الحاج نائب المدير
عدد الرسائل : 310 العمر : 64 المزاج : فى سبيل الله تاريخ التسجيل : 21/07/2008
| موضوع: صهيب بن سنان ربح البع ابا يحيى الإثنين يوليو 28, 2008 2:29 am | |
| ولد في أحضان النعيم فقد كان أبوه حاكم الأبلة وواليا عليها لكسرى وكان من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام بعهد طويل وفي قصره القائم على شاطئ الفرات مما يلي الجزيرة والموصل عاش الطفل ناعما سعيدا وذات يوم تعرضت البلاد لهجوم الروم وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام صهيب بن سنان ويقتنصه تجار الرقيق وينتهي تطوافه الطويل إلى مكة حيث بيع لعبدالله بن جدعان بعد أن قضى طفولته كلها وصدر شبابه في بلاد الروم حتى أخذ لسانهم ولهجتهم ويعجب سيده بذكائه ونشاطه وإخلاصه فيعتقه ويحرره ويهئ له فرصة الاتجار معه وذات يوم ولندع صديقه عمار بن ياسر يحدثنا عن ذلك اليوم لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقلت له ماذا تريد فأجابني وماذا تريد أنت قلت له أريد أن أدخل على محمد فأسمع ما يقول قال وأنا أريد ذلك فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم فعرض علينا الإسلام فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا ثم خرجنا ونحن مستخفيان عرف صهيب إذن طريقه إلى دار الأرقم عرف طريقه إلى الهدى والنور وأيضا إلى التضحية الشاقة والفداء العظيم فعبور الباب الخشبي الذي كان يفصل داخل دار الأرقم عن خارجها لم يكن يعني مجرد تخطي عتبة بل كان يعنى تخطى حدود عالم بأسره عالم قديم بكل ما يمثله من دين خلق ونظام حياة وتخطي عتبة دار الأرقم التي لم يكن عرضه ليزيد عن قدم واحد كان يعني في حقيقة الأمر وواقعه عبور خضم من الهول واسع وعريض واقتحام تلك العقبة أعني تلك العتبة كان إيذانا بعهد زاخر بالمسؤوليات الجسام وبالنسبة للفقراء والغرباء والرقيق كان اقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقت البشر وإن صاحبنا صهيبا لرجل غريب وصديقه الذي لقيه على باب الدار عمار بن ياسر رجل فقير فما بالهما يستقبلان الهول ويشمران سواعدهما لملاقاته إنه نداء الإيمان الذي لا يقاوم وإنها شمائل محمد عليه الصلاة والسلام التي يملؤ عبيرها أفئدة الأبرار هدى وحبا وإنها روعة الجديد المشرق تبهر عقولا سئمت عفونه القديم وضلاله وإفلاسه وإنها قبل هذا كله رحمة الله يصيب بها من يشاء وهداه يهدي إليه من ينيب أخذ صهيب مكانه في قافلة المؤمنين وأخذ مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطهدين والمعذبين ومكانا عاليا وكذلك بين صفوف الباذلين والمفتدين وأنه ليتحدث صادقا عن ولائه العظيم لمسؤلياته كمسلم بايع الرسول وسار تحت راية الإسلام فيقول لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط إلا كنت حاضره ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها ولا غزا غزاة قط أول الزمان وآخره إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله وما خاف المسلمون أمامهم قط إلا كنت أمامهم ولا خافوا وراءهم إلا كنت وراءهم وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو أبدا حتى لقي ربه هذه صورة باهرة لإيمان فذ وولاء عظيم ولقد كان صهيب رضي الله عنه وعن إخوانه أجمعين أهلا لهذا الإيمان المتفوق من أول يوم استقبل فيه نور الله ووضع يمينه في يمين رسوله *** يومئذ أخذت علاقاته بالناس وبالدنيا بل وبنفسه طابعا جديدا ويومئذ أمتشق نفسا صلبة زاهدة متفانية وراح يستقبل بها الأحداث فيطوعها والأهوال فيروعها ولقد مضى كما حدثنا من قبل يواجه تبعاته في إقدام جسور فلا يتخلف عن مشهد ولا عن خطر منصرفا ولعه وشغفه عن المغانم إلى المغارم وعن شهوة الحياة إلى عشق الخطر وحب الموت ولقد أفتتح أيام نضاله النبيل وولائه الجليل بيوم هجرته ففي ذلك اليوم تخلى عن كل ثروته وجميع ذهبه الذي أفاءته عليه تجارته الرابحة خلال سنوات كثيرة قضاها في مكة تخلى عن كل هذه الثروة وهي كل ما يملك في لحظة لم يشب جلالها تردد ولا نكوص فعندما هم الرسول بالهجرة علم صهيب بها وكان المفروض أن يكون ثالث ثلاثة هم الرسول وأبو بكر وصهيب بيد أن القرشيين كانوا قد بيتوا أمرهم لمنع هجرة الرسول ووقع صهيب في بعض فخاخهم فعوق عن الهجرة بعض الوقت بينما كان الرسول وصاحبه قد أتخذا سبيلهما على بركة الله وحاور صهيب وداور حتى استطاع أن يفلت من شانئيه وامتطى ظهر ناقته وانطلق يقطع بها الصحراء وثبا بيد أن قريشا أرسلت في أثره قناصتها فأدركوه ولم يكد صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم قائلا يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شئ فأقدموا إن شئتم وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني ولقد استماموا لأنفسهم وقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له أتيتنا صعلوكا فقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت بيننا ما بلغت والآن تنطلق بنفسك وبمالك !! فدلهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته ، وتركوه وشأنه ، وقفلوا إلى مكة راجعين ،والعجب أنهم صدقوا قوله في غير شك وفي غير حذر فلم يسألوه بينة ولم يستحلفوه على صدقه !! وهذا موقف يضفي على صهيب كثيرا من العظمة يستحقها كرجل صادق وأمين *** واستأنف صهيب هجرته وحيدا سعيدا حتى أدرك الرسول عليه الصلاة والسلام في قباء ،كان الرسول جالسا وحوله بعض أصحابه حين أهل عليهم صهيب ولم يكد الرسول يراه حتى ناداه متهلللا: ربح البيع أبا يحيى ،ربح البيع أبا يحيى ونزلت الآية الكريمة ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، والله رؤوف بالعباد *** ولئن كانت حياة صهيب مترعة بالمزايا والعظائم ، فإن إختيار عمر بن الخطاب 'ياه ليؤم المسلمين في الصلاة مزية تملأ حياته ألقا وعظمة ، فعندما أعتدي على أمير المؤمنين وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر وعندما أحس نهاية الأجل ، فراح يلقي على أصحابه وصيته وكلماته الأخيرة قال : وليصل بالناس صهيب لقد إختار عمر يومئذ ستة من الصحابة ، ووكل إليهم أمر إختيار الخليفة الجديد ، إن عمر وخاصة في تلك اللحظات التي تأخذ فيها روحه الطاهرة طريقها إلى الله ليستأني ألف مرة قبل أن يختار فإذا إختار فلا أحد هناك أوفر حظا ممن يقع عليه الإختيار ، ولقد إختار عمر صهيبا اختاره ليكون إمام المسلمين في الصلاة حتى ينهض الخليفة الجديد بأعباء مهمته لقد إختاره وهو يعلم أن في لسانه عجمة فكان هذا الإختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صهيب بن سنان | |
|