متعة الترحال بين الفنادق والكهوف
ورحلة البحث عن ( البرد ) في لهيب الصحراء
.. فلسفة الرحلة ..
أول كلمتين من العنوان لا أقصد بها " معرفي " أبداً ، إنما أقصد بها المعنى الذي توحي به هاتين الكلمتين ، وهو معنى المتعة في الترحال بين المتضادات والنقائض ، بين الفنادق والكهوف ، بين الفخامة والبساطه ،و بين الترف وشظف العيش ، و بين الفرش الوثير وفرش الحصير ،،، ما أجمل وما أمتع أن يعود الإنسان نفسه وخاصة المسلم على التأقلم في جميع الظروف فإن دوام الحال من المحال ، وسبق أن قيل " إخشوشنوا فإن النعم لا تدوم " ، لي بعض الأصدقاء كنت أحاول عبثاً إقناعهم بأن يغييروا من طريقة إستمتاعهم بالسفر وأن يجعلوا لهم عدة خيارات وأن لايعودوا أنفسهم على نوع واحد ، هؤلاء الأصدقاء هم في الحقيقة من عشاق الترحال ولكنه ترحال راقي بين الفنادق والمنتجعات وسحر الطبيعة ، حتى أنهم لا يرضون بالسفر والسياحة داخل مملكتنا الحبيبه ، ولا يرضون الإ بركوب الطائرات في رحلات تتجاوز مدتها البضع ساعات ،
ومن قناعاتي الشخصية أن المتعة في السفر ليست مقصورة على تلك البلاد ، بل المتعة نحن من يصنعها ولو كانت وسط كهف بين الثعابين ، ونحن كذلك من يقتلها حتى ولو توفرت أسبابها بين الشلالات والأنهار والأمطار والأزهار ..
مقدمة بسيطه لما أهدف إليه .. ولتسمحوا لي بعدها أن أنقلكم مباشرة إلى تقريري المتواضع
فقد تنقلت وإياكم خلال الإسبوع الماضي بين تقارير فنادق الخمس نجوم والأربع نجوم على الرابطين التاليين :
فندق أجياد مكه مكارم .. بعدستي
و
فندق سناف إن ـــ مكة المكرمة .. بعدستي
أما هذا اليوم فسيكون تقريراً مختلفاً تماماً ، ونقيضاً من النقائض ، سنسكن الكهوف بدل الفنادق ، وسنستبدل النجوم بالجماجم ، وفيه لن نبحث عن الأدوار العليا المطلة ، لأننا سنكون بالتأكيد تحت سطح الأرض بين أطباق الأحجار لسبر الأغوار ،،،
جنون الـــ 40 درجه مئوية وذرات الغبار
أرجوا أن لا تتهموني بالجنون عندما أقول لكم إنها الحقيقه وهي المتعة التي جعلتنا نشد إليها الرحال في يوم الخميس الماضي من هذا الشهر 6/2008م حيث تزيد درجات الحرارة في المنطقة الوسطى على الـ 40 درجه مئوية .. أضف إليها تلك العواصف الرملية المستمرة على المنطقة الوسطى منذ عدة أيام كما تعلمون ..
هذا الحر الشديد ، وهذا " الغبار" أو العواصف الرملية ..
هما البلسمان الشافيان ، و مكمن الأسرار لنجاح رحلتنا وإستمتاعنا بها !!!
لا أدري !! .. ماذا ستقولون عنّ مجموعتنا !! عندما نخبركم بأننا .. ذهبنا نبحث عن الجو البارد العليل في لهيب الصحراء ، وحرارة الرمضاء ،
أم ماذا ستقولون ؟ لو علمتم أننا نبحث عن
نقاء وصفاء الهواء ، تحت عباءة العاصفة الظلماء ، والتي غطت " نجد " وما حولها منذ أيام .
في قلب اللهيب ، وتحت عباءة هذا الغبار العجيب
كانت هناك بقعة من هذه الأرض ، تعيش جواً إستثنائياً معزولٌ تماماً عن العالم الخارجي ..
في هذه البقعة .. كانت لنا حكاية من المتعة والمغامرة والإنبساط
و سأحاول بعدستي أن أنقلها لكم ( حـصــــــريــــــــــــاً ) لعلها تدخل السرور إلى قلوبكم وتستمتع بها عيونكم ، ونغير بها الروتين هذه الأيام ،
فكونوا معي أيها الأحبــــاب
بداية الرحلـــــــــة
هذه صور بداية إنطلاقتنا صباح الخميس ولا حظوا الغبار الشديد خارج مدينة الرياض
ودرجات الحرارة تقترب من الـ 40 درجه مئوية مما يزيدنا شوقاً وجديّة
في البحث عن البراد بين ثنايا الدرجات المئوية الملتهبة
والإجتهاد في البحث عن صفاء الهواء بين ذرات الغبار المتطاير
لا زلنا نسير في الطريق المؤدي إلى الصمان ولازال الغبار والعجاج رفيق لا يفارقنا
كلما أقتربنا من الصمان والدهناء زاد الغبار وزادت المعنويات إرتفاعاً
ومنينا أنفسنا بأجواء صافية وباردة
الناس فيما يعشقون مذاهبُ .. وتنافس العاشقين
وما هو الإ عبارة عن " دحل " ، وهو المسمى المحلي لكل تجويف في الأرض ، وهو ما يسمى عالمياً بالكهوف والمغارات ، وتشتهر منطقة الصمان بكثرة الدحول .. وقد كانت في يوم من الأيام ، وأعني أيام الأجداد ، مصدراً وحيداً للماء ، عندما ينقطع ماء السماء ، وعندما يجتاز المسافرون مفازة الصمان المهلكة إلى الشام والعراق ،، فإن إنتهى ما يحملون من ماء ، ويوقنون بالهلاك ظماءا ، عندها ينزلون إلى هذه
" الدحول " لجلب المياه ، والتي أحياناً تكون قريبه ، وأحيانا كثيرة تكون بعيده ، فينجوا من ينجو ، ويهلك من هلك !!