aleman59
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

aleman59

منتدى اسلامى خالص
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» دعاء جميل جدا جدا
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالخميس مايو 12, 2022 6:07 pm من طرف Admin

» القران الكريم كاملا بصوت جميع المقرئين
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالخميس مايو 12, 2022 5:59 pm من طرف Admin

» مايقال فى سجده التلاوه
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالخميس مايو 12, 2022 5:56 pm من طرف Admin

» فديوهات للشيخ حازم
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2017 2:34 pm من طرف Admin

» الشيخ ايمن صيدح
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2017 11:20 am من طرف Admin

» الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالخميس فبراير 09, 2017 11:19 am من طرف Admin

» للعمل بشركة كبري بالدقي 2017
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2016 4:52 pm من طرف كاميرات مراقبة

» الانتركم مرئي وصوتي 2017
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2016 4:50 pm من طرف كاميرات مراقبة

» كاميرات مراقبة, كاميرات المراقبة, كاميرا 2016
كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 12, 2016 4:48 pm من طرف كاميرات مراقبة

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
منتدى

 

 كـــــتاب الزكاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 65
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــتاب الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: كـــــتاب الزكاة   كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 5:06 pm

إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
كتاب الزكاة
[الأحاديث من 781 - 790]

(781) - (حديث: " بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة وصوم رمضان , وحج البيت " متفق عليه.
* صحيح.
وقد ورد من حديث عبد الله بن عمر , وجرير بن عبد الله البجلى , وعبد الله بن عباس.
1 ـ أما حديث ابن عمر فله عنه طرق:
الأولى: عن عكرمة بن خالد أن رجلا قال لعبد الله بن عمر: ألا تغزو ؟ فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
أخرجه البخارى (1/10) ومسلم (1/35) والنسائى (2/268) والترمذى
(2/101) وأحمد (2/143) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعد بن عبيدة عنه مرفوعا به , إلا أنه قال: " على أن يعبد الله ويكفر بما دونه ". بدل الشهادة , والباقى مثله سواء.
أخرجه مسلم والبيهقى (4/199).
الثالثة: عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا به.
أخرجه مسلم وأحمد (2/120).
الرابعة: عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن ما
(3/248)

حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد فى سبيل الله , قد علمت ما رغب الله فيه ؟ قال: يا ابن أخى ! بنى الإسلام على خمس. الحديث.
أخرجه البخارى (3/204) , هكذا موقوفا عليه , وهو فى حكم المرفوع , وإنما لم يصرح برفعه اكتفاء بشهرته عند السامع.
الخامسة: عن حبيب بن أبى ثابت عنه مرفوعا به.
أخرجه الترمذى (2/100 ـ 101) وقال: " حديث حسن صحيح ".
الخامسة: عن يزيد بن بشر عنه به. وزاد فى آخره: " قال: فقال له رجل: والجهاد فى سبيل الله ؟ قال ابن عمر: الجهاد حسن ,
هكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه أحمد (2/26) , ورجاله ثقات غير يزيد هذا فإنه مجهول كما قال أبو حاتم, وأما ابن حبان فذكره فى " الثقات ".
السادسة: عن أبى سيود العبدى عنه مرفوعا به. وزاد أيضا: " قلت: يا أبا عبد الرحمن ما تقول فى الجهاد ؟ قال: من جاهد فإنما يجاهد
لنفسه ".
أخرجه أحمد (2/93) وأبو سويد هذا مجهول , وكذلك الراوى عنه بركة بن يعلى التيمى.
2 ـ وأما حديث جرير , فيرويه الشعبى عنه مرفوعا به.
أخرجه أحمد (4/363) والطبرانى فى " الكبير " (1/113) من طريق جابر عن الشعبى به.
قلت: ورجاله ثقات غير جابر هذا وهو الجعفى وقد ضعف بل اتهم. لكن تابعه داود بن يزيد الأودى وهو ضعيف أيضا.
(3/249)

أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (1/113/1).
وتابعه عبد الله بن حبيب بن أبى ثابت أيضا.
أخرجه فى " الكبير " عن سورة بن الحكم , وفى " الصغير " (ص 161) عن أشعث بن عطاف كلاهما عن عبد الله به.
وهذا سند حسن سورة بن الحكم ترجم له ابن أبى حاتم (2/1/327) والخطيب (9/227 ـ 228) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وقد روى عنه جماعة.
وأشعث بن عطاف قال ابن عدى: " لا بأس به ".
وأما عبد الله بن حبيب فثقة احتج به مسلم.
3 ـ وأما حديث ابن عباس , فيرويه عمرو بن مالك عن أبى الجوزاء عن ابن عباس , ولا أعلم إلا رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: " بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله , والصلاة , وصيام رمضان , فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال الدم ".
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/177/2) من طريق مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن عمرو به.
قلت: وهذا سند ضعيف , عمرو بن مالك هذا هو أبو مالك النكرى أورده ابن أبى حاتم (3/1/259) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأما ابن حبان , فذكره فى " الثقات " (2/212) ولكنه قال: " يعتبر بحديثه ".
قلت: والاعتبار والاستشهاد بمعنى واحد تقريبا , ففيه إشارة إلى أنه لا يحتج به إذا تفرد , وذلك لسوء حفظه , والذى يدلك على ذلك من نفس هذا الحديث , أنه نقص منه , وزاد فيه , أما النقص , فهو أنه لم يذكر الزكاة والحج ! وليس ذلك من سقط النساخ , فقد ذكر الحديث هكذا غير واحد من الحفاظ منهم السيوطى فى " الجامع الكبير " (1/392/1).
(3/250)

و أما الزيادة فهى قوله: " فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال الدم ". فهى زيادة منكرة لتفرد هذا الضعيف بها , وعدم وردها فى شىء من طرق الأحاديث المتقدمة الصحيحة.
على أننى لا أستطيع القطع بالصاق الوهم بعمرو هذا فإن فى الطريق إليه مؤمل بن إسماعيل وهو صدوق سىء الحفظ كما فى " التقريب " , فالله أعلم.

(782) - (حديث معاذ: " إنك تأتى قوما من أهل الكتاب. فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله , فإن هم أطاعوك لذلك , فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم , فترد على فقرائهم " متفق عليه (ص 182).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/352 , 369 , 380) ومسلم (1/37 ـ 38) وكذا أبو داود (1584) والنسائى (1/348) والترمذى (1/122) والدارمى (1/379) وابن ماجه (1783) وابن أبى شيبة (4/5) والدارقطنى (218) والبيهقى (4/96 , 101) عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وزاد فى آخره: " فإن هم أطاعوك لذلك , فإياك وكرائم أموالهم , واتق دعوة
المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ".

(783) - (حديث جابر مرفوعا: " ليس فى مال المكاتب زكاة حتى يعتق ". رواه الدارقطنى (ص 182).
* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى فى سننه (206) من طريق عبد الله بن بزيع عن ابن جريج عن
أبى الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف لابن بزيع هذا قال الذهبى:
(3/251)

" قال الدارقطنى: ليس بمتروك , وقال ابن عدى: ليس بحجة. ومن مناكيره... "
فذكر هذا الحديث. وعلقه البيهقى (4/109) وقال: " وهو ضعيف , والصحيح موقوف ".
قلت: والموقوف أخرجه ابن أبى شيبة (4/30) وعنه البيهقى عن محمد بن بكر عن ابن جريح به موقوفا.
ورجاله ثقات لولا أن فيه عنعنة أبى الزبير فإنه مدلس. لكن رواه أبو عبيد فى " الأموال " (457/1336): حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله به موقوفا. وهذا سند صحيح.
ثم روى من طريق عبد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر قال: " ليس فى مال المكاتب ولا العبد زكاة ".
والعمرى ضعيف , لكن تابعه عليه أخوه عبيد الله بن عمر بلفظ: " ليس فى مال العبد (وفى رواية: مملوك) زكاة حتى يعتق ".
أخرجه البيهقى (4/108) وإسناده صحيح.
ثم روى ابن أبى شيبة عن كيسان بن أبى سعيد المقبرى قال: " أتيت عمر بزكاة مالى مائتى درهم , وأنا مكاتب , فقال: هل عتقت ؟ قلت: نعم , قال: اذهب فاقسمها ".
قلت: وإسناده جيد على شرط مسلم.

(784) - (عن عائشة: " ليس فى الدين زكاة " (ص 183).
* حسن.
رواه ابن أبى شيبة (4/32): حماد بن خالد عن العمرى عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها به.
قلت: وهذا سند ضعيف , العمرى هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف كما فى " التقريب ".
(3/252)

ثم رواه من طريق أخرى عن عبد الله بن المؤمل عن ابن أبى مليكة عنها قالت:
" ليس فيه زكاة حتى يقبضه ".
قلت: وعبد الله بن المؤمل ضعيف أيضاً , ولكنه يتقوى بالطريق الأولى , فهو حسن إن شاء الله تعالى.

(785) - (قول على فى الدين الظنون (1) : " إن كان صادقاً فليتركه [1] إذا قبضه , لما مضى " رواه أبو عبيد (ص 183).
* صحيح.
رواه أبو عبيد (431/1220) وعنه البيهقى (4/150): حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن ابن سيرين عن عبيدة عن على رضى الله عنه.
قلت: وهذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وقد أخرجه ابن أبى شيبة (4/32) عن يزيد بن هارون به.
وقد تابعه ابن عون عن محمد وهو ابن سيرين إلا أنه قال: " نبئت أن عليا قال: فذكره ".
(فائدة) قال أبو عبيد: " قوله (الظنون) هو الذى لا يدرى صاحبه أيقضيه الذى عليه الدين أم لا كأنه لا يرجوه ".

(786) - (وعن ابن عباس نحوه , رواه أبو عبيد (ص 183).
* ضعيف.
قال أبو عبيد: حدثنا سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن سليمان ـ أو ابن أبى سليمان ـ عن سعيد بن أبى هلال عن أبى النضر عن ابن عباس قال فى الدين:
__________
(1) الأصل (المظنون) والتصويب من البيهقي و((نهاية ابن الأثير)).
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: فليزكه }
(3/253)

" إذا لم ترج أخذه فلا تزكه: حتى تأخذه , فإذا أخذته تزك عنه ما عليه ".
قلت: وهذا سند ضعيف , سعيد بن أبى هلال قال أحمد " يخلط فى الأحاديث " ووثقه الجمهور. وعبد الله بن سليمان , أو ابن أبى سليمان لم أجد له ترجمة وأخرج ابن أبى شيبة (4/31) والبيهقى (150) عن موسى بن عبيدة عن نافع (وقال البيهقى: عن عبد الله بن دينار) عن ابن عمر قال: " زكوا زكاة أموالكم حولا إلى حول , وما كان من دين ثقة فزكه , وإن كان من دين مظنون فلا زكاة فيه حتى يقضيه صاحبه ".
وموسى بن عبيدة ضعيف.

(787) - (حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول " رواه الترمذى وأبو داود وابن ماجه (ص 184).
* صحيح.
وله عن ابن عمر طريقان:
الأولى: عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من استفاد مالا فلا زكاة عليه يحول عليه الحول عند ربه".
أخرجه الترمذى (1/123) والدارقطنى (198) والبيهقى (4/104) وقال: " وعبد الرحمن ضعيف لا يحتج به ". وذكر الترمذى نحوه.
الثانية: عن بقية عن إسماعيل عن عبيد الله عن نافع عنه مرفوعا بلفظ: " لا زكاة فى مال امرىء حتى يحول عليه الحول ".
أخرجه الدارقطنى وقال:
(3/254)

" رواه معتمر وغيره عن عبيد الله موقوفا ".
ثم أسنده (199) من طريق معتمر عن عبيد الله به موقوفا. ثم رواه هو والترمذى والبيهقى وكذلك مالك (1/246/6) وابن أبى شيبة (4/30) من طرق عن نافع به موقوفا. وقال البيهقى وغيره: " هذا هو الصحيح: موقوف ".
قلت: وفى طريق المرفوع بقية وهو مدلس وقد عنعنه , وإسماعيل وهو ابن عباس [1] ضعيف فى روايته عن المدنيين , وهذه منها. فلا يحتج بها , وخصوصا وقد خالفه الثقات فرووه موقوفا.
وقد روى الحديث عن عائشة وأنس وعلى.
أما حديث عائشة , فيرويه حارثة بن محمد عن عمرة عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا زكاة فى مال حتى يحول عليه الحول ".
أخرجه ابن ماجه (1793) وأبو عبيد فى " كتاب الأموال " (ص 413) والدارقطنى (199) والبيهقى (4/95 , 103) من طرق عنه به.
وقال البيهقى: " ورواه الثورى عن حارثة موقوفا على عائشة , وحارثة لا يحتج بخبره ".
قلت: وكذلك رواه أبو أسامة عن حارثة به موقوفا.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/30) , وقد علقه العقيلى مرفوعا فى ترجمة حارثة (ص 103) وقال: " لم يتابعه عليه إلا من هو دونه ".
يعنى أنه توبع عليه ممن هو أشد ضعفا منه فى غير هذا السند , وأما فى هذا , فلم يتابعه أحد , فهو يشير إلى ضعف جميع أحاديث الباب وأنها أشد
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: عياش }
(3/255)

ضعفا من هذا.
وأما حديث أنس , فيرويه حسان بن سياه عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فى مال زكاة حتى يحول عليه الحول "
قلت: وهذا سند ضعيف حسان هذا , قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 175): " وهو ضعيف , وقد تفرد به عن ثابت ".
أخرجه ابن عدى (98/1 ـ 2) والدارقطنى (199).
وأما حديث على فيرويه جرير بن حازم عن أبى إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن على عن النبى صلى الله عليه وسلم: " ليس فى مال زكاة حتى يحول عليه الحول " أخرجه أبو داود (1573) والبيهقى (4/95) وقال الحافظ فى " التلخيص
" (ص 175): " لا بأس بإسناده , والآثار تعضده , فيصلح للحجة ".
كذا قال , وهو مقبول لولا أن الثقات الحفاظ خالفوا جريرا فرووه عن أبى إسحاق به موقوفا على على رضى الله عنه.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/30) من طريق سفيان وشريك والدارقطنى (199) عن زكريا بن أبى زائدة ثلاثتهم عن أبى إسحاق به. ومن طريق بن أبى شيبة عن شريك.
رواه عبد الله بن أحمد فى زوائد مسند أبيه (1/148).
ثم رواه ابن أبى شيبة من طريق جعفر - وهو ابن محمد بن على بن الحسين - عن أبيه عن على به.
ورجاله ثقات رجال مسلم لكنه منقطع بين محمد بن على بن الحسين وجده على , ولكنه على كل حال شاهد جيد لرواية الثقات إياه موقوفا , فذلك يدل على وهم جرير فى رفعه إياه , وقد ذكر الحافظ فى " التقريب ": " أن له أوهاما إذا
(3/256)

حدث من حفظه " قلت: والوهم إنما يظهر بمثل هذه المخالفة للحفاظ , كما هو ظاهر , ومع ذلك فلم أجد من نبه على هذه العلة فى الحديث , بل قواه الحافظ كما رأيت , وكذلك غيره , وقد بين بعض المحققين وجه العلة فيه , فقال الحافظ الزيلعى فى " نصب الراية " (2/328) بعد أن ذكر خلاف الأئمة فى عاصم: " فالحديث حسن , قال النووى رحمه الله فى " الخلاصة ": وهو حديث صحيح أو حسن , انتهى.
ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له. وقال عبد الحق فى " أحكامه ": هذا حديث رواه جرير بن حازم عن أبى إسحاق عن عاصم والحارث عن على , فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم والحارث , والحارث كذاب , وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا , وهو أن الحارث أسنده , وعاصم لم يسنده , فجمعهما جرير , وأدخل حديث أحدهما فى الآخر , وكل ثقة رواه موقوفا , فلو أن جريراً أسنده عن عاصم وبين ذلك أخذنا به " وقال غيره: هذا لا يلزم , لأن جريرا ثقة , وقد أسند عنهما. انتهى "
قلت: قد كان يكون غير لازم , لو أن جريراً لم يخالف برواية الحديث مرفوعاً من طريق عاصم , أما وقد خالفه فى رفعه من سبق ذكره من الثقات فما أورده عبد الحق لازم وحق. وكأن البيهقى رحمه الله أشار إلى إعلال الحديث بقوله بعد أن ساقه وحديث عائشة: " وحارثة لا يحتج بخبره , والاعتماد فى ذلك على الآثار الصحيحة فيه عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وغيرهم رضى الله عنهم ".
(تنبيه): تبين من تخريجنا للحديث أن عزو المصنف الحديث من رواية ابن عمر إلى الترمذى وأبى داود وابن ماجه فيه تساهل كبير , لأن الأخيرين لم يخرجاه عن ابن عمر , بل رواه الأول منهما عن على والآخر عن عائشة.
وفى الباب عن أم سعد الأنصارية مرفوعا نحو حديث أنس. قال فى " المجمع " (3/79): " أخرجه الطبرانى فى " الكبير " وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف " قلت: بل هو متهم.
(3/257)

ثم استدركت فقلت: إن جريراً لم يتفرد برفعه , بل تابعه زهير فقال: حدثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن على به.
أخرجه أبو داود أيضا إلا أنه قال: " قال زهير: أحسبه عن النبى صلى الله عليه وسلم ".
ولعل العلماء لم يذكروا هذه المتابعة لشك زهير هذا..
ثم وجدت للحديث طريقا أخرى بسند صحيح عن على رضى الله عنه خرجته فى " صحيح أبى داود " (1403) فصح الحديث والحمد لله.

(788) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " ابتغوا فى أموال اليتامى كيلا تأكله الزكاة ". رواه الترمذى , وروى موقوفا على عمر.
* ضعيف.
أخرجه الترمذى (1/125) والدارقطنى (ص 206) والبيهقى (4/107) من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: " ألا من ولى يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ".
وقال الترمذى: " فى إسناده مقال , لأن المثنى بن الصباح يضعف فى الحديث ".
قلت: وقد تابعه محمد بن عبيد الله عن عمرو به.
أخرجه الدارقطنى (207) , ومحمد بن عبيد الله هو العزرمي [1] وهو متروك كما فى " التقريب " و" التلخيص " (ص 176) وتابعه أيضا عبد الله بن على أبو أيوب الأفريقى.
أخرجه الجرجانى فى " تاريخ جرجان " (126 ـ 127 , 455) وكذا ابن عدى كما فى " التلخيص " وقال: " وهو ضعيف ".
وتابعه أبو إسحاق الشيبانى وهو ثقة , لكن الراوى عنه مندل.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: العرزمى }
(3/258)

أخرجه الدارقطنى. ومندل هو ابن على العنزى وهو ضعيف أيضا.
وخالفهم جميعا حسين المعلم فقال: عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: " ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة ".
أخرجه الدارقطنى والبيهقى وقال: " هذا إسناد صحيح , وله شواهد عن عمر رضى الله عنه ".
قلت: ورواه ابن أبى شيبة (4/25) من طريق الزهرى ومكحول عن عمر.
والشافعى (1/235) عن يوسف بن ماهك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ابتغوا فى مال اليتيم أو فى مال اليتامى لا تذهبها أو لا تستأصلها الصدقة ".
وهذا مرسل , ورجاله ثقات لولا أن فيه عنعنة ابن جريج.
وفى الباب عن أنس بن مالك يرويه الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/85/2): حدثنا على بن سعيد حدثنا الفرات بن محمد القيروانى حدثنا شجرة بن عيسى المعافرى عن عبد الملك بن أبى كريمة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عنه مرفوعا بلفظ: " اتجروا فى مال اليتامى لا تأكلها الزكاة ".
وقال الطبرانى: " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد ".
قلت: وهو واهٍجدا آفته الفرات هذا أورده الحافظ فى " اللسان "
وقال: " قال ابن حارث كان يغلب عليه الرواية والجمع ومعرفة الأخبار , وكان ضعيفا متهما بالكذب ".
(3/259)

و من ذلك تعلم ما فى قول الهيثمى (3/67): " وأخبرنى سيدى وشيخى: أن إسناده صحيح " من البعد عن الحقيقة. ولعل شيخه (وهو الحافظ العراقى) لم يستحضر حال هذا الرجل , أو توهم أنه غيره.

(789) - (قال عثمان بمحضر من الصحابة: " هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم " رواه أبو عبيد (ص 184).
* صحيح.
أخرجه مالك (1/253/17): عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول: فذكره إلا أنه قال: " حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة ".
وهذا سند صحيح.
ومن طريق مالك رواه الشافعى (1/237) والبيهقى (4/148) عنه.
ورواه ابن أبى شيبة (4/48) عن ابن عيينة عن الزهرى به إلا أنه قال: " فليقضه , وزكوا بقية أموالكم ".
ورواه البيهقى (4/148) من طريق شعيب عن الزهرى قال أخبرنى السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان رضى الله عنه خطيبا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا شهر زكاتكم ـ ولم يسم لى السائب الشهر ولم أسأله عنه ـ قال: فقال عثمان: فمن كان عليه دين فليقض دينه حتى تخلص أموالكم فتؤدوا منها الزكاة ". وقال: " رواه البخارى فى الصحيح ".
قلت: ولم أره فيه.
(3/260)

(790) - (حديث: "... فدين الله أحق بالوفاء... " (ص 185).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/464 , 4/431) والبيهقى (4/335) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: " أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمى نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج , أفأحج عنها ؟ قال: نعم فحجى عنها , أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ قالت: نعم قال: اقضوا الله , فإن الله أحق بالوفاء ".
وأخرجه النسائى (2/4) والدارمى (2/24) وأحمد (1/239 ـ 240) إلا أنهما قالا: " أن امرأة نذرت أن تحج فماتت , فأتى أخوها النبى صلى الله عليه وسلم فسأل عن ذلك , فقال: أرأيت.. ".
وفى أخرى لأحمد (1/345): " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختى نذرت أن تحج وقد ماتت.. ".
وهو رواية للبخارى (4/275) وابن الجارود (250).
وفى رواية أخرى عن سعيد بن جبير عنه: " إن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمى ماتت وعليها صوم شهر , فقال: أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضيه ؟ قالت: نعم , قال: فدين الله أحق بالقضاء ".
أخرجه مسلم (3/155 , 156) وأحمد (1/224 و227 و258 و362). ورواه ابن ماجه (1758) عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس به إلا أنه قال:

تــــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 65
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــتاب الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــتاب الزكاة   كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 5:08 pm

(3/261)

" وعليها صيام شهرين متتابعين ".
وليس الحديث مضطربا كما يبدو لأول وهلة من الاختلاف فى النذر هل هو الحج أو الصوم , فإن الواقع أنهما قضيتان سألت عنهما المرأة , فروى بعض الرواة إحداهما , وبعضهم الأخرى , بدليل حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه رضى الله عنه قال: " بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة , فقالت : إنى تصدقت على أمى بجارية , وإنها ماتت , قال: فقال: وجب أجرك , وردها عليك الميراث , قالت يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر (وفى رواية: شهرين) أفأصوم عنها ؟ قال: صومى عنها , قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها ؟ قال: حجى عنها "
أخرجه مسلم (3/156 , 157) وأحمد (5/349 و351 و359).
وهذه المرأة السائلة , هى غير الخثعمية التى سألت عن أبيها صباح يوم النحر , وقد روى قصتها ابن عباس أيضا , وعنه سليمان بن يسار قال: " كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه , فجاء [1] الفضل ينظر إليها , وتنظر إليه , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر, قالت: يا رسول الله ! إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخا كبيرا , لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: نعم , وذلك فى حجة الوداع".
أخرجه البخارى (1/464 و4/172) ومسلم (4/101) ومالك (1/359/97) والشافعى (1/287) وأبو داود (1809) والنسائى (1/4 و5) والترمذى (1/174) وابن ماجه (2909) والدارمى (2/39 ـ 40 و41) والبيهقى (4/328) وأحمد (1/212 و359) وزاد هو والدارمى وابن ماجه: " نعم فإنه لو كان على أبيك دين قضيته " وإسنادها صحيح. وزاد النسائى وابن الجارود:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: فجعل }
(3/262)

" غداة النحر " وسندها صحيح أيضا.
ورواه نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس: " أن امرأة من خثعم جاءت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبى شيخ كبير قد أفند , وأدركته فريضة الله على عباده فى الحج , ولا يستطيع أداءها , فهل يجزىء عنه أن أؤديها عنه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم " أخرجه ابن ماجه (2907) وسنده حسن.
وثم قصة ثالثة يرويها موسى بن سلمة عن ابن عباس قال: " أمرت امرأة سلمان بن عبد الله الجهنى أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمها توفيت ولم تحج , أيجزىء عنها أن تحج عنها ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان على أمها دين فقضته عنها أكان يجزىء عن أمها ؟ قال: فلتحجج عن أمها , وسأله عن ماء البحر ؟ فقال: ماء البحر طهور ".
أخرجه أحمد (1/279) بسند صحيح.

باب زكاة السائمة

(791) - (حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا: " فى كل إبل سائمة فى كل أربعين ابنة لبون " رواه أحمد وأبو داود والنسائى.
* حسن.
أخرجه أبو داود (1575) والنسائى (1/335 ـ 336 و339) وفى " الكبرى " (2/2 و3/1) والدارمى (1/396) وابن أبى شيبة (4/10) وابن الجارود (174) والحاكم (1/398) والبيهقى (4/105) وأحمد (4/2 و4) من طرق عن بهز به , وتمامه:
(3/263)

" لا يفرق إبل عن حسابها , من أعطاها مؤتجرا فله أجرها , ومن أبى فإنا آخذوها وشطر ماله , عزمة عن عزمات ربنا , لا يحل لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيئا ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وإنما هو حسن للخلاف المعروف فى بهز بن حكيم.

(792) - (حديث الصديق مرفوعا: " وفى الغنم فى سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة " الحديث (ص 185).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1567) والنسائى (1/336 ـ 338) والدارقطنى (209) والحاكم (1/390 ـ 392) والبيهقى (4/86) وأحمد (1/11 ـ 12) عن حماد بن سلمة قال: " أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك أن أبا بكر رضى الله عنه كتب لهم: إن هذه فرائض الصدقة التى فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التى أمر الله عز وجل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه فيما دون خمس وعشرين من الإبل , ففى كل خمس ذود شاة , فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين , فإن لم تكن ابنة مخاض , فابن لبون , ذكر , فإذا بلغت ستة وثلاثين ففيها ابنة لبون غلى خمس وأربعين , فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين. فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين , فإذا بلغت ستة وسبعين , ففيها بنتا لبون إلى تسعين , فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة , فإن زادت على عشرين ومائة ففى كل أربعين ابنة لبون , وفى كل خمسين حقة , فإذا تباين أسنان الإبل فى فرائض الصدقات , فمن بلغت عنده صدقة الجذعة , وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه , ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً , ومن بلغت عنده صدقة الحقة
(3/264)

و ليست عنده إلا جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين , ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده , وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه , ويجعل منها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً , ومن بلغت عنده صدقة ابن لبون وليست عنده إلا حقة فإنها تقبل منه , و
يعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين , ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون , وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض , فإنها تقبل منه , ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر , فإنه يقبل منه , وليس معه شىء , ومن لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها , وفى صدقة الغنم فى سائمتها , إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة , فإن زادت ففيها شاتان إلى مائتين , فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة , فإذا زادت ففى كل مائة شاة. ولا تؤخذ فى الصدقة هرمة , ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المتصدق , ولا يجمع بين متفرق , ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة , وما كان من خليطين , فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية , وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها , وفى الرقة ربع العشر فإذا لم يكن المال إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها ".
وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
وقال الدارقطنى: " إسناده صحيح , وكلهم ثقات ". وأقره البيهقى.
وقد تابعه أيوب قال: رأيت عند ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابا كتبه أبو بكر الصديق رضى الله عنه لأنس بن مالك رضى الله عنه حين بعثه على صدقة البحرين , عليه خاتم النبى صلى الله عليه وسلم " محمد رسول الله " فيه مثل هذا القول "
أخرجه البيهقى.
وتابعه محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصارى قال: حدثنى أبى قال: حدثنى ثمامة بن عبد الله بن أنس أن أنسا حدثه أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب
(3/265)

لما وجه إلى البحرين , بسم الله الرحمن الرحيم. هذه فريضة صدقة الصدقة التى فرض رسول الله على المسلمين... الحديث نحوه.
أخرجه البخارى (1/368 و2/110) وابن ماجه (1800) وابن الجارود (174 ـ 178) والبيهقى (40/85) , وأشار إليه الحاكم وقال: " وحديث حماد بن سلمة أصح وأشفى وأتم من حديث الأنصارى ".
قلت: ولأكثر فقرات الحديث أو كثير منها شاهد من حديث ابن عمر رضى الله عنه قال: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض , فقرن بسيفه فعمل به أبو بكر حتى قبض , ثم عمل به عمر حتى قبض , فكان فيه: " فى خمس من الإبل شاة... " الحديث بطوله.
أخرجه أصحاب السنن والدارمى (1/381) وابن أبى شيبة (3/121) والحاكم (1/392 ـ 394) والبيهقى (4/88) وأحمد (2/14 و15) من طريق سفيان بن حسين عن الزهرى عن سالم عنه.
وقال الحاكم: " وتصحيحه على شرط الشيخين حديث عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهرى , وإن كان فيه أدنى إرسال فإنه شاهد صحيح لحديث سفيان بن حسين ".
ثم ساقه هو والدارقطنى (ص 209) عنه عن ابن شهاب قال: " هذه نسخة كتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم التى كتب الصدقة , وهى عند آل عمر بن الخطاب قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها , وهى التى انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عمر , وسالم بن عبد الله حين أمر على المدينة , فأمر عماله بالعمل بها , وكتب بها إلى الوليد فأمر الوليد عماله بالعمل بها , ثم لم يل [1] الخلفاء يأمرون بذلك بعده , ثم أمر بها
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: يزل }
(3/266)

هشام , فنسخها إلى كل عامل من المسلمين , وأمرهم بالعمل بما فيها , ولا ينقدونها , وهذا كتاب يفسر ".
لا يؤخذ فى شىء من الإبل الصدقة حتى تبلغ خمس ذود , فإذا بلغت خمسا فيها شاة ... " الحديث بطوله.
وقد تابعه سليمان بن كثير عن الزهرى عن سالم عن أبيه به.
أخرجه البيهقى وروى عن البخارى أنه قال: " الحديث أرجو أن يكون محفوظا , وسفيان بن حسين صدوق ".

(793) - (وفى آخر: " إذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها " (ص 185).
* صحيح.
وهو قطعة من حديث أنس عن أبى بكر الذى قبله , خلافا لما أوهم المؤلف بقوله آخر. وسيذكرها المؤلف نفسه عن أنس (797).
ولهذا القدر منه شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فى أقل من أربعين شىء ".
أخرجه ابن أبى شيبة (4/16) بسند ضعيف إلى عمرو.

(794) - (حديث أنس أن أبا بكر الصديق كتب له حين وجهه إلى البحرين: بسم الله الرحمن الرحيم " هذه فريضة الصدقة التى فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التى أمر الله بها رسوله , فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطها , فى أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم فى كل خمس شاة , فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت
مخاض، فإن لم يكن بنت مخاض
(3/267)

فابن لبون ذكر , فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى , فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل , فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة , فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون , فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل , فإذا زادت على عشرين ومائة , ففى كل أربعين بنت لبون , وفى كل خمسين حقة ". رواه أحمد وأبو داود والنسائى والبخارى وقطعه فى مواضع (ص 186).
* صحيح.
وتقدم قريبا بتمامه , ويأتى بعضه (797).

(795) - (قول معاذ: " بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن فأمرنى أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة " الحديث رواه أحمد (ص 186).
* صحيح.
أخرجه أحمد (5/240) من طريق سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال: " بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن , وأمرنى أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ـ قال هارون بن معروف: والتبيع الجذع أو الجذعة - ومن كل أربعين مسنة , قال: " فعرضوا على أن آخذ ما بين الأربعين أو الخمسين , وبين الستين والسبعين , وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذاك وقلت لهم , حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقدمت , فأخبرت النبى صلى الله عليه وسلم , فأمرنى أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا. ومن كل أربعين مسنة , ومن الستين تبيعين , ومن السبعين مسنة وتبيعا , ومن الثمانين مسنتين , ومن التسعين ثلاثة أتباع , ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة والمائة مسنتين وتبيعا , ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع , قال: وأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا , وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها ".
قلت: وهذا سند ضعيف لانقطاعه بن يحيى بن الحكم ومعاذ كما ذكر
(3/268)

الحافظ فى " التعجيل ". ثم هو غير معروف الحال وكذا الراوى عنه سلمة , فإنه لم يوثقهما أحد , وقول الحافظ أنهما معروفان كأنه يعنى أنهما غير مجهولى العين , لأنه لم يوثقهما ولا حكى ذلك عن أحد من الأئمة.
لكن القسم الأول منه له طرق أخرى , فقال الأعمش: عن أبى وائل عن مسروق عن معاذ ابن جبل قال: " بعثنى النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن , فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة , ومن كل أربعين مسنة , ومن كل حالم دينارا , أو عدله معاقر "
أخرجه أبو داود (1578) والترمذى (1/122) والنسائى (1/339) والدارمى (1/382) وابن ماجه (1/576/1803) وابن أبى شيبة (4/12) وابن حبان (794) وابن الجارود (178) والدارقطنى (203) والحاكم (1/398) والبيهقى (4/98 و9/193) وقال الترمذى: " حديث حسن ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى.
قلت: وهو كما قالا , وقد قيل أن مسروقا لم يسمع من معاذ فهو منقطع , ولا حجة على ذلك , وقد قال ابن عبد البر: " والحديث ثابت متصل ".
وقد رواه الأعمش عن إبراهيم أيضا عن مسروق به.
أخرجه أبو داود (1577) والنسائى والدارمى وابن أبى شيبة والدارقطنى والبيهقى.
وتابعه عاصم وهو ابن أبى النجود عن أبى وائل به.
أخرجه الدارمى عن أبى بكر بن عياش عنه.
قلت: وهذا سند حسن. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد (5/233) لكنه لم يذكر فى إسناده مسروقا.
ثم أخرجه (5/247) كذلك من طريق شريك
(3/269)

عن عاصم به.
قلت: وشريك هو ابن عبد الله القاضى وهو سىء الحفظ.
وللحديث طريق أخرى , فقال مالك (1/259/24) عن حميد بن قيس المكى عن طاوس اليمانى: " أن معاذ بن جبل الأنصارى أخذ من ثلاثين بقرة , تبيعا , ومن أربعين بقرة مسنة , وأتى بما دون ذلك فأتى أن يأخذ منه شيئا , وقال: لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله , فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل ".
ومن طريق مالك رواه الشافعى (1/229) والبيهقى.
ورواه أحمد (5/230 و231) عن عمرو بن دينار أن طاوسا أخبره به نحوه.
وهذا سند رجاله كلهم ثقات إلا أنه منقطع بين طاوس ومعاذ لكن قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 174): " قد قال الشافعى: طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذا , وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافا ".
قلت: وقد روى موصولا , فقال بقية: حدثنى المسعودى عن الحكم عن طاوس عن ابن عباس قال: " لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة جذعا أو جذعة. ومن كل أربعين بقرة مسنة. فقالوا: فالأوقاص ؟ قال: ما أمرنى فيها بشىء , وسأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدمت عليه , فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن الأوقاص , فقال: ليس فيها شىء (قال المسعودى: والأوقاص ما دون الثلاثين وما بين الأربعين إلى الستين) فإذا كانت ستين ففيها تبيعان فإذا كانت سبعون ففيها مسنة أو تبيع , فإذا كانت
(3/270)

ثمانون ففيها مسنتان , فإذا كانت تسعون ففيها ثلاث تبايع " أخرجه الدارقطنى (202) وعنه البيهقى (99).
قال الحافط فى " التلخيص " (ص 174): " وهذا موصول , لكن المسعودى اختلط , وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد , وقد رواه الحسن بن عمارة عن الحكم أيضا , لكن الحسن ضعيف , ويدل على ضعفه قوله فيه: أن معاذا قدم على النبى صلى الله عليه وسلم من اليمن فسأله , ومعاذ لما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم , كان قد مات ".
ثم ذكر رواية مالك المتقدمة وفيها التصريح بوفاته صلى الله عليه وسلم قبل قدوم معاذ.
لكن قد علمت أنه منقطع. فلا يصلح أن يستدل به على ضعف رواية المسعودى , واستدل الزيلعى بدليل آخر وهو حديث جابر فى قصة دينه وعجزه عن الوفاء وإرسال النبى صلى الله عليه وسلم إياه إلى اليمن , وفيه " فلم يزل بها حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ولو صح هذا لكان دليلاً واضحا , ولكنه من رواية محمد بن عمر وهو الواقدى وهو متروك. فلا حجة فيه , على أن الزيلعى ساقه ملفقا من عدة أحاديث على أنه حديث واحد , كما نبه على ذلك المعلق الفاضل عليه.
ثم إن للحديث شاهدا من حديث عبد الله بن مسعود يرويه خصيف عن أبى عبيدة عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " فى ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة , وفى أربعين مسنة ".
أخرجه الترمذى (1/121) وابن ماجه (1804) وابن الجارود (179) والبيهقى (4/99) وقال الترمذى: " وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله ".
قلت: وخصيف سىء الحفظ.
وبالجملة فالحديث بطريقه وهذا الشاهد صحيح بلا ريب.

(796) - (قول سعد [1] بن ديسم: أتانى رجلان على بعير فقالا: إنا
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: سعر }
(3/271)

رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدى صدقة غنمك. قلت: فأى شىء تأخذان ؟ قالا: عناق جذعة أو ثنية " رواه أبو داود (ص 187).
* ضعيف.
رواه أبو داود (1581) والنسائى (1/341) وأحمد (3/414) عن مسلم بن ثفنة اليشكرى قال: " استعمل نافع بن علقمة أبى على عرافة قومه فأمره أن يصدقهم , قال: فبعثنى أبى فى طائفة منهم , فأتيت شيخا كبيرا يقال له سعد [1] بن ديسم , فقلت: إن أبى بعثنى إليك ـ يعنى لأصدقك ـ قال: ابن أخى , وأى نحو تأخذون ؟ قلت: نختار حتى إنا نتبين ضروع الغنم , قال : ابن أخى , فإنى أحدثك أنى كنت فى شعب من هذه الشعاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غنم لى , فجاءنى رجلان على بعير , فقالا لى: إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك لتؤدى صدقة غنمك , فقلت: ما على فيها ؟ فقالا: شاة , فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة محضا وشحما فأخرجتها إليهما , فقالا: هذه شاة الشافع وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعا , قلت: فأى شىء تأخذان ؟ قالا: عناقا جذعة أو ثنية , قال: فأعمد إلى عناق معتاط , والمعتاط: التى لم تلد ولدا , وقد حان ولادها فأخرجتها إليهما , فقالا: ناولناها , فجعلاها معهما على بعيرهما , ثم انطلقا ".
قلت: وهذا سند ضعيف مسلم بن ثفنة , قال الذهبى " أخطأ فيه وكيع وصوابه ابن شعبة. لا يعرف ". قلت: وعلى الصواب رواه النسائى فى رواية له.

(797) - (حديث أنس فى كتاب الصدقات: " وفى سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة , فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاتان , فإذا زادت على مائتين إلى ثلاث ففيها ثلاث شياه , فإذا زادت على ثلاثمائة ففى كل مائة شاة , فليس فيها صدقة , إلا أن يشاء ربها " رواه أحمد وأبو داود (ص 187).
* صحيح.
وتقدم تخريجه (792) مع سوقنا إياه بتمامه.
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: سعر }
(3/272)

فصل فى الخلطة

(798) - (روى أنس فى كتاب الصدقات: " ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة , وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية " رواه أحمد وأبو داود والنسائى.
* صحيح.
وتقدم تخريجه (792).

باب زكاة الخارج من الأرض

(799) - (حديث: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا (1) العشر , وفيما سقى بالنضح نصف العشر " رواه البخارى.
* صحيح
أخرجه البخارى (1/377) وأبو داود (1596) والنسائى (1/344) والترمذى (1/125) وابن ماجه (1817) والطحاوى (1/315) وابن الجارود (180) والدارقطنى (215) والبيهقى (4/130) والطبرانى فى " الصغير " (225) من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا.
وله طريق أخرى , يرويه ابن جريج: أخبرنى نافع عن ابن عمر قال: " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن إلى الحارث بن عبد كلال ومن معه من اليمن من معافر وهمدان: أن على المؤمنين صدقة العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء , وعلى ما سقى الغرب نصف العشر "
أخرجه ابن أبى شيبة (4/22) {و}الدارقطنى والبيهقى بسند صحيح.
وورد الحديث عن جابر بن عبد الله , وأبى هريرة ومعاذ بن جبل , وعبد الله بن عمرو وعمرو بن حزم.
أما حديث جابر , فيرويه أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره نحوه.
__________
(1) الأصل (عشريا) والتصويب من البخارى.
(3/273)

أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى والطحاوى وابن الجارود والدارقطنى والبيهقى وأحمد (3/353) وقال البيهقى: " إسناده صحيح ".
وأما حديث أبى هريرة فيرويه الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذياب عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن أبى هريرة به.
أخرجه ابن ماجه والترمذى وقال: " وقد روى هذا الحديث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا , وكأن هذا أصح. وقد صح حديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب ".
وأما حديث معاذ بن جبل فيرويه عاصم بن أبى النجود عن أبى وائل عنه.
أخرجه النسائى والدارمى (1/393) وابن ماجه (1818) والطحاوى والدارقطنى وأحمد (5/233) , وأدخل بعضهم بينه وبين أبى وائل مسروقا.
والسند حسن.
وأما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه ابن أبى ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
أخرجه ابن أبى شيبة , وسنده ضعيف.
وأما حديث عمرو بن حزم , فيرويه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن , وكتب فيه: " ما سقت السماء أو كان سيحا أو بعلا فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق , وما سقى بالرشاء أو بالدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق ".
أخرجه الطحاوى (1/315) والحاكم (1/395 ـ 397) وصححه
(3/274)

و وافقه الذهبى وفى " فيض البارى " للشيخ الكشميرى الحنفى (3/46): " وإسناده قوى " وفى ذلك نظر بينه الحافظ فى " التهذيب " وفيه زيادة عزيزة ليست فى شىء من الطرق الأخرى , ولكن لها شواهد تقويه , ويأتى بعضها قريبا.

(800) - (حديث: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " متفق عليه (ص 189).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/355) ومسلم (3/66) ومالك (1/244/2) وأبو نعيم فى " المستخرج " (16/37/2) وأبو داود (1558) والنسائى (1/342) والترمذى (1/122) والدارمى (1/384 ـ 385) وابن ماجه (1793) وأبو عبيد (424/1175
و1176) والطحاوى (1/314) وابن أبى شيبة (4/7 و10 ـ 11 و18) وابن الجارود (173 و181) والدارقطنى (215) والبيهقى (4/120) والطيالسى (2197) وأحمد (3/6 و30 و45 و59 و60 و73 و74 و79 و86 و97) من طرق عن أبى سعيد الخدرى قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: " ليس فيما دون خمس أواق صدقة , ولا فيما دون خمس ذود صدقة , وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ".
وفى رواية لمسلم " ليس فى حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق ". وسيذكرهاالمؤلف قريبا.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد أحمد فى رواية من طريق أبى البخترى عن أبى سعيد: " والوسق ستون مختوما ".
وهى عند ابن ماجه (1832) وأبى عبيد (517 و1589) وأبى داود
(3/275)

أيضا (1559) وأعله بقوله: " أبو البخترى لم يسمع من أبى سعيد ".
قلت: وكذا قال أبو حاتم , لكن الدارقطنى أخرجها من طريق أخرى , إلا أن فيها عبد الله بن صالح وأبو بكر بن عياش وفيهما ضعف ويأتى (803) لها شاهد من حديث جابر.
وللحديث شاهد من حديث جابر.
أخرجه مسلم وأبو نعيم وابن ماجه (1794) والطحاوى والطيالسى (1702) وأحمد (3/296) وسيأتى لفظه (رقم 816).
وآخر من حديث ابن عمر.
أخرجه الطحاوى والبيهقى وأحمد (2/92) عن ليث عن نافع عنه.
وليث هو ابن أبى سليم وهو ضعيف , وليس هو ابن سعد الثقة الإمام وإن كان يروى أيضا عن نافع.

(800/1) - (حديث: "لا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق". رواه مسلم). (ص789)
* صحيح.
وهو رواية لمسلم من حديث أبي سعيد المتقدم قبله، لكنه بلفظ: "ليس في حب ولا تمر (وفي رواية: ثمر) صدقة حتى ...
ورواه البيهقي (4/128) وابن الجارود.

(801) - (روى موسى بن طلحة: " أن معاذا لم يأخذ من الخضروات صدقة " (ص 190).
* صحيح.
رواه ابن أبى شيبة (4/19) عن وكيع عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة أن معاذا لما قدم اليمن لم يأخذ الزكاة إلا فى الحنطة والشعير
(3/276)

و التمر والزبيب.
ورجاله ثقات لولا أنه منقطع بين موسى ومعاذ.
لكن أخرجه الدارقطنى (201) والحاكم (1/401) وعنه البيهقى (4/128 ـ 129) عن عبد الرحمن بن مهدى حدثنا سفيان عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال: " عندنا كتاب معاذ عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر ".
وقال الحاكم: " هذا حديث قد احتجا بجميع رواته , وموسى بن طلحة تابعى كبير , لا ينكر أن يدرك أيام معاذ ".
ووافقه الذهبى فقال: " على شرطهما ".
وقد تعقبه صاحب التنقيح بالانقطاع الذى أشرنا إليه فقال: " قال أبو زرعة: موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل , ومعاذ توفى فى خلافة عمر , فرواية موسى بن طلحة عنه أولى بالإرسال " ذكره فى " نصب الراية " (2/386).
وأقول: لا وجه عندى لإعلال هذا السند بالإرسال , لأن موسى إنما يرويه عن كتاب معاذ , ويصرح بأنه كان عنده فهى رواية من طريق الوجادة وهى حجة على الراجح من أقوال علماء أصول الحديث , ولا قائل باشتراط اللقاء مع صاحب الكتاب.
وإنما يشترط الثقة بالكتاب وأنه غير مدخول. فإذا كان موسى ثقة ويقول: " عندنا كتاب معاذ " بذلك , فهى وجادة من أقوى الوجادات لقرب العهد بصاحب الكتاب. والله أعلم.
ويشهد له ما روى أبو حذيفة حدثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبى بردة عن أبى موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم:
(3/277)

" لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير , والحنطة , والزبيب , والتمر ".
أخرجه الدارقطنى والحاكم وقال: " إسناد صحيح ". ووافقه الذهبى. وأقره الزيلعى فى " نصب الراية " (2/389) , إلا أنه قال:
" قال الشيخ فى " الإمام ": وهذا غير صريح فى الرفع ".
قلت: لكنه ظاهر فى ذلك إن لم يكن صريحا , فإن الحديث لا يحتمل إلا أحد أمرين , إما أن يكون من قوله صلى الله عليه وسلم , أو من قول أبى موسى ومعاذ , والثانى ممنوع , لأنه لا يعقل أن يخاطب الصحابيان به النبى صلى الله عليه وسلم , والقول بأنهما خاطبا به أصحابهما يبطله أن ذلك إنما قيل فى زمن بعث النبى صلى الله عليه وسلم إياهما إلى اليمن , فتعين أنه هو الذى خاطبهما بذلك , وثبت أنه مرفوع قطعا.
ومما يؤيد أن أصل الحديث مرفوع أن أبا عبيد أخرجه فى " الأموال " (1174 و1175) من طرق عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب ـ مولى آل طلحة ـ قال: سمعت موسى بن طلحة يقول: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ الصدقة من الحنطة والشعير والنخل , والعنب ".
وهذا سند صحيح مرسل , وهو صريح فى الرفع , ولا يضر إرساله لأمرين:
الأول: أنه صح موصولا عن معاذ كما تقدم من رواية ابن مهدى عن سفيان عن عمرو ابن عثمان.
الثانى: أن عبد الله بن الوليد العدنى ـ وهو ثقة ـ رواه عن سفيان به وزاد فيه: " قال: بعث الحجاج بموسى بن المغيرة على الخضر والسواد , فأراد أن
(3/278)

يأخذ من الخضر الرطاب والبقول , فقال موسى بن طلحة عندنا كتاب معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمره أن يأخذ من الحنطة والشعير والتمر والزبيب. قال: فكتب إلى الحجاج فى ذلك , فقال: صدق ".
رواه البيهقى (4/129). ثم روى من طريق عطاء بن السائب قال: " أراد موسى بن المغيرة أن يأخذ من خضر أرض موسى بن طلحة فقال له موسى بن طلحة : انه ليس فى الخضر شىء. ورواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتبوا بذلك إلى الحجاج , فكتب الحجاج أن موسى بن طلحة أعلم من موسى بن المغيرة ".
ومن هذا الوجه عزاه فى " المنتقى " (4/29) للأثرم فى سننه , ثم قال: " وهو من أقوى المراسيل , لاحتجاج من أرسله به ".
قلت: فلولا أن الحديث صحيح عند موسى بن طلحة لما احتج به إن شاء الله تعالى.
وللحديث طرق أخرى متصلة ومرسلة , وقد اقتصرت هنا على أقواها , فمن أراد الإطلاع على سائرها فليراجع " نصب الراية " و" التلخيص " , و" نيل الأوطار " للشوكانى , وقد ذهب فيه إلى تقوية الحديث بطرقه ونقله عن البيهقى وهو الحق.

(802) - (وروى الأثرم بإسناده عن سفيان بن عبد الله الثقفى: " أنه كتب إلى عمر ـ وكان عاملا له على الطائف ـ أن قبله حيطانا فيها من الفرسك (1) والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافا , فكتب يستأمر فى العشر , فكتب إليه عمر: أن ليس عليها عشر , هى من العضاه كلها , فليس عليها عشر (ص 190)
* لم أقف على إسناده [1].
__________
(1) قال المؤلف هو الخوخ.
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/34:
وقفت على إسناد له , رواه يحيى بن آدم فى " الخراج ": (رقم 548 , ط. أحمد شاكر) و عنه البلاذرى فى " فتوح البلدان ": (1/69) , و البيهقى فى " السنن الكبرى ": (4/125) , قال يحيى: حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرؤاسى عن جعفر بن نجيح السعدي المدني عن بشر بن عاصم و عثمان بن عبد الله بن أوس , أن سفيان بن عبد الله الثقفى فذكره.
و جعفر بن نجيح هو جد على بن المدينى , ذكره ابن حبان فى " الثقات ": (6/140) , و ذكره البخارى: (1/2/201) , و ابن أبى حاتم: (1/1/491 - 492) , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا.
و رواية بشر بن عاصم عن جده سفيان الظاهر أنها مرسلة , فهو يروى عن أبيه عاصم و أبوه يروى عن سفيان , لكنه مقرون بعثمان و الأظهر أن روايته أيضا مرسلة.
(3/279)

(803) - (خبر: " الوسق ستون صاعا " رواه أحمد وابن ماجه (ص 190).
* ضعيف.
وهو من حديث أبى سعيد الخدرى فى رواية عنه وقد سبق ذكر علتها فى الحديث (800) , لكن له طريق أخرى , كما تقدم هناك.
وله شاهد يرويه محمد بن عبيد الله عن عطاء بن أبى رباح وأبى الزبير عن جابر ابن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (115/2): " هذا إسناد ضعيف , فيه محمد بن عبيد الله العرزمى , وهو متروك الحديث , وله شاهد من حديث أبى سعيد الخدرى , رواه الشيخان وغيرهما وروى ذلك عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن البصرى والنخعى وغيرهم ".
قلت: حديث أبى سعيد الخدرى عند الشيخين ليس فيه هذا الخبر , وإنما هو زيادة عند أحمد وابن ماجه فى حديثه المتقدم هناك , والآثار المشار إليها أخرجها ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/18) , وروى فيه خبر أبى سعيد أيضا ولكنه أوقفه.

(804) - (حديث أبى سعيد مرفوعا: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " رواه الجماعة.
* صحيح.
وتقدم قريبا (800).

(805) - (حديث عائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه " رواه أبو داود.
أخرجه أبو داود (1606) وأبو عبيد (483/1438) والبيهقى (4/123) وأحمد (6/163) من طريق ابن جريج قال: أخبرت عن ابن شهاب عن عروة عنها.
(3/280)

قلت: ورجاله ثقات كلهم غير أنه منقطع بين ابن جريج وابن شهاب.
وله شاهد من حديث جابر قال: " أفاء الله عز وجل خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأمرهم [1] رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا , وجعلها بينه وبينهم , فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم , ثم قال لهم: يا
معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إلى , قتلتم أنبياء الله عز وجل , وكذبتم على الله , وليس يحملنى بغضى إياكم على أن أحيف عليكم , قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر , فإن شئتم فلكم , وإن أبيتم فلى , فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض , قد أخذنا , فاخرجوا عنا ".
أخرجه البيهقى وأحمد (3/367) والطحاوى (1/317).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات لولا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه , لكنه قد صرح بالتحديث فى رواية لأحمد (3/296) من طريق ابن جريج: أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: " خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق , وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم. ورواه ابن أبى شيبة (4/49) معنعنا.
وله شاهد آخر من حديث ابن عمر: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث ابن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم , ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا , فقالوا: هذا هو الحق , بهذا قامت السماوات والأرض ".
أخرجه أحمد (2/24) ورجاله ثقات غير العمرى وهو عبد الله بن عمر العمرى المكبر وهى سىء الحفظ , لكن تابعه عبد الله بن نافع , عند الطحاوى (1/316) وهو ضعيف أيضا , غير أن أحدهما يقوى الآخر.
وعن عتاب بن أسيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: فأقرهم }
(3/281)

أخرجه أبو داود (1603) والترمذى (1/125) والبيهقى (4/122) وقال الترمذى " حديث حسن " من طريقين عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به.
وأخرجه مالك (2/703) عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب مرسلا نحوه.
قلت: وهذا أصح.
وعن ابن عباس: " ان النبى صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر اشترط عليهم أن له الأرض , وكل صفراء وبيضاء , يعنى الذهب والفضة وقال له أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض , فأعطناها على أن نعملها ويكون لنا نصف الثمرة , ولكم نصفها , فزعم أنه أعطاهم على ذلك. فلما كان حين يصرم النخل , بعث إليهم ابن رواحة فحزر النخل وهو الذى يدعونه أهل المدينة , الخرص , فقال: فى ذا: كذا وكذا , فقالوا: هذا الحق , وبه تقوم السماء والأرض فقالوا: قد رضينا أن نأخذ بالذى قلت " رواه ابن ماجه (1820) وإسناده جيد.

فصل

(806) - (حديث ابن عمر: " فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر ". رواه أحمد والبخارى والنسائى وأبى داود وابن ماجه: " فيما سقت السماء والأنهار والعيون , أو كان بعلا: العشر وفيما سقى بالسواقى والنضح: نصف العشر ".
* صحيح.
وقد تقدم برقم (799).

(807) - (روى الدارقطنى عن عتاب بن أسيد: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرص العنب زبيبا كما يخرص التمر ".
(3/282)

* ضعيف.
أخرجه الدارقطنى (217) وكذا الترمذى (1/125) وأبو داود (1603) والبيهقى (4/122) من طريق محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به.
وزاد الترمذى: " ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا ". وقال: " حديث حسن غريب "
قلت: ورجاله ثقات غير التمار هذا فقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق يخطىء " لكن تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عند أبى داود والدارقطنى.
وقال أبو داود: " وسعيد لم يسمع من عتاب شيئا ".
وأعله الدارقطنى بالإرسال فقال: " رواه صالح بن أبى الأخضر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة , وأرسله مالك ويعمر وعقيل عن الزهرى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
قلت: ورواية مالك هذه تقدم تخريجها قبل حديث , وليس فيه ما فى رواية التمار هذه من خرص العنب من أجل الزكاة فكأن الدارقطنى يعنى أصل الحديث.
وعبد الرحمن بن إسحاق المتابع للتمار هو العامرى القرشى وهو حسن الحديث كما تقدم مرارا , وفى حفظه ضعف كالتمار , فوصلهما للإسناد مع إرسال أولئك الثقات له , مما لا تطمئن النفس لقبوله والله سبحانه وتعالى أعلم.

(808) - (حديث ابن عمر: " القبالات ربا " (ص 192).
لم أقف على سنده [1].

(809) - (عن ابن عباس: " إياكم والربا: ألا وهى القبالات , ألا وهى الذل والصغار " (ص 192).
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/35:
وقفت على سنده , رواه أبو عبيد فى " الأموال ": (ص 70 , ط. حامد الفقى) , و ابن زنجويه في " الأموال ": (1/215) من طريق شعبة , حدثنا جبلة بن سحيم قال: سمعت ابن عمر يقول: " القبالات ربا ".
و هذا إسناد صحيح رجاله شموس لا تخفى.
و رواه حرب فى " مسائله " , و ساق إسناده شيخ الإسلام فى " الفتاوى المصرية ": (3/295) من طريق شعبة عن جبلة سمع ابن عمر به.
و رواه الأثرم من طريق شعبة به نحوه , كما أفاده ابن رجب فى " الاستخراج لأحكام الخراج ": (ص 53).
(3/283)

لم أجده.[1]
وقد أورده ابن الأثير فى مادة " قبل " وقال: " القبالات: هو أن يتقبل بخراج أو جباية أكثر مما أعطى فذلك الفضل ربا , فإن تقبل وزرع فلا بأس ".

(810) - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ فى زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها ". رواه أبو عبيد والأثرم وابن ماجه (ص 192).
* صحيح.
قال أبو عبيد فى " الأموال " (497/1489): حدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبى جعفر عن عمرو بن شعيب به إلا أنه قال: " من عشر قربات ".
وهذا سند رجاله ثقات غير أن ابن لهيعة سىء الحفظ , لكنه لم يتفرد به كما يأتى فالحديث صحيح. فقد أخرجه ابن ماجه (1824) من طريق نعيم بن حماد حدثنا ابن المبارك حدثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب به مختصرا بلفظ: " أنه صلى الله عليه وسلم أخذ من العسل العشر ".
قلت: ونعيم ضعيف. لكن أخرجه أبو داود (1600) والنسائى (1/346) من طريق عمرو بن الحارث المصرى عن عمرو بن شعيب به بلفظ: " جاء هلال أحد بنى متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له , وكان سأله أن يحمى له واديا يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادى , فلما ولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك , فكتب عمر رضى الله عنه: إن أدى إليك ما كان يؤدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له سلبته , وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء ".
قلت: وهذا سند صحيح , فإن عمرو بن الحارث المصرى ثقة فقيه حافظ
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/36:
وجدته في كتاب " الأموال " لابن زنجويه (1/215): أنا محمد بن يوسف أنا يونس بن أبى إسحاق عن أبى هلال التغلبى عمير بن قميم قال: سمعت عبد الله بن عباس و هو يقول: إياكم و الربا.... , ألا و هى القبالات , ألا و هى الذلة والصغار.
و ذكره الدولابى فى " الكنى ": (2/154) فى ترجمة أبى هلال.
و فى إسناده أبو هلال عمير بن قميم قال الذهبى: لا يعرف.
و نقل فى " الميزان ": (4/582) عن البخارى قوله: لا يتابع على حديثه , و ترجم له فى " الجرح و التعديل ": (3/1/378) و لم يذكر جرحا و لا تعديلا.
و روى أبو عبيد (ص 70) عن أبى هلال عن ابن عباس قال: القبالات حرام.
تنبيه: قميم بالقاف مصغرا , و يحرف إلى تميم و يريم , انظر لضبطه " تكملة الإكمال " لابن نقطة: (1/469) , و " تبصير المنتبه ": (1/203).
(3/284)

كما فى " التقريب ".
ثم أخرجه أبو داود (1601) من طريق المغيرة ونسبه إلى عبد الرحمن بن الحارث المخزومى قال: حدثنى أبى عن عمرو بن شعيب فذكر نحوه قال: " من كل عشر قرب قربة. وقال سفيان بن عبد الله الثقفى قال: وكان يحمى لهم واديين. زاد: فأدوا إليه ما كانوا يؤدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمى لهم وادييهم ".
وأخرجه البيهقى (4/126 ـ 127) عن أبى داود بالسندين , ثم قال: " ورواه أيضا أسامة بن زيد عن عمرو نحو ذلك ".
قلت: وصله عن أسامة , ابن ماجه بسند ضعيف كما تقدم , لكن وصله أبو داود (1602) من طريق ابن وهب: أخبرنى أسامة بن زيد بلفظ: " أن بطنا من فهم - بمعنى المغيرة - , قال: من عشر قرب قربة , وقال: واديين لهم ".
قلت: وهذا سند حسن إلى عمرو بن شعيب , وكذا الذى قبله فهذه طرق إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده متصلا , وبعضها صحيح بذلك إليه كما تقدم. وعليه فلا يضره ما رواه ابن أبى شيبة (4/20) عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب: " أن أمير الطائف كتب إلى عمر بن الخطاب: إن أهل العسل منعونا ما كانوا يعطون من كان قبلنا , قال: فكتب إليه: إن أعطوك ما كانوا يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم , وإلا فلا تحم لهم , قال: وزعم عمرو بن شعيب أنهم كانوا يعطون من كل عشر قرب قربة ".
قلت: فهذا مرسل , ولكن لا تعارض بينه وبين من وصله لجواز أن عمرا كان يرسله تارة , ويوصله تارة , فروى كل ما سمع , والكل صحيح.
وقال الحافظ فى " التلخيص " (ص 180):
(3/285)

" قال الدارقطنى: يروى عن عبد الرحمن بن الحارث وابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مسندا , ورواه يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرو بن شعيب عن عمر مرسلا. قلت: فهذه علته , وعبد الرحمن وابن لهيعة ليسا من أهل الإتقان. لكن تابعهما عمرو بن الحارث أحد الثقات , وتابعهما أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عند ابن ماجه وغيره كما مضى ".
قلت: فاتصل الإسناد وثبت الحديث. والحمد لله.
وله شاهد من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فى العسل فى كل عشرة أزق زق ".
أخرجه الترمذى (1/123) والطبرانى فى " الأوسط " (1/87) إلا أن لفظه: " فى العسل العشر , فى كل ثنتى عشرة قربة قربة , وليس فيما دون ذلك شىء ".
وأخرجه البيهقى (4/126) بلفظ الترمذى. ثلاثتهم من طريق صدقة بن عبد الله عن موسى بن يسار عن نافع عنه , وقال البيهقى:
" تفرد به صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف , قد ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما , وقال أبو عيسى الترمذى: سألت محمد بن إسماعيل البخارى عن هذا الحديث ؟ فقال: هو عن نافع عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسل ".
وقال الترمذى: " فى إسناده مقال , ولا يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الباب كبير شىء , وصدقة بن عبد الله ليس بحافظ , وقد خولف صدقة بن عبد الله فى رواية هذا الحديث عن نافع ".
ثم روى بسنده الصحيح عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال: " سألنى عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل , قال: قلت: ما عندنا
(3/286)

عسل نتصدق منه , ولكن أخبرنا المغيرة بن حكيم أنه قال: ليس فى العسل صدقة , فقال عمر: عدل مرضى , فكتب إلى الناس أن توضع. يعنى عنهم ".
ورواه ابن أبى شيبة أيضا (4/21).
قلت: والمغيرة بن حكيم تابعى ثقة , وما ذكره من النفى لم يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فهو مقطوع , ولو رفعه لكان مرسلا فليس يعارض بمثله حديث عمرو بن شعيب بعد أن ثبت عنه , لا سيما وهو مثبت , وله ذلك الشاهد عن نافع عن ابن عمر. وهو وإن كان ضعيف السند , فمثله لا بأس به فى الشواهد.
لاسيما وقد أثبت له البخارى أصلا من حديث نافع مرسلا. والله أعلم.
وفى الباب شواهد أخرى منها عن أبى هريرة مختصرا مرفوعا بلفظ: " فى العسل العشر ".
رواه العقيلى فى " الضعفاء " (224) وضعفه.
وراجع بقية الشواهد فى " نصب الراية " (2/390 ـ 391).

(811) - (روى الجوزجانى عن عمر: " أن أناسا سألوه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لنا واديا باليمن فيه خلايا من نحل , وإنا نجد ناسا يسرقونها. فقال عمر: إذا أديتم صدقتها من كل عشرة أفراق فرقا حميناها لكم " (ص 192).
* لم أقف على سنده.

(812) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " وفى الركاز الخمس " رواه الجماعة (ص 193).
* صحيح.
رواه البخارى (1/381 ـ 382) ومسلم (3/127 ـ
(3/287)

128) وأبو داود (3085) والنسائى (1/345) والترمذى (1/259) والدارمى (1/393) وابن ماجه (2509) ومالك أيضا (1/249/9) وابن الجارود (191) والبيهقى (4/155) والطيالسى (2305) وأحمد (2/239 , 254 , 274 , 285 , 415 , 475 , 495 , 501 ) من طريق سعيد بن المسيب وأبى سلمة عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " العجماء جرحها جبار , والبئر جبار , والمعدن جبار , وفى الركاز الخمس " وليس عند مالك وابن ماجه إلا الجملة الأخيرة منه. وكذلك رواه أبو عبيد (336/857) وكذا ابن أبى شيبة (4/67) ولكنه لم يذكر فى سنده أبا سلمة وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقد رواه عن أبى سلمة وحده بتمامه مسلم وأبو عبيد (856) , وهو رواية لأحمد.
وله عند البخارى (2/76) ومسلم والنسائى وابن أبى شيبة وأحمد (2/228 ,319 , 382 , 386 , 406 , 411 , 415 , 454 , 456 , 467 , 482 , 493 , 499 , 507) وابن أبى شيبة (66) والقاسم السرقسطى فى " غريب الحديث " (2/157/2) والطبرانى فى " الصغير " (ص 67 , 153) طرق كثيرة عن أبى هريرة.
وله شواهد فى السنن وغيرها , وقد كنت ذكرتها ـ فيما أظن ـ فى رسالتى " أحكام الركاز " , ولم تطبع.

(812/1) - (روى أبو عبيد بإسناده عن الشعبي "أن رجلاً وجد ألف دينار مدفونة خارج المدينة فأتى بها عمر بن الخطاب فأخذ منها مائتي دينار، ودفع إلى الرجل بقيتها، وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين إلى أن فضل منها فضلة، فقال: أين صاحب الدنانير؟ فقام إليه، فقال عمر: خذ هذه الدنانير فهي لك"). (ص193)
(3/288)

* ضعيف.
رواه أبو عبيد (342/874) من طريق مجالد عن الشعبي.
قلت: وهذا سند ضعيف، لأن مجالداً فيه ضعف، والشعبي لم يسمع من عمر.

باب زكاة الأثمان

(813) - (حديث عائشة وابن عمر: " كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال " رواه ابن ماجه.
* صحيح.
رواه ابن ماجه (1791) عن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الله بن واقد عن ابن عمر وعائشة: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من كل عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار , ومن الأربعين دينارا دينارا " هذا لفظه وكذلك أخرجه الدارقطنى (199) من هذا الوجه , وقال البوصيرى فى " الزوائد " (113/1): " إبراهيم بن إسماعيل ضعيف ".
قلت: وكذا فى " التقريب " وهو ابن مجمع كما فى رواية الدارقطنى لكن للحديث شواهد يتقوى بها , فلا بد من ذكرها.
1 ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ليس فى أقل من عشرين مثقالا من الذهب , ولا فى أقل من مائتى درهم صدقة ".
رواه أبو عبيد (409/113) والدارقطنى (199) عن ابن أبى ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب به.
(3/289)

قلت: وهذا سند ضعيف. عبد الكريم هذا هو ابن أبى المخارق. وابن أبى ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن وكلاهما ضعيف.
2 ـ عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى: " أن فى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى كتاب عمر فى الصدقة أن الذهب لا يؤخذ منه شىء حتى يبلغ عشرين دينارا , فإذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار , والورق لا يؤخذ منه شىء حتى يبلغ مائتى درهم , فإذا بلغ مائتى درهم ففيها خمسة دراهم ".
أخرجه أبو عبيد (408/1106): حدثنا يزيد عن حبيب بن أبى حبيب عن عمرو بن هرم عن محمد بن عبد الرحمن الأنصارى.
قلت: وهذا سند صحيح مرسل , فإن الأنصارى هذا تابعى ثقة ولكنه فى حكم المسند لأن الأنصارى أخذه عن كتاب النبى صلى الله عليه وسلم وكتاب عمر رضى الله عنه. ففى رواية لأبى عبيد (358/933) بهذا السند عن الأنصارى: " لما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصدقات , وكتاب عمر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 65
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــتاب الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــتاب الزكاة   كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 5:10 pm

(3/291)

قلت: وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير عبد الله بن شبيب وهو واهٍ , كما فى " الميزان ".
وجملة القول فالحديث صحيح لا شك فيه عندى.

(814) - (حديث أنس مرفوعا: " وفى الرقة ربع العشر " متفق عليه (ص 194).
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/368) فى آخر حديث أنس بكتاب أبى بكر الصديق بما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين قال فيه: " وفى الرقة ربع العشر , فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شىء إلا أن يشاء ربها ".
وقد تقدم الحديث بطوله (رقم 792) من رواية أبى داود وغيره.
وذكرنا هناك أن البخارى رواه بنحوه , وأما عزو المؤلف لهذا المقدار منه للمتفق عليه فمن أوهامه رحمه الله تعالى.
وهذا القدر رواه أبو عبيد أيضا (409/1112).

(815) - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " ليس فى أقل من عشرين مثقالاً من الذهب ولا فى أقل من مئتى درهم صدقة " رواه أبو عبيد (ص 194).
* صحيح.
وقد أخرجه الدارقطنى أيضا , وهو وإن كان سنده ضعيفا , فهو صحيح بإعتبار ما له من الشواهد , وقد سبق ذكرها قبل حديث.

(816) - (حديث: " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " رواه أحمد ومسلم عن جابر.
* صحيح.
رواه مسلم (3/67) وأبو نعيم فى " المستخرج " (16/37/2) والطحاوى (1/314 ) عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله عن
(3/292)

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره وزاد: " وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة , وليس فيما دون خمسة
أوسق من التمر صدقة ".
وللطحاوى (1/315) منه الجملة الأخيرة فقط. ثم أخرج من طريق محمد بن مسلم قال: أنبأنا عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله به مرفوعا بلفظ: " لا صدقة فى شىء من الزرع أو الكرم حتى يكون خمسة أوسق , ولا فى الرقة حتى تبلغ مائتى درهم ".
ومن هذا الوجه أخرجه ابن ماجه (1794) وأحمد (3/296) بلفظ: " ليس فيما دون خمس ذود صدقة , وليس فيما دون خمس أواق صدقة , وليس فيما دون خمسة أوساق صدقة ".
وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 113/2): " هذا إسناد حسن ".
وصححه الحاكم (1/400 , 401 ـ 402) على شرط مسلم ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن مسلم وهوالطائفى فمن رجال مسلم وحده وفيه ضعف , وفى " التقريب ": " صدوق يخطىء " وقد تابعه عيسى بن ميمون المكى عن عمرو بن دينار به , لكنه اقتصر على الجملة الوسطى فقط.
أخرجه الطيالسى (1702) وإسناده صحيح.
ورواه البيهقى (4/128 , 134) من طريق الطائفى به , وقرن فى رواية له مع جابر أبا سعيد الخدرى.
ثم رواه (4/120) من طريق نعيم بن حماد أبى عبد الله الفارضى المروزى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن أبى نجيح وأيوب ويحيى بن أبى كثير عن ابنى جابر عن جابر كلهم ذكروا عن النبى صلى الله عليه وسلم به مثل رواية الطائفى عند ابن ماجه.
(3/293)

قلت: ونعيم هذا ضعيف.

(817) - (حديث جابر: " ليس فى الحلى زكاة " رواه الطبرانى (ص 195).
* باطل.
أخرجه ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/196/1 ـ 2) من طريق إبراهيم بن أيوب قال : حدثنا عافية بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر مرفوعا به. وقال : " قالوا عافية ضعيف , قلنا: ما عرفنا أحدا طعن فيه ".
قلت: كذا قال , لا يخفى ما فيه من التسامح فى النقد , فإن للمخالف أن يقول له: فهل علمت أحدا وثقه , فإن لا يلزم من عدم معرفة الراوى بطعن أنه ثقة , فإن بين ذلك منزلة أخرى وهى الجهالة ؟ ! وهذا ظاهر بين.
وقد ذكر الزيلعى فى " نصب الراية " (2/374) هذا الحديث من طريق ابن الجوزى ثم لم يذكر كلام ابن الجوزى المذكور , مشيرا إلى أنه غير مرضى عنده , وأيد ذلك بقوله: " قال البيهقى فى " المعرفة ": (قلت: فذكر الحديث من طريق عافية) فباطل لا أصل له , إنما يروى عن جابر من قوله , وعافية بن أيوب مجهول , فمن احتج به مرفوعا كان معزرا بذنبه , وداخلاً فيما نعيب به المخالفين من
الاحتجاج برواية الكذابين. انتهى. وقال الشيخ فى " الإمام ": ورأيت بخط شيخنا المنذرى رحمه الله: وعافية بن أيوب لم يبلغنى فيه ما يوجب تضعيفه. قال الشيخ: ويحتاج من يحتج به إلى ذكر ما يوجب تعديله. انتهى ".
قلت: وكلام الشيخ ـ وهو ابن دقيق العيد ـ أعدل ما رأيت من الكلام فيه , فلا بد لمن احتج به أن يثبت توثيق عافية , ويبدو أن ذلك من غير الممكن , فقد جرى كل من وقفت على كلامه فى هذا الحديث على أنه مجهول , ولم يأت بما يثبت توثيقه.
ولكنى رأيت ابن أبى حاتم قال فى " الجرح والتعديل " (3/2/44): " سئل أبو زرعة عن عافية بن أيوب ؟ فقال: هو مصرى ليس
(3/294)

به بأس ".
ولذلك قال الحافظ فى " اللسان " عقب قول أبى زرعة هذا: " فليس هذا بمجهول " وهذا هو الصواب , وفيه رد على الذهبى فى قوله: " تكلم فيه , ما هو بحجة , وفيه جهالة ". فكأنه لم يقف ـ كغيره ـ على توثيق أبى زرعة المذكور , وهو إمام حجة , لا مناص من التسليم لقوله. ولكن هل يصير الحديث بذلك صحيحا ؟
والجواب: لا فإن فى سنده علة أخرى فإنه من إبراهيم بن أيوب الراوى له عن عافية , فقد ذكره أبو العرب فى " الضعفاء " , ونقل عن أبى الطاهر أحمد بن محمد ابن عثمان المقدسى أنه قال: إبراهيم بن أيوب حورانى ضعيف.
قال أبو العرب: وكان أبو الطاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر. وقال أبو حاتم: لا أعرفه ".
فهذه هى علة الحديث , وإن الباحث المدقق ليعجب من ذهول كل من تكلم على الحديث عنها , وانصرافهم إلى تعليله بما ليس بعلة قادحة. وذلك كله مصداق لقول القائل: " كم ترك الأول للآخر ".
وللحديث علة أخرى وهى الوقف , فقال ابن أبى شيبة (4/27): عبدة بن سليمان عن عبد الملك عن أبى الزبير عن جابر قال: لا زكاة فى الحلى. قلت: إنه يكون فيه ألف دينار ؟ قال: يعار ويلبس ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وأبو الزبير قد صرح بالسماع وقد تابعه عمرو بن دينار قال: " سمعت رجلا يسأل جابر بن عبد الله عن الحلى: أفيه الزكاة فقال جابر: لا , فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار ؟ فقال جابر: كثير ".
أخرجه الشافعى (1/239) وأبو عبيد (442/1275) وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الدراقطنى (205) من طريق أبى حمزة عن الشعبى عن جابر قال: " ليس فى الحلى زكاة ".
(3/295)

و بهذا السند عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " فى الحلى زكاة ". وقال الدارقطنى: " أبو حمزة هذا ميمون , ضعيف الحديث ".
قلت: فتبين مما تقدم أن الحديث رفعه خطأ , وأن الصواب وقفه على جابر وأن فى الباب ما يخالفه وهو حديث فاطمة بنت قيس مرفوعاً , وهو وإن كان ضعيف الإسناد فقد جاءت له شواهد قوية تشهد له بالصحة , أذكر بعضها.
1 ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومعها ابنة لها , فى
يدها مسكتان من ذهب , فقال: هل تعطين زكاة هذا ؟ قالت: لا , قال: أيسرك أن يسورك الله بهما بسوارين من نار ؟ ".
أخرجه أبو داود (1563) والنسائى (1/343) والترمذى (1/124) وأبو عبيد (439/1260) وابن أبى شيبة (4/27) والبيهقى (4/140) وأحمد (2/178 , 204 , 208) من طرق عن عمرو به.
قلت: وإسناده إلى عمرو عند أبى داود والنسائى وأبى عبيد جيد , وصححه ابن القطان كما فى " نصب الراية " (2/370).
2 ـ عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال: " دخلنا على عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى فى يدى فتخات من ورق , فقال: ما هذا يا عائشة ؟ فقلت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله , قال: أتؤدين زكاتهن ؟ قلت: لا , أو ما شاء الله , قال: هو حسبك من النار ".
أخرجه أبو داود (1565) والدارقطنى (205) والحاكم (1/389 ـ 390) والبيهقى (4/139) عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد الله بن
(3/296)

شداد. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبى وهو كما قالا.
وكلام الشيخ ابن دقيق العيد فى " الإمام " على ما نقله الزيلعى (2/371) يشعر أنه على شرط مسلم فقط , فقد قال: " ويحيى بن أيوب (أحد رواته) أخرج له مسلم ... والحديث على شرط مسلم ".
ويحيى بن أيوب هو الغافقى أبو العباس المصرى وقد أخرج له البخارى أيضا.
هذا ومحمد بن عمرو بن عطاء ثقة أيضا محتج به فى الصحيحين , وقد وقع فى سند الدارقطنى (محمد بن عطاء) منسوبا إلى جده فقال فيه: " مجهول " وتبعه على ذلك ابن الجوزى فى " التحقيق " (1/198/1) , وهو ذهول منهما رده الأئمة من بعدهما كالزيلعى والعسقلانى وغيرهما.
(تنبيه على أوهام):
1 ـ عزا المؤلف حديث الباب إلى الطبرانى وذلك وهم منه أو ممن نقله عنه , فليس الحديث عند الطبرانى , ولم أجد أحدا غيره عزاه إليه , ولا أورده الهيثمى فى " مجمع الزوائد ".
وقد سبق للمؤلف مثل هذا الوهم فى الحديث (48) فراجعه إن شئت.
2 و3 ـ عزاه السيوطى فى " الجامع الكبير " (2/154/2) للدارقطنى عن جابر وفاطمة بنت قيس. وفيه وهمان:
الأول: أن حديث جابر ليس مرفوعا عند الدراقطنى كما رأيت.
الثانى: أن حديث فاطمة لفظه عنده " فى الحلى زكاة " ليس فيه " ليس " فهو فى إثبات الزكاة لا فى نفيها , وكذلك عزاه فى " نصب الراية " (2/373) للدارقطنى.

فصل

(818) - (حديث: أنه صلى الله عليه وسلم " اتخذ خاتماً من وَرق " متفق عليه (ص 195).
(3/297)

* صحيح.
أخرجه البخارى (4/92) ومسلم (6/150) وأبو داود (4220) والبيهقى (4/142) وأحمد (2/22) من طريق نافع عن ابن عمر قال: " اتخذ النبى صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق , فكان فى يده , ثم كان فى يد أبى بكر , ثم كان فى يد عمر , ثم كان فى يد عثمان , حتى وقع منه فى بئر أريس , نقشه: محمد رسول الله ". وزاد أبو داود: " وقال: لا ينقش أحد على نقش خاتمى هذا ".
ورواه النسائى (2/295) وابن ماجه (3639) بهذه الزيادة مختصرا , وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

(819) - (قال الدارقطنى وغيره: المحفوظ " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يختتم فى يساره " (ص 196).
* صحيح.
وفيه أحاديث:
الأول: عن أنس قال: " كان خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه , وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى " أخرجه مسلم (6/152) والنسائى (2/295) والبيهقى (4/142) وأحمد (3/267) عن حماد بن سلمة عن ثابت عنه.
ورواه أبو الشيخ فى " كتاب أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم " (ص 134) , لكنه قال: " حماد بن زيد " بدل " حماد بن سلمة , وما أظنه إلا خطأ من بعض النساخ أو الطابع , فإنه رواه من الطريق التى رواها منها مسلم عن حماد بن سلمة.
وتابعه قتادة عن أنس قال: " كان خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى خنصره اليسرى ".
أخرجه أبوالشيخ من طريق عمر بن أبى سلمة أخبرنا سعيد بن بشير عن قتادة به.
(3/298)

قلت: وهذا سند ضعيف من أجل سعيد بن بشير وهو الأزدى الشامى وهو ضعيف كما فى " التقريب ". وأما عمر بن أبى سلمة , فكذا هو فى الكتاب , والظاهر أنه خطأ والصواب " عمرو " وهو التنيسى وهو ثقة.
لكن رواه سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن أنس بلفظ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه ".
وإسناده صحيح كما يأتى بيانه فى الكلام على الحديث الذى بعده , وذكرت هناك وجه الترجيح أو التوفيق بين الروايتين. وقد نقل المؤلف عن الدارقطنى وغيره أنه قال: " المحفوظ أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يختتم فى يساره ".
وأنا أظن أن هذا قاله فى خصوص حديث معين , وإلا فأحاديث تختمه صفى الله عليه وسلم فى يمينه أصح وأكثر , وبعضها فى الصحيحين كما يأتى.
وقد اختلف العلماء فى التوفيق بين هذه الأحاديث على أقوال ذكرها الحافظ فى " الفتح " (10/274 ـ 276) والراجح عندى جواز الأمرين , والأفضل التختم باليمين , والله أعلم.

(820) - (حديث: " التختم باليمنى " ضعفه أحمد فى رواية الأثرم وغيره (ص 196).
* صحيح.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر , وأنس بن مالك , وعبد الله بن جعفر , وعلى بن أبى طالب , وعبد الله بن عباس.
1 ـ أما حديث ابن عمر , فقال الإمام أحمد (2/153): حدثنا صفوان بن عيسى أنبأنا أسامة بن زيد عن نافع عن عبد الله: " أن النبى صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب فجعله فى يمينه , وجعل فصه مما يلى باطن كفه , فاتخذ الناس خواتيم الذهب , قال: فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3/299)

المنبر فألقاه , ونهى عن التختم بالذهب ".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وقد أخرجه هو (6/150) والبخارى (4/92) والترمذى (1/324) من طريق موسى ابن عقبة عن نافع به نحوه , وكذلك أخرجه ابن سعد (1/2/161) من طريق أسامة نحوه.
ولفظ الترمذى: " أن النبى صلى الله عليه وسلم صنع خاتما من ذهب , فتختم به فى يمينه ثم جلس على المنبر فقال: إنى كنت اتخذت هذا الخاتم فى يمينى , ثم نبذه ونبذ الناس خواتيمهم ". وقال: " حديث حسن صحيح ".
ورواه فى كتابه " الشمائل " بإسناد السنن ذاته , ليس فيه قوله: " فى يمينى " فأنا أظنها شاذة , وأما الحافظ فجرى على أنها ثابتة فقال فى " الفتح " (10/274) بعد أن عزاه لابن سعد أيضا (1): " وهذا صريح من لفظه صلى الله عليه وسلم رافع للبس , وموسى بن عقبة أحد الثقات الأثبات ".
وقد تابعهما عن نافع عبيد الله بن عمر مختصرا بلفظ: " أن النبى صلى الله عليه وسلم لبس خاتما فى يمينه ".
أخرجه أبو الشيخ (ص 133) بسند صحيح رجاله كلهم ثقات غير شيخه أبى يحيى الرازى فلم أعرفه الآن , وهو غير أبى يحيى الرازى العبدى المسمى إسحاق بن سليمان والذى أخرج له الستة , فإن هذا أعلى طبقة من المترجم.
وقد رواه أبو داود (4228) من طريق أخرى عن عبيد الله به إلا أنه أوقفه بلفظ :
__________
(1) وفى ذلك عندى نظر فإنه ليس عنده موضع الشاهد منه. اهـ.
(3/300)
" أن ابن عمر كان يلبس خاتمه فى يده اليسرى " وسنده صحيح.
وخالفهم عبد العزيز بن أبى رواد فقال: عن نافع به بلفظ: " كان يتختم فى يساره " أخرجه أبو الشيخ (135) وأبو داود (4227) { وقال }: " قال ابن إسحاق وأسامة يعنى ابن زيد عن نافع بإسناده: فى يمينه ".
قلت: رواية أسامة تقدمت من رواية أحمد فى أول البحث , وأخرجها أبو الشيخ أيضا (133) مختصرا.
وأما رواية ابن إسحاق فذكر الحافظ فى " الفتح " أنها عند أبى الشيخ أيضا , وأنا لم أجدها عنده إلا من روايته عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به.
أخرجها (132) من طريق أبى معشر عن محمد بن إسحاق. فلعل رواية ابن إسحاق عن نافع فى مكان آخر عنده. ثم قال الحافظ: " ورواية أسامة أخرجها ابن سعد أيضا , فظهر أن رواية اليسار فى حديث نافع شاذة , ومن رواها أقل عددا وألين حفظا ممن روى اليمين. وقد أخرج الطبرانى فى الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يتختم فى يمينه " , وأخرج أبو الشيخ (133) من رواية خالد بن أبى بكر عن سالم عن ابن عمر نحوه. فرجحت رواية اليمين فى حديث ابن عمر أيضا ".
2 ـ وأما حديث أنس فرواه قتادة عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه ".
أخرجه النسائى (2/295) والترمذى فى " الشمائل " وأبو الشيخ (132) من طريق محمد بن عيسى بن الطباع عن عباد بن العوام عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة به.
(3/301)

قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم. لكن خالفه شعبة عن قتادة فرواه بلفظ: " كأنى أنظر إلى بياض خاتم النبى صلى الله عليه وسلم فى أصبعه اليسرى "
أخرجه النسائى وسنده صحيح أيضا , ورواه أبو الشيخ (132) من طريق أبى عبيد الحمصى أخبرنا شعبة وعمرو بن عامر عن قتادة به نحوه. لكن أبو عبيد هذا ضعيف واسمه محمد بن حفص الوصابى ضعفه ابن منده وغيره , وذكره ابن حبان فى "الثقات
" وقال: يغرب.
وخالفه سعيد بن بشير أيضا كما سبق فى الحديث الذى قبله , لكن سعيد ضعيف , فما يعتد بمخالفته , فقد اختلف شعبة وابن أبى عروبة على قتادة , وكلاهما ثقة , ولكل منهما ما يؤيد روايته , أما رواية ابن أبى عروبة فيؤيدها حديث ابن شهاب عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتم فضة فى يمينه فيه فص حبشى , كان يجعل فصه مما يلى كفه " أخرجه مسلم (6/152).
وأما رواية شعبة فيؤيدها حديث ثابت عن أنس بلفظ: " يده اليسرى ".
وقد خرجناه فى الحديث الذى قبله.
ومن ذلك يتبين أن لا مجال للترجيح بين الروايتين , فلا بد من التوفيق بينهما , ولعل ذلك بحمل كل رواية على حادثة غير الأخرى. ويكون أنس قد حدث بهذه تارة , وبتلك أخرى , وكذلك فعل قتادة , ثم تلقى بعض الرواة عنه إحداهما والبعض الآخر الأخرى , وإن لم يكن الأمر كذلك فالحديث مضطرب عندى , والحجة فى الحديث الذى قبله , والأحاديث الآتية.
3 ـ وأما حديث عبد الله بن جعفر , فيرويه حماد بن سلمة قال: " رأيت ابن أبى رافع ـ هو عبيد الله بن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم فى يمينه
(3/302)

فسألته عن ذلك ؟ فقال: رأيت عبد الله بن جعفر يتختم فى يمينه , وقال عبد الله بن جعفر: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يتختم فى يمينه ".
أخرجه النسائى (2/290) والترمذى (1/324) وفى " الشمائل " (رقم 1/186) وأبو الشيخ (131) وأحمد (1/204 و205) وقال الترمذى: " قال محمد بن إسماعيل (يعنى البخارى): هذا أصح شىء روى فى هذا الباب ".
قلت: وإسناده صحيح.
وله طريق أخرى: عن إبراهيم بن الفضل عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله ابن جعفر مرفوعا به.
قلت: وإبراهيم بن الفضل وهو أبو إسحاق المدنى متروك كما فى "التقريب ".
وتابعه يحيى بن العلاء وهو مثله.
أخرجه عنهما أبو الشيخ وابن ماجه (3647) عن إبراهيم.
4 ـ وأما حديث على , فيرويه شريك بن عبد الله بن أبى نمر عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه ".
أخرجه أبو داود (4226) والنسائى (2/290) والترمذى فى " الشمائل " (1/185) وأبو الشيخ (133) وصححه ابن حبان كما فى " الفتح " (10/275)
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
5 ـ وأما حديث عبد الله بن عباس , فيرويه محمد بن إسحاق قال: " رأيت على الصلت بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب خاتما فى خنصره اليمنى , فقلت: ما هذا ؟ قال: رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا , وجعل
(3/303)

فصه على ظهرها , قال: ولا إخال ابن عباس إلا قد كان يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه كذلك ".
أخرجه أبو داود (4229) والترمذى (1/324) وفى " الشمائل " (رقم 185) وأبو الشيخ (131) وقال الترمذى: " قال محمد بن إسماعيل: حديث حسن صحيح "
قلت: وإسناده جيد.
وله طريق أخرى عن أبى حازم عن ابن عباس مرفوعا: " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتختم فى يمينه " وسنده ضعيف.
وفى الباب عن جابر وعائشة وأبى أمامة وأبى سعيد , وأبى جعفر الباقر وأبى سلمة بن عبد الرحمن عند أبى الشيخ إلا حديث أبى سلمة فهو عند النسائى (2/290) وهو مرسل صحيح , وفى أسانيده الأخرى ضعف , وفيما خرجناه كفاية.
(تنبيه): عرفت مما سبق أن التختم باليمنى ثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم بتلك الأحاديث الكثيرة , فما نقله المؤلف عن الإمام أحمد من التضعيف محمول على أنه أراد حديثا معينا لخصوص علة فيه , وإلا فإن تضعيف ذلك مع وروده فى خمسة أحاديث صحيحة من طرق مختلفة مما يستبعد صدوره عن الإمام أحمد رضى الله عنه.
وجملة القول أنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم التختم فى اليمين , وفى اليسار , فيحمل اختلاف الأحاديث فى ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا تارة وهذا تارة , فهو من الاختلاف المباح الذى يخير فيه الإنسان.

(821) - (وفى البخارى من حديث أنس: " كان فصه منه " ولمسلم: " كان فصه حبشيا " (ص 196).
(3/304)

* صحيح.
أخرجه البخارى (4/91) والنسائى (1/295) والترمذى فى " الشمائل " (رقم 107) وفى السنن (1/324) وصححه من طريق حميد عن أنس " أن النبى صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضه , وكان فصه منه ".
وأخرج مسلم (6/152) من طريق ابن شهاب , حدثنى أنس بن مالك قال: " كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورق , وكان فصه حبشيا ".
وأخرجه النسائى (1/295) والترمذى (1/324) وصححه وابن ماجه (3646) وابن سعد (1/2/162) والبيهقى (4/142) وأحمد (3/209 , 225).

(822) - (قال أنس: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة ". رواه الأثرم (ص 196).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (2583) والترمذى فى " الشمائل " (رقم 186) وكذا النسائى (2/302) والدارمى (2/221) والطحاوى فى " المشكل " (2/166) والبيهقى (4/143) من طريق جرير بن حازم حدثنا قتادة عن أنس به. وقال الدارمى: " هشام الدستوائى خالفه قال: قتادة عن سعيد بن أبى الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم , وزعم الناس أنه هو المحفوظ ".
وقد أخرجه أبو داود (2584) والنسائى والترمذى والبيهقى من طرق عن هشام عن قتادة عن سعيد بن أبى الحسن به مرسلا. وبهذا أعله البيهقى حديث أنس فقال: " تفرد به جرير بن حازم ".
قلت: وليس كما قال , فقد رواه النسائى عن جرير وهمام قالا: حدثنا قتادة عن أنس به.
ورواه الطحاوى عن همام وأبى عوانة عن قتادة به. فصح
(3/305)

الحديث واتصل إسناده والحمد لله.
على أن له طريقا أخرى وشواهد يزداد بها قوة.
أما الطريق فهو عن عثمان بن سعد الكاتب عن أنس بن مالك به.
أخرجه أبو داود (2585) والطحاوى والبيهقى.
وعثمان هذا ضعيف , وبقية رجاله ثقات.
وأما الشواهد فهى:
1 ـ عن أبى أمامة بن سهل قال: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ".
أخرجه النسائى بإسناد صحيح عن أبى أمامة وهو صحابى ولم يسمع من النبى صلى الله عليه وسلم , فهو مرسل صحابى وهو حجة , على أنه يمكن أن يكون رأى السيف , وحينئذ فهو متصل.
2 ـ عن طالب بن حجير , عن هود بن عبد الله بن سعد عن جده قال: " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة ". قال طالب: فسألته عن الفضة فقال: كانت قبيعة السيف فضة.
أخرجه الترمذى (رقم 110) ورجاله ثقات غير هود فإنه مجهول كما قال ابن القطان.
3 ـ عن مرزوق الصيقل قال: " صقلت سيف النبى صلى الله عليه وسلم ذا الفقار , فكان فيه قبيعة من فضة , وبكرة فى وسطه من فضة , وحلق فى قيده من فضة ".
رواه البيهقى وإسناده ضعيف.

(823) - (حديث: " إن عمر كان له سيف فيه سبائك من ذهب "
(3/306)

و حديث: " عثمان بن حنيف كان فى سيفه مسمار من ذهب ". ذكرهما أحمد (ص 196).
لم أقف على إسنادهما [1].
والمعروف أن سيف عمر كان محلى بالفضة , فقد روى الطحاوى من طريق مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر: " إنه كان يتقلد سيف عمر , كان محلى ".
قلت: وسنده صحيح.
وروى البيهقى من طريق جويرية بن أسماء عن نافع قال: " أصيب عبيد الله بن عمر يوم صفين , فاشترى معاوية سيفه , فبعث به إلى عبد الله بن عمر , قال جويرية: فقلت: هو سيف عمر الذى كان ؟ قال: نعم. قلت: فما كانت حليته ؟ قال: وجدوا فى نعله أربعين درهماً ".
قلت: وسنده جيد رجاله كلهم ثقات معروفون غير إبراهيم بن سليمان شيخ أبى العباس الأصم والظاهر أنه التميمى العطار كوفى سمع منه أبو حاتم وقال فيه " صدوق ".
ثم روى الطحاوى عن مالك بن مغول قال: " كان سيف عمر محلى بالفضة , فقلت لنافع: عمر حلاه ؟ قال: لا أدرى قد رأيت ابن عمر يتقلد ".
قلت: وسنده جيد.
ثم روى الطحاوى عن قرة بن خالد حدثنى أبى قال: بعث إلينا مصعب بن الزبير فأخرج إلينا سيفين أحدهما مرهف , حلقته فضة. فقال: هذا سيف
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/37:
ذكرهما أحمد أى فى رواية الأثرم كما فى " المغنى ": (3/15).
و قال عن أثر عمر من حديث إسماعيل بن أمية عن نافع.
(3/307)

الصديق. هذا سيف أبى بكر رضى الله عنه.
قلت: ورجاله ثقات غير خالد والد قرة , فلم أجد له ترجمة.
وعن هشام بن عروة قال: " رأيت سيف الزبير بن العوام محلى بفضة ".
وسنده جيد [1].

(824) - (حديث: " أمره صلى الله عليه وسلم عرفجة بن أسعد لما قطع أنفه يوم الكلاب أن يتخذ أنفا من ذهب " رواه أبو داود والحاكم (ص 196).
أبو داود (4233 , 4234) والنسائى (2/286) والترمذى (1/328) والطحاوى فى " شرح المعانى " (2/349) والبيهقى (2/425) وأحمد (5/25) عن أبى الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة بن أسعد بن كرب ـ قال: وكان جده , قال: حدثنى أنه رأى جده ـ قال: " أصيب أنفه يوم الكلاب فى الجاهلية , قال: فاتخذ أنفا من فضة فأنتن عليه , فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يتخذ من ذهب ".
وتابعه سلم بن زرير قال: حدثنا عبد الرحمن بن طرفة به.
أخرجه النسائى وأحمد , وقال الترمذى: " حديث حسن غريب , إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة ".
قلت: ولم يرد عنه غير هذين الراويين لحديثه , وذكره ابن حبان فى " الثقات " (1/126) ووثقه العجلى.
ورواه ابن حبان فى صحيحه عن أبى الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة كما فى " نصب الراية " (4/236) للزيلعى , وقال: " وقال ابن القطان فى كتابه: وهذا حديث لا يصح , فإنه من رواية أبى الأشهب , واختلف عنه , فالأكثر يقول: عنه عن عبد الرحمن بن طرفة بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] قال صاحب التكميل ص/37:
أثر الزبير هذا رواه البخاري في " المغازي " من " صحيحه ": (7/299 - فتح) , فيعلق على هذا الموضع من " الإرواء " أنه فى البخارى.
و كذلك ذكر أثر الزبير ابن قدامة فى " المغنى ": (3/14) و عزاه إلى الأثرم.
(3/308)

عرفجة عن جده , وابن علية يقول: عنه عن عبد الرحمن بن طرفة عن أبيه عن عرفجة , وعبد الرحمن ابن طرفة لا يعرف بغير هذا الحديث , ولا يعرف روى عنه غير أبى الأشهب , وأبوه طرفة ليس بمعروف الحال ".
قلت: وفيه ملاحظتان:
الأولى: أن عبد الرحمن بن طرفة قد روى عنه سلم بن زرير كما تقدم.
الثانية: أن قوله: " عن أبيه " شاذ عندى لمخالفته لرواية الأكثرين , ولرواية سلم أيضا , وعبد الرحمن بن طرفة قد رأى جده عرفجة كما هو مصرح فى الرواية , فهى محمولة على الاتصال. فليس للحديث علة عندى إلا جهالة حال عبد الرحمن هذا , وإن وثقه العجلى وابن حبان , فإنهما معروفان بالتساهل فى التوثيق , ومع ذلك فإن بعض الحفاظ يحسنون حديث مثل هذا التابعى ولو كان مستورا غير معروف العدالة كالحافظ ابن كثير وابن رجب وغيرهما , والله أعلم.

(825) - (حديث: " أحل الحرير والذهب لإناث أمتى ".
* صحيح.
وقد تقدم برقم (277).

(826) - (حديث: " تختموا بالعقيق فإنه مبارك ". قال العقيلى: لا يثبت فى هذا شىء , وذكره ابن الجوزى فى " الموضوعات " (ص 197).
* موضوع.
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (466) والمحاملى فى " الأمالى " (ج2 رقم 41 ـ نسختى) وابن عدى (ق 356/1) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (11/251) كلهم من طريق يعقوب بن الوليد المدنى إلا ابن عدى فمن طريق يعقوب بن إبراهيم الزهرى كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا.
وقال ابن عدى: " يعقوب بن إبراهيم هذا ليس بالمعروف , وقد سرقه منه يعقوب بن الوليد ".
(3/309)

قلت: ومن طريقه ذكره ابن الجوزى فى " الموضوعات " وقال: " يعقوب كذاب يضع , قال العقيلى: ولا يثبت فى هذا عن النبى صلى الله عليه وسلم شىء ".
وقال الذهبى فى ترجمة ابن الوليد هذا: " قال أحمد: كان من الكذابين الكبار , يضع الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث.
وقد تعقب ابن الجوزى السيوطى بكلام لا طائل تحته , كما بينته فى " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " فراجعه رقم (224).
ومن الغرائب أن يستدل المصنف رحمه الله بمثل هذا الحديث على استحباب التختم بالعقيق !

باب زكاة العروض

(827) - (عن سمرة بن جندب: " أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع " رواه أبو داود (ص 198).
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1562) وعنه البيهقى (4/146 ـ 147) عن سليمان بن موسى أبى داود حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثنى خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان عن سمرة بن جندب قال: " أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " ورواه الدارقطنى (ص 214) والطبرانى , وعنه عبد الغنى المقدسى فى " السنن " (ق 133/2) عن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب عن خبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب عن أبيه عن سمرة بن جندب به بلفظ: " كان يأمر برقيق الرجل والمرأة الذين هم تلاده , وهم فى عمله , لا يريد بيعهم , وكان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذى يعد للبيع ".
وقال المقدسى: " وهو إسناد حسن غريب ".
وكذلك حسنه ابن عبد البر كما فى الزيلعى (2/376).
(3/310)

قلت: بل هو ضعيف , جعفر بن سعد وخبيب بن سليمان وأبوه كلهم مجهولون , وقال الذهبى: " هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم ".
وقال الحافظ فى " التلخيص " (2/179): " وفى إسناده جهالة ".

(828) - (قول عمر لحماس: " أد زكاة مالك , فقال: ما لى إلا جعاب وأدم , فقال: قومها وأد زكاتها " رواه أحمد وسعيد وأبو عبيد وغيرهم وهو مشهور (ص 198).
ضعيف.
رواه أبو عبيد فى " الأموال " (425/1179) عن عبد الله بن أبى سلمة عن أبى عمرو بن حماس عن أبيه قال: " مر بى عمر , فقال: يا حماس: أد زكاة مالك. فقلت: ما لى مال إلا جعاب وأدم , فقال: قومها قيمة , ثم أد زكاتها ".
قلت: وهذا سند ضعيف , أبو عمرو بن حماس: " مجهول " كما قال الذهبى فى " الميزان ".
ومن طريقه أخرجه الشافعى أيضا (1/236) والدارقطنى (213) والبيهقى (4/147) , وكذا أحمد وابن أبى شيبة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور عن أبى عمرو بن حماس نحوه كما فى " التلخيص " (185).

(829) - (حديث سمرة: "... مما نعده للبيع " رواه أبو داود (ص 198).
* ضعيف.
وقد تقدم قبل حديث.

(830) - (روى الجوزجانى بإسناده عن بلال بن الحارث المزنى: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من معادن القبلية الصدقة " (ص 199).
(3/311)

* ضعيف.
رواه مالك (1/248/Cool عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن غير واحد: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزنى معادن القبلية وهى من ناحية الفرع , فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة ".
ورواه عن مالك: أبو داود (3061) وأبو عبيد (338/863) والبيهقى (4/152) وقال: " قال الشافعى: ليس هذا مما يثبت أهل الحديث , ولو ثبتوه لم تكن فيه رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا إقطاعه , فأما الزكاة فى المعادن دون الخمس فليست مرويه عن النبى صلى الله عليه وسلم فيه ".
قال البيهقى: " هو كما قال الشافعى فى رواية مالك , وقد روى عن عبد العزيز الدراوردى عن ربيعة موصولا ".
قلت: ثم رواه من طريق الحاكم وهذا فى " المستدرك " (1/404) من طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية الصدقة , وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع , فلما كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لبلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك إلا لتعمل. قال: فأقطع عمر بن الخطاب رضى الله عنه للناس العقيق ".
وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح , احتج البخارى بنعيم بن حماد ومسلم بالدراوردى " ووافقه الذهبى.
قلت: وهو ذهول منه عما أورده هو نفسه فى ترجمة نعيم بن حماد أنه لين فى حديثه. والبخارى إنما أخرج له مقرونا كما صرح بذلك المنذرى فى خاتمة
(3/312)

الترغيب (4/292) فلا يصح الحديث موصولا.
ثم أخرجه الحاكم (3/517) والطبرانى (1/57/1) عن حميد بن صالح عن الحارث وبلال (وقال الطبرانى: عن عمارة وبلال) ابنى يحيى بن بلال بن الحارث عن أبيهما عن جدهما بلال بن الحارث المزنى قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه القطيعة وكتب له: هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث أعطاه معادن القبلية غوريها وجلسيها , والجشمية وذات النصب , وحيث يصلح الزرع من قدس إن كان صادقا. وكتب معاوية ".
قلت: وحميد هذا لم أجد له ترجمة , ومثله يحيى بن بلال بن الحارث.
ثم روى الطبرانى من طريق محمد بن الحسن بن زبالة حدثنى عبد العزيز بن محمد بسنده المتقدم عن بلال بن الحارث به مختصرا بلفظ: " أقطع له العقيق كله " وابن زبالة هذا بفتح الزاى قال الحافظ: " كذبوه ".
قلت: فلا خير فى متابعته.
لكن له شاهد من حديث عمرو بن عوف وابن عباس , يرويه أبو أويس حدثنى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزنى معادن القبلية.. الحديث مثل رواية حميد ليس فيه ذكر الزكاة. قال أبو أويس: حدثنى ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله , أخرجه أبو داود (3063).
وأبو أويس اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس وفيه ضعف وبقية رجال إسناده الثانى ثقات رجال البخارى , وأما إسناده الأول فواهٍجدا من أجل كثير بن عبد الله فإنه متروك.
وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه ثابت فى إقطاع , لا فى أخذ الزكاة من المعادن , والله أعلم.
(3/313)

باب زكاة الفطر

(831) - (حديث ابن عمر: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان (ص 200).
* صحيح.
وهو طرف حديث , وقد ذكره المصنف عقبه بتمامه , فلنخرجه ثم.

(832) - (حديث ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين " رواه الجماعة (ص 200).
* صحيح.
أخرجه مالك (1/284/52) وعنه البخارى (1/382 ـ 384) ومسلم (3/68) وأبو داود (1611) والنسائى (1/346) والترمذى (1/131) وصححه والدارمى (1/392) وابن ماجه (1826) والطحاوى فى " شرح المعانى " (1/320) والبيهقى (4/161 ـ 162) وأحمد (2/63) كلهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر به نحوه وفيه: " من المسلمين ".
وتابعه عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر به مثل لفظ الكتاب لكنه لم يقل " من رمضان ". وزاد: " وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ". أخرجه البخارى (1/382) وأبو داود (1812) والنسائى والدارقطنى (220) والبيهقى. وهذه الزيادة عند مسلم أيضا (3/70) من طريق الضحاك الآتية , وتابعه عليها موسى بن عقبة عنده.
وتابعه الضحاك بن عثمان عن نافع به , أخرجه مسلم (3/69).
(3/314)

و تابعه يونس بن يزيد أن نافعا أخبره به , أخرجه الطحاوى.
وتابعه كثير بن فرقد , رواه الدراقطنى (220) والبيهقى.
وعبيد الله بن عمر , رواه أحمد (2/66 , 137) والحاكم (1/410 ـ 411) وصححه هو والذهبى.
وعبد الله بن عمر العمرى , رواه الدارقطنى.

(833) - (حديث: " ابدأ بنفسك " رواه مسلم (ص 200).
* صحيح.
رواه مسلم (3/78 ـ 79 , 5/97) وكذا النسائى (1/353 , 2/230) والبيهقى (4/178) من طريق الليث عن أبى الزبير عن جابر قال: " أعتق رجل من بنى عذرة عبدا له عن دبر , فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: ألك مال غيره ؟ فقال: لا , فقال: من يشتريه منى فاشتراه نعيم ابن عبد الله العدوى بثمانمائة درهم , فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه , ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها , فإن فضل شىء فلأهلك , فإن فضل عن أهلك شىء فلذى قرابتك , فإن فضل عن ذى قرابتك شىء فهكذا , وهكذا. يقول: فبين يديك , وعن يمينك , وعن شمالك ".
وتابعه أيوب عن أبى الزبير به نحوه , ولفظه: " إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه , فإن كان فيها فضل فعلى عياله... ".
أخرجه مسلم ولم يسق لفظه وأبو داود (3957) وأحمد (3/305 , 369).
(3/315)

و النصف الأول منه أخرجه البخارى وغيره من طريق أخرى عن جابر , وقد خرجته فى " أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية ".

(834) - (وفى لفظ: " وابدأ بمن تعول " رواه الترمذى (ص 200).
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى هريرة , وحكيم بن حزام , وأبى أمامة , وجابر بن عبد الله , وطارق المحاربى.
أما حديث أبى هريرة فله عنه طرق:
الأولى: عن قيس بن أبى حازم عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيبيعه ويستغنى به , ويتصدق منه خير له من أن يأتى رجلا فيسأله , يؤتيه أو يمنعه وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول " .
أخرجه مسلم (3/96) وأحمد (2/475) والترمذى (1/132) وقال: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة به مرفوعا: " خير الصدقة , ما كان عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول ".
رواه البخارى (1/361) والنسائى (1/353) والبيهقى (4/180) وأحمد (2/402).
الثالثة: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة.
أخرجه النسائى (1/350 ـ 351) وأحمد.
الرابعة: عن أبى صالح عنه.
أخرجه البخارى (4/485) وأبو داود (1676) والدارقطنى (415) وأحمد (2/476 , 480 , 524 , 527) وزاد فى رواية:
" فقيل: من أعول يا سول الله ؟ قال: امرأتك ممن تعول , تقول: أطعمنى وإلا فارقنى , وجاريتك تقول: أطعمنى واستعملنى , وولدك
(3/316)

يقول: إلى من تتركنى ؟ "
وإسنادها جيد , لكن فى البخارى أن أبا هريرة سئل عن هذه الزيادة هل هى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا , هذا من كيس أبى هريرة.
الخامسة: عن الأعرج عن أبى هريرة به موقوفا , أخرجه أحمد (2/245).
السابعة: عن محمد بن زياد عنه به , أخرجه أحمد (2/288).
الثامنة: عن همام عنه به , أخرجه أحمد (2/318).
التاسعة: عن عطاء عنه , أخرجه أحمد (2/394 , 434).
العاشرة: عن أبى سلمة عنه , أخرجه أحمد (2/501).
الحادية عشرة: عن يحيى بن جعدة عنه أنه قال: " يا رسول الله أى الصدقة أفضل ؟ قال: جهد المقل , وابدأ بمن تعول ".
رواه أبو داود (1677) والحاكم (1/414) وأحمد (2/358) وإسناده صحيح.
الثانية عشرة: عن القاسم مولى يزيد قال: حدثنى أبو هريرة أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل يقول: يا ابن آدم إن تعط الفضل فهو خير لك , وإن
(3/317)

تمسكه فهو شر لك , وابدأ بمن تعول , ولا يلوم الله على الكفاف , واليد العليا خير من
اليد السفلى ".
أخرجه أحمد (2/362) بسند حسن. ويشهد له حديث أبى أمامة الآتى.
الثالثة عشر: عن هشام بن عروة عن أبى هريرة به نحو حديث سعيد بن المسيب.
أخرجه الدارمى (1/389) , وهو منقطع بين هشام وأبى هريرة.
وأما حديث حكيم بن حزام , فله عنه طرق أيضا: الأولى: عن هشام بن عروة عن أبيه عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول , وخير الصدقة عن ظهر غنى ".
رواه البخارى (1/361) وأحمد (3/403 , 434).
الثانية: عن موسى بن طلحة عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى , واليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ بمن تعول ".
رواه مسلم (3/94) والنسائى (1/353) والدارمى (1/389) والبيهقى (4/180) وأحمد (3/402 , 434).
وأما حديث أبى أمامة , فيرويه شداد بن عبد الله قال: سمعت أبا أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك , وأن تمسكه شر لك , ولا تلام على كفاف , وابدأ بمن تعول , واليد العليا خير من اليد السفلى ".
رواه مسلم (3/94) والترمذى (2/55) والبيهقى (4/182) وأحمد (5/262) وقال الترمذى:
(3/318)

" حديث حسن صحيح.
وأما حديث جابر فيرويه أبو الزبير أنه سمعه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول , واليد العليا خير من اليد السفلى ".
رواه أحمد (3/330 , 346) وسنده صحيح على شرط مسلم , وكذا رواه ابن حبان فى " صحيحه " (826) والبغوى فى " حديث أبى الجهم العلاء بن موسى " (2/2).
وأما حديث طارق المحاربى فهو بلفظ: " يد المعطى العليا , وابدأ بمن تعول: أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك ".
أخرجه النسائى (1/350) وابن حبان (810) بسند جيد.
وأما حديث ابن عمر فله عنه طريقان:
الأولى: عن القعقاع بن حكيم عنه بلفظ: " إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " أخرجه أحمد (2/4 , 152) بسند جيد.
الثانية: عن إسحاق بن سعيد عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " المسألة كدوح فى وجه صاحبها يوم القيامة , فمن شاء فليستبق على وجهه , وأهون المسألة مسألة ذى الرحم تسأله فى حاجته , وخير المسألة المسألة عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول ".
أخرجه أحمد (2/93 ـ 94) بسند صحيح على شرط الشيخين.

(835) - (حديث ابن عمر: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير , والحر والعبد ممن تمونون " رواه الدارقطنى (ص 200).
(3/319)

* حسن.
الدارقطنى (220) ومن طريقه البيهقى (4/161) من طريق القاسم بن عبد الله بن عامر بن زرارة حدثنا عمير بن عمار الهمدانى حدثنا الأبيض بن الأغر حدثنى الضحاك ابن عثمان عن نافع عن ابن عمر به. وقال البيهقى: " إسناده غير قوى ".
وبين وجهه الدارقطنى فقال: " رفعه القاسم وليس بقوى , والصواب موقوف ".
ثم ساق من طريق حفص بن غياث قال: سمعت عدة منهم الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر: " أنه كان يعطى صدقة الفطر عن جميع أهله صغيرهم وكبيرهم , عن من يعول وعن رقيقه , ورقيق نسائه " ورواه ابن أبى شيبة أيضا (4/37).
قلت: وهذا سنده صحيح موقوف.
وروى مرفوعا عن على , أخرجه الدارقطنى من طريق إسماعيل بن همام حدثنى على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى ممن تمونون ".
وهذا سند ضعيف كما قال الحافظ فى " التلخيص " (ص 186) وإسماعيل بن همام شيعى أورده فى " اللسان " ولم يحك توثيقه عن أحد.
ورواه البيهقى (4/161) من طريق حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على رضى الله عنه قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل صغير أو كبير , حر أو عبد ممن يمونون صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب , عن كل إنسان ". وقال: " وهو مرسل ".
قلت: ورجاله ثقات , فإذا ضم إليه الطريق التى قبله مع حديث ابن
(3/320)

عمر أخذ قوة وارتقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى.

(836) - (حديث: " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " (ص 201).
* صحيح.
وهو مركب من حديثين , تقدم تخريجها قريبا (833 ـ 834).

(837) - (قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابى حين قال: " من أبر ؟ قال: أمك , قال: ثم من ؟ قال: أمك , قال: ثم من ؟ قال: أباك " (ص 201).
* صحيح.
وقد ورد من حديث أبى هريرة , ومعاوية بن حيدة , وأبى رمثة , وجد كليب بن منفعة وخواش [1] أبى سلامة.
أما حديث أبى هريرة فيرويه أبو زرعة عنه قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: يا رسول الله من أحق بحسن
صحابتى (وفى رواية: من أبر ؟) قال: أمك... " الحديث مثله.
أخرجه البخارى (4/108) وفى " الأدب المفرد " (رقم 5 , 6) ومسلم (7/2 , 3) وأحمد (2/327 , 391) وابن ماجه (3658).
وأما حديث معاوية بن حيدة فيرويه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: " قلت: يا رسول الله ! من أبر ؟ قال: أمك... " الحديث وزاد فى آخره: " ثم الأقرب فالأقرب ".
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (3) وأبو داود (1539) والترمذى (1/346) والحاكم (3/642 , 4/150) وأحمد (5/3 , 5) وقال الترمذى: " حديث حسن ". وقال الحاكم:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: خداش }

تــــــــــابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 65
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــتاب الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــتاب الزكاة   كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 5:11 pm

(3/321)

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
وأما حديث أبى رمثة فيرويه إياد بن لقيط عنه قال: " انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: بر أمك , وأباك ,
وأختك , وأخاك , ثم أدناك أدناك ".
أخرجه الحاكم وأحمد (2/226) وسنده صحيح.
وأما حديث كليب بن منفعة عن جده فلفظه: " أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! من أبر ؟ قال: أمك , وأباك , وأختك , وأخاك , ومولاك الذى يلى , ذاك حق واجب , ورحم موصولة "
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (47) وأبو داود (5140) ورجاله ثقات غير كليب هذا , فلم يوثقه غير ابن حبان , وفى " التقريب " أنه مقبول.
وأما حديث خداش أبى سلامة فيرويه عنه عبيد بن على عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوصى الرجل بأمه , أوصى الرجل بأمه , أوصى الرجل بأمه , أوصى الرجل بأبيه , أوصى الرجل بأبيه , أوصى الرجل بمولاه الذى يليه , وإن كان عليه فيه أذى يؤذيه ".
أخرجه الحاكم وأحمد (4/311) ورجاله ثقات غير عبيد ويقال له عبيد الله بن على بن عرفطة , قال الحافظ: " مجهول ".
وقد روى من طريق أخرى لكنه معلول , فقال ابن أبى حاتم (2/163): " سألت أبى عن حديث رواه قبيصة عن الثورى عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصى امرءا بأمه قال أبى:
(3/322)

هذا خطأ. يعنى أنه غلط فى المتن , يريد جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة وأبواى يبكيان.
وإنما روى ذلك الحديث: " أوصى امرءا بأمه " سفيان عن منصور عن عبيد بن على عن خداش أبى سلامة عن النبى صلى الله عليه وسلم. قال أبى: فهذا الذى أراد قبيصة , دخل له حديث فى حديث ".

(838) - (حديث: " أنت ومالك لأبيك " (ص 201).
* صحيح.
وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله , وعبد الله بن عمرو , وعبد الله بن مسعود وعائشة , وسمرة بن جندب , وعبد الله بن عمر , وأبى بكر الصديق وأنس بن مالك , وعمر بن الخطاب رضى الله عنهم جميعا.
1 ـ أما حديث جابر فيرويه: محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله: " أن رجلا قال: يا رسول الله إن لى مالا وولدا , وإن أبى يريد أن يجتاح مالى , فقال: " فذكره.
أخرجه ابن ماجه (2291) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (2/230) والطبرانى فى " الأوسط " (1/141/1) والمخلص فى " حديثه " (12/69/2 من المنتقى منه) عن عيسى بن يونس حدثنا يوسف بن إسحاق بن أبى إسحاق السبيعى عن محمد بن المنكدر به .
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات على شرط البخارى كما قال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 141/2).
ولم يتفرد بوصله يوسف هذا , بل تابعه عمرو بن أبى قيس عن محمد بن المنكدر به.
أخرجه الخطيب فى " الموضح " (2/74). وفى " خلاصة البدر المنير " (ق 123/2) عن البزار أنه صحيح.
وقال المنذرى: إسناده ثقات.
وصححه عبد الحق الإشبيلى فى " الأحكام الكبرى " (ق 170/2).
(3/323)

و تابعه أيضا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه.
أخرجه أبو الشيخ فى " عوالى حديثه " (1/22/1) والطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص 195) والمعافى بن زكريا فى " جزء من حديثه " (ق 2/1) ولفظه: قال: " جاء رجل غلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبى أخذ مالى , فقال النبى صلى الله عليه وسلم للرجل: اذهب فأتنى بأبيك , فنزل جبريل عليه السلام , على النبى صلى الله عليه وسلم , فقال: إن الله يقرئك السلام , ويقول : إذا جاءك الشيخ فسله عن شىء قاله فى نفسه ما سمعته أذناه , فلما جاء الشيخ قال له النبى صلى الله عليه وسلم: ما بال ابنك يشكوك , أتريد أن تأخذ ماله ؟ فقال: سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على عماته أو خالاته أو على نفسى ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إيه دعنا من هذا , أخبرنا عن شىء قلته فى نفسك ما سمعته أذناك. فقال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا
, لقد قلت فى نفسى شيئا ما سمعته أذناى , فقال: قل , وأنا أسمع. قال: قلت:
غذوتك مولودا ومنتك يافعا ... تعل بما أجنى عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت ... لسقمك إلا ساهراً أتململ
كأنى أنا المطروق دونك بالذى ... طرقت به دونى فعيناى تهمل
تخاف الردى نفسى عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التى ... إليها مدى ما فيك كنت أؤمل
جعلت جزائى غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتى ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
تراه معدا للخلاف كأنه ... برد على أهل الصواب موكل
قال: فحينئذ أخذ النبى صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال: أنت ومالك لأبيك ".
وقال الطبرانى: " لا يروى عن محمد بن المنكدر بهذا التمام والشعر إلا بهذا الإسناد تفرد به عبيد بن خلصة ".
(3/324)

قلت: ولم أجد من ترجمه , والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما فى " التقريب ".
2 ـ وأما حديث عبد الله بن عمرو , فيرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن أعرابيا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن لى مالا وولدا , وإن والدى يريد أن يجتاح مالى , قال: فذكر الحديث وزاد: إن أولادكم من أطيب كسبكم , فكلوا من كسب أولادكم ".
أخرجه أبو داود (3530) وابن ماجه (2292) وابن الجارود (995) وأحمد (2/214) والمخلص فى " بعض الخامس من الفوائد " (ق 252/2) من طرق عن عمرو به.
قلت: وهذا سند حسن.
ورواه مختصرا أبو بكر الشافعى فى " حديثه " (2/2) وأبو نعيم فى " أخبار أصبهان " (2/22) وابن النقور فى " القراءة على الوزير " (2/20/2) وأبو بكر الأبهرى فى " جزء من الفوائد " (2/1) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (12/49) والسلفى فى " الطيوريات " (ق 115/1) من طرق أخرى عن عمرو به مقتصرين على قوله: " أنت ومالك لأبيك ".
3 ـ وأما حديث ابن مسعود , فيرويه إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعا به.
أخرجه الطبرانى فى " الكبير " (3/60/2) وفى " الأوسط " (1/141/1) و" الصغير " (ص 2) والمعافى بن زكريا فى " جزء من حديثه " (2/1) وأبو القاسم الفضل بن جعفر المؤذن فى " نسخة أبى مسهر... " (ق 63/2) وابن عساكر (7/226/2) عن معاوية بن يحيى أبو مطيع الأطرابلسى حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد بن ذى حماية عن غيلان بن جامع عن حماد بن أبى سليمان عن إبراهيم النخعى به.
وقال الطبرانى: " لا يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد , تفرد به ابن ذى حماية وكان
(3/325)

من ثقات المسلمين ".
قلت: وهذه فائدة عزيزة وهى توثيق الطبرانى لابن ذى حماية فإنهم أغفلوه ولم يترجموه , وقد خفيت على الهيثمى , فقد قال فى " المجمع " (4/154): " رواه الطبرانى فى الثلاثة , وفيه إبراهيم بن عبد الحميد بن ذى حماية (الأصل : حماد) ولم أجد من ترجمة وبقية رجاله ثقات ".
قلت: على ضعف فى بعضهم.
4 ـ وأما حديث عائشة , فله عنها طريقان:
الأولى: عن عثمان بن الأسود عن أبيه عنها قالت: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم يشكو أباه , فقال... " فذكره.
أخرجه أبو القاسم الحامض فى " حديثه " كما فى " المنتقى منه " (2/8/1) , حدثنا إبراهيم بن راشد حدثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود.
قلت: وإبراهيم بن راشد هو الأدمى قال ابن أبى حاتم (1/1/99): " كتبتا [1] عنه ببغداد , وهو صدوق "
قلت: وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأسود وهو ابن موسى بن باذان المكى لم أجد له ترجمة , وقد ذكره فى " التهذيب " فى جملة من روى عنهم ابنه عثمان.
الثانية: عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عنها: " أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه فى دين له عليه , فقال له عليه السلام... " فذكره.
رواه ابن حبان فى " صحيحه " فى النوع الثانى والأربعين من القسم الثالث كما فى " نصب الراية " (3/338).
وعبد الله بن كيسان هو المروزى وكنيته أبو مجاهد ; أبو مولى طلحة بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: كتبنا }
(3/326)

عبيد الله , وكلاهما أوردهما ابن حبان فى " الثقات " (2/154 , 158 ـ 159) , وفى الأول ضعف , وفى الآخر جهالة.
والحديث صححه عبد الحق أيضا كما فى " خلاصة البدر المنير " (ق 123/2) لابن الملقن , وقال: " له سبعة طرق أخر موضحة فى الأصل , وأصحها هذا , وطريق جابر ".
ولعائشة حديث آخر فى الباب سيأتى فى الكتاب برقم (1625).
5 ـ وأما حديث سمرة بن جندب فيرويه جرير بن حازم عنه [1] مرفوعا به.
رواه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141/1) والعقيلى (ص 197) من طريق عبد الله ابن إسماعيل أبى مالك الجودانى { حدثنا } جرير بن حازم به.
وقال الطبرانى: " تفرد به أبو مالك ".
وقال العقيلى: " هو منكر الحديث لا يتابع على شىء من حديثه , وفى هذا الباب أحاديث من غير هذا الوجه , وفيها لين , وبعضها أحسن من بعض ".
قلت: تابعه عبد الله بن حرمان الجهضمى: أنبأ جرير به.
أخرجه ابن بشران فى " الأمالى " (ق 56/1) عن محمد بن غالب عنه.
لكنى لم أعرف الجهضمى هذا.
6 ـ وأما حديث عبد الله بن عمر , فله عنه طريقان:
الأولى: عن أبى حريز عن أبى إسحاق أنه حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه: " أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله والدى أكل مالى , فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك ومالك لأبيك ".
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: عن الحسن عنه }
(3/327)

رواه يحيى بن معين فى " التاريخ والعلل " (8/110/2): أنبأ معتمر بن سليمان التيممى: قال: وفيما قرأت على الفضيل: أبو حريز به.
ورواه أبو يعلى فى مسنده من طريق أخرى عن المعتمر به. كما فى " نصب الراية " (3/339).
قلت: وهذا سند حسن فى المتابعات , رجاله كلهم ثقات غير أبى حريز , واسمه عبد الله بن حسين , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق يخطىء ".
الثانية: عن عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به.
أخرجه البزار فى مسنده , وقال: " لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد , وعمر بن محمد فيه لين ".
ذكره فى " نصب الراية " (3/339). وقد خفى على البزار أن له إسنادين آخرين , تقدم أحدهما , والآخر هو: الثالثة: عن محمد بن أبى بلال التميمى حدثنا خلف بن خليفة عن محارب بن دثار عنه مرفوعا بلفظ: " الولد من كسب الوالد ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141/2) , وابن أبى بلال هذا لم أعرفه.
وأما حديث أبى بكر , فيرويه المنذر بن زياد الطائى عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم قال: " حضرت أبا بكر الصديق أتاه رجل , فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ! هذا يريد أن يأخذ ما لى كله فيجتاحه , فقال له أبو بكر: ما تقول ؟ قال: نعم , فقال أبو بكر: إنما لك من ماله ما يكفيك , فقال: يا خليفة
(3/328)

رسول الله أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك ؟ فقال أبو بكر: أرضى بما رضى الله عز وجل ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141/2) وقال: " لم يروه عن إسماعيل إلا المنذر ".
قلت: وهو متروك كما قال الدارقطنى , واتهمه غيره بالوضع.
7 ـ وأما حديث أنس , فيرويه الحباب بن فضالة , قال سألت أنس بن مالك , ما يحل لى من مال أبى ؟ قال: ما طابت به نفسه , قلت: فما يحل لأبى من مالى ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
أخرجه أبو بكر الشافعى فى " الرباعيات " (1/106): حدثنا جعفر بن محمد بن كزال حدثنا إبراهيم بن بشير المكى حدثنا الحباب بن فضالة.
قلت: وهذا سند ضعيف , الحباب هذا , قال الأزدى: ليس حديثه بشىء , وقال ابن ماكولا: ليس بالقوى.
وإبراهيم بن بشير المكى لم أجد من ترجمه.
8 ـ وأما حديث عمر , فيرويه سعيد بن بشير عن مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا.
أخرجه البزار وقال: " لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه " وأعله ابن عدى فى " الكامل " بسعيد بن بشير , وضعفه عن البخارى والسنائى. وابن معين , ووثقه عن شعبة. كذا فى " نصب الراية " (3/338 ـ 339).
9 ـ ولعائشة فى الباب حديث آخر بلفظ: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه , وإن ولده من كسبه ".
أبو داود (3528 , 3529) والنسائى (2/211) والترمذى
(3/329)

(1/254) والدارمى (2/247) وابن ماجه (2137 , 2290) والحاكم (2/45 , 46) والطيالسى (1580) وأحمد (6/31 , 41 , 127 , 162 , 193 , 201 , 202 ـ 203) ومحمد بن العباس بن نجيح البزار فى " حديثه " (ق 108/2) كلهم عن عمارة بن عمير عن عمته عنها , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمة عمارة , فلم أعرفها. لكن تابعها الأسود عن عائشة.
أخرجه النسائى وأحمد (6/42 , 220) والرامهرمزى فى " المحدث الفاصل " (ص 76) وإسناده صحيح.

(839) - (حديث: " أدوا صدقة الفطر عن من تمونون " (ص 201).
* حسن.
وقد مضى تخرجيه (835).

(840) - (روى أبو بكر عن على رضى الله عنه: " زكاة الفطر عن من جرت عليه نفقتك " (ص201).
* ضعيف.
رواه أبو بكر بن أبى شيبة فى " المصنف " (4/37) عن سفيان عن عبد الأعلى عن أبى عبد الرحمن عن على قال: فذكره.
ورواه الدارقطنى (225) والبيهقى (4/161) من هذا الوجه نحوه , وقال البيهقى: " وهذا موقوف , وعبد الأعلى غير قوى ".

(841) - (حديث عثمان فى تصدقه عن الجنين (ص 201).
(3/330)

* ضعيف.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/63): حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حميد : " أن عثمان كان يعطى صدقة الفطر عن الحبل ".
وأخرجه الإمام أحمد فى " المسائل " رواية ابنه عبد الله عنه (ص 151) من طريق سليمان التيمى عن حميد بن بكر وقتادة: " أن عثمان كان يعطى صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحامل ".
قلت: وهذا إسناد صحيح لولا أنه منقطع بين قتادة وعثمان , وبين هذا وبين حميد والظاهر من إطلاقه فى إسناد ابن أبى شيبة أنه حميد بن أبى حميد الطويل , ويؤيده أنه من رواية إسماعيل بن إبراهيم ـ وهو ابن علية ـ عنه وقد سمع منه.
ويعكر عليه أنه جاء منسوبا فى رواية أحمد: " حميد بن بكر " وليس فى (الحميديين) من الرواة بهذه النسبة (ابن بكر) إلا رجلا واحدا أورده ابن حبان فى أتباع التابعين من " ثقاته " وقال (2/54): " حميد بن بكر , يروى عن محمد بن كعب القرظى , روى عنه يزيد بن خصيفة , يعتبر بحديثه إذا لم يكن فى إسناده إنسان ضعيف ".
فأرى أن المترجم ليس هو هذا الذى يروى عن القرظى لأنه متأخر الطبقة عن المترجم , بل إنه فى طبقة الراوى عنه التيمى وابن علية , لذلك فإنه يغلب عن ظنى أن المترجم هو حميد الطويل كما استظهرت أولا. ولا ينافيه أنه نسب إلى تلك النسبة (ابن بكر) لأنه قد اختلف فى اسم (أبى حميد) على نحو عشرة أقوال كما قال الحافظ فى " التقريب " , فيمكن أن يكون هذا الاسم (بكر) قولا واحدا من تلك الأقوال , أو قولا آخر زائدا عليها !
ثم إن هذ الأثر قد أورده الخرقى فى " مختصره " فى الفقه الحنبلى دون عزو كما هى عادته , ثم لم يخرجه الشيخ ابن قدامة فى كتابه " المغنى " (3/80).

(842) - (حديث ابن عمر المتفق عليه: "... وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ".
* صحيح.
وهو متفق عليه كما ذكر المؤلف , وقد جاء من طرق عن نافع
(3/331)

عن ابن عمر كما سبق عند الحديث (832).

(843) - (حديث ابن عباس: " من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة , ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات ".
* حسن.
أخرجه أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) والدارقطنى (219) والحاكم (1/409) والبيهقى (4/163) من طريق مروان بن محمد: حدثنا أبو يزيد الخولانى ـ وكان شيخ صدق , وكان ابن وهب يروى عنه ـ حدثنا سيار بن عبد الرحمن الصدفى عن عكرمة عن ابن عباس قال: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث , وطعمة للمساكين , من أداها... " الخ.
وقال الدارقطنى: " ليس فيهم مجروح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخارى " ووافقه الذهبى , وأقره المنذرى فى " الترغيب " والحافظ فى " بلوغ المرام " , وفى ذلك نظر , لأن من دون عكرمة لم يخرج لهم البخارى شيئا , وهم صدوقون سوى مروان فثقة , فالسند حسن , وقد حسنه النووى فى " المجموع " (6/126) ومن قبله ابن قدامة فى " المغنى " (3/56).
ثم رأيت العلامة ابن دقيق العيد فى " الإلمام " (227 ـ 228) قد تعقب الحاكم بمثل ما تعقبته به , ولكنه أشار إلى تقوية الحديث , والحمد لله على توفيقه.

(844) - (حديث: " أغنوهم عن الطلب فى هذا اليوم " رواه سعيد بن منصور.
* ضعيف.
قال سعيد بن منصور كما فى " المغنى " (3/67): حدثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ـ وذكر الحديث ـ قال : فكان يؤمر
(3/332)

أن يخرج (!) قبل أن يصلى , فإذا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه بينهم وقال: " فذكره.
وأخرجه الدارقطنى (225) والحاكم فى " معرفة علوم الحديث " (131) والبيهقى (4/175) وكذا ابن زنجويه فى " الأموال " (14/49/1) من طرق أخرى عن أبى معشر به , ورواية البيهقى أتم , وفيها ما اختصره فى المغنى من رواية سعيد , ولفظه: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير , وحر ومملوك , صاعا من تمر أو شعير , قال: وكان يؤتى إليهم بالزبيب والأقط فيقبلونه منهم , وكنا نؤمر أن نخرجه قبل أن نخرج إلى الصلاة فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسمون بينهم , ويقول: " فذكره.
ورواية الدارقطنى وابن زنجويه مختصرة , ولفظ الثانى: " كنا نؤمر أن نخرجها قبل أن نخرج إلى الصلاة , ثم يقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المساكين إذا انصرف , وقال: " فذكره.
وقال البيهقى عقبه: " أبو معشر هذا نجيح السندى المدينى , غيره أوثق منه ".
وقال الحافظ فى ترجمته من " التقريب ": " ضعيف ".
وكذا قال ابن الملقن فى " الخلاصة " (ق 66/2) , وقال النووى فى " المجموع " (6/126) والحافظ فى " بلوغ المرام ": " إسناده ضعيف ".
وذكر له الحافظ فى " التلخيص " طريقا أخرى عن نافع فقال (186): " قال ابن سعد فى " الطبقات ": حدثنا محمد بن عمر حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحى عن الزهرى عن عروة عن عائشة , وعن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وعن عبد العزيز بن محمد عن بريح [1] بن عبد الرحمن بن أبى سعيد عن أبيه عن جده , قالوا:
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: ربيح }
(3/333)

" فرض صوم رمضان
بعدما حولت الكعبة بشهر على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة , وأمر فى هذه السنة بزكاة الفطر , وذلك قبل أن تفرض الزكاة فى الأموال , وأن تخرج عن الصغير والكبير , والذكر والأنثى , والحر والعبد , صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب , أو مدين من بر , وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة , وقال: أغنوهم ـ يعنى المساكين ـ عن طواف هذا اليوم ".
قلت: وسكت عليه الحافظ لوضوح علته , فإن محمد بن عمر هذا هو الواقدى وهو متروك متهم بالكذب.
ووجدت للحديث طريقا ثالثة عن نافع , رواه أبو القاسم الشريف الحسينى فى " الفوائد المنتخبة " (13/147/2) عن القاسم بن عبد الله عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن نافع به بلفظ: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج صدقة الفطر قبل الصلاة. وقال: أغنوهم عن السؤال ".
وهذا سند ساقط , لأن القاسم بن عبد الله وهو العمرى المدنى قال الحافظ: " متروك رواه أحمد بالكذب ".

(845) - (حديث: " كان عليه الصلاة والسلام يقسمها بين مستحقيها بعد الصلاة " (ص 202).
* ضعيف.
رواه سعيد بن منصور وابن زنجويه بسند ضعيف , وقد ذكرنا لفظ الحديث بتمامه مع الكلام على سنده فى الذى قبله.
(تنبيه): سبق فى أول الكلام على هذا الحديث أن نقلت عن " بلوغ المرام " أنه قال: " إسناده ضعيف " فقال الصنعانى فى " سبل السلام " (2/187) فى تعليل ذلك :
(3/334)

" لأن فيه محمد بن عمر الواقدى ".
وهذا وهم منه فإن الواقدى إنما هو فى إسناد ابن سعد , ولم يعزه إليه الحافظ فى " البلوغ " فتنبه.

(846) - (حديث ابن عمر: " كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " رواه البخارى.
* صحيح.
أخرجه البخارى كما قال المؤلف (3/298 ـ فتح) من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: " فرض النبى صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر أو قال رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك , صاعا من تمر , أو صاعا من شعير , فعدل الناس به نصف صاع من بر , فكان ابن عمر يعطى التمر , فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيرا , فكان ابن عمر يعطى عن الصغير والكبير , حتى إنه كان يعطى عن بنىّ, وكان ابن عمر رضى الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها , وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين ".
وروى الجملة الأخيرة منه الدارقطنى (225) والبيهقى (4/175) من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع به بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج زكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة , وأن عبد الله بن عمر كان يؤديها قبل ذلك بيوم أو يومين ".
وروى مالك (1/285/55) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذى تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
قلت: وهذا يبين أن قوله فى رواية البخارى " للذين يقبلونها " ليس المراد به الفقراء , بل الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع صدقة الفطر , ويؤيد ذلك ما وقع فى رواية ابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب: " قلت: متى كان ابن عمر يعطى ؟ قال: إذا قعد العامل , قلت: متى يقعد العامل ؟ قال: قبل الفطر بيوم أو يومين ".
(3/335)

(847) - (حديث أبى سعيد: " كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام , أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر , أو صاعا من زبيب , أو صاعا من أقط " متفق عليه (ص 203).
* صحيح.
وهو من رواية عياض بن عبد الله بن سعد بن أبى سرح عن أبى سعيد الخدرى , وله عنه طرق:
الأولى: عن زيد بن أسلم عن عياض به مع تقديم الجملة الأخيرة منه على ما قبلها , ودون قوله " إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم " , فإنه لم يرد فى هذه الطريق , وإنما فى التى بعدها.
أخرجه مالك فى " الموطأ " (1/284/53) وعنه البخارى (3/294 ـ فتح) ومسلم (3/69) والطحاوى (1/318) والبيهقى (3/164) كلهم عن مالك عن زيد به , وزاد فى " الموطأ " فى آخره: " وذلك بصاع النبى صلى الله عليه وسلم ".
وتابعه سفيان وهو الثورى عن زيد بن أسلم به ولفظه: " كنا نعطيها فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام... " الحديث.
أخرجه البخارى (3/294 , 297 ـ 299) والنسائى (1/347) والترمذى (1/131) والطحاوى والبيهقى وأحمد (3/73) عن جمع من الثقات عنه به وزاد فى آخره هو والبخارى والترمذى: " فلما جاء معاوية , وجاءت السمراء قال: " أرى مدا من هذا يعدل مدين " - زاد الترمذى: من تمر. - قال: فأخذ الناس بذلك , قال أبو سعيد: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ". ليس عند البخارى " أو صاعا من أقط ".
ثم قال الترمذى: " هذا حديث حسن صحيح ".
وتابعه أيضا أبو عمر وهو حفص بن ميسرة عن زيد به ولفظه:
(3/336)

" وكنا نخرج فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام.
وقال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر ".
أخرجه البخارى (3/297).
الطريق الثانية: عن داود بن قيس عن عياض بن عبد الله به ولفظه: " كنا نخرج إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو... " الحديث مثل حديث مالك عن زيد وزاد فى آخره: " فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبى سفيان حاجا أو معتمرا.
فكلم الناس على المنبر , فكان فيما كلم به الناس أن قال: إنى أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر. فأخذ الناس بذلك , قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت ".
أخرجه مسلم (3/69) وأبو داود (1616) والنسائى (1/247 , 248) وابن ماجه (1829) وابن الجارود فى " المنتقى " (رقم 357 , 358) والطحاوى والدارقطنى (223) والبيهقى (3/160 , 165) وأحمد (3/23 , 98).
الطريق الثالثة: عن إسماعيل بن أمية قال: أخبرنى عياض بن عبد الله به ولفظه : " كنا نخرج زكاة الفطر ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا عن كل صغير... " الحديث مثل الذى قبله إلا أنه قال: " ثلاثة أصناف " فلم يذكر الزبيب ولا قال : " صاعا من طعام أو "
أخرجه مسلم.
الطريق الرابعة: عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذياب عن عياض بلفظ:
(3/337)

" كنا نخرج زكاة الفطر من ثلاثة أصناف: الأقط والتمر والشعير ".
أخرجه مسلم (3/70) والنسائى (1/347).
الطريق الخامسة: عن ابن عجلان عنه , ولفظه: " أن معاوية لما جعل نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تمر أنكر ذلك أبو سعيد
وقال: لا أخرج فيها إلا الذى كنت أخرج فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعا من تمر , أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط ".
أخرجه مسلم وأبو داود (1618) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/37) والحميدى فى " مسنده " (742) والبيهقى (3/172) من طرق عنه.
وتابعهم سفيان بن عيينة عن ابن عجلان , لكنه زاد عليهم فيه فقال: " أو صاعا من دقيق "
أخرجه أبو داود (1618) والنسائى (1/347) والدارقطنى (223) والبيهقى وزاد النسائى فى آخره: " ثم شك سفيان فقال: دقيق أو سلت "
وزاد الدارقطنى فى رواية: " فقال له على بن المدينى وهو معنا: يا أبا محمد (يعنى ابن عيينة): أحد لا يذكر فى هذا " الدقيق " ! قال: بلى هو فيه ".
وزاد أبو داود: " قال حامد (يعنى ابن يحيى وهو شيخه): فأنكروا عليه فتركه سفيان " قال أبو داود: " فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة ".
(3/338)

و وافقه البيهقى على ذلك. ولا يشك فى وهمه من تتبع الطرق السابقة , لا سيما وفى رواية النسائى أن سفيان شك فى ذلك , والشك لا يفيد علما. بل فى رواية الحميدى عنه " أو صاعا من أقط ". وهو الصواب.
الطريق السادسة: عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان عن عياض بلفظ: " إنما كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر , أو صاعا من شعير , أو صاع أقط , لا نخرج غيره , فلما كثر الطعام فى زمن معاوية جعلوه مدين من حنطة ".
أخرجه النسائى (1/348) والطحاوى (1/319) من طريق يزيد بن أبى حبيب عنه.
وتابعه ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله به ولفظه: " سمعت أبا سعيد وهو يسأل عن صدقة الفطر ؟ قال: لا أخرج إلا ما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعاً من تمر , أو صاعاً من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط. فقال له الرجل: أو مدين من قمح , فقال: لا , تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها ".
أخرجه الطحاوى عن الوهبى قال: حدثنا ابن إسحاق به.
ورواه إسماعيل بن علية عن ابن إسحاق به , فزاد فيه: " أو صاعا من حنطة ".
أخرجه الدراقطنى (222) والحاكم (1/411) والبيهقى (4/166) وسكت عليه , وتعقبه التركمانى بقوله: " الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ابن إسحاق , كذا قال البيهقى فى باب قتل ماله روح , وقد ذكر أبو داود هذا الحديث ثم قال: رواه ابن علية وعبدة وغيرهما عن ابن إسحاق عن عبد الله بن عياض عن أبى سعيد بمعناه , وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية: " أو صاعا من حنطة " وليس بمحفوظ , حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ليس فيه ذكر الحنطة ".
قلت: فتصحيح الحاكم إياه من تساهله , ولا عجب منه , وإنما العجب
(3/339)

من الذهبى حيث وافقه عليه ! وقد قال الحافظ فى " الفتح " (3/296): " قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة فى خبر أبى سعيد غير محفوظ , ولا أدرى ممن الوهم , وقوله: " فقال رجل الخ " دال على أن ذكر الحنطة فى أول القصة خطأ , إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا لما كان الرجل يقول له: أو مدين من قمح ".
قلت: وهذا هو التحقيق.

(848) - (زيادة تفرد بها ابن عيينة فيها فى حديث أبى سعيد (المتقدم): " أو صاعا من دقيق ". قيل لابن عيينة: " إن أحدا لا يذكره فيه , مقال: بل هو فيه " رواه الدارقطنى.
هذه الزيادة خطأ شذ فيه ابن عيينة عن الجماعة كما سبق تحقيقه قريبا.

(849) - (حديث عمر: " لا تشتره ولا تعد فى صدقتك , وإن اعطاكه بدرهم , فإن العائد فى صدقته كالعائد فى قيئه " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/279) ومسلم (5/63) وكذا النسائى (1/367 ـ والبيهقى (3/151) وأحمد (1/40) كلهم عن مالك - وهو فى " الموطأ " (1/282/49) - عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: " حملت على فرس عتيق فى سبيل الله , وكان الرجل الذى هو عنده قد أضاعه (1) , فأردت أن اشتريه منه , وظننت أنه بائعه برخص , فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لا تشتره... " الحديث.
__________
(1) أى بترك القيام عليه بالخدمة والعلف ونحوهما.
(3/340)

ثم أخرجه الشيخان وأبو داود (1593) والترمذى (1/130) وابن ماجه (2390) وابن الجارود (362) والبيهقى وأحمد (1/25 , 37) من طرق أخرى عن زيد وبعضهم عن نافع وسالم عن ابن عمر عن عمر , وبعضهم جعله من مسند ابن عمر.
وانظر " الأحاديث المختارة " (208 ـ بتحقيقى).
(تنبيه): وقعت رواية سفيان بن عيينة الشاذة المتقدمة معزوة للبخارى فى كتاب " الإلمام بأحاديث الأحكام " (ص 227) وهو خطأ من ناسخ المخطوطة التى طبع الكتاب عليها , وهناك فى المكتبة الظاهرية نسختان أخريان وقع العزو فيهما على الصواب: " أخرجه أبو داود " , وفات الأخ الأستاذ محمد سعيد المولوى الذى راجع الكتاب وعلق عليه , أن يصحح منهما ذلك الخطأ , وقد ترتب عليه خطأ آخر , وهو عزو قول أبى داود فى توهيم رواية ابن عيينة وقد تقدم أيضا إلى البخارى كذلك , فعسى أن يصحح ذلك فى طبعة أخرى للكتاب , وتقابل بالنسختين المشار إليهما مقابلة دقيقة إن شاء الله.

باب إخراج الزكاة

(850) - (قال عثمان رضى الله عنه: " هذا شهر زكاتكم , فمن كان عليه دين فليقضه ثم يزكى بقية ماله ".
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/48): ابن عيينة عن الزهرى عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان يقول: فذكره بنص الكتاب , غير أنه قال: " وزكوا بقية أموالكم ".
وقد أخرجه أبو عبيد فى " الأموال " (437/1247): حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب به إلا أنه قال: "... فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم , ومن لم تكن عنده لم تطلب منه , حتى يأتى بها تطوعا , ومن أخذ منه لم يؤخذ منه حتى يأتى هذا الشهر من قابل , قال إبراهيم: أراه يعنى شهر رمضان ".
(3/341)

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ثم قال أبو عبيد: " وقد جاءنا فى بعض الأثر ـ ولا أدرى عن من هو ـ أن هذا الشهر الذى أراده عثمان هو المحرم ".
ورواه مالك (1/253/17) وعنه الشافعى (1/237) نحوه عن ابن شهاب وكذا البيهقى (4/148) وقال: " رواه البخارى فى الصحيح ".
قلت: ولم أره فيه ولا عزاه فى " ذخائر المواريث إلا للموطأ , ثم تبين أنه يعنى أن أصله فى الصحيح " , فراجع " التلخيص " (178).
(تنبيه): استدل المصنف بهذا الأثر والذى بعده على أنه يسن أن يفرق الزكاة صاحبها ليتيقن وصولها إلى مستحقها , وليس فيهما دلالة صريحة على ذلك , فالأولى الاستدلال بما رواه البيهقى (4/114) فى " باب الرجل يتولى تفرقه زكاة ماله الباطنة بنفسه " عن أبى سعيد المقبرى قال: " جئت عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمائتى درهم , قلت: يا أمير المؤمنين هذا زكاة مالى , قال: وقد عتقت يا كيسان ؟ قال: قلت: نعم , قال: اذهب بها أنت فاقسمها ". وكذا رواه أبو عبيد (1805).
قلت: وإسناده حسن.
ويشهد لذلك الحديث المتفق عليه: " سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل... ورجل تصدق بيمينه حتى ما تعلم شماله ما أنفقت يمينه ".
(تنبيه ثان): أورد الرافعى هذا الأثر عن عثمان بلفظ: " قال فى المحرم: هذا شهر زكاتكم... " فقال الحافظ فى " التلخيص ": ومالك فى الموطأ , والشافعى عنه عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن عثمان به ".
وفاته التنبيه أنه ليس فيه " فى المحرم ".

(851) - (" أمر على رضى الله عنه واجد الركاز أن يتصدق بخمسة " (ص 205).
* ضعيف.
أخرجه البيهقى فى " سننه " (4/157) وكذا سعيد بن منصور
(3/342)

عن عبد الله بن بشر الخثعمى عن رجل من قومه: " أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة , فأتى بها عليا رضى الله عنه , فقال: اقسمها أخماسا , ثم قال: خذ منها أربعة أخماس ودع واحدا , ثم قال: فى حيك فقراء ومساكين ؟ قال: نعم. قال: فاقسمها فيهم ".
قلت: وهذا سند صحيح لولا الرجل الذى لم يسمه.

(852) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما " رواه ابن ماجه (ص 205).
* موضوع.
أخرجه ابن ماجه (1797) وأبو يعلى الموصلى فى مسنده كما فى " زوائد البوصيرى " (ق 113/2) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (7/225/2) عن البخترى ابن عبيد عن أبيه عن أبى هريرة به. وقال البوصيرى: " البخترى متفق على تضعيفه , و
الوليد مدلس " , وقال المناوى فى " فيض القدير ": " قال فى " الأصل " (يعنى الجامع الكبير) وضعف , وذلك لأن فيه سويد بن سعيد
قال أحمد: متروك ".
قلت: لقد ذهلوا جميعا عن علة الحديث الحقيقية , فإنه عند ابن عساكر من طريق أخرى عن البخترى ليس فيها الوليد ولا سويد فانتفت التهمة عنهما , وانحصرت بمن دارت الطريقان عليه وهو البخترى وهو الحرى بذلك فإنه متهم بالكذب , فقال أبو نعيم: " روى عن أبيه عن أبى هريرة موضوعات ".
وكذا قال الحاكم ـ على تساهله ـ والنقاش. وقال ابن حبان:
(3/343)

" ضعيف ذاهب , لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد , وليس بعدل , فقد روى عن أبيه عن أبى هريرة نسخة فيها عجائب ". وقال الأزدى: " كذاب ساقط ".
(تنبيه): ذكر البوصيرى لهذا الحديث شاهدا الحديث الآتى فى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم لابن أبى أوفى حينما أتاه بصدقة: " اللهم صلِّ على آل أبى أوفى ".
ولست أدرى كيف يكون هذه شاهدا لذلك , وهو فى الدعاء للمتصدق من غيره , وذاك فى دعاء المتصدق لنفسه مع اختلاف صيغة الدعاء فيهما ؟ !.

(853) - (قال عبد الله بن أبى أوفى: " كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صلّعلى آل فلان , فأتاه أبى بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبى أوفى " متفق عليه (ص 205).
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/286) ومسلم (3/121) وأبو داود (1590) والنسائى (1/341) وابن ماجه (1796) والبيهقى (4/157) والطيالسى (1/176 ـ ترتيبه) وعنه ابن الجارود فى " المنتقى " (361) وأحمد (4/353 ـ 355 , 381 , 383) من طرق كثيرة عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن أبى أوفى به.
وكلهم قالوا: " فأتاه أبى بصدقته " غير ابن ماجه فقال: " فأتيته بصدقة مالى".
وهو عنده من رواية وكيع عن شعبة , وهى عند أحمد (4/353) فى رواية له , غير أنه قال: " فأتيته بصدقة مال أبى ".
فلعل هذا هو أصل رواية وكيع عند ابن ماجه , ثم تصحفت على بعض الرواة أو الناسخ وعلى هذا فالآتى حقيقة إليه صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن أبى أوفى , وتحمل رواية الجماعة " فأتاه أبى بصدقته " على أنه أمر بذلك ابنه.
(3/344)

و هذا يقال إذا كانت رواية وكيع محفوظة , وما أراها كذلك , والله أعلم.
(تنبيه): عزا البوصيرى فى " الزوائد " (113/2) الحديث للستة , ولم يروه منهم الترمذى كما يشعر بذلك تخريجنا إياه , ولا عزاه إليه النابلسى فى " الذخائر " , فالغزو إلى " الستة " وهم أو تسامح.

(854) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 205).
* صحيح.
وقد مضى.

(855) - (حديث معاذ: " فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " (ص 206).
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/207 , 255 , 282 ـ 285 , 8/51) ومسلم (1/37 ـ 38) وأبو داود (1574) والترمذى (1/122) والنسائى (1/330) وابن ماجه (1783) وأبو عبيد فى " الأموال " (1084) والبيهقى (4/101) وأحمد (1/233) من طرق عن يحيى بن عبد الله بن صيفى عن أبى معبد عن ابن عباس: " أن معاذا قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إلى اليمن ] قال: إنك
تأتى قوما من أهل الكتاب , فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله , وأنى رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك , فأعلمهم أن الله افترض عليه خمس صلوات فى كل يوم وليلة , فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد فى فقرائهم , فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم , واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ".
والسياق لمسلم مع الزيادة.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".

(856) - (" أن عمر أنكر على معاذ لما بعث إليه بثلث الصدقة ثم بشطرها ثم بها , وأجابه معاذ بأنه لم يبعث إليه شيئا , وهو يجد أحدا يأخذه
(3/345)

منه ". رواه أبو عبيد (ص 206).
* ضعيف.
أخرجه أبو عبيد فى " الأموال " (1911) عن ابن جريج قال: أخبرنى خلاد أن عمرو ابن شعيب أخبره: " أن معاذ بن جبل لم يزل ب (الجند) إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن , حتى مات النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر , ثم قدم على عمر , فرده على ما كان عليه , فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس , فأنكر ذلك عمر , وقال: لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية , ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم , فقال معاذ: ما بعثت إليك بشىء وأنا أجد أحدا يأخذه منى ! فلما كان العام الثانى بعث إليه شطر الصدقة , فتراجعا بمثل ذلك , فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها , فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل ذلك , فقال معاذ: ما وجدت أحدا يأخذ منى شيئا ".
قلت: وهذا سند ضعيف , وله علتان:
الأولى: الانقطاع فإن عمرو بن شعيب لم يدرك زمان عمر.
الثانية: جهالة خلاد وهو ابن عطاء بن السمح أو الشيخ بكسر الشين المعجمة وسكون المثناة التحتية , أورده ابن أبى حاتم (1/2/366) برواية ابن جريج وحده , ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وأما ابن حبان فأورده فى " الثقات "(2/75) برواية ابن جريج وحده أيضا , وذلك على ما عرف من تساهله فى التوثيق عنده.
(تنبيه): " الجند " بفتح الجيم والنون بلدة مشهورة باليمن , وضبط فى " الأموال " بضم الجيم وسكون النون (الجُنْد) وهو خطأ ظاهر , والله أعلم.

(857) - (روى أبو عبيد فى الأموال عن على: " أن النبى صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقته سنتين " (ص 206).
* حسن.
قال أبو عبيد فى " الأموال " (1885): وحدثونا عن إسماعيل
(3/346)

بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حجية بن عدى عن على به.
وأخرجه أبو داود (1624) والترمذى (1/131) والدارمى (1/385) وابن ماجه (1795) وابن الجارود فى " المنتقى " (360) وابن سعد فى " الطبقات " (4/17) والدارقطنى (212 ـ 213) والحاكم (3/332) والبيهقى (4/111) وأحمد (1/104) كلهم عن سعيد بن منصور حدثنا إسماعيل بن زكريا به إلا أنه بلفظ: " أن العباس بن عبد المطلب سأل النبى صلى الله عليه وسلم فى تعجيل صدقته قبل أن تحل ؟ فرخص له فى ذلك ".
وقال ابن الجارود عقبه: " قال يحيى بن معين: إسماعيل بن زكريا الخلقانى ثقة , والحجاج بن دينار الواسطى ثقة ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبى.
قلت: الحجاج بن دينار وحجية بن عدى مختلف فيهما , وغاية حديثهما أن يكون حسنا , لكن قد اختلف فيه على الحكم على وجوه كثيرة هذا أحدها.
الوجه الثانى: قال الترمذى: حدثنا إسحاق بن منصور عن إسرائيل عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن حجل عن حجر العدنى عن على أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعمر: " إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام ".
وقال: " لا أعرف حديث تعجيل الزكاة من حديث إسرائيل إلا من هذا الوجه , وحديث إسماعيل بن زكريا عن الحجاج عندى أصح من حديث إسرائيل عن الحجاج بن دينار ".
ومن هذا الوجه رواه الدارقطنى أيضاً (213).
الوجه الثالث: عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة , فأتى العباس يسأله صدقة
(3/347)

ماله , فقال: قد عجلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة سنتين , فرفعه عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: صدق عمى , قد تعجلنا منه صدقة سنتين ".
أخرجه ابن سعد وابن أبى شيبة (4/24) وأبو عبيد (1884) والسياق له.
وهذا مع إعضاله فيه ابن أرطاة وهو مدلس , وقد تابعه أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن خليفة وهو سىء الحفظ ولعل ابن أرطاة تلقاه عنه فدلسه !
أخرجه ابن سعد.
الوجه الرابع: عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه ؟ إنا كنا احتجنا إلى مال فتعجلنا من العباس صدقة ماله لسنتين ".
أخرجه الدارقطنى , وابن عمارة متروك كما قال الحافظ.
الوجه الخامس: عن محمد بن عبيد الله عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس نحو حديث بن أرطاة.
أخرجه الدارقطنى , ومحمد بن عبيد الله هو العرزمى متروك أيضا.
الوجه السادس: رواه هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم.
علقه أبو داود عقب الوجه الأول وقال هو والدارقطنى والبيهقى: " وهذا هو الأصح من هذه الروايات ".
قلت: والحسن بن مسلم هو ابن يناق , تابعى ثقة فهو مرسل صحيح
الإسناد , وله شواهد تقويه:
الأول: عن أبى البخترى عن على رضى الله عنه فذكر قصته , وفيها:
" أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه ؟ إنا كنا احتجنا فأسلفنا العباس صدقة عامين ".
(3/348)

أخرجه البيهقى وأعله بالانقطاع بين أبى البخترى { وعلى } , ورجاله ثقات كما قال الحافظ. وهو فى مسند أحمد (1/94) من هذا الوجه لكن ليس فيه موضع الشاهد.
الثانى: عن شريك عن إسماعيل المكى عن سليمان الأحول عن أبى رافع مثل حديث ابن عمارة إلا أنه قال: " أن العباس أسلفنا صدقة العام عام الأول ".
أخرجه الدارقطنى والطبرانى فى " الأوسط " (1/88/1 ـ زوائد المعجمين) وقال: " لم يروه عن سليمان إلا إسماعيل ولا عنه إلا شريك ".
قلت: وهما ضعيفان.
الثالث: عن محمد بن ذكوان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عم الرجل صنو أبيه , وأن النبى صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة عامين فى عام ".
قلت: ومحمد بن ذكوان هذا هو الطاحى البصرى , قال الهيثمى فى " المجمع " (3/79): " فيه كلام , وقد وثق ". وقال الحافظ فى " الفتح " (3/264) و" التقريب ": " وهو ضعيف ".
ثم قال الحافظ: " وليس ثبوت هذه القصة فى تعجيل صدقة العباس ببعيد فى النظر بمجموع هذه الطرق ".
قلت: وهو الذى نجزم به لصحة سندها مرسلا وهذه شواهد لم يشتد ضعفها فهو يتقوى بها ويرتقى إلى درجة الحسن على أقل الأحوال.

(858) - (ويعضده رواية مسلم: " فهى على ومثلها " (ص 206).
(3/349)

* شاذ بهذا اللفظ.
وهو قطعة من حديث رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة , فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ! وأما خالد , فإنكم تظلمون خالدا , قد احتبس أدراعه وأعتاده فى سبيل الله , وأما العباس فهى على ومثلها معها , ثم قال: يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه! ".
أخرجه مسلم (3/68) وأبو داود أيضا (1623) والدارقطنى (212) والبيهقى (4/111) وأحمد (2/322) من طريق ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عنه به.
وروى الترمذى (2/305) منه الجملة الأخيرة منه: " العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإن عم الرجل صنو أبيه ".
وقال: " حديث حسن صحيح ".
وقد تابعه ابن إسحاق عن أبى الزناد بتمامه , أخرجه الدارقطنى.
وخالفهما شعيب: حدثنا أبوالزناد به إلا أنه قال: " فهى عليه صدقة , ومثلها معها " دون قوله: " يا عمر أما شعرت... ".
أخرجه البخارى (3/262 ـ 263) والنسائى.
وقال البخارى: " تابعه ابن أبى الزناد عن أبيه ".
قلت: وصله أبو عبيد فى " الأموال " (1897): حدثنا أبو أيوب عن عبد الرحمن ابن أبى الزناد عن أبيه به.
ثم قال البخارى: " وقال ابن إسحاق عن أبى الزناد: هى عليه ومثلها معها ".
قلت: وصله الدارقطنى كما سبق لكن وقع عنده باللفظ الأول:
(3/350)

" فهى على ومثلها معها " وزاد: " وهى له ".
فلا أدرى هل اختلفت الرواية فيه على ابن إسحاق , أم هناك خطأ من بعض النساخ , ومن الغريب أن الحافظ رحمه الله لم يذكر من وصل رواية ابن إسحاق هذه , وقد علقها البيهقى كما علقها البخارى وبلفظه. ثم قال: " وكما رواه محمد بن إسحاق رواه أبو أويس المدنى عن أبى الزناد , وكذلك هو عندنا من حديث ابن أبى الزناد عن أبيه ".
قلت: وثمة متابع آخر , وهو موسى بن عقبة قال: حدثنى أبو الزناد.
أخرجه النسائى (1/342) عقب حديث شعيب. وأحال عليه فى اللفظ بقوله: " مثله سواء ".
ونستلخص مما تقدم: أن الرواة على أبى الزناد قد اختلفوا عليه فى حرف واحد من حديثه , فقال ورقاء وابن إسحاق فى رواية الدارقطنى: " فهى على ومثلها معها ".
وقال شعيب وابن أبى الزناد وابن إسحاق فى رواية البخارى والبيهقى وأبو أويس: " فهى عليه ومثلها معها ".
وإذا نحن أسقطنا رواية ابن إسحاق من الحساب لتضاربها عنه , لا سيما وقد زاد فى آخرها ما شذ به عن الجماعة: " هى له " , بقيت رواية ورقاء وحيدة غريبة , مخالفة لرواية الثلاثة شعيب وابن أبى الزناد وأبى أويس فهى لذلك شاذة , ورواية الجماعة هى الصواب.
ومع وضوح هذا , فقد ذهب البيهقى إلى ترجيح الرواية الشاذة , لا من جهة الرواية , بل من حيث المعنى , فإنه فهم من قوله فى رواية شعيب " فهى عليه صدقة " فهى له صدقة , فقال: " يبعد أن يكون محفوظا , لأن العباس كان رجلا من صليبة بنى هاشم
(3/351)

تحرم عليه الصدقة , فكيف يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه من صدقة عامين صدقة عليه ؟ ! ".
فأقول: ليس فى الحديث ما يشعر بهذا المعنى البتة وهو خلاف المتبادر منه وما فسره به بعض العلماء المتقدمين عليه , فقال أبو عبيد (ص 593): " فقول النبى صلى الله عليه وس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 65
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــتاب الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــتاب الزكاة   كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 5:13 pm

(3/352)

باب أهل الزكاة

(859) - (حديث: " إن الله لم يرض بحكم نبى ولا غيره فى الصدقات حتى حكم هو فيها , فجزأها ثمانية أجزاء , فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك ". رواه أبو داود (ص 207).
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (رقم 1630) والدارقطنى (218 ـ 219) والبيهقى (4/143 ـ 174 0) عن عبد الرحمن بن زياد أنه سمع زياد بن نعيم الحضرمى أنه سمع زياد بن الحارث الصدائى قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته ـ فذكر حديثا طويلا قال ـ فأتاه رجل فقال: أعطنى من الصدقة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد وهو الأفريقى قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف فى حفظه , وكان رجلا صالحا ".
وقال الذهبى فى " المغنى ": " مشهور جليل , ضعفه ابن معين والنسائى , وقال الدارقطنى: ليس بالقوى , ووهاه أحمد.

(860) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم استعاذ من الفقر " (ص 207).
(3/353)

* صحيح.
وقد جاء عن جماعة من الصحابة منهم عائشة وأبو هريرة , وأبو بكرة نفيع بن الحارث , وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدرى وعبد الرحمن بن أبى بكر.
أما حديث عائشة , فهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات:
" اللهم فإنى أعوذ بك من فتنة النار , وعذاب النار , وفتنة القبر , وعذاب القبر , ومن شر فتنة الغنى , ومن شر فتنة الفقر , وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال , اللهم اغسل خطاياى بماء الثلج والبرد , نق قلبى من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس , وباعد بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم فإنى أعوذ بك من الكسل والهرم , والمأثم والمغرم ".
أخرجه البخارى (11/151 , 154 ـ فتح) ومسلم (8/75) والسياق له , والنسائى (2/315 , 316) والترمذى (2/263) وابن ماجه (3838) والحاكم (1/541) والبيهقى (7/12) وأحمد (6/57 , 207).
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
قلت: واستدركه الحاكم على الشيخين فوهم.
وأما حديث أبى هريرة , فيرويه حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم إنى أعوذ بك من الفقر , وأعوذ بك من القلة والذلة , وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم ".
أخرجه أبو داود (1544) والنسائى (2/315) وابن حبان فى
(3/354)

" صحيحه " (2443) وأحمد (2/305 , 325) والبيهقى (7/12).
قلت: وسنده صحيح , وأشار النسائى إلى أن له علة فقال: " خالفه الأوزاعى ".
ثم ساق من طريق الوليد عن أبى عمرو ـ هو الأوزاعى ـ قال: حدثنى إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة قال: حدثنى جعفر بن عياض قال: حدثنى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة , وأن تظلم أو تظلم ".
قلت: لكن الوليد وهو ابن مسلم الدمشقى وإن كان ثقة , فإنه كثير التدليس والتسوية كما قال الحافظ فى " التقريب " , فأخشى أن يكون تلقاه عن بعض الضعفاء رواه عن الأوزاعى , ثم أسقطه الوليد , فقد رأيت فى مسند الإمام أحمد (2/540): حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعى به. فابن مصعب هذا وهو القرقسانى صدوق كثير الخطأ كما قال الحافظ أيضا , فلا يحتج به أصلاً فكيف عند
مخالفته لمثل حماد بن سلمة , ومن الجائز أن يكون هو الواسطة بين الوليد والأوزاعى , ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3842) والحاكم (1/531) ولكنه قال: " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبى !
نعم قد رواه ابن حبان بإسناد آخر عن الوليد صرح فيه بالتحديث من كل راو من رواته , فقال فى " صحيحه " (2442 ـ موارد): أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ـ ببيت المقدس ـ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا الوليد: حدثنا الأوزاعى: حدثنى إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة حدثنى جعفر بن عياض: حدثنى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
(3/355)

قلت: وهذه متابعة قوية , فإن عبد الرحمن بن إبراهيم هو أبو سعيد الدمشقى الملقب ب " دحيم ". وهو ثقة حافظ متقن كما فى "التقريب ".
لكن يبقى النظر فى شيخ ابن حبان عبد الله بن محمد بن سلم , ولم أقف له على ترجمة. وينبغى أن يكون فى " تاريخ ابن عساكر " لكن نسخة المكتبة عندنا فيها خرم فى العبادلة فالله أعلم.
ومنهم أبو بكرة نفيع بن الحارث يرويه ابنه مسلم بن أبى بكرة قال: " كان أبى يقول فى دبر الصلاة: اللهم إنى أعوذ بك من الكفر , والفقر , وعذاب القبر , فكنت أقولهن , فقال أبى: أى بنى عن من أخذت هذا ؟ قلت: عنك , قال:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن فى دبر الصلاة ".
أخرجه النسائى (1/198 , 2/315) وأحمد (5/36 , 39 , 44) من طرق عن عثمان الشحام عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم , وقد أخرجه الترمذى (2/264) والحاكم (1/533) من طريق أبى عاصم النبيل حدثنا عثمان الشحام به إلا أنه قال : " من الهم والكسل ". بدل " من الكفر والفقر ".
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: والرواية الأولى أصح لاتفاق جماعة من الثقات عليها كما سبقت الإشارة إليه , فرواية أبى عاصم شاذة. ويؤيد ذلك أن له طريقا أخرى عن أبى بكرة , يرويها جعفر بن ميمون حدثنى عبد الرحمن بن أبى بكرة أنه قال
(3/356)

لأبيه: يا أبت إنى أسمعك تدعو كل غداة: اللهم عافنى فى دينى , اللهم عافنى فى سمعى , اللهم عافنى فى بصرى , لا إله إلا أنت , تعيدها ثلاثا , حين تصبح , وثلاثا حين تمسى , وتقول: اللهم إنى إعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر , لا إله إلا أنت , تعيدها حين تصبح ثلاثا , وثلاثا حين تمسى. قال: نعم يا بنى إنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يدعو بهن , فأحب أن أستن بسنته , قال: وقال النبى صلى الله عليه وسلم: دعوات المكروب , اللهم رحمتك أرجو فلا تكلنى إلى نفسى طرفة عين , وأصلح لى شأنى كله لا إله إلا أنت.
قلت: وهذا سند لا بأس به فى الشواهد جعفر بن ميمون قال الحافظ: " صدوق يخطىء ".
وأما حديث أنس , فيرويه قتادة عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه: اللهم إنى أعوذ بك من العجز والكسل , والجبن والبخل , والهرم والقسوة والغفلة , والعيلة والذلة والمسكنة , وأعوذ بك من الفقر والكفر , والفسوق والشقاق والنفاق , والسمعة والرياء , أعوذ بك من الصمم والبكم , والجنون والجذام والبرص وسىء الأسقام ".
أخرجه ابن حبان (2446) والحاكم (1/530) من طريقين عن قتادة به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبى.
قلت: إسناده عند الحاكم على شرط البخارى فقط , فإن فيه آدم بن أبى إياس ولم يخرج له مسلم , وفى إسناد ابن حبان كيسان وهو أبو عمر القصار وهو ضعيف وثقه ابن حبان !.
والحديث رواه الطبرانى فى " المعجم الصغير " (ص) من طريق آدم
(3/357)

لكن لم يقع عنده الاستعاذة من الفقر والكفر. وفى الصحيحين منه " اللهم إنى أعوذ بك من العجز والكسل ". وفى النسائى (1/318) و" المسند " (3/192) الشطر الأخير منه: " اللهم إنى إعوذ بك من البرص والجنون... ".
وأما حديث أبى سعيد فيرويه سالم بن غيلان عن دراج أبى السمع عن أبى الهيثم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: " اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر , فقال رجل: ويعدلان ؟ قال: نعم ".
أخرجه النسائى (2/317) وابن حبان (2438). ثم أخرجاه وكذا الحاكم (1/532) من طريق حيوة بن شريح عن دراج به , إلا أنه قال: " الد ين " بدل " الفقر ".
وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر فإن دراجا قال فى " التقريب ":" صدوق فى حديثه عن أبى الهيثم ضعيف [1] ". وهذا من حديثه عنه.
وأما حديث عبد الرحمن بن أبى بكر فقال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: " أعوذ بوجهك الكريم , وباسمك الكريم من الكفر والفقر ".
قال الهيثمى فى " المجمع " (10/143): " رواه الطبرانى وفيه من لم أعرفهم "

(861) - (حديث: " اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا واحشرنى فى زمرة المساكين ". رواه الترمذى (ص 207).
* صحيح.
روى من حديث أنس بن مالك وأبى سعيد الخدرى وعبادة بن
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: ضعف }
(3/358)

الصامت وعبد الله بن عباس.
أما حديث أنس فيرويه ثابت بن محمد الكوفى: حدثنا الحارث بن النعمان الليثى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وزاد: " يوم القيامة , فقالت عائشة: لم يا رسول الله ؟ قال: إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً , يا عائشة لا تردى المسكين ولو بشق تمرة , يا عائشة أحبى المساكين وقربيهم , فإن الله يقربك يوم القيامة ".
أخرجه الترمذى (2/56 ـ 57) وأبو الحسن الحمامى فى " الفوائد المنتقاة "(9/205/251) وأبو نعيم فى " الفوائد " (5/217/1) والبيهقى فى سننه (7/12) وقال الترمذى وغيره: " حديث غريب ".
قلت: يعنى ضعيف , وعلته الحارث هذا.
قال البخارى: " منكر الحديث " وكذا قال الأزدى.
وقال أبو حاتم: " ليس بالقوى فى الحديث ".
وتناقض فيه ابن حبان فذكره فى " الثقات " (1/17) , وفى " الضعفاء " أيضاً كما فى " التهذيب ". وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
وبه عله ابن الجوزى فى " الموضوعات " وقال: " منكر الحديث ". وتعقبه السيوطى فى " اللآلى " (2/325) بقوله: قلت: " هذا لايقتضى الوضع ".
وأقول: الظاهر أن ابن الجوزى حين قال فيه " منكر الحديث " نقله عن البخارى , فإن هذا قوله كما علمت , وذلك منه تضعيف شديد منه فقد ذكروا عنه أنه قال: " كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه ".
وهذه صفة المتهمين والكذابين , ولذلك فإنى أرى أن التعقب المذكور ليس بالقوى.
(3/359)

و أما حديث أبى سعيد فيرويه يزيد بن سنان عن أبى المبارك عن عطاء عنه به دون الزيادة.
أخرجه ابن ماجه (4126) وعبد بن حميد فى " المنتخب من المسند " (ق 110/1) وأبو عبد الرحمن السلمى فى " الأربعين الصوفية " (ق 5/2) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (4/111).
قلت: وهذا سند ضعيف , أبو المبارك مجهول كما قال الحافظ فى " التقريب ".
وقال الذهبى: " لا يدرى من هو " وقال مرة أخرى: " لا تقوم به حجة لجهالته ".
قلت: وسلفهما فى ذلك إمامان:
الأول: الترمذى فقال فى سننه (2/151) وقد روى له حديثا آخر متنه: " ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ": " وأبو المبارك رجل مجهول ".
والآخر أبو حاتم الرازى فقال فى كتاب ابنه (4/2/446): " هو شبه مجهول ".
وأما جواب البعض عن ذلك بقوله: " فقد عرفه ابن حبان وذكره فى (الثقات) " ! فذهول منه عن قاعدة ابن حبان فى التوثيق , فإنه يوثق المجهولين عند غيره من المحدثين , وهذا من الأمثلة الكثيرة على ذلك , بل إنه ليصرح أحيانا فى بعض من وثقهم: " لا أعرفه , ولا أعرف أباه ". كما قد بينته فى غير هذا الموضع.
ويزيد بن سنان ضعفه الجمهور وقال البخارى: " مقارب الحديث " وفى رواية الترمذى عنه فى المكان المشار إليه آنفا: " ليس بحديثه بأس , إلا رواية ابنه محمد عنه فإنه يروى عنه مناكير ".
(3/360)

قلت: وهذا ليس من رواية ابنه عنه. على أنه لم يتفرد به , فقد رواه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبى مالك الدمشقى عن أبيه عن عطاء بن أبى رباح به , وزاد: " وإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة ".
أخرجه ابن بشران فى " الأمالى " (ق 72/2) والحاكم (4/322) والبيهقى (7/13) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبى ! ثم السيوطى !
وهذا عجيب منهم خاصة الذهبى , فقد أورد يزيد بن خالد هذا فى " الضعفاء " وقال : قال النسائى: " ليس بثقة ".
وذكره فى " الميزان " وساق أقوال الأئمة فيه وكلها تتفق على تضعيفه وساق له أحاديث مما أنكرت عليه هذا أحدها.
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف مع كونه فقيها , وقد اتهمه ابن معين ".
وأما حديث عبادة بن الصامت فيرويه بقية بن الوليد حدثنا هقل بن زياد حدثنا ( عبيد بن زياد والأوزاعي ) [1] حدثنا جنادة بن أبى أمية حدثنا عبادة بن الصامت مرفوعا به.
أخرجه تمام فى " فوائده " والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (ق 65/1 ـ 2) من طريق الطبرانى.
قلت: وهذا سند رجاله ثقات معروفون غير عبيد بن زياد الأوزاعى , فلم أجد له ترجمة فى شىء من كتب الرجال التى وقفت عليها , نعم قال السيوطى فى " اللآلى " (2/325) بعد أن عزاه { لـ } تمام: "
أخرجه ابن عساكر فى " تاريخه " وقال: قال أبو سعيد على بن موسى السكرى الحافظ النيسابورى: عبيد شامى غزير [2] الحديث , قيل: إنه ثقة. ووجد بخط أبى الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الحافظ حدثنا محمد بن يوسف بن بشر
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: عبيد بن زياد الأوزاعى }
[2] { كذا فى الأصل , و الصواب: عزيز }
(3/361)

الهروى أخبرنى محمد بن عوف بن سفيان الطائى قال: عبيد بن زياد الأوزاعى الذى روى عنه الهقل بن زياد سألت عنه بدمشق فلم يعرفوه , { قلت له } فالحديث الذى رواه هو منكر ؟ قال: لا ما هو منكر ".
قلت: ولم أر هذه الترجمة فى " باب من اسمه عبيد " من " تاريخ دمشق " من نسخة المكتبة الظاهرية , وهى نسخة فيها خرم فى كثير من المواطن , فمن الجائز أن تكون سقطت من ناسخها , أو أورد ذلك فى باب آخر.
وجملة القول أن عبيد بن زياد الأوزاعى ينبغى أن يعد فى جملة المجهولين , إذ أنه مع إغفالهم الترجمة فى كتب الرجال , فليس فيما سبق عن ابن عساكر ما يعتد به من التوثيق , وقد قيل فى اسمه: عبد الله أو عبيد الله بن زياد , أخرجه البيهقى فى " سننه " (7/12) من طريق موسى بن محمد مولى عثمان بن عفان رضى الله عنه قال: حدثنا هقل بن زياد أنبأ عبد الله (وفى نسخة: عبيد الله) ابن
زياد حدثنا جنادة بن أبى أمية به.
قلت: وسواء كان الصواب عبد الله أو عبيد الله فإنى لم أعرفه أيضا , وموسى ابن محمد العثمانى لم أجد له ترجمة , ومن ذلك تعلم ما فى قول ابن الملقن فى " الخلاصة " (ق 126/1) بعد أن عزاه للبيهقى: " ولا أعلم له علة " !
وأما حديث ابن عباس , فيرويه طلحة بن عمرو عن عطاء عنه مرفوعا.
أخرجه الشيرازى فى " الألقاب " , لكن طلحة بن عمرو متروك.
والخلاصة: أن جميع طرق هذا الحديث لا تخلو من مادح [1] , إلا أن مجموعها يدل على أن للحديث أصلا , فإن بعضها ليس شديد الضعف , كحديث أبى سعيد , وحديث عبادة , (وقدموا الضياء كمن رأيت) [2], والحديث بمجموعهن أحسن , وقد جزم العلائى بصحته , ثم (أن حجر الفقه) [3] فى " أسمى المطالب فى صلة الأقارب " (ق24/2).
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: قادح }
[2] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: و قد رواه الضياء كما رأيت }
[3] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: ابن حجر الفقيه }
(3/362)

فحكم ابن الجوزى بوضعه إسراف , ولذلك تعقبه العلماء وردوه عليه كالحافظ ابن حجر , وقد نقلت كلامه فى " الصحيحة " (308) وابن غرموني [1] فى " تنزيه الشريعة " (2/304 ـ 305) ومن قبله الحافظ السخاوى فى " المقاصد " فقال بعد أن ساق طرقا , وآخرها طريق عبادة: " ومع وجود هذه الطريق وغيرها مما تقدم لا يحسن الحكم عليه بالوضع , لا سيما وفى الباب عن أبى قتادة ".
(تنبيه): كنت ذكرت فى " الصحيحة " طريقا أخرى لحديث أبى سعيد عن رواية عبد ابن حميد حسنتها هناك , وصححت الحديث بها مع بعض الشواهد المشار إليها , ثم تبينت أن هذه الطريق ليست لهذا الحديث , وإنما لحديث آخر قبله فى " المنتخب ", انتقل بصرى إليها , عقب كتب المتن فى المسودة , وجل من لا يسهو , ويعود الفضل فى تنبيهى لذلك إلى بعض إخواننا المثقلين [2] بهذا العلم الشريف , فى مقدمتهم فضيلة الشيخ عبد الرحيم صديق المكى , جزاهم الله خيرا.
ولكن يجب التنبيه أيضا إلى أن الحديث لم ينزل بذلك إلى مرتبة الضعف كما توهم بعضهم , وإنما إلى مرتبة الحسن , كما بينته آنفا.
وإن مما ينبغى ذكره بهذه المناسبة أن الحديث الحسن لغيره , وكذا الحسن لذاته من أدق علوم الحديث وأصعبها , لأن مدارهما على من اختلف فيه العلماء من رواته , ما بين موثق ومضعف , فلا يتمكن من التوفيق بينها , أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى , إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده , ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل ومارس ذلك عمليا مدة طويلة من عمره , مستفيدا من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد عارفا بالمتشددين منهم والمتساهلين , ومن هم وسط بينهم , حتى لا يقع فى الإفراط والتفريط , وهذا أمر صعب قل من يصير له , وينال ثمرته , فلا جرم أن صار هذا العلم غريبا من العلماء والله يختص بفضله من يشاء.

(862) - (حديث: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يبعث على الصدقة سعاة
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: ابن عراق }
[2] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: المشتغلين }
(3/363)

و يعطيهم عمالتهم " (ص 208).
* صحيح.
ورد عن جمع من الصحابة:
الأول: عن أبى هريرة قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة... " الحديث وقد مضى بتمامه عند تخريج الحديث (858) وهو متفق عليه.
الثانى: عن أبى حميد الساعدى قال: " استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية , فلما جاء حاسبه , قال: هذا مالكم , وهذا هدية , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست فى بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ؟ ! ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنى أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولانى الله , فيأتى فيقول: هذا مالكم , وهذا هدية أهديت لى ! أفلا جلس فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته ؟ ! والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقى الله يحمله يوم القيامة , فلا أعرفن أحداً منكم لقى الله يحمل بعيرا له رغاء , أو بقرة لها خوار , أو شاة تيعر , ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت ؟ بصر عيناى وسمع أذنى ".
أخرجه البخارى (4/346 , 394 , 400 ـ 401 ـ طبع أوربا " ومسلم (6/11) وأبو داود (2946) والدارمى (1/394 , 2/232) والبيهقى (4/158 وـ 159) وأحمد (5/423).
الثالث: عن عمر رضى الله عنه يرويه عبد الله بن السعدى ويقال الساعدى قال: " استعملنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه على الصدقة , فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لى عمالة , فقلت: إنما عملت لله , وأجرى على الله , فقال: خذ ما أعطيت , فإنى عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فعملنى , فقلت مثل قولك , فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل
(3/364)

فكل وتصدق "
أخرجه البخارى (4/391 ـ طبع أوربا " ومسلم (3/98 ـ 99) واللفظ له وأبو داود (1647) والنسائى (1/364 ـ 365) والدارمى (1/388) وأحمد (1/17 , 40).
ورواه ابن حبان من طريق أخرى بنحوه (رقم 856) وفيها أن عمالة السعدى ألف دينار !
الرابع عن أبى رافع رضى الله عنه: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بنى مخزوم على الصدقة , فقال لأبى رافع: اصحبنى كيما تصيب منها , فقال: لا حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله , فانطلق إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله , فقال: إن
الصدقة لا تحل لنا , وإن موالى القوم من أنفسهم ".
أخرجه أبو داود (1650) والترمذى (1/128) والنسائى (1/366) والطحاوى (2/166) وابن أبى شيبة (4/60) وأحمد (6/10) وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الخامس: عن أبى مسعود البدرى قال: " بعثنى النبى صلى الله عليه وسلم ساعيا , ثم قال انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تجىء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته , قال: إذا لا أنطلق , قال: إذا لا أكرهك ".
أخرجه أبو داود (2947) بسند صحيح والطبرانى فى " الكبير " كما فى " المجمع " (3/86) وقال: " ورجاله رجال الصحيح " وفاته أنه فى " السنن " وإلا لما أورده.
السادس: عن سعد بن عبادة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :
(3/365)

قم على صدقة بنى فلان , وانظر لا تأتى يوم القيامة ببكر تحمله على عاتقك أو على كاهلك له رغاء يوم القيامة. قال يا رسول الله: اصرفها عنى , فصرفها عنه ".
أخرجه أحمد (5/285) بسند صحيح , وابن حبان فى " صحيحه " (804) من حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا فقال: فذكره بنحوه.
ثم رأيت الهيثمى قال (3/85) بعدما عزاه لأحمد والبزار والطبرانى فى الكبير : " ورجاله ثقات إلا أن سعيد بن المسيب لم ير سعد بن عبادة ".
قلت: فهو منقطع , ولكنه يتقوى بحديث ابن عمر , وإسناده جيد رجاله رجال الشيخين وقال الهيثمى (3/86): " رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ".
السابع: عن عائشة رضى الله عنها: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا , فلاحه رجل فى صدقته فضربه أبو جهم فشجه , فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا: القود يا رسول الله , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لكم كذا وكذا , فلم يرضوا , قال: فلكم كذا وكذا , فلم يرضوا , قال: فلكم كذا وكذا فرضوا , فقال النبى صلى الله عليه وسلم: إنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم , قالوا: نعم , فخطب النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن هؤلاء الليثيين أتونى يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا , رضيتم ؟ قالوا: لا , فهمّ المهاجرون بهم , فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يكفوا , فكفوا , ثم دعاهم , فزادهم , وقال: أرضيتم
قالوا: نعم , قال: فإنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم , قالوا: نعم , فخطب النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: أرضيتم ؟ قالوا: نعم ".
أخرجه أبو داود (4534) والنسائى (2/245) وأحمد (6/232) وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وعزاه الحافظ فى " التلخيص " (ص 176)
(3/366)

لأحمد وحده وسكت عليه ! !
الثامن: عن عبادة بن الصامت , يرويه طاوس عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على الصدقات فقال: يا أبا الوليد ".
هكذا أخرجه الحاكم (3/354) وقال: " صحيح على شرط الشيخين " وتعقبه الذهبى بقوله: " قلت: منقطع ".
وكأنه يعنى أن طاوسا لم يسمع من عبادة , ولم أر من صرح بذلك , وقد ذكر فى " التهذيب " جماعة من الصحابة روى عنهم , فيهم سراقة بن مالك وقد مات سنة أربع وعشرين وأما عبادة فقد مات بعد ذلك بعشر سنين , فهو قد أدركه حتما فبم ننفى سماعه منه ؟
والحديث رواه الطبرانى فى " الكبير " بزيادة كبيرة وقال الهيثمى: " ورجاله رجال الصحيح ".
وفى الباب عن قرة بن دعموص النميرى فى " المسند " (5/72) , وعن رجل من أخوال حرب بن عبيد الله عند الطحاوى (1/313).

(863) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان بن أمية يوم حنين قبل إسلامه ترغيبا له فى الإسلام " (ص 208).
* صحيح.
يرويه رافع بن خديج قال: " أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل , وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك , فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبى ونهب العبيد [1] ..... بين عيينة والأقرع
فما كان بدر ولا حابس ... يفوقان مرداس فى المجمع
وما كنت دون امرىء منهما ... ومن تخفض اليوم لا يرفع
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] في المطبوع جاءت هكذا:
أتجعل نهبي ونب العبي ... د بين عينيه والأقرع.
(3/367)

قال: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة.
أخرجه مسلم (3/108).
وفى رواية له: " أن النبى صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل " وساق الحديث بنحوه وزاد: " وأعطى علقمة بن علاثة مائة ".
وأخرج البيهقى أيضا (7/17) الرواية الأولى.

(864) - (عن أبى سعيد قال:" بعث على وهو باليمن بذهيبة فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلى وعيينة بن بدر الفزارى وعلقمة بن علاثة العامرى ثم أحد بنى كلاب وزيد الخير الطائى , ثم أحد بنى نبهان فغضبت قريش وقالوا: تعطى صناديد نجد وتدعنا ؟ فقال: إنى إنما فعلت ذلك أتألفهم (1) ". متفق عليه (ص 208).
* صحيح.
وله تتمة وهى: " فجاء رجل كث اللحية , مشرف الوجنتين , غائر العينين , ناتىء الجبين , محلوق الرأس , فقال: اتق الله يا محمد قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن يطع الله إن عصيته ؟ ! أيأمننى على أهل الأرض ولا تأمنونى ؟ ! قال: ثم أدبر الرجل , فاستأذن رجل من القوم فى قتله ـ يرون أنه خالد بن الوليد ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من ضئضىء هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم , يقتلون أهل الإسلام , ويدعون أهل الأوثان , يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية , لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ".
أخرجه البخارى (2/337 ـ طبع أوربا) معلقا و(4/460) موصولا ومسلم (3/110ـ 111) وكذا أبو داود (4764) والنسائى (1/359)
__________
(1) كذا في الأصل، والذ في مسلم : (لا تألفهم).
(3/368)

و البيهقى (7/18) وأحمد (3/68 , 72 , 73) من طريق سعيد بن مسروق عن عبد الرحمن بن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرى به والسياق لمسلم. وزاد هو والبخارى (3/158 ـ 159) فى رواية لهما وكذا أحمد (3/4 ـ 5) من طريق عمارة بن القعقاع حدثنا عبد الرحمن بن أبى نعم به إلا أنه قال: " ألا تأمنونى وأنا أمين من فى السماء , يأتينى خبر السماء صباحا ومساء ؟ ".
وزاد بعد قوله: " ثم أدبر الرجل ": " فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ فقال: لا , لعله أن يكون يصلى , قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم ".
وفى رواية أخرى لمسلم من هذا الوجه: " وعلقمة بن علاثة , ولم يذكر عامر بن الطفيل , وقال: ناتىء الجبهة.
وزاد: " فقام إليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال: لا , قال ثم أدبر , فقام إليه خالد سيف الله فقال: يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال: لا ".

(865) - (قول ابن عباس فى المؤلفة قلوبهم: " هم قوم كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات فإذا أعطاهم من الصدقة قالوا: هذا دين صالح وإن كان غير ذلك عابوه " رواه أبو بكر فى التفسير (ص 208).
* لم أقف على سنده الآن. [1]

(866) - (حديث: " إن أبا بكر رضى الله عنه , أعطى عدى بن حاتم والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما وإسلامهما رجاء إسلام نظرائهما " (208).
* لم أقف على إسناده
وقد ذكره الرافعى فى شرحه على " الوجيز " مرفوعا: " أنه
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
أخرجه الطبري في تفسيره (11/519 ط. الرسالة) ولفظه:
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " والمؤلفة قلوبهم " وهم قوم كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أسلموا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات ، فإذا أعطاهم من الصدقة فأصابوا منها خيرا قالوا : هذا دين صالح ، وإن كان غير ذلك ، عابوه وتركوه "
وقول المصنف "رواه أبو بكر في التفسير" يريد به أبو بكر بن المنذر.
(3/369)

صلى الله عليه وسلم أعطى عدى بن حاتم والزبرقان بن بدر " فقال ابن الملقن فى "الخلاصة " (126/1): " غريب ".
أى لا أصل له , ونحوه قول الحافظ فى " التلخيص " (ص 276): " هذا عده النووى من أغلاط " الوسيط " ولا يعرف , ووهم ابن معن , فزعم أنه فى " الصحيحين ".
ثم لم يذكروا أنه ورد موقوفا على أبى بكر رضى الله عنه , نعم ذكر بعضه الإمام الشافعى بدون إسناد: " أن عدى بن حاتم جاء إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه أحسبه قال: بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه ; فأعطاه أبو بكر رضى الله عنه ثلاثين بعيرا , وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه , فجاء بزهاء ألف رجل , وأبلى بلاء حسنا ".
رواه عنه البيهقى (7/19 ـ 20) والله أعلم. وقال الحافظ عقبه (277): " وذكر أبو الربيع بن سالم فى السيرة له أن عديا لما أسلم وأراد الرجوع إلى بلاده , اعتذر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزاد. وقال: ولكن ترجع فيكون خير. فلذلك أعطاه الصديق ثلاثين من إبل الصدقة ".

(867) - (وعن أنس مرفوعا: " إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذى فقر مدقع , أو لذى غرم مفظع , أو لذى دم موجع " رواه أحمد وأبو داود (ص 209).
* ضعيف.
أخرجه أحمد (3/114) وأبو داود (1641) وابن ماجه أيضا (2198) والضياء المقدسى فى " الأحاديث المختارة " (2/146) عن الأخضر بن عجلان حدثنى أبو بكر الحنفى عن أنس بن مالك: " أن رجلا من الأنصار أتى النبى صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الحاجة , فقال له النبى
(3/370)

صلى الله عليه وسلم: ما عندك شىء ؟ فأتاه بحلس وقدح , وقال النبى صلى الله عليه وسلم: من يشترى هذا ؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم , قال: من يزيد على درهم ؟ فسكت القوم , فقال: من يزيد على درهم ؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين , قال: هما لك , ثم قال: إن المسألة... " الحديث.
والسياق لأحمد ولكن المصنف قدم فيه وأخر ونقص فإن لفظه: " إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاث: ذى دم موجع , أو غرم مفظع , أو فقر مدقع "
ثم رأيت الإمام أحمد قد أخرجه (3/126 ـ127) من طريق عبيد الله بن شميط قال: سمعت عبد الله الحنفى يحدث: أنه سمع أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ المصنف سواء.
قلت: هكذا فى المسند: " عبيد الله بن شميط: سمعت عبد الله الحنفى " والظاهر أنه سقط من بينهما من الناسخ أو الطابع الأخضر بن عجلان فإنهم لم يذكروا لابن شميط رواية عن الحنفى , ويؤيده أن الترمذى قد روى (1/229) عن عبيد الله بن شميط بن عجلان: حدثنا الأخضر بن عجلان عن عبد الله الحنفى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا... الحديث دون قوله:
" إن المسألة... " وقال: " هذا حديث حسن , لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان , وعبد الله الحنفى هو أبو بكر الحنفى ".
قلت: قال الحافظ فى " التقريب ": " لا يعرف حاله " وقال فى " التلخيص " (237): " وأعله ابن القطان بجهل حال أبى بكر الحنفى ونقل عن البخارى أنه قال: لا يصح حديثه ".

(868) - (حديث قبيصة بن مخارق الهلالى قال: " تحملت حمالة , فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم , أسأله فيها , فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة , فنأمر لك بها ,
(3/371)

ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها , ثم يمسك " الحديث. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائى (ص 209).
* صحيح.
وتمامه: " ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش قال: أو سدادا من عيش , ورجل أصابته فاقه حتى يقول ثلاثة من ذوى الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة , حتى يصيب قواما من عيش , أو قال : سدادا من عيش , فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا ".
أخرجه مسلم (3/97 ـ 98) وأبو داود (1640) والنسائى (1/360 ـ 363) والدارمى (1/396) وابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/58) وأبو عبيد فى " الأموال " (1720) وابن الجارود (367) والبيهقى (5/21 , 23) وأحمد (3/477 , 5/60) من طرق عن هارون بن رياب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة به.
وفى رواية لأبى عبيد (1721) من طريق الأوزاعى عن هارون بن رياب عن أبى بكر ـ وهو كنانة بن نعيم ـ قال: " كنت عند قبيصة بن المخارق , فأتاه نفر من قومه يسألونه فى نكاح صاحب لهم , فلم يعطهم شيئا , فلما ذهبوا , قلت: أتاك نفر من قومك يسألونك فى نكاح صاحب لهم , فلم تعطهم شيئا , وأنت سيد قومك ؟ فقال: إن صاحبهم لو كان فعل كذا وكذا ـ لشىء قد ذكره ـ كان خيراً له من أن يسأل الناس , إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ". فذكر الحديث.
قلت: ورجاله ثقات غير محمد بن كثير وهو الصنعانى أبو يوسف وهو صدوق كثير الغلط.

(869) - (حديث: " الحج والعمرة من سبيل الله " رواه أحمد (ص 209).
__________
(1) الأصل (في) والتصحيح من "المسند" وغره.
(3/372)

* صحيح.
بدون ذكر العمرة , وأما بها فشاذ , وإليك البيان:
أخرج الحديث أحمد (6/405 ـ 406) ومن طريقه الحاكم (1/482) والطيالسى فى مسنده (1/202 ـ ترتيبه) عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث , فحدثته:
" أن زوجها جعل بكرا لها فى سبيل الله , وأنها أرادت العمرة , فسألت زوجها البكر فأبى , فأتت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , فأمره أن يعطيها , وقال النبى صلى الله عليه وسلم: الحج والعمرة من سبيل الله , وقال: عمرة فى رمضان تعدل حجة , أو تجزى حجة ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبى.
قلت: وهو على شرط مسلم كما قالا , إلا أن إبراهيم بن مهاجر فى حفظه ضعف: كما أشار إلى ذلك الذهبى نفسه بإيراده إياه فى " الضعفاء " وقوله: " ثقة , قال النسائى: ليس بالقوى ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق لين الحفظ ".
قلت: ومما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث , فإنه قد اضطرب فى إسناده ومتنه اضطرابا كثيرا , وخالف الثقات فى ذكر العمرة فيه , مما يدل على أنه لم يضبطه ولم يحفظه , فهو فى رواية شعبة هذه قال: عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: فأرسله عن أبى بكر.
وخالفه محمد بن أبى إسماعيل وهو ثقة فقال: عن إبراهيم بن مهاجر , عن أبى بكر ابن عبد الرحمن القرشى عن معقل بن أبى معقل أن أمه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكر معناه " أخرجه أحمد (6/406).
(3/373)

فهو فى هذه الرواية أدخل بين أبى بكر وبين أم معقل ابنها معقلا , وجعله من مسنده ! مع أنه قد ثبت أن أبا بكر هذا قال: " كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أم معقل , قال: وكنت فيمن دخل عليها من الناس معه , وسمعتها حين حدثت هذا الحديث ".
أخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق قال: حدثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الحارث بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه.
قلت: وهذا سند جيد , قد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع , فهذا يصحح أن أبا بكر تلقاه عن أم معقل مباشرة , ويؤيده رواية الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن امرأة من بنى أسد بن خزيمة يقال لها أم معقل قالت: " أردت الحج , فضل بعيرى , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اعتمرى فى شهر رمضان , فإن عمرة فى شهر رمضان تعدل حجة ".
أخرجه أحمد , وسنده صحيح على شرط الشيخين , وهو خلاف قول إبراهيم بن مهاجر فى روايته السابقة: " أرادت العمرة " , فهى شاذة كما ذكرنا , ويؤيده رواية أبى سلمة عن معقل بن أبى معقل الأسدى قال: " أرادت أمى الحج , وكان جملها أعجف , فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال : اعتمرى فى رمضان , فإن عمرة فى رمضان كحجة ".
أخرجه أحمد (4/210): حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام , حدثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة , وذكره فى مكان آخر (6/375) بهذا الإسناد إلا أنه زاد فيه " عن أم معقل الأسدية " , وهى وهم ظاهر , ثم قال أحمد (6/405): حدثنا روح ومحمد بن مصعب قالا: حدثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أم معقل أنها قالت: يا رسول الله إنى أريد الحج , وجملى أعجف فما تأمرنى ؟ قال: " اعتمرى فى رمضان فإن عمرة فى رمضان تعدل
(3/374)

حجة ".
ورواه ابن سعد (8/295) عن ابن مصعب وحده. ثم قال أحمد (6/406): حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا هشام عن يحيى عن أبى سلمة عن معقل بن أم معقل الأسدية قالت: " أردت الحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم... فذكر حديث الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير ".
وهذه أسانيد صحيحة , وإن اختلف فيها على يحيى هل هو من سند [1] أم معقل أو ابنها معقل , وسواء كان الصواب هذا أو ذاك , فهو صحيح لأن معقلا صحابى أيضا.
وقد اتفقت الروايات كلها فى ذكر الحج دون العمرة. وهو رواية لإبراهيم بن مهاجر فقال الإمام أحمد (6/375): حدثنا عفان , حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا إبراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: أخبرنى رسول مروان الذى أرسل إلى أم معقل قال: قالت: " جاء أبو معقل مع النبى صلى الله عليه وسلم حاجا , فلما قدم أبو معقل , قال: قالت أم معقل: قد علمت أن على حجة , وأن عندك بكرا , فأعطنى فلأحج عليه , قال: فقال لها: إنك قد علمت أنى قد جعلته فى سبيل الله , قالت: فأعطنى صرام نخلك , قال: قد علمت أنه قوت أهلى , قالت: فإنى مكلمة النبى صلى الله عليه وسلم وذاكرته له , قال: فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه , قال: فقلت له: يا رسول الله إن على حجة , وإن لأبى معقل بكرا , قال أبو معقل: صدقت , جعلته فى سبيل الله , قال: أعطها فلتحج عليه , فإنه فى سبيل الله , قال: فلما أعطاها البكر , قالت: يا رسول الله إنى امرأة قد كبرت وسقمت , فهل من عمل يجزى عنى عن حجتى ؟ قال: فقال: عمرة فى رمضان تجزى لحجتك ".
قلت: ففى هذه الرواية عن إبراهيم بن مهاجر ما يوافق رواية الزهرى عن أبى بكر ابن عبد الرحمن , ورواية أبى سلمة عن معقل بن أبى معقل من أنها أرادت الحج , وليس العمرة , فهى الصواب قطعا.
ونجد فى هذه الرواية مخالفة أخرى للرواية السابقة وهى قوله صلى الله عليه وسلم فيها: " فلتحج عليه فإنه فى سبيل الله " , فلم يذكر العمرة مع الحج.
وهذا هو
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: مسند }
(3/375)

المحفوظ فى مثل هذه القصة , فإن لها شاهداً من حديث أبى طليق حدثهم: فذكر قصته مع زوجه أم طليق , تشبه هذه من بعض الوجوه وفيها: " فسألته أن يعطيها الجمل تحج عليه , قال: ألم تعلمى أنى حبسته فى سبيل الله , قالت: إن الحج فى سبيل الله فأعطنيه يرحمك الله " وفيها " قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرأته منها السلام , وأخبرته بالذى قالت أم طليق , قال:
صدقت أم طليق , لو أعطيتها الجمل كان فى سبيل الله... ".
أخرجه الدولابى فى " الكنى والأسماء " (1/41) بسند صحيح , وقال الحافظ فى " الإصابة " بعد أن ساقه من هذا الوجه: " وأخرجه ابن أبى شيبة , وابن السكن , وابن منده , وسنده جيد ".
وذكره بنحوه فى " المجمع " (3/280) وقال: " رواه الطبرانى فى الكبير , والبزار باختصار: ورجال البزار رجال الصحيح ".
وقال المنذرى فى " الترغيب " (2/115): " إسناد الطبرانى جيد ".
وله شاهد من حديث ابن عباس نحوه بلفظ: " أما إنك لو أحججتها عليه كان فى سبيل الله ".
أخرجه أبو داود والطبرانى والحاكم وصححه , وإنما هو حسن فقط كما بينته فى " الحج الكبير ". وسأذكر لفظه والكلام عليه فى " كتاب الوقف " إن شاء الله تعالى " رقم (1587).
(فائدة): هذا الحديث الصحيح دليل صريح على أن الزكاة يجوز إعطاؤها للفقير على ما ترى , قال: ادفعها إليه فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضى الله عنهم , فقالوا مثل ذلك ليحج بها.
وهو مذهب أحمد , فقال ابنه عبد الله فى " مسائله " (ص 134): " سمعت أبى يقول: يعطى من الزكاة فى الحج لأنه من سبيل الله , وقال ابن عمر: الحج من سبيل الله ".
(3/376)

و كذا روى إسحاق المروزى فى " مسائله " (ق 35/1) عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه أنه يعطى الزكاة فى الحج. وثبت مثل ذلك عن ابن عباس أيضا , فروى ابن أبى شيبة (4/41) وأبو عبيد فى " الأموال " (1784) عن حسان أبى الأشرس عن مجاهد عن ابن عباس , أنه كان لا يرى بأسا أن يعطى الرجل من زكاة ماله فى الحج وأن يعتق منه الرقبة.
قلت: وإسناده جيد , وعلقه البخارى.
وأما أثر ابن عمر الذى علقه أحمد , فوصله أبو عبيد (1976) بسند صحيح عنه , ومع ذلك فقد قال أبو عبيد عقبه: " وليس الناس على هذا , ولا أعلم أحدا أفتى به أن تصرف الزكاة إلى الحج ".
قلت: فى العبدين: إن عباس وابن عمر خير قدوة , لا سيما ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة , مع ما تقدمهما من الحديث.

(870) - (حديث أبى سعيد مرفوعا: " لا تحل الصدقة لغنى , إلا فى سبيل الله , أو ابن السبيل , أو جار فقير يتصدق عليه , فيهدى لك , أو يدعوك " رواه أبو داود. وفى لفظ: " لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة: للعامل عليها أو رجل اشتراها بماله , أو غارم أو غاز فى سبيل الله , أو مسكين تصدق عليه فأهدى منها لغنى ". رواه أبو داود وابن ماجه (ص 209 ـ 210).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (1/1635) وابن ماجه (1/564 ـ 565) وكذا ابن الجارود فى " المنتقى " (365) والحاكم (1/407) والبيهقى (7/15) وأحمد (3/56) من طرق عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى به باللفظ الثانى وسياقه لأحمد وليس لأبى داود
(3/377)

و ابن ماجه , إلا أنه قال: " لعامل " بالتنكير , وكذلك هو عند سائرهم.
وكذلك رواه مالك فى " الموطأ " (1/256 ـ 257) وعنه أبو داود والحاكم والبيهقى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فذكره ".
وقال أبو داود: " ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك. ورواه الثورى عن زيد قال: حدثنى الثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ".
قلت: وكأنه أشار بذلك إلى ترجيح المرسل , لكن قد ذكر البيهقى مثل قول أبى داود هذا ولكنه زاد عليه أن الثورى قال تارة عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم , ورواه أبو الأزهر السليطى عن عبد الرزاق عن معمر والثورى عن زيد بن أسلم كما رواه معمر وحده.
ثم ساق إسناده إلى أبى الأزهر به , فكأنه أشار بذلك إلى ترجيح الموصول.
وجزم بذلك الحاكم فقال: " حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإرسال مالك إياه عن زيد بن أسلم ".
ثم ساقه من طريق مالك ثم قال: " هو صحيح (يعنى موصولا) فقد يرسل مالك الحديث ويصله , أو يسنده ثقة , والقول فيه قول الثقة الذى يصله ويسنده ".
قلت: ووافقه الذهبى , وهو الراجح عندى , لعدم تفرد معمر بوصله , كما تقدم فى كلام البيهقى.
وقال ابن عبد البر: " قد وصل هذاالحديث جماعة من رواية زيد بن أسلم ".
ذكره المنذرى فى " مختصره " (2/235) عنه وأقره , وذكر الحافظ فى " التلخيص " (ص 276) بعد أن حكى الاختلاف فيه على زيد , وعزا رواية معمر الموصولة للبزار أيضا: أنه صححه جماعة.
قلت: وممن صححه ابن خزيمة , فأخرجه فى " صحيحه " (ق 242/2).
هذا , وأما اللفظ الأول , فلم يروه ابن ماجه , ثم هو ضعيف.
أخرجه أبو داود , وكذا الطحاوى (1/306) وابن أبى شيبة (4/58) والبيهقى (7/22 , 23) وأحمد (3/31 , 40 , 97) من طرق عن عطية عن أبى سعيد به.
(3/378)

قلت: وعطية ضعيف.
وقال البيهقى عقبه: " وحديث عطاء بن يسار عن أبى سعيد أصح وليس فيه ذكر ابن السبيل ".

(871) - (حديث: " أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث عمر ساعيا ولم يجعل له أجره , فلما جاء أعطاه " متفق عليه (ص 210).
* صحيح.
رواه المصنف بالمعنى وقد ذكرنا لفظه وتخريجه فيما مضى (رقم 862) الحديث الثالث.
قلت: قد جاء فى حديث عطاء مرسلا , فقال ابن أبى شيبة فى " المصنف " (4/58): وكيع عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحل الصدقة إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله , أو رجل عمل عليها , أو ابن السبيل أو فى سبيل الله , أو رجل كان له جار فتصدق عليه فأهدى له ".
فأسقط " الغارم " وجعل مكانه " ابن السبيل " وهو شاذ , والله أعلم.
ومما يؤيد ذلك أن أبا عبيد أخرجه فى " الأموال " (1983) فقال: حدثنا يحيى ابن سعيد عن سفيان به بلفظ " الغارم " بدل " ابن السبيل " كما رواه الجماعة.

(872) - (حديث: " أن ابن عمر كان يدفع زكاته إلى من جاءه من سعاة ابن الزبير أو نجدة الحرورى " (ص 210).
* لم أقف على إسناده الآن
وإنما أورده الشيخ ابن قدامة فى " المغنى " (2/642) هكذا كما أورده المصنف بدون تخريج.

(873) - (حديث: " أنه قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب , ويشربون بها الخمور , قال: ادفعها إليهم , قاله أحمد " (ص 210).
* لم أره بهذا اللفظ
وقد روى أبو عبيد فى " الأموال " (1797) من طريق قتادة قال: سمعت أبا الحكم يقول:
(3/379)

" أتى ابن عمر رجل , فقال: أرأيت الزكاة إلى من أدفعها ؟ فقال: ادفعها إلى الأمراء , وإن تمزعوا بها لحوم الكلاب على موائدهم ".
قلت: وأبو الحكم هذا لم أعرفه , وبقية رجاله ثقات.
وروى ابن أبى شيبة (4/28) عن الأعرج قال: " سألت ابن عمر ؟ فقال: ادفعهم إليهم , وإن أكلوا بها لحوم الكلاب , فلما عادوا إليه قال: ادفعها إليهم " وإسناده صحيح.
ثم أخرج هو وأبو عبيد (1798) عن قزعة قال: " قلت لابن عمر: إن لى مالا , فإلى من أدفع زكاته ؟ فقال: ادفعها إلى هؤلاء القوم. يعنى الأمراء. قلت: إذاً يتخذون بها ثياباً وطيباً , فقال: وإن اتخذوا بها ثيابا وطيبا , ولكن فى مالك حق سوى الزكاة " وسنده صحيح.

(874) - (حديث سهيل بن أبى صالح [ عن أبيه ] قال: " أتيت سعد بن أبى وقاص فقلت: عندى مال , وأريد إخراج زكاته , وهؤلاء القوم على ما ترى ؟ قال: ادفعها إليه , فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضى الله عنهم فقالوا: مثل ذلك " (ص 210).
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة (4/28) وأبو عبيد (1789) والبيهقى (4/115) من طريق [1] عن سهيل به , مع اختلاف فى اللفظ , ولفظ البيهقى أقرب إلى لفظ الكتاب.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
(تنبيه): ليس فى رواية الكتاب [ عن أبيه ] والظاهر أنها كذلك فى نسخة المؤلف , لأنى وجدت الحديث كذلك فى " المغنى " (2/643) وهو كثير النقل عنه بالحرف الواحد كما تقدم مرارا , وهو الزيادة [ عن أبيه ] لابد من
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و لعل الصواب: طرق }
(3/380)

إثباتها تصحيحا للرواية , فإنها كذلك عند من ذكرنا , والمعنى: فإن سهيلا لم يدرك أحدا من الصحابة , وهو يقول: أتيت سعد بن أبى وقاص... فالقائل إنما هو أبوه , ومن الغريب أن ابن قدامة أعاد الحديث مرة أخرى على الصواب فقال (2/644): " قال أبو صالح: سألت سعد بن أبى وقاص... ".

(875) - (لحديث معاذ: " تؤخذ من أغنيائهم ف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
Admin
Admin
Admin


ذكر
عدد الرسائل : 1476
العمر : 65
العمل/الترفيه : كاتب
المزاج : مدمن الاهلى
تاريخ التسجيل : 13/05/2008

كـــــتاب الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كـــــتاب الزكاة   كـــــتاب الزكاة Icon_minitimeالأربعاء مايو 06, 2015 5:14 pm

(3/386)

(880) - (حديث أبى رافع مرفوعا: " إنا لا تحل لنا الصدقةُ وإن موالى القوم منهم " رواه أبو داود والنسائى والترمذى , وصححه (ص 212).
* صحيح.
وقد سقته مع تخريجه عند الكلام على الحديث (862) , وهو الحديث الرابع هناك ولفظه عند أبى داود والنسائى وغيرهما:
" إن الصدقة لا تحل لنا , وإن موالى القوم من أنفسهم ".
والجملة الأولى أخرجها أحمد (1/200) عن الحسن بن على مرفوعا نحوه.
وإسناده جيد.

(881) - (قول صلى الله عليه وسلم للرجلين: " إن شئتما أعطيتكما منها ولا حفظ فيها لغنى ".
* صحيح.
وتقدم قريبا (876).

(882) - (وقال للذى سأله من الصدقة: " إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك ".
* ضعيف.
وتقدم لفظه وتخريجه (859).

(883) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " صدقتك على ذى الرحم صدقة وصلة " (ص 212).
* حسن.
أخرجه النسائى (1/361) والترمذى (1/128) وابن حبان (833) وابن أبى شيبة (4/47) وكذا الدارمى (1/397) وأبو عبيد (915 و916) والحاكم (1/407) والبيهقى (7/27) وأحمد (4/17 و18 و214) من طريق الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم: " الصدقة على المسكين صدقة , وعلى ذى الرحم ثنتان: صدقة وصلة ".
وقال الترمذى:
(3/387)

" حديث حسن ".
وقال الحاكم: " إسناده صحيح " ! ووافقه الذهبى.
قلت: وفيه نظر فإن الرباب هذه وهى بنت صليع الضبية أم الرائح لم يرو عنها غير حفصة بنت سيرين ولم يوثقها غير ابن حبان.
وقال الحافظ: " مقبولة ".
فحديثها حسن كما قال الترمذى , يشهد له الحديث الذى بعده.

(884) - (حديث زينب وفيه: " أتجزىء الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما ؟ قال: لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة " رواه البخارى (ص 213).
* صحيح.
أخرجه البخارى (3/259) وكذا مسلم (3/80) والطحاوى (1/308) والبيهقى (7/28 ـ 29) من طريق حفص بن غياث , ومسلم أيضا عن أبى الأحوص , والنسائى (1/361) والترمذى (1/124) والدارمى (1/389) , وأحمد (3/502) عن شعبة , وأحمد أيضا عن سفيان , وابن ماجه (1834) عن أبى معاوية , كلهم عن الأعمش قال: حدثنى شفيق [1] عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله رضى الله عنهما قالت:" كنت فى المسجد , فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم فقال: تصدقن ولو من حليكن , وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام فى حجرها , فقالت لعبد الله: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيجزىء عنى أن أنفق عليك وعلى أيتام فى حجرى من الصدقة , فقال: سلى أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانطلقت إلى النبى صلى الله عليه وسلم , فوجدت امرأة من الأنصار على الباب , حاجتها مثل حاجتى , فمر علينا بلال فقلنا: سل النبى صلى الله عليه وسلم أيجزىء عنى أن أنفق على زوجى وأيتام لى فى حجرى , وقلنا: لا تخبر بنا , فدخل فسأله , فقال: من هما ؟.
قال: زينب , قال: أى الزيانب ؟ قال: امرأة عبد الله , قال: " نعم ولها أجران: أجر القرابة , وأجر الصدقة ".
هكذا قال البخارى: " ولها ". ورواية مسلم والنسائى وأحمد " لهما "
__________
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
[1] { كذا فى الأصل , و الصواب: شقيق }
(3/388)

بالتثنية. ورواية ابن ماجه والطحاوى مثل البخارى , ونحوها رواية البيهقى " لك ".
ثم أخرجه الإمام أحمد (6/363): حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش به , إلا أنه قال: عن شقيق عن عمرو بن الحارث بن المصطلق عن ابن أخى زينب امرأة عبد الله عن زينب.
قلت: فأدخل بينهما ابن أخى زينب.
وكذلك أخرجه الترمذى: حدثنا هناد , حدثنا أبو معاوية به.
ثم ساق رواية شعبة المتقدمة ثم قال: " وهذا أصح من حديث أبى معاوية , وأبو معاوية وهم فى حديثه فقال: عن عمرو ابن الحارث عن ابن أخى زينب , والصحيح إنما هو عن عمرو بن الحارث ابن أخى زينب ".
قلت: ويؤيده أن أبا معاوية كان يضطرب فيه , فتارة كان يرويه مثل رواية الجماعة كما أخرجه ابن ماجه عنه فيما سبقت الإشارة إليه , وهو عنده من طريقين عنه. وتارة يخالفهم فيزيد فى الإسناد ابن أخى زينب كما فى رواية أحمد , هنا , ولا شك أن ما وافق فيه الثقات أولى بالترجيح مما خالفهم فيه.
وبهذا يرد على ابن القطان الذى أعل هذا الإسناد بالانقطاع بين عمرو بن الحارث وزينب , وذهب إلى أن بينهما ابن أخى زينب.
وذلك يمنع من الحكم بصحة الإسناد لأن ابن أخى زينب لا يعرف حاله.
فإنا نقول: إن هذه الزيادة فى الإسناد غير محفوظة لأن الذى جاء بها وهو أبو معاوية اضطرب فيها كما سبق بيانه حتى ولو وافقه شعبة وحفص بن غياث كما حكى ابن القطان , فذلك مما لا يقويه ما دام أنهم اضطربوا فيها أيضا , فتبقى رواية الآخرين بغير اضطراب وهم أبو الأحوص وسفيان , فترجح هذه بأمرين:
الأول: سلامتها من الاضطراب.
الثانى: أن الأعمش قال فى رواية الشيخين: " فذكرته لإبراهيم , فحدثنى إبراهيم عن أبى عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بمثله سواء ".
(3/389)

فهذه طريق أخرى ليس فيها ابن أخى زينب , فثبت بذلك شذوذ هذه الزيادة , وسلم الحديث من أى علة.
وله طريق أخرى عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده , وكانت امرأة صناع اليد , قال: فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها , قالت: فقلت لعبد الله بن مسعود: لقد شغلتنى أنت وولدك عن الصدقة , فما أستطيع أن أتصدق معكم بشىء , فقال لها عبد الله: والله ما أحب إن لم يكن فى ذلك أجر أن تفعلى , فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالت: يا رسول الله إنى امرأة ذات صنعة
أبيع منها , وليس لى ولا لولدى ولا لزوجى نفقة غيرها , وقد شغلونى عن الصدقة , فما أستطيع أن أتصدق بشىء , فهل لى من أجر فيما أنفقت ؟ قال: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنفقى عليهم فإن لك فى ذلك أجر ما أنفقت عليهم ".
أخرجه الطحاوى (1/308) وأبو عبيد (1877) وابن حبان (831) وأحمد (3/503) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.
وفى هذه الرواية نص على أن رائطة هذه زوجة ابن مسعود كانت أم أولاده , ففيه رد على ما فى " الفتح " (3/260): " وقال ابن التيمى: قوله: " وولدك " (يعنى فى الحديث المتقدم , 878) محمول على أن الإضافة للتربية لا للولادة , فكأنه ولده من غيرها " !
وسكت عليه الحافظ فكأنه لم يستحضر ما فى هذا الحديث من التنصيص على خلاف قول ابن التيمى.

(885) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الصدقة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء " حسنه الترمذى.
* ضعيف.
رواه الترمذى (1/129) وابن حبان (816) والبغوى فى
(3/390)

شرح السنة " (1/186/1) والحافظ عبد الغنى المقدسى فى جزء من " الجواهر " (ق 236/2) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (2/402/1 ـ 2) والضياء المقدسى فى " المختارة " (ق 73/1) كلهم من طريق عبد الله بن عيسى الخزاز البصرى عن يونس ابن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا به.
وقال الترمذى: " حديث حسن غريب من هذا الوجه ".
قلت: وليس فى بعض النسخ من " الترمذى " قوله: " حسن " , وهو الأقرب إلى حال هذا الإسناد فإن فيه علتين:
الأولى: عنعنة الحسن البصرى فإنه مدلس.
والأخرى: ضعف الخزاز هذا , فأورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " فيه ضعف ".
وقال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف ".
قلت: وقد وجدت للحديث طريقين آخرين عن أنس: الأولى: عن عبد الرحيم بن سليمان الأنصارى قال: حدثنى عبيد الله بن أنس قال:
حدثنى أبى مرفوعاً بلفظ: " إن الصدقة ترد غضب الرب , وتمنع من البلاء , وتزيد فى الحياة ".
أخرجه العقيلى فى " الضعفاء " (ص 268) وقال: " عبيد الله وعبد الرحيم كلاهما مجهول بالنقل , والحديث غير محفوظ ".
وقال الذهبى فى عبيد الله: " لا يعرف ".
وفاته الراوى عنه عبد الرحيم بن سليمان الأنصارى , فلم يورده فى " ميزانه " , ولا استدركه عليه الحافظ فى " لسانه " !
والأخرى: عن أبى عمرو والمقدام بن داود الرعينى قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومى قال: أخبرنا سفيان عن محرز عن يزيد الرقاشى عن أنس
(3/391)

مرفوعا بلفظ: " إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء ".
أخرجه القضاعى فى " مسند الشهاب " (ق 91/1).
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , وفيه ثلاث علل:
الأولى: يزيد الرقاشى ضعيف.
الثانية: عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومى ضعيف جدا.
قال أبو حاتم: " ليس بالقوى ".
وقال ابن يونس: " منكر الحديث ".
وقال ابن عدى: " عامة ما يرويه لا يتابع عليه ".
وقال النسائى: " روى عن الثورى ومالك بن مغول أحاديث , كانا أتقى لله من أن يحدثا بها ".
وساق الذهبى أحاديث من طريق ابن مغول وغيره ثم قال: " وهذه موضوعات ".
الثالثة: المقدام بن داود الرعينى قال النسائى: " ليس بثقة " وقال ابن يونس وغيره: " تكلموا فيه ".
وقد روى الحديث عن أبى هريرة مختصرا بلفظ: " إن الصدقة تمنع ميتة السوء ".
أخرجه حمزة السهمى فى " تاريخ جرجان " (453) من طريق يحيى بن عبيد الله قال: سمعت أبى يحدث عن أبى هريرة مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف جدا , آفته يحيى هذا قال فى " التقريب ": " متروك , وأفحش الحاكم فرماه بالوضع ".
قلت: وأبوه عبيد الله مجهول الحال.
وبالجملة , فليس فى هذا الشاهد ولا فى الطريقين ما يمكن أن نشد به من عضد هذه الحديث لشدة الضعف فى أسانيدها.
أما الشطر الأول من الحديث فهو قوى لأنه له شواهد كثيرة خرجتها فى " الصحيحة " (1908).
(3/392)

ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن أنس لكن بلفظ: " الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص ".
أخرجه الخطيب فى " التاريخ " (8/208) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن أبى إسرائيل المروزى حدثنا الحارث بن النعمان بن سالم عنه.
قلت: وهذا إسناد ضعيف , أورده فى ترجمة الحارث هذا , ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وإسحاق بن إبراهيم هو الإسرائيلى البصرى.
قال الذهبى: " فيه نظر ".

(886) - (وعن أبى هريرة مرفوعا: " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ـ ولا يصعد إلى الله إلا الطيب ـ فإن الله تعالى يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " متفق عليه (ص 213).
* صحيح.
واللفظ للبخارى أخرجه (4/459 ـ طبع أوربا) معلقا فقال: وقال خالد بن مخلد حدثنا سليمان حدثنى عبد الله بن دينار عن أبى صالح عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قال الحافظ (3/222): " وقد وصله أبو عوانة والجوزقى من طريق محمد بن معاذ بن يوسف عن خالد بن مخلد بهذا الإسناد ".
قلت: ووصله البخارى (3/220 ـ فتح) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه به نحوه. وقال: " ولا يقبل الله إلا الطيب ".
ورواه مسلم (3/85) من طرق عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه وكذلك رواه أحمد (2/419).
ثم أخرجه مسلم والنسائى (1/349) والترمذى (1/128) والدارمى (1/395) وابن ماجه (1842) وأحمد (2/331 و418 و431 و538) من طرق عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة به. وعلقه البخارى فى موضعين من
(3/393)

صحيحه , وعلق الحافظ عليه فى الموضع الأول منه: " ولم أقف عليها موصولة " ثم قال: " تنبيه: وقفت عليها موصولة وقد ثبت ذلك فى (كتاب التوحيد) ".
قلت: وهو الموضع الثانى الذى أشرنا إليه , وهو الذى علق فيه رواية أبى صالح , ثم أتبعها برواية سعيد هذه وهى معلقة أيضا خلافا لما توهمه ابن حجر.
وأخرجه مالك فى " الموطأ " (2/995/1) عن سعيد بن يسار مرسلا.
وله فى " المسند " (2/268 و404) والترمذى طريق أخرى عن القاسم بن محمد عن أبى هريرة به , وزاد الترمذى: " وتصديق ذلك فى كتاب الله عز وجل: (أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات). (ويمحق الله الربى ويربى الصدقات) " وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
واغتر بذلك المنذرى فى " الترغيب " (2/19) فصحح هذه الرواية , وهى عند الترمذى من طريق عباد بن منصور حدثنا القاسم به. وعباد هذا كان تغير بآخره كما فى " التقريب " فلا يحتج به لاسيما مع المخالفة , لاسيما وقد رواه أحمد من طريقه أيضا مقرونا مع عبد الواحد بن صبرة بدون هذه الزيادة , وكذلك رواه من طريق أيوب عن القاسم. فهى زيادة منكرة قطعا , وقد قال الحافظ (3/222) بعد
أن ساقها من رواية الترمذى: " وفى رواية ابن جرير التصريح بأن تلاوة الآية من كلام أبى هريرة ".
قلت: وهذا هو الأشبه بهذه الزيادة إن صحت عن أبى هريرة: أنها من كلامه وليست مرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
وللحديث طريق رابعة: عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا.
(3/394)

أخرجه أحمد (2/541) بسند حسن.
وأخرجه ابن حبان (819) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن القاسم بن
محمد عن عائشة مرفوعا به مختصرا.

(887) - (حديث: " سبعة يظلهم الله فى ظله... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " (ص 213).
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/119 ـ 124 و3/232) ومسلم (3/93) والترمذى (2/63) وأحمد (2/439) كلهم عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال: حدثنى خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله تعالى فى ظله , يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل , وشاب نشأ فى عبادة الله , ورجل قلبه معلق فى المساجد , ورجلان تحابا فى الله , اجتمعا عليه وتفرقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إنى أخاف الله , ورجل تصدق... ورجل ذكر الله خاليا فقاضت عيناه ".
والسياق للبخارى , وانقلبت الفقرة السادسة منه على بعض رواة مسلم فقال: " حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله " !
ثم أخرجه البخارى (4/399) والنسائى (2/303) عن عبد الله وهو ابن المبارك , عن عبيد الله به. وزاد بعد " يظلهم الله ": " يوم القيامة ".
ورواه مالك فى " الموطأ " (2/952/14) وعنه مسلم والترمذى عن خبيب به , إلا أنه شك فى إسناده فقال: عن أبى سعيد الخدرى أو عن أبى هريرة قال الحافظ: (2/120): " ورواه أبو قرة عن مالك بواو العطف فجعله عنهما , وتابعه مصعب الزبيرى , وشذا فى ذلك عن أصحاب مالك. والظاهر أن عبيد الله حفظه لكونه لم يشك فيه , ولكونه من رواية خاله وجده ".
(3/395)

(تنبيه): عزا رواية الشك هذه المنذرى (2/30) للشيخين , ولم أرها عند البخارى , وظاهر كلام الحافظ يشعر بأنها ليست عنده , والله أعلم.
وللحديث شاهد من حديث سلمان بلفظ: " سبعة يظلهم الله فى ظل عرشه... " فذكر الحديث.
رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن كما فى " الفتح " (2/121).

(888) - (حديث ابن عباس: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس , وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل " الحديث متفق عليه (ص 213 ـ 214).
* صحيح.
وتمامه: " وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان , فيدارسه القرآن , فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة ".
أخرجه البخارى (1/6 ـ 7 و475 و2/310 و393 و3/396 ـ طبع أوربا) ومسلم (7/73) وكذا النسائى (1/298) وأحمد (1/231 و288 و326 و363 و366 ـ 367 و373) من طرق عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن
ابن عباس.
وفى رواية لأحمد من طريق معمر عن الزهرى به مختصرا بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس , فما هو إلا أن يدخل شهر رمضان فيدارسه جبريل صلى الله عليه وسلم فلهو أجود من الريح ".
وفى أخرى له من طريق محمد بن إسحاق عن الزهرى بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الكتاب على جبريل عليه السلام فى كل رمضان فإذا أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التى يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المرسلة , لا يسئل عن شىء إلا أعطاه , فلما كان فى الشهر الذى هلك بعده عرض عليه عرضتين ".

(889) - (عن أنس: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أى الصدقة أفضل ؟
(3/396)

قال: صدقة فى رمضان " رواه الترمذى (ص 214).
* ضعيف.
أخرجه الترمذى (1/129) وكذا أبو حامد الحضرمى فى " حديثه " ومن طريقه الحافظ القاسم بن الحافظ ابن عساكر فى " الأمالى " (مجلس 47/2/2) والضياء المقدسى فى " المنتقى من المسموعات بمرو " (7/1) من طريق صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس قال: " سئل النبى صلى الله عليه وسلم أى الصوم أفضل بعد رمضان ؟ فقال: " شعبان لتعظيم رمضان " , قيل: فأى الصدقة أفضل ؟ قال: فذكره.
وقال الترمذى: " هذا حديث غريب , وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوى ".
قلت: وأورده الذهبى فى " الضعفاء " وقال: " ضعفوه ".
وفى "التقريب ": " صدوق له أوهام ".
قلت: وأشار المنذرى فى " الترغيب " (1/79) إلى تضعيف الحديث.

(890) - (وعن ابن عباس مرفوعا: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعنى أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه , ثم لم يرجع من ذلك بشىء " رواه البخارى.
* صحيح.
أخرجه البخارى (2/382 ـ 383 ـ فتح) وكذا أبو داود (2438) والترمذى وصححه (1/145) والدارمى (2/25) وابن ماجه (1727) والطحاوى فى " مشكل الآثار " (4/114) والطيالسى فى " مسنده " (رقم 2631) (1) وأحمد (1/346) والطبرانى فى " المعجم الكبير " والمخلص فى " الفوائد المنتقاة " (11/239 ـ 240) والبيهقى (4/284) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس , واللفظ لأبى داود , وكذا الترمذى وابن ماجه إلا أنهم قالوا: " بنفسه وماله " , ولفظ البخارى: " ما العمل فى أيام أفضل منها فى هذه , قالوا: ولا الجهاد ؟ قال: ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشىء ".
__________
(1) ولم أره فى ترتيبه للشيخ البنا. اهـ.
(3/397)

و فى رواية للدارمى (2/26) بلفظ: " ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله فى عشر الأضحى... " والباقى مثله , وزاد: " قال: وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه ".
وإسناده حسن , وعزاه المنذرى فى " الترغيب " (2/124) للبيهقى ولعله يعنى فى " شعب الإيمان ".
وللحديث طريقان آخران عن ابن عباس:
الأول: يرويه سفيان الثورى عن أبيه عن عكرمة عنه مرفوعا به.
أخرجه أبو عثمان البحيرى فى " الفوائد " (ق 31/2).
والآخر: يرويه خالد عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر , فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل ".
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/110/1) وأبو طاهر الأنبارى فى " المشيخة " (ق 160/2 و161/1) وقال المنذرى: (2/124): " وإسناده جيد ".
قلت: يزيد بن أبى زياد , وهوالكوفى الهاشمى فيه ضعف.
قال الحافظ فى " التقريب ": " ضعيف , كبر فتغير , صار يتلقن ".
قلت: وقد اضطرب فى إسناده , فرواه تارة عن مجاهد عن ابن عباس , كما فى رواية خالد هذه , وتارة قال: عن مجاهد عن ابن عمر به.
أخرجه الطحاوى وأحمد (2/75 و131) وعبد بن حميد فى " المنتخب من
(3/398)

المسند " (ق 88/1) والمخلص فى " الفوائد المنتقاة " (11/240/1) من طرق عن زياد به.
وهذا هو الصواب عن مجاهد عن ابن عمر , فقد ذكر الحافظ (2/381 ـ 382) أنه رواه أبو عوانة من طريق موسى بن أبى عائشة عن مجاهد فقال: عن ابن عمر , يعنى مثل حديث ابن جبير عن ابن عباس.
ولكنى وجدت لحديث يزيد شاهدا عن أبى هريرة رفعه: " ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر: التسبيح والتهليل
والتكبير ".
أخرجه أبو عثمان البحيرى فى "الفوائد " (31/1 ـ 2) من طريق أحمد بن نيزك الطوسى , حدثنا الأسود حدثنا الأسود بن عامر حدثنا صالح بن عمر الواسطى عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة.
قلت: وهذا سند حسن لولا أنى لم أعرف ابن نيزك هذا.
وللحديث شاهد من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما , وله عنه طريقان:
الأولى: عن زهير بن معاوية عن إبراهيم بن المهاجر عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال: " حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده أيام العشر , فقال... ".
قلت: فذكره مثل حديث ابن جبير إلا أنه قال فى آخره: " إلا رجل خرج بنفسه وماله , فكان مهجته فيه ".
أخرجه الطحاوى والطيالسى فى مسنده (رقم 2283) وسنده حسن , وهو على شرط مسلم.
والأخرى: عن حبيب بن أبى ثابت , حدثنى أبو عبد الله مولى عبد الله بن عمرو , حدثنا عبد الله بن عمرو بن العاص به نحوه وقال: " حتى تهراق
(3/399)

مهجته ".
أخرجه أحمد (2/161 ـ 162).
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبى عبد الله هذا , وقد أورده الحافظ فى " تعجيل المنفعة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
وله شاهد آخر من حديث جابر نحوه.
أخرجه ابن حبان (1006) عن محمد بن مروان العقيلى , حدثنا هشام الدستوائى عن أبى الزبير والطحاوى عن مرزوق بن مرداسة قال: حدثنى أبو الزبير عن جابر.
قلت: وأبو الزبير مدلس , وقد عنعنه من الطريقين , ولولا ذلك لقلنا بصحة إسناده , وقد ذكره المنذرى فى " الترغيب " (2/125) فقال: " رواه البزار بإسناد حسن وأبو يعلى بإسناد صحيح وابن حبان فى صحيحه ".
وما أظن إلا أن الإسنادين مدارهما على أبى الزبير , فهل صرح بالتحديث فى إحداهما ؟ ذلك مما لا أعتقده , والله أعلم.

(891) - (حديث: " مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " متفق عليه.
* صحيح.
وقد ورد من حديث عائشة , وابن عمر , وابن عمرو , وأبى هريرة , ورجل من الأنصار , وأنس بن مالك , وزيد بن ثابت , وأبى أمامة.
أما حديث عائشة , فيرويه عنها عمرة بنت عبد الرحمن , وعروة بن الزبير , ومجاهد بن جبر.
فأما حديث عمرة , فأخرجه البخارى (4/117 ـ طبع أوربا) وفى " الأدب المفرد " (رقم 101 و106) ومسلم (8/36) وأبو داود (5151) والترمذى (1/352) وابن ماجه (3673) والطحاوى فى " مشكل
(3/400)

الآثار " (4/26 ـ 27) وأحمد (6/52و 238) والخرائطى فى " مكارم الأخلاق " (ص 36) والبيهقى (7/27) من طرق عن عمرة به.
وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
وزاد البيهقى فى رواية له (8/11) من طريق ابن بكير عن الليث بن سعد عن يحيى ابن سعيد عن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة به: " وما زال يوصينى بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق ".
وهى زيادة شاذة أو منكرة , فقد رواه محمد بن رمح عن الليث به دونها.
أخرجه ابن ماجه , ورواه الجماعة عن يحيى بن سعيد به دونها أيضا. وكذلك لم ترد فى حديث مجاهد عن عائشة , ولا فى شىء من طرق الصحابة الآخرين.
وأما حديث عروة فيرويه عنه ابنه هشام , أخرجه مسلم (8/37).
وأما حديث مجاهد فيرويه جماعة عن زبيد عنه عن عائشة رضى الله عنها.
أخرجه أحمد (6/91 و125 و187) والخرائطى وأبو نعيم فى " حلية الأولياء " (3/307) والخطيب فى " تاريخ بغداد " (4/187).
قلت: وإسناده صحيح , ولمجاهد فيه أسانيد أخرى يأتى من حديث ابن عمرو وأبى هريرة.
وأما حديث عبد الله بن عمر فيرويه عمر بن محمد عن أبيه عنه.
أخرجه البخارى ومسلم والخرائطى (ص 37) والبيهقى وأحمد (2/85).
وأما حديث عبد الله بن عمرو , فيرويه سفيان عن داود بن شابور وبشير أبى إسماعيل كلاهما عن مجاهد عنه به.
أخرجه البخارى فى " الأدب المفرد " (105) وأبو داود (5152) والترمذى (1/353) وأحمد (2/160) والخرائطى (37) وأبو نعيم (3/306).
وقال الترمذى:
(3/401)

" حديث حسن غريب من هذا الوجه , وقد روى هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أيضا ".
قلت: وإسناد هذا صحيح على شرط مسلم.
وتابعه عن بشير وحده إسماعيل بن عمر الواسطى عند الطحاوى وعثمان بن عمر بن فارس عند الخرائطى أيضا.
وتابعه محمد بن يوسف الفريابى: حدثنا سفيان الثورى عن زبيد اليامى عن مجاهد به.
أخرجه الخرائطى وأبو نعيم وإسنادهما صحيح.
وأما حديث أبى هريرة فيرويه يونس بن أبى إسحاق عن مجاهد حدثنى أبو هريرة به.
أخرجه ابن ماجه (3674) وأخرجه أحمد (2/305 و445) والخرائطى وأبو نعيم وكذا الطحاوى.
قلت: وسنده صحيح على شرط مسلم.
وتابعه شعبة عن داود بن فراهيج عن أبى هريرة.
أخرجه الطحاوى (4/27) وابن حبان فى " صحيحه " (2052) والخرائطى (37) وأحمد (2/259 و458 و514).
قلت: وهذا سند حسن بما قبله , فإن داود هذا مختلف فيه , وجزم الذهبى فى " الميزان " بأنه ضعيف. ووثقه ابن حبان (1/41).
وقال أبو حاتم: " تغير حين كبر , وهو ثقة صدوق ".
وقال النسائى: " ليس بالقوى ".
وأما حديث الأنصارى , فيرويه هشام عن حفصة بنت سيرين عن أبى العالية عن رجل من الأنصار قال: " خرجت من بيتى أريد النبى صلى الله عليه وسلم , فإذا به قائم ورجل معه , كل واحد منهما مقبل على صاحبه: فظننت أن لهما حاجة ,
(3/402)

فوالله لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثى له من طول القيام , فلما انصرف , قلت: يا نبى الله لقد قام بك الرجل حتى جعلت أرثى لك من طول القيام , قال: وقد رأيته ؟ قلت: نعم , قال: وهل تدرى من هذا ؟ قلت: لا , قال ذلك جبرئيل , ما زال يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه , ثم قال: أما إنك لو سلمت عليه , لرد عليك ".
أخرجه الطحاوى (4/27) وأحمد (5/32 و365) والخرائطى (35 ـ 36).
قلت: وإسناده صحيح.
ثم أخرجه الخرائطى من طريق فهير بن زياد عن الربيع بن صبيح , عن يزيد الرقاشى , عن أنس بن مالك قال: " مر رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجى رجلا , فمر ولم يسلم عليهما , فمشى غير بعيد , ثم قام. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجبريل صلى الله عليه وسلم , فقال له جبريل: يا محمد من هذا الرجل ؟ قال: هذا رجل من أصحابى , قال: فما منعه أن يسلم علينا ؟ فإذا لقيته فأقره السلام , وأخبره أنه لو سلم علينا لرددنا عليه , فلما قضى حاجته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل : مامنعك أن تسلم علينا حين مررت علينا ؟ قال: رأيتك يا رسول الله تناجى الرجل , فهبت أن أسلم عليكما , فأقطع عليكما نجواكما , قال: فهل تدرى من هو ؟ قال: لا يا رسول الله , قال: فإنه جبريل صلى الله عليه وسلم وإنه أرسل يقرئك السلام ويقول: لو سلم علينا لرددنا عليه , قال: يا رسول الله لقد طال مناجاته إياك , فبم كان يناجيك ؟ قال: كان يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
قلت: وهذا سند ضعيف , الربيع ويزيد ضعيفان , وفهير لم أعرفه.
ورواه البزار سوى الجملة الأخيرة من طريق أخرى قال الهيثمى (8/165): " وفيه محمد بن ثابت بن أسلم وهو ضعيف ".
وأما حديث زيد بن ثابت فيرويه يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو مولى المطلب عنه.
(3/403)

هكذا أخرجه الخرائطى (37) ورجاله ثقات لكنه منقطع بين عمرو , وهو ابن أبى عمرو وميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المدنى , وزيد فإنه لم يسمع منه , وأنا أظن أن بينهما مولاه المطلب نفسه , فقد أورده الهيثمى من حديث زيد ابن ثابت ثم قال: " رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط , وفيه المطلب بن عبد الله بن حنطب وهو ثقة , وفيه ضعف , وبقية رجاله رجال الصحيح ".
وأما حديث أبى أمامة فيرويه بقية بن الوليد: حدثنا محمد بن زياد سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء فى حجة الوداع يقول:" أوصيكم بالجار " حتى ظننت أنه سيورثه.
أخرجه أحمد (5/267) والخرائطى (37) والسياق له. وسنده جيد.
وقال الهيثمى: " رواه الطبرانى وإسناده جيد ".

(892) - (حديث: " أفضل الصدقة على ذى الرحم الكاشح " رواه أحمد وغيره " (ص 214).
* صحيح.
وقد روى عن جماعة من الصحابة: حكيم بن حزام , وأم كلثوم بنت عقبة , وأبو هريرة , ولا يصح إلا عن أم كلثوم رضى الله عنها.
أما حديث حكيم فيرويه سفيان بن حسين الواسطى عن الزهرى عن أيوب بن بشير الأنصارى عنه: " أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيها أفضل ؟ قال: على ذى الرحم الكاشح " أخرجه أحمد (3/402).
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات , فظاهره الصحة , وليس كذلك , فقد
(3/404)

قال الحافظ: " سفيان بن حسين ثقة فى غير الزهرى باتفاقهم ".
وذهل عن هذا المنذرى فقال فى " الترغيب " (2/32): " رواه أحمد والطبرانى وإسناد أحمد حسن ".
وكذا قال الهيثمى فى " المجمع " (3/116) إلا أنه أطلق التحسين ولم يقيده بإسناد أحمد , ومع أن التحسين , وهم على كل حال , ففى التقييد فائدة لا نجدها فى الإطلاق , وهى أن إسناد الطبرانى غير إسناد أحمد وأنه غير حسن , وهو كذلك , قد أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/153/2) من طريق حجاج عن ابن شهاب به.
وكذا أخرجه أحمد أيضا (5/416): حدثنا أبو معاوية حدثنا الحجاج به.
والحجاج هذا هو ابن أرطاة , وهو مدلس , وقد عنعنه , وليس بعيدا أن يكون الواسطة بينه وبين الزهرى هو سفيان بن حسين , ثم أسقطه ! وعلى هذا ففى تخريج المنذرى مؤاخذة دقيقة , إذ كان عليه أن يقول: " وأحد إسنادى أحمد حسن " !
وأما حديث أم كلثوم , فيرويه الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم مرفوعاً بلفظ الكتاب.
أخرجه الحاكم (1/406) وعنه البيهقى (7/27) من طريق معمر وسفيان عن الزهرى به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى , وأقره المنذرى (2/33) وهو كما قال , ورواه ابن خزيمة أيضا فى صحيحه (1/243/2) والطبرانى فى " المعجم الكبير " وقال المنذرى ثم الهيثمى (3/116): " ورجاله رجال الصحيح ".
وأما حديث أبى هريرة , فيرويه إبراهيم بن يزيد المكى عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة مثل حديث حكيم بن حزام.
(3/405)

أخرجه أبو عبيد (913): حدثنا على بن ثابت عن إبراهيم بن يزيد المكى به.
وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. ولم يسنده عقيل.
قلت: قد أسنده معمر وسفيان عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أم كلثوم كما تقدم , هذا هو المحفوظ عن الزهرى , وقد أخطأ عليه سفيان بن حسين فرواه بإسناد آخر عن ابن حزام , كما أخطأ عليه إبراهيم بن يزيد المكى , فرواه بسنده عن أبى هريرة.
وإبراهيم هذا هو الخوزى وهو متروك.
والحديث علقه ابن جرير الطبرى فى تفسيره (3/344/2532) تعليقا مجزوما به.

(893) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " وابدأْبمن تعول , وخير الصدقة عن ظهر غنى ". متفق عليه (ص 214).
* صحيح.
وهو من حديث حكيم بن حزام عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " اليد العليا خير من اليد السفلى , وابدأ... ومن يستعف يعفه الله , ومن يستغن يغنه الله ".
أخرجه البخارى (1/361 ـ 362) والسياق له , وأحمد (3/434) من طريق هشام عن أبيه عنه , وزاد أحمد: " فقلت: ومنك يا رسول الله ؟ قال: ومنى , قال حكيم : قلت: لا تكون يدى تحت يد رجل من العرب أبدا ".
وسنده صحيح على شرط الشيخين , لكن سقط من إسناده " عن أبيه ".
وله طريق أخرى عن حكيم بن حزام به دون قوله: " ومن يستعف... ".
أخرجه مسلم وغيره , وقد تقدم تخريجه هو وغيره مما فى معناه عند الحديث (834) فليراجعه من شاء الوقوف على طرقه.

(894) - (حديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " رواه
(3/406)

مسلم.
* صحيح بغير هذا اللفظ.
أخرجه مسلم (3/78) من طريق طلحة بن مصرف عن خيثمة قال: " كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له , فدخل , فقال: أعطيت الرقيق قوتهم ؟ قال: لا , قال: فانطلق فأعطهم , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته ".
هذا لفظ مسلم , وكذا رواه أبو نعيم فى " الحلية " (4/122 و5/23 و87) , وأما اللفظ الذى عزاه المصنف إلى مسلم فليس هو عنده , وإنما أخرجه أبو داود (1692) والطيالسى (2281) وعنه البيهقى (7/467) وأحمد (2/160 و193 ـ 195) وأبو نعيم أيضاً (7/135) والحميدى (599) والخرائطى فى " المكارم " (ص 56) من طرق عن أبى إسحاق عن وهب بن جابر الخيوانى عن عبد الله بن عمرو مرفوعا به.
وفى رواية لأحمد عن وهب قال: " إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له: إنى أريد أن أقيم هذا الشهر ههنا ببيت المقدس , فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال: لا , قال: فارجع إلى أهلك , فاترك لهم ما يقوتهم , فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره ".
قلت: ورجاله ثقات غير وهب بن جابر فهو مجهول , كما قال النسائى , ولم يرو عنه غير أبى إسحاق , وهو الهمدانى , وقال الذهبى: " لا يكاد يعرف , تفرد عنه أبو إسحاق ".
قلت: ومن طريقه أخرجه الحاكم (1/415 و4/500) وقال: " صحيح الإسناد " ووهب من كبار تابعى الكوفة ! ووافقه الذهبى فى " تلخيصه " ! ثم وجدت له شاهداً من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به. أخرجه الطبرانى (3/21) ورجاله ثقات كلهم , وابن عياش إنما يخشى من سوء حفظه فى روايته عن المدنيين كهذه , فهو صالح للاستشهاد به فالحديث حسن والله أعلم.
(3/407)

(895) - (عن أبى هريرة قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقام رجل فقال : يا رسول الله عندى دينار قال: تصدق به على نفسك , قال: عندى آخر قال: تصدق به على ولدك قال: عندى آخر. قال: تصدق به على زوجتك , قال: عندى آخر. قال : تصدق به على خادمك , قال عندى آخر , قال: أنت أبصر " رواه أبو داود.
* حسن.
أخرجه أبو داود (1691) والنسائى (1/351) وابن حبان (828 ـ 830) والحاكم (1/415) وأحمد (2/471) من طريق محمد بن عجلان عن المقبرى عن أبى هريرة به.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
قلت: وفى ذلك نظر , فإن ابن عجلان إنما أخرج له مسلم فى الشواهد كما نقله الذهبى نفسه فى " الميزان " عن الحاكم ذاته ! ثم هو صدوق متوسط الحفظ كما قال الذهبى , فهو حسن الحديث , وقال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبى هريرة ".

(896) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار " (ص 215).
* صحيح.
روى من حديث عبادة بن الصامت , وعبد الله بن عباس , وأبى سعيد الخدرى , وأبى هريرة , وجابر بن عبد الله , وعائشة بنت أبى بكر الصديق , وثعلبة بن أبى مالك القرظى , وأبى لبابة رضى الله عنهم.
1 ـ أما حديث عبادة , فيرويه موسى بن عقبة حدثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عنه مرفوعا به.
أخرجه ابن ماجه (2340) وأحمد (5/326 ـ 327) وأبو نعيم فى " أخبار أصفهان " (1/344) وابن عساكر فى " تاريخ دمشق " (8/44/2).
قلت: وهذا سند ضعيف , قال الحافظ فى " الدراية " (ص 373): " وفيه انقطاع ". يعنى بين إسحاق وعبادة كما يأتى , وفيه علة أخرى , وهى جهالة حال
(3/408)

إسحاق هذا , قال الحافظ فى " التقريب ": " مجهول الحال ". وقال البوصيرى فى " الزوائد " (ق 144/2): " هذا إسناد رجاله ثقات , إلا أنه منقطع ".
وقال فى مكان آخر (137/1): " هذا إسناد ضعيف , لضعف إسحاق بن يحيى بن الوليد , وأيضا لم يدرك عبادة بن الصامت , قاله البخارى وابن حبان وابن عدى".
قلت: إسحاق لم يضعفه أحد. ولا وثقه غير ابن حبان , ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة , فالصواب أنه مجهول.
2 ـ وأما حديث ابن عباس , فيرويه عنه عكرمة , وله ثلاث طرق عنه:
الأولى: عن جابر عنه:
أخرجه ابن ماجه (2341) وأحمد (1/313) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (3/136/1).
قلت: وهذا سنده واه , جابر هو الجعفى قال البوصيرى: " وقد اتهم ".
الثانية: عن داود بن الحصين عن عكرمة به وزاد: " ولجارك أن يضع فى جدارك خشبته " أخرجه الدارقطنى (522) والخطيب فى " الموضح " (2/52 ـ 53).
ورواه الطبرانى فى " الكبير " (3/127) بدون الزيادة.
قلت: وهذا سند لا بأس به فى الشواهد , فإن ابن الحصين هذا احتج به الشيخان , لكنه قال الحافظ فى " التقريب ": " ثقة إلا فى عكرمة ".
قلت: وإنما تكلم فى روايته عنه من قبل حفظه , وليس فى صدقه , فهو يتقوى بالطريق الآتية.
(3/409)

الثالثة: رواه ابن أبى شيبة: حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن سماك عن عكرمة به.
ذكره فى " نصب الراية " (4/384 ـ 385) وسكت عليه , ورجاله ثقات رجال مسلم غير أن سماكا وهو ابن حرب , شأنه فى روايته عن عكرمة شأن داود بن الحصين تماما , قال الحافظ فى " التقريب ": " صدوق , وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة , وقد
تغير بآخره: فكان ربما يلقن ".
3 ـ وأما حديث أبى سعيد الخدرى , فيرويه عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبى عبد الرحمن الرأى حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن عمرو بن يحيى المازنى عن أبيه عنه , وزاد: " من ضار ضره الله , ومن شاق شق الله عليه ".
أخرجه الدارقطنى (522) دون الزيادة , والحاكم (2/57 ـ 58) والبيهقى (6/69) وقال: " تفرد به عثمان بن محمد ".
قلت: وهو ضعيف كما قال الدارقطنى , وذكره فى " اللسان ".
وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد على شرط مسلم " ! ووافقه الذهبى.
قلت: وهذا وهم منهما معا , فإن عثمان هذا مع ضعفه لم يخرج له مسلم أصلا , وأورده الذهبى نفسه فى " الميزان " وقال: " قال عبد الحق فى أحكامه: الغالب على حديثه الوهم ".
نعم تابعه عبد الملك معاذ النصيبى عن الدراوردى به.
أخرجه ابن عبد البر فى " التمهيد " كما فى " نصب الراية " للزيلعى (4/385) وقال:
(3/410)

" قال ابن القطان فى كتابه: وعبد الملك هذا لا يعرف له حال , ولا يعرف من ذكره ".
وقد رواه مالك فى " الموطأ " (2/745/31) عن عمرو بن يحيى المازنى عن أبيه مرفوعا.
قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد وهذا هو الصواب من هذا الوجه.
4 ـ وأما حديث أبى هريرة فيرويه أبو بكر بن عياش قال: أراه قال: عن ابن عطاء عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " لا ضرر ولا ضرورة , ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته على جداره ".
أخرجه الدارقطنى (522) وقال الزيلعى (4/385): " وأبو بكر بن عياش مختلف فيه ".
قلت: هو حسن الحديث , وقد احتج به البخارى , وإنما علة هذا السند من شيخه ابن عطاء , وهو يعقوب بن عطاء بن أبى رباح , وهو ضعيف كما فى " التقريب ".
5 ـ وأما حديث جابر , فيرويه محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عنه مرفوعا بلفظ: " لا ضرر ولا ضرار فى الإسلام ".
أخرجه الطبرانى فى " الأوسط " (1/141 من زوائد المعجمين) وقال: " لم يروه عن محمد بن يحيى إلا ابن إسحاق ".
قلت: وهو ثقة ولكنه مدلس وقد عنعنه.
6 ـ وأما حديث عائشة فله عنها طريقان:
الأول: يرويه الواقدى , أخبرنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبى الرجال عن عمرة عنها , أخرجه الدراقطنى (522).
(3/411)

قلت: وسنده واهٍ جدا من أجل الواقدى فإنه متروك.
والطريق الأخرى يرويها نافع بن مالك أبى سهيل عن القاسم عنها , وله عنه طريقان:
الأولى: قال الطبرانى فى " المعجم الأوسط " (1/141/1): حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا روح بن صلاح حدثنا سعيد بن أبى أيوب عن أبى سهيل به.
قلت: وهذا سند واهٍ جدا , روح بن الصلاح ضعيف , وأحمد بن رشدين قال الهيثمى (4/110): " هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال ابن عدى: كذبوه ".
الثانية: قال الطبرانى أيضا: حدثنا أحمد حدثنا عمرو بن مالك الراسبى حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول عن أبى بكر بن أبى سبرة عن نافع بن مالك به.
قلت: هكذا ساقه الهيثمى فى " الجمع بين المعجمين " عقب الطريق الأولى. لم يسم أحمد , شيخ الطبرانى , فأوهم أنه ابن رشدين , وليس به.
فقد ساقه الزيلعى (4/386) عقب الطريق الأولى , فسماه أحمد بن داود المكى , ثم لم يذكر الهيثمى كلام الطبرانى عليه ولا على الأول , وأما الزيلعى فقال: " سكت عن الأول , وقال فى هذا: لم يروه عن القاسم إلا نافع بن مالك ".
قلت: لكن الراوى عنه أبو بكر بن أبى سبرة , رموه بالوضع كما فى " التقريب ".
وقد فاتت الهيثمى فى " المجمع " هذه الطريق , فلم يتكلم عليها البتة.
7 ـ وأما حديث ثعلبة فيرويه إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة عن صفوان بن سليم عنه به مرفوعا.
أخرجه الطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/70/1): حدثنا محمد بن
(3/412)

على الصائغ المكى , أخبرنا يعقوب بن حميد بن كاسب أخبرنا إسحاق بن إبراهيم به.
قلت: وهذا سند فيه ضعف , إسحاق بن إبراهيم هو ابن سعيد الصواف قال الحافظ فى " التقريب ": " لين الحديث ".
8 ـ وأما حديث أبى لبابة فيرويه واسع بن حبان عنه.
أخرجه أبو داود فى " المراسيل " كما فى " الدراية " وقال: " وهو منقطع بين واسع وأبى لبابة ".
قلت: فهذه طرق كثيرة لهذا الحديث قد جاوزت العشر , وهى وإن كانت ضعيفة مفرداتها , فإن كثيرا منها لم يشتد ضعفها , فإذا ضم بعضها إلى بعض تقوى الحديث بها وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى , وقال المناوى فى " فيض القدير ": " والحديث حسنه النووى فى " الأربعين ".
قال: ورواه مالك مرسلا , وله طرق يقوى بعضها بعضا.
وقال العلائى: للحديث شواهد , ينتهى مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به ".
قلت: وقد احتج به الإمام مالك , وجزم بنسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال (2/805) من " الموطأ ": " وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار".
وكذلك احتج به محمد بن الحسن الشيبانى فى مناظرة جرت بينه وبين الإمام الشافعى , وأقره الإمام عليه , أخرجه أبو نعيم فى " الحلية " (9/76).
ثم إن للحديث شاهدا يرويه لؤلؤة عن أبى صرمة صاحب النبى صلى الله عليه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من ضار أضر الله به , ومن شاق شق الله عليه "
(3/413)

أخرجه أبو داود (3635) والترمذى (1/352) وابن ماجه (2342) والبيهقى (6/70) وأحمد (3/354) وقال الترمذى: " حديث حسن غريب ".
كذا قال , ولؤلؤة ذكر الذهبى أنها تفرد عنها محمد بن يحيى بن حبان , فهى مجهولة لا تعرف , وقال الحافظ فى " التقريب ": " مقبولة " يعنى عند المتابعة. وترجمها المناوى فى " الفيض " على أنها رجل فقال: " فيه لؤلؤة , وهو لا يعرف إلا فيه , قال ابن القطان: وعندى أنه ضعيف. ثم أطال فى بيانه " ! !
وليس فى الرجال من الرواة من اسمه لؤلؤة , وفى النساء أورده الذهبى والعسقلانى والخزرجى وغيرهم.

(897) - (وقال صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة جهد من مقل إلى فقير فى السر ". رواه أبو داود (ص 215).
* لم أجده بهذا اللفظ. لا عند أبى داود ولا عند غيره من أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها.
والمصنف تبع صاحب " المغنى " فى إيراده بهذا اللفظ , إلا أن هذا لم يعزه لأبى داود ولا لسواه , وغالب الظن أنه سقط من " المغنى " أو ممن نقله عنه حرف (أو) قبل (إلى) , فإن الحديث بهذا المعنى له أصل من حديث أبى ذر , ومن حديث أبى أمامة.
أما حديث أبى ذر فيرويه المسعودى عن أبى عمرو الشامى عن عبيد بن الخشخاش عنه قال: " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد , فجلست إليه , فقال: يا أبا ذر... أصليت ؟ قلت: لا ؟ قال: قم فصل , فصليت , ثم جلست... الحديث وفيه: قلت: فما الصدقة يا رسول الله قال: أضعاف مضاعفة , وعند الله مزيد.
قلت: فأيها أفضل ؟ قال: جهد من مقل , إلى فقير فى السر... " الحديث.
(3/414)

أخرجه الطيالسى فى " مسنده " (رقم 478) وأحمد (5/178 و179) , قال الهيثمى (3/116): " وفيه أبو عمرو الدمشقى وهو متروك ".
قلت: والمسعودى ضعيف لاختلاطه.
وأما حديث أبى أمامة , فيرويه معان بن رفاعة حدثنى على بن يزيد عن القاسم أبى عبد الرحمن عنه مثل حديث أبى ذر إلا أنه قدم وأخر فقال: " سر إلى فقير , وجهد من مقل ".
وقال الهيثمى: " وفيه على بن زيد , وفيه كلام ".
كذا قال (زيد) والصواب (يزيد) وهو على بن يزيد الألهانى , وذاك على ابن زيد بن جدعان , وكلاهما ضعيف. ومعان بن رفاعة لين الحديث كما فى " التقريب ". وقد جاء بعضه من حديث أبى هريرة بلفظ: " أى الصدقة أفضل ؟ قال: جهد المقل , وابدأ بمن تعول ".
رواه أبو داود وغيره بسند صحيح كما تقدم تحت رقم (833) فلعل هذا هو سبب وهم المصنف فى عزو والحديث إلى أبى داود بزيادة [ أو ] إلى فقير فى السر ". وليست عنده.

(898) - (وروى أبو داود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يأتى (1) أحدكم بما يملك فيقول : هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس ؟ ! خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " (ص 215)
* ضعيف.
أخرجه أبو داود (1673) والدارمى أيضا
__________
(1) الأصل ((لا يأتي)) وهو خطأ، والتصحيح من ((أبي داود)) و((المغني)).
(3/415)

(1/391) وابن خزيمة (247/1) والحاكم (1/413) والبيهقى (4/181) من طرق عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب , فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها , فهى صدقة , ما أملك غيرها , فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن , فقال مثل ذلك , فأعرض عنه , ثم أتاه من قبل ركنة الأيسر , فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم أتاه من خلفه , فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها , فلو
أصابته لأوجعته , أو لعقرته , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتى أحدكم... " الحديث.
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبى.
قلت: وليس كذلك فإن ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم مقرونا بآخر , ثم هو مدلس , وقد عنعنه فلا يحتج به.

(899) - (وقال صلى الله عليه وسلم لسعد: " إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس " متفق عليه (ص 215).
* صحيح.
وهو من رواية عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبى وقاص , قال: " جاء النبى صلى الله عليه وسلم يعودنى وأنا بمكة , وهو يكره أن يموت بالأرض التى هاجر منها , قال: يرحم الله ابن عفراء. قلت: يا رسول الله أوصى بمالى كله ؟ قال: لا , قلت: فالشطر , قال: لا , قلت: فالثلث ؟ قال: الثلث , والثلث كثير , إنك أن تدع... فى أيديهم , إنك مهما أنفقت من نفقة , فإنها صدقة , حتى اللقمة
ترفعها إلى فى امرأتك , وعسى الله أن يرفعك , فينتفع بك ناس , ويضر بك آخرون , ولم يكن له يومئذ إلا ابنه ".
(3/416)

أخرجه البخارى والسياق له (2/185 , 3/485) ومسلم (5/71) والنسائى (2/126) وأحمد (1/172) من طريق سعد بن إبراهيم عن عامر به , وليس عند النسائى ما بعد قوله: " فى أيديهم ".
وتابعه الزهرى عن عامر بن سعد به نحوه.
أخرجه البخارى (1/326 و3/49 , 175 , 4/47 , 201 , 284 ـ 285) ومسلم , وأبو داود (2864) والترمذى (2/15) وابن ماجه (2708) ومالك (2/763/4) وابن الجارود (947) والطحاوى (2/419) والبيهقى (6/268) والط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aleman59.yoo7.com
 
كـــــتاب الزكاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كـــــتاب الطهارة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
aleman59 :: الفئة الأولى :: الالبــــــــــــانى :: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل-
انتقل الى: