مولد الحبيب ومديح محبيه (2 ) - رائعة شوقي "ولد الهدى"
مولد الحبيب ومديح محبيه (2 )
رائعة شوقي "ولد الهدى"
يسبح أحمد شوقى "أمير الشعراء" في بحر الحب والعشق لنبي الله، فيشدو بأجمل الكلمات والأبيات الشعرية التى تخرج من قلب امتلأ شوقا وحبا للرسول العظيم ..
فمابين "وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ"
وبين "بِهِ سِحرٌ يتيمهُ كِلا جِفنيكَ يعلمُهُ"
مرورا ب "سَلوا قَلْبي غُداةً سَلا وتابا لَعَلَّ على الجَمالِ لَهُ عِتابا"
نقرأ اجمل ماكتب أمير الشعراء، ألا وهي تلك القصائد في مدح "الحبيب" خير خلق الله وخاتم الأنبياء والرحمة المهداة للبشر كافة، صغيرهم وكبيرهم، فقيرهم وغنيهم، ضعيفهم وقويهم.." محمد بن عبدالله" ...
نشأة أمير الشعراء
يعد شوقى من أعظم شعراء العربية فى جميع العصور وأشهر شعراء العصر الحديث، ولد فى حي الحنفي بالقاهرة عام 1868 من أب ?ردي وأم من أصول تر?ية وشر?سية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديو إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها، ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن، وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه منذ سنوات عمره الأولى ..
أنعم الله على شوقي بموهبة شعرية فذة، وبديهة حاضرة وسريعة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنهال عليه بتلقائية وبساطة وكأنها المطر الهطول، يتغنى بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، وهو بينهم حاضرًا بشخصه غائبًا عنهم بفكره الذى يحلق فى سماء الشعر؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث..
كان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل إنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أيادٍ رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي ..
"ولد الهدى " .. رائعة الأمير
هذه بعض ابيات رائعة أمير الشعراء فى مدح " الحبيب "، قصيدة "ولد الهدى فالكائنات ضياء"
وُلِدَالهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
ياخَيرَمَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبراءُ
أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ وَتَهَلَّلَت وَاهتَزَّتِ العَذراءُ
زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ
أَمّا الجمال فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ وَمَلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَياءُ
وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَماءُ
فَإِذاسَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى وَفَعَلتَ مالا تَفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَفَوتَ فَقادِرًا وَمُقَدَّرًا لا يَستَهينُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ في الحَقِّ لاضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
صَلّى عَلَيكَ اللهُ ما صَحِبَ الدُجى حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ
وَاستَقبَلَ الرِضوانَ في غُرُفاتِهِمْ بِجِنانِ عَدنٍ آلُكَ السُمَحاءُ
معاني القصيدة
"ولد الهدى" - أي النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، النور الذي كان مصدر الهداية، والذى عم على الكون والكائنات بضيائه، حتى امتلأت الدنيا ومن فيها بالسعادة، وعمت بها البسمة والهداية..
وتزينت السماء بأمر من الله حين جاءت البشرى بمولدك الشريف، وانتشرت رائحة المسك في الصحاري والوديان.. وظهر وجهك الكريم إلى هذه الدنيا كله هداية وحياء.. وغشى وجهك نور النبوة المتألق.. وكان وجه الشبه كبيرا بينك وبين خليل الله – أبا الأنبياء - إبراهيم عليه السلام ..
وينادى الشاعرالمحب نبيه قائلاً حسبك فخرا وعزا وسؤددا ومجدا أنك أمي ولم تصل العلماء لدرجتك في العلم .. فالقرآن هو معجزتك الكبرى، وهي مازالت قائمة وكافية لمن يبحث عن المعجزات ..
ويؤكد شوقي حبه "للحبيب" هاتفاً لقد عم دينك البشرية جمعاء، وقد ضاق الكلام وعجزت الشعراء عن وصف عظمته.. صلى عليك الله صلاة دائمة كلما مر حاد بالإبل بليل داج، وصلى عليك كلما حنت ناقة إلى إليفها.. يامن أعد لك الرحمن جنات عدن أنت وآل بيتك الكرام ...
اللهم صلى وسلم وبارك على الحبيب "محمد" فى الأولين وفى الآخرين وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين...