السيدة غادة عمار
كانت غادة عمار إحدى الأخوات الناشطات في جمع التبرعات وكفالة أسر الإخوان وحمايتهم من التشرد في ظل غياب العائل في السجون لفترات طويلة، وكانت إحدى الأخوات المعاونات للسيدة زينب الغزالي ونعيمة خطاب وعلية الهضيبي، ولقد ذكرتها السيدة زينب الغزالي عند اعتقالها بقولها: «كنت مستغرقة أفكر: علية حامل في شهورها الأخيرة ؟ كيف اعتقلها الطغاة؟ وغادة؟ ماذا فعلوا برضيعتها الصغيرة؟ كيف تركتها؟ إنها لقسوة وفجور ووحشية ! ! يا للبشر من حكامهم عندما يرتدون أردية الجاهلية، فتغطى كل مشاعرهم وتضيع ضمائرهم فيصبحون جلادين لرعاياهم»
زوجها
تزوجت غادة عمار من الطيار يحيى أحمد حسين ورزقهما الله بسمية وهالة وكان عمرهما وقت اعتقال والدتهما عامين.
لقد التحق يحيى حسين بجماعة الإخوان المسلمين بعد حادث المنشية وكان واحدا من المخلصين لهذه الدعوة المباركة، ولقد تعرف على علي عشماوي، وكانت أسرته التربوية كلها من الطيارين، فقد كان معه فاروق عباس سيد أحمد وكان عمره (25 عاما) وكان طبيب امتياز، و محمد ضياء الدين الطوبجي وكان عمره (28عاما) وكان طيارا وقد حكم عليه بـ(15) عاما سجن، وسمير الهضيبي (مؤلف كتاب رسائل في السجن).
وعندما قبض على الإخوان في قضية تنظيم 1965م، اعترف علي عشماوي على كل الإخوان ومنهم أسرة الطيارين، فما أن علم يحيى حسين بذلك حتى استطاع أن يهرب على متن طائرة خارج مصر.
عروس خلف القضبان
ما كاد عبد الناصر يعلن من الكرملين بالاتحاد السوفيتي اعتقال كل من سبق اعتقاله حتى هرب زوجها، فلم تجد المباحث بدا إلا اعتقالها وتعذيبها عذابا شديد، تقول زينب الغزالي: «وأرسلت لابنتي في الإسلام غادة عمار وقلت لها : "اليوم اعتقلت مجاهدة جليلة فاضلة تدعى الست أم أحمد، وتقطن بناحية شبرا ولدى أموال لحساب أسر المسجونين وشؤون الدعوة فها هي إليك يا غادة، فإذا اعتقلت فسلميها للمرشد أو لآل قطب، وسلمتها مظروفا فيه أموال الجماعة التي كانت أمانة عندي، وهى اشتراكات من الإخوان المسلمين . وعلمت بعد ذلك وأنا في السجن أن هذا المبلغ أودعته غادة عند ابنتي في الإسلام فاطمة عيسى وعندما قبض عليها الطغاة استولوا على هذا المال الذي كان ثمن الطعام وأجر المساكن ومصاريف التعليم والعلاج لأبناء المسجونين وأسرهم، تلك الأسر التي لا ذنب لها ولا جريمة، علمت بذلك عندما جيء بغادة عمار وعلية الهضيبي إلى زنزانتي في السجن الحربي فقلت: "حسبنا الله ونعم الوكيل ، الدنيا ساعة، أما الآخرة فهي دارنا والحساب هناك».
وتضيف قولها: « وينفتح الباب ويرمى الشيطان الأسود ببطانية ووسادة، وكان قد مر علي ثمانية عشر يوما وأنا أفترش الإسفلت، وأعود بعد لحظات ووسادتي يرمى بهما على الأرض وأنا في دهشة مما يحدث، ولم تلبث دهشتي أن زالت حين فتح الباب ثانيه ليدخل صفوت وحمزة البسيوني مصطحبين علية الهضيبي وغادة عمار يدخلانهما ويخرجان ويغلق باب الزنزانة، وتقبل على علية تأخذني بين ذراعيها تقبلني وأنا منصرفة عن نفسي والدنيا وتتساءل في ألم : أنت الحاجة؟ والتفت إلى غادة فأرى عينيها ممتلئتين بالدموع تغرقان وجهها. وتبكي غادة في صمت وتتساءل علية في عجب: أيمكن أن يحدث هذا مع النساء»
لقد اعترف عليها علي عشماوي بأنها كانت إحدى القائمين على تمويل أسر الإخوان، فقد جاء في كتابه التاريخ السري للإخوان اعترافه بقوله: « النقود ستكون عند غادة عمار لتسليمها إلى بيت الهضيبي أو بيت قطب، إذا قبضوا على اتصل بغادة أو بحميدة ستعرف أين النقود إذا احتجتم إليها».
لقد ظلت الزوجة في السجن الحربي وكان اسمه كفيل بإلقاء الرعب في قلوب الشجعان، فقد ظلت فيه ما يقرب من ستة أشهر بعيدة عن زوجها الهارب وبناتها الصغار حتى أفرج عنها