عمرة رمضان تعدل حجة مع الرسول
حينما يفكر الإنسان فى أداء مناسك العمرة فى مكان فضله الله مع شهر عظمه الله أيضاً على سائر الشهور، فهذا يجعل الثواب مضاعفا وعظيما من رب العالمين، وأكد العلماء أهمية أداء مناسك العمرة فى رمضان لأنها تعدل ثواب حجة، ولهذا يحرص كثير من المسلمين على أدائها فى شهر رمضان المعظم لما فى ذلك من أجر عظيم، سواء كان ذلك فى أول الشهر أو فى العشر الأواخر، وحضور ليلة القدر فى بيت الله الحرام وختم القرآن الكريم وسط حشود هائلة من كل بلاد المسلمين ، رافعين أكف الضراعة إلى الله بقبول التوبة وطلب الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
وقال الدكتور سعيد عامر، أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية،: كان الصحابة والسلف الصالح يحرصون على أداء العمرة فى شهر رمضان، ومن يرد الله به خيراً يرزقه هذه العمرة فى شهر رمضان، كى ينال الأجر العظيم والمغفرة والعتق من النار، وحينما يخرج المرء من بيته لأداء هذه المناسك يعلم الله نيته، (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ) فيجب حينما يخرج الإنسان من بيته أن يكون مستحضراً عظمة الله فى قلبه، وأن خروجه هذا من بيته من أجل طلب المغفرة وألا يجعل فى هذا العمل شريكاً مع الله، وفضل هذه العمرة فى هذا الشهر يعجز اللسان عن وصف شرف هذا الثواب، فلها منزلة عظيمة، ولا شك أن هذا من فضل الله على عباده حيث صارت العمرة بمنزلة الحج فى الثواب بسبب شهر رمضان المبارك، وهذا دليل على أن الثواب يزيد بزيادة شرف الوقت.وأشار الى أنه ومن هنا يجب أن يحرص المعتمر على كثرة الجلوس فى الحرم والاجتهاد فى تلاوة القرآن، وصلاة التراويح والتهجد والإقبال على الله تعالى بالذكر والدعاء والتسبيح والتهليل وألا ينسى الصدقات، غير مضيع لوقته، مبتعداً عن الدنيا وعن الأسواق والمولات التى تنسيه هذه العبادات، حتى لا يمر الوقت منه دون الاستفادة بهذه المشاعر العظيمة، ويجب أن يتذكر المعتمر فضل الصلاة فى المسجد الحرام لحديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: (صلاة فى مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) رواه البخاري، وعلى المعتمر أن يتأدب ويتخلق بأخلاقا الإسلامية يزاحم ولا يؤذى المسلمين خصوصاً فى الطواف والسعي وليكن ذا حلم وصبر حتى لا ينقص أجره، وعليه أن يكون هيناً ليناً يفسح المجال لإخوانه المسلمين ويغض بصره عن الحرام ويساعد المحتاجين من الفقراء والمساكين، وهذه العمرة تصل إلى أن تعدل ثواب حجة، وعن عطاء رحمة الله عن أبن عباس قال، قال رسول الله لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: ما منعك أن تحجى معنا؟ قالت كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحاً ننضح عليه قالت: فإذا كان رمضان فاعتمرى فيه فإن عمرة فى رمضان حجة) رواه البخاري، وروى مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة فى رمضان تعدِل حجة) وفى رواية ( تعدل حجّة معي)، ولا يسأل عن حكمة هذا الثواب، فذلك فضل من الله، والله واسع عليم، وهو سبحانه يرغب فى أداء العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج فى الحرم الشريف، فثواب الطاعة فيه مضاعف، ومثال ذلك ما ورد أن الصلاة الواحدة فى المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه، فلا يجوز أن يتبادر إلى الذهن أن صلاة يوم فيه تغنى عن صلاة مائة ألف يوم، ولا داعيَ للصلاة بعد ذلك، فالعدل أو المساواة هنا هى فى الثواب فقط. فلا تغنى العمرة عن الحج أبدًا، والمراد من هذه الأحاديث الترغيب فى الثواب، وليس جواز الاكتفاء بنافلة عن فريضة.
ويقول الدكتور محمد الأمير أبوزيد عميد الدراسات الإسلامية والعربية بالمنصورة بجامعة الأزهر: هنيئاً لكل من يواتيه الحظ ويدرك عمرة رمضان، لأنه سيعود كيوم ولدته أمه إن شاء الله، لأنها تعدل حجة، والحجة يعود منها الإنسان بلا أى ذنب إذا قبلها الله عز وجل، وليس معنى هذا أنها تغنى عن فريضة الحج، والمقصود من حديث إنها تعدل حجة، هو التشبيه من حيث الثواب والأجر, أى أن أجرها عظيم، فالمساواة المقصودة بين ثواب العمرة فى رمضان وثواب الحج هى فى قدر الأجر، وليست فى جنسه ونوعه، والحج لا شك أفضل من العمرة من حيث جنس العمل ولأنه أحد أركان الإسلام، فمن اعتمر فى رمضان تحصل على قدر أجر حجة كاملة، غير الحج فيه من الفضائل والمزايا والمكانة ما ليس فى العمرة، سواء دعاء يوم عرفة وهو يوم مشهود من أيام الله تعالى،
وأضاف: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزيد من العبادات فى رمضان بما هو أهم من العمرة، ولم يكن يمكنه الجمع بين تلك العبادات وبين العمرة، فأخر العمرة إلى أشهر الحج، ووفر نفسه على تلك العبادات فى رمضان مع ما فى ترك ذلك من الرحمة بأمته والرأفة بهم، فإنه لو اعتمر فى رمضان، لبادرت الأمة إلى ذلك، وكان يشق عليها الجمع بين العمرة والصوم، وربما لا تسمح أكثر النفوس بالفطر فى هذه العبادة حرصًا على تحصيل العمرة وصوم رمضان، فتحصل المشقة، فأخرها إلى أشهر الحج.