الشيخ أبو العينين شعيشع القارئ الجليل
فى مثل هذا اليوم ولد القارئ الجليل الشيخ أبو العينين شعيشع فى مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ فى 12 أغسطس 1922م الموافق 18 ذو الحجة 1340 هـ، وهو الابن الثانى عشر لأبيه.
التحق بالكُتَّاب ببيلا وهو في السادسة، وحفظ القرآن قبل سن العاشرة، وألحقته أمّه بالمدرسة الإبتدائية؛ فشجعه ذلك وساعده على القراءة بالمدرسة أمام المدرسين والتلاميذ كل صباح, وخاصة في المناسبات الدينية والرسمية، فنال إعجاب واحترام الجميع، فأشار ناظر المدرسة على والدته أن تذهب به إلى أحد علماء القراءات والتجويد.
ودخل الإذاعة سنة 1939م، وكان وقتئذ متأثراً بالشيخ محمد رفعت وكان على علاقة وطيدة به، وقد استعانت به الإذاعة لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات الشيخ رفعت.
اتخذ الشيخ أبو العينين لنفسه أسلوباً خاصاً في التلاوة بدءاً من منتصف الأربعينيات، وكان أول قارئ مصري يقرأ بالمسجد الأقصى، وزار سوريا والعراق في الخمسينيات.
أصيب بمرض في صوته مطلع الستينيات، ثم عاد للتلاوة وعين قارئاً لمسجد عمر مكرم سنة 1969م، ثم لمسجد السيدة زينب منذ 1992م.
ناضل الشيخ في السبعينيات لإنشاء نقابة القراء مع كبار القراء وقتئذ مثل الشيخ محمود على البنا والشيخ عبدالباسط عبدالصمد وانتخب نقيباً لها سنة 1988م خلفاً للشيخ عبد الباسط.
وعين عضوًا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية, وعميدًا للمعهد الدولي لتحفيظ القرآن الكريم، وعضوًا للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضوًا باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف وعضوًا بلجنة عمارة المسجد بالقاهرة.
يقول الشيخ: "في عام 1936 ذهبت إلى المنصورة، وكانت المفاجأة التي لم أتوقعها في حياتي؛ فقد وجدت أكثر من 4 آلاف نفس في مكان الاحتفال فقلت: معقول أقرأ أمام هذا الجمع! كان سني وقتها 14سنة وخفت وزاد من هيبتي للموقف أنني رأيت التلاميذ في مثل سني يتغامزون ويتلامزون لأنني في نظرهم ما زلت طفلاً، وقرأت الافتتاح والختام وفوجئت بعد الختام بالطلبة يلتفون حولي، يحملونني على الأعناق يقدمون لي عبارات الثناء؛ فلم أستطع السيطرة على دموعي".
وعندما توفي الشيخ الخضري شيخ الجامع الأزهر آنذاك أشار أحد علماء بيلا على الشيخ أن يذهب معه إلى القاهرة ليقرأ في هذا العزاء، وجاء دوره وقرأ وكان موفقاً فازدحم السرادق بالمارة في الشوارع المؤدية إلى الميدان وتساءل الجميع من صاحب هذا الصوت الجميل؟! وبعد أكثر من ساعة صدّق الشيخ أبوالعينين ليجد نفسه وسط جبل بشري تكوّم أمامه لرؤيته ومصافحته إعجاباً بتلاوته، وبعد هدوء عاصفة الحب جاءه الشيخ عبد الله عفيفي –إمام القصر الملكي- وقبّله وقال له: لا بد أن تتقدم للإذاعة لأنك لا تقل عن قرائها بل سيكون لك مستقبل عظيم بإذن الله.
يقول الشيخ: "والتحقت بالإذاعة عام 1939م، ثم تدفقت علي الدعوات من الدول العربية الإسلامية, لإحياء ليالي شهر رمضان بها، ووجهت لي دعوة من فلسطين, لأكون قارئاً بإذاعة الشرق الأدنى, والتي كان مقرها "يافا"؛ وذلك لمدة 6 شهور، والاتفاق كان عن طريق المدير الإنجليزي للإذاعة المصرية, وسافرت عام 1940م، وبدأت القراءة كل يوم أفتتح إذاعة الشرق الأدنى وأختتم إرسالها بتلاوة القرآن، وأنتقل كل يوم جمعة من يافا إلى القدس لأتلو قرآن الجمعة بالمسجد الأقصى؛ ولأنني كنت صغيراً (19سنة)، كنت مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بأسرتي, ولذلك لم أحتمل الغربة أكثر من شهر، ولكن وثيقة السفر مع المسئولين عن الإذاعة بفلسطين، فاستأذنت من رئيس الإذاعة في أن أسافر إلى القاهرة لأرى أهلي، فوعدني أكثر من مرة ولم يوف بوعده، وتدخل صديق لي وأحضر لي الوثيقة ومعها تذكرة قطار من محطة اللد إلى القاهرة ولم يُشْعر أحداً بهذا، ووصلت إلى القاهرة وفتحت الراديو على إذاعة الشرق الأدنى فسمعت المفاجأة المذيع يقول سوف نستمع بعد قليل إلى الشيخ أبوالعينين شعيشع، قالها المذيع أكثر من مرة وبعدها قال لعل المانع خير، وبعد أسبوع طرق الباب ففتحنا فإذا المدير الإنجليزي لإذاعة الشرق الأدنى، وجلس الرجل وعاتبني، ثم قال: إننا لم ولن نحرم رجلاً مثلك من الإطمئنان على إخوته ووالدته، ثم رجعت إلى فلسطين بصحبة المدير الإنجليزي لإذاعة الشرق الأدنى وأكملت مدة العقد هناك.
كما سافر الشيخ إلى العراق للقراءة في مأتم الملكة عالية، واستقبل استقبالاً رسميًّا وشعبيًّا حافلاً، ونال وسام الرافدين.
يقول الشيخ أبوالعينين: "حصلت على وسام الرافدين من العراق، ووسام الأرز من لبنان، ووسام الاستحاق من سوريا وفلسطين، وأوسمة من تركيا والصومال وباكستان والإمارات وبعض الدول الإسلامية".
سافر الشيخ أبوالعينين شعيشع إلى معظم دول العالم، وقرأ بأكبر وأشهر المساجد في العالم، أشهرها المسجد الحرام بمكة، والمسجد الأقصى بفلسطين، والأموي بسوريا، ومسجد المركز الإسلامي بلندن، وأسلم عدد غير قليل تأثراً بتلاوته ولم يترك دولة عربية ولا إسلامية إلا وقرأ بها عشرات المرات على مدى مشوار يزيد على ستين عاما قارئاً بالإذاعة.
وقد توفي أبو العينين شعيشع إلى رحمة الله تعالى في الخميس 23 يونيو 2011م عن عمر يناهز 89 عامًا قدم فيها تلاوات رائعة لكتاب الله العظيم أتحفت العالم الإسلامي شاهدة على عطائه إلى يوم القيامة.
رحم الله الشيخ أبو العينين شعيشع القارئ الجليل، وأسكنه فسيح جناته وأجزل له المثوبة.