا على وضوء، والمسح للمقيم خمس صلوات – يوم وليلة – وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن.
كما أجاز الإسلام الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر فلا يجيزه أحد من أصحاب المذاهب الأربعة إلا الشافعية بينما تمنعه بقية المذاهب، وأما الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر فيجوز عند الشافعية والمالكية والحنابلة، أما الأحناف فهم لا يجيزون الجمع إلا في الحج، كما أن الجواز ليس على إطلاقه، ولكن له شروط وهى وجود المطر بالفعل عند الإحرام بالصلاة الثانية المجموعة (أي العصر أو العشاء)، وأن يكون المطر غزيرا يبل الثياب، ويشق السير معه في الطرقات.
| |
|