"رجعت أيام الصيفية" ورجع السياح إلى لبنان وإلى جبله. والرهان هذا العام على أن لبنان سيشهد موسماً سياحياً مزدهراً يبدو كبيراً، ليبدّد ما تناقله البعض في السنوات الأخيرة عن أن لبنان فقد رصيده السياحي بعدما فقد ثقة الأجانب والعرب.
ها هي عاليه عروس المصايف، ومعها بحمدون قد فتحتا أبوابهما لاستقبال أبنائهما العرب الذين انقطعوا عنهما في السنتين الأخيرتين بسبب الأوضاع التي مرّ بها البلد، وعادوا اليهما هذا الصيف طلباً للحياة والراحة والسهر والهواء النقي.
الاستعدادات للاستقبال على قدم وساق من تجهيز للمقاهي التي تشكل عصب السياحة إلى الأعمال البلدية ومعها التحضير لإنجاز برامج المهرجانات الصيفية والعروض الثقافية لاستقطاب أكبر عدد من الروّاد. جبل المصايف يعيش ورشة حقيقية، وينفض عنه غبار جمود فرضته الخضّات الأمنية المتنقلة، على أمل أن يكون موسم الصيف مثمراً بانتاجه السياحي.
وعاد اليوم الصيف ليجمع أبناءه المغتربين ومعهم أبناؤه العرب الذين أحبوه وتملكوا فيه ليصبح وطنهم الثاني.
على طول الطريق من عاليه إلى بحمدون الكل يتحضر لاستقبال الموسم الذي بدأ باكراً هذا العام، لأن الوافدين مضطرون إلى المغادرة قبل حلول شهر رمضان المبارك الذي يصادف في أيلول المقبل. على الطرقات وفي الزواريب الداخلية في المدينتين علقت لافتات تحمل إعلانات بالخط العريض عن شقق مفروشة ومنازل وسيارات للايجار. في الأسواق وعلى واجهات المحال إعلانات عن تنزيلات وعروض وهدايا تنبئ بصيف غنيّ وأسعار رخيصة!
الفيلات المعدة للايجار ومعها تلك المملوكة من قبل عرب اختاروا أن يكون لبنان بلدهم الثاني، تشهد حركة تنظيفات يتولاها النواطير أو عمال كلّفوا باتمام اللمسات الأخيرة لتكون في أبهى حلّة.
معلومات البلديات في كل من بحمدون وعالية ومعها الحجوزات التي تسجلها المطاعم والمقاهي الليلية، تؤشر إلى أن الوافدين كثر يشاركون اللبنانيين فرحتهم بقيامة لبنان لاستقبال الصيف على وقع الموسيقى ليصلوا الليل بالنهار.
الحجوزات في مطار بيروت "فوّلت" والقادمون من كل أقطار العالم. مهاجرون لبنانيون وسياح عرب وأجانب تغمرهم موجة التفاؤل بعدما أعاد السياح لبنان إلى الأولوية في قائمة وجهتهم.
إذا كان وسط بيروت التجاري هو الميزان الذي تقاس بواسطته حركة السياح ونسبتهم، ونوعيتهم، وجنسياتهم في العاصمة فإن عاليه "عروس المصايف" وبحمدون جارتها تشكلان ميزان السياح في الجبل الذي يعج عادة بكل أنواع السياح الذين يقصدونه ليلاً للسهر حيثما كانوا يقيمون. ففي موسم الاصطياف تشكل محاولة اجتياز شارع عاليه الرئيسي بعد غياب شمس الصيف الدافئة باتجاه القرى المجاورة معاناة لمن قادته الصدفة إلى هذه الناحية، إذ أن ذلك يعني أنه سيمضي أكثر من نصف ساعة لعبور مسافة لا تتجاوز بضعة كيلومترات بسبب ازدحام السير الخانق.
الاستثمارات في عاليه خرجت أخيراً من الثلاجة، وقد تخطت البلدة الجمود غير المعهود الذي عاشته طيلة عامين. بيوت كثيرة وقصور خليجية تنتظر أصحابها وأخرى عادوا اليها، علماً أن الخليجي يقوم بصيانة منزله سنوياً بواسطة شركات في لبنان تتعهد سنوياً عملية صيانة البيوت والقصور أثناء غياب أصحابها بطلب منهم حتى وإن لم تسنح لهم الفرصة للإقامة فيها صيفاً.. وتشمل الصيانة التنظيفات الدورية ودفع الرسوم والاشتراكات السنوية أو الفصلية، وتأمين الحراسة وتصليح أي عطل قد يطرأ. إذاً فقد أبقى الخليجيون على بيوتهم جاهزة، للانتقال اليها هذا الصيف
ولتأمين راحة السياح العرب أخذ أحد أبناء عاليه على عاتقه بناء مجمع فيلات ضخمة في منطقة رأس الجبل في أعالي البلدة. 14 فيلا خصصت للبيع تحوط بها الأشجار وتطل على وادٍ، وقد جرى العمل على تجهيزها خلال فترة وجيزة وقبل موعد وصول العرب. ويقول المشرف على المشروع إن القطريين هم أكثر المتصلين وقد حجزوا عدداً منها عبر الهاتف وقد أوكلنا إلى بعض الأشخاص تجهيز كل ما يلزم بحسب طلب المالكين.
صيف عاليه هذا العام سيكون حافلاً والبرنامج الذي تنظمه البلدية غني ومختلف عن كل الأعوام السابقة.
البلدة ستستقبل الرسامين من مختلف المناطق اللبنانية في معارض لوحات تقام في ساحة عريضة في الشارع الرئيسي الذي يكتظ بالسيارات وبالمارة خصوصاً في المساء عندما يحلو السمر والسهر في مقاهي البلدة الجبلية.
أما بالنسبة للحفلات، فقد تعهد صاحب إحدى الاذاعات الغنائية تحضير برنامج المهرجانات التي سيديرها بنفسه. ويشير مراد إلى أنه "منذ توقيع اتفاق الدوحة والمستثمرون يتسابقون للاستثمار في عاليه.
الكل متفائل ومعتمد على هذا الموسم للانطلاق في مواسم صيفية مقبلة".
ويضيف "نحن كبلدية حريصون على تقديم كل ما يلزم للأطفال والشباب، من معارض ثقافية وبيئية وفي هذا الصدد نعمل على إعادة افتتاح حديقة الحيوانات الموجودة في عاليه "مركز التعرف على الحياة البرية، لنفسح أمامهم المجال للتعرف على الحيوانات من قرب"، متمنياً من المعنيين تأمين الطريق من المطار باتجاه الجبل من حيث صيانة الطرقات وتزفيتها لتسهيل المسافة على القادمين وتشجيع الموسم السياحي".
.. والموسم بدأ في بحمدون
وكما عاليه فإن جارتها بحمدون هي أيضاً لن تنام خلال الموسم. الفنادق استعدت وفتحت أبوابها. والشقق المفروشة استعدت تماماً لموسم خيّر، والاعتماد يتركز على السياح العرب الذين يشكلون 85 في المئة من الزبائن. وأكثر ما يجذب هؤلاء في تلك الفنادق الخدمة الجيدة والمناخ الرائع والطعام الطيب والاستقبال الرحب...
موسم الاصطياف في بحمدون بدأ هذا العام في 20 حزيران الفائت أي قبل موعده المعتاد بنحو عشرة أيام، على أن يشتد تدريجياً ليبلغ مداه في منتصف تموز الحالي.
مناطق الجبل محببة بالنسبة إلى الخليجيين ونحن نريد أن نكون عند حسن ظنهم، فهم يحجزون في الفنادق كل عام وبحمدون تعني لهم الكثير، خصوصاً أنهم يملكون كل الأبنية الضخمة، والفنادق كلها تعود لاستثمارات خليجية
تمتاز مدينة بحمدون، بالإضافة إلى مناخها وضبابها الذي يثلج الصدور، بوجود أكثر من 350 مؤسسة تجارية وأكثر من خمسين فيلا، وما يزيد عن مئة ألف مصطاف اعتادت المدينة استضافتهم في حناياها في كل صيف
ويعمل فيها من أصل 22 فندقاً، سبعة فنادق تقريباً هي: "السفير" و"الكارلتون
و"الفارابي" و"الشيراتون" و"الشيخ"
و"المونديال" و"الصفاة". والاتصالات الاستيضاحية لا تتوقف عند المتابعين.
الخليجيون، والكويتيون منهم بالتحديد، تملكوا بكثافة في بحمدون. وغالبية الفنادق الموجودة باتت مستثمرة أو مملوكة بالكامل من رجال أعمال منهم. ولمهرجانات بحمدون حكاية مختلفة، خصوصاً مع أبرزها وهو مهرجان الكويت الذي تنظمه البلدية كل عامين، وهي اليوم في صدد التحضير له على أمل أن يكون الحدث الصيفي الأبرز والأهم.