أعمال إنشائية واستيلاء اسرائيلي متواصل وافتتاح مزيد من الكنس اليهودية والمخفي أعظم!!
حذرت مؤسسة الأقصى خلال العامين الماضيين أكثر من مرة من أعمال إنشائية تقوم بها المؤسسة الاسرائيلية "سراً" أسفل حائط البراق وفي المنطقة المجاورة للجدار الغربي للمسجد الأقصى ، معتمدة على مشاهدات عن بعد رصدتها مؤسسة الاقصى ، وقد عمدت المؤسسة الاسرائيلية وأذرعها المختلفة التكتم على هذه الأعمال وإخفائها بستار بلاستيكي أسود سميك حجب الرؤية لفترة طويلة من الزمن
ستار بلاستيكي اسود سميك يخفي الاعمال التي كانت تجري على مدار ثلاث سنوات
يوم الأحد الأخيرة كُشف المستور وبحضور رئيس الدولة " موشيه كتساب" وشخصيات دينية وسياسية يهودية وبمراسيم احتفالية في الموقع تم افتتاح ما أطلقوا عليه "قاعة صلاة كبيرة وإدخال كتب توراة "، حيث طالب "كتساب" خلال المراسيم الاحتفالية بتنفيذ مخطط لربط طرفي طريق ما سماه بالطريق الهرودياني ابتداء من أسفل حائط البراق وانتهاء بحي سلوان المحاذي للجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك .
تصريحات كتساب هذه وهو المحسوب على الفريق الذي يدعو الى تقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين ، أضاءت مزيدا من الضوء الأحمر ودفعت مؤسسة الأقصى المسارعة لزيارة منطقة حائط البراق وبالتحديد الى الموقع الذي أفتتح يوم الأحد ، وطبعا ليس من السهل لمسلم عربي فلسطيني أن يدخل الى هذه المنطقة المحاطة من جهاتها الثلاث بقوات وحواجز شرطية مكثفة ، هناك في الحاجز الشمالي آخر شارع الواد يدخل الوافدون من يهود وسياح أجانب الى منطقة حائط البراق بكل سهولة ويسر ، أما نحن فقد استوقفنا الشرطيون ، استجواب وتعليق ومساءلة لنا عن هويتنا وهدفنا من زيارة حائط البراق ووجهتنا المحددة ، الجواب صريح وواضح نحن اعلاميون قرأنا خبرا عن "افتتاح" قاعة للصلاة في منطقة حائط البراق والمكان مفتوح للجمهور العام حسب ما ذكر في وسائل الاعلام الاسرائيلية ، ونريد أن نعّد تقريراً عن الموقع ، "الأمر غريب بالنسبة لهم " ، ولذلك طلبوا منا باللغة "المتدارجة" عندهم عندما يتكلمون مع مسلم عربي فلسطيني وبالنبرة الاستعلائية الوقوف جانبا :" من الناحية المبدئية لا يسمح لكم بالدخول الى هذا الموقع ولو كنتم صحفيون، " أجبناهم اننا بصفتنا صحفيون ونحمل بطاقة الصحافة فيجوز لنا أن ندخل الى الموقع وأن نكتب عنه ، لجوابهم :" دعنا نسأل الضابط وهو الذي سيقرر وعلى أغلب الظن فلن يسمح لكم بالدخول " ، تعتلي نبرة النقاش بيننا وبين الشرطيون على الحاجز البوليسي ، الا أنه بعد نصف ساعة بالتقريب يأتي الجواب من الضابط بأنه لا مانع من دخولنا الى منطقة حائط البراق ، يتم تفتيشنا وأغراضنا ونتقدم الى الأمام ، عبر اقواس تنكز - أو ما اشتهر عربيا بأقواس " ام البنات" - الحاملة للمدرسة التنكزية المشهورة من العهد المملوكي – دخلنا الى ساحة حائط البراق ، حيث احتشد المئات من اليهود المتدينين وغير المتدينين في الساحة وعند حائط البراق – الذي يسمونه حائط المبكى زورا وبهتانا- وعلى الجهة اليسرى شمالاً وعبر باب ليس بالكبير دخلنا الى الموقع الذي وقف فيه قبل أيام رئيس الدولة وعدد من رجال الدين والساسة اليهود ووضعوا عددا من أسفار التوراة ، والموقع هو استمرار لحائط البراق وجزء لا يتجزأ من الحائط الغربي للمسجد الأقصى ويقع أسفل المدرسة التنكزية وهي الأخرى جزء لا ي تجزأ من المسجد الأقصى المبارك ، والموقع عبارة عن قناطر واسعة وأقواس وفناء واسع يشكل روعة من البناء المعماري الاسلامي بطول نحو خمسين مترا وارتفاع نحو 15 مترا وعرض نحو 10 أمتار ، المكان محتشد بيهود يؤدون " الصلوات" ويحملون أسفار التوراة في أنحاء الفناء كله ، الأعمال الإنشائية الجديدة واضحة للعيان ، شبكات الإنارة والمكيفات الجديدة ، خزانة التوراة الكبيرة وأخرى صغيرة ، الأقمشة الفاخرة على طاولات القراءة ، الكتب الدينية اليهودية في كل ناحية ، والمعنى أن المكان الجديد هو عبارة عن كنيس يهودي بكل معنى الكلمة ، فحسب التعريف المشهور للكنيس هو عبارة عن قاعة صلاة تتضمن خزانة مقدسة تحوي أسفارا من التوراة تُؤدى فيها الصلوات ، فالمكان اذا هو كنيس يهودي في منطقة حائط البراق والجدار الغربي من المسجد الأقصى ، والمكان وقف اسلامي وجزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك .
فتحات زجاجية في الموقع تبين حفريات اسرائيلية في الاسفل
في صدر المكان وضعت خزانة يعتبرونها " الخزانة المقدسة" وقد نقش عليها بخط عبري وبأحرف بارزة " وكانت عيوني وقلبي ترنو إليك في كل يوم " ويقصدون أن أعينهم وقلوبهم منذ غابر السنين كانت تتجه الى الهيكل ، ولعها الجمل التي تعبر عن أطماعهم وأحلامهم ببناء الهيكل الثالث على حساب المسجد الاقصى المبارك ، إلاّ أن الملفت للنظر أنه في الطرف الشمالي للموقع قد وضع حاجز زجاجي على طول الواجهة الشمالية يحجب الرؤية الى الداخل مما قد يشير الى أعمال أخرى تجري خلف هذا الحاجز الزجاجي ولعلها أعمال متواصلة يبتغون من ورائها ربط هذا "الكنيس" برباط الكرد القريب من المنطقة والذي يطلق عليه اليهود زورا وبهتانا "المبكى الصغير"، ليس هذا فحسب وإنما يلفت النظر أن هناك فتحات زجاجية موضوعة على أرضية الموقع والعجب أن هذه الفتحات الزجاجية تطل الى أسفل حائط البراق يُرى عبرها أعمال حفريات جارية الى وجهة غير معلومة ، وفي المنطقة نفسها هناك فتحات علوية يسلك اليها بدرج لا يمكن الصعود إليه وهي الأخرى تشير الى أعمار حفرية متواصلة .
درج وفتحة غير معلومة الجهة تشير الى حفريات في الموقع
حصيلة الأمر ان المؤسسة الاسرائيلية تستولي على المنطقة بأسرها تدريجيا وتقوم بتغيير المعالم الاسلامية يوما بعد يوم ولعلها الخطوات الأولى لبناء الهيكل الثالث المزعوم اذ أنه قبل سنتين تم افتتاح موقع صلاة خاص لما يطلقون عليه "المتدينون الجدد" في المنطقة الواقعة أقصى جنوب حائط البراق بالقرب من طريق باب المغاربة ، وبعد وقت قليل تم تركيب جسر خشبي جديد ، يقتحم عن طريقه اليهود والشرطة الاسرائيلية وعبر باب المغاربة الى داخل المسجد الأقصى ، وأعلن حينها عن مخطط لهدم المعالم الأثرية الاسلامية أسفل باب المغاربة ، في حين أعلنت الحكومة الاسرائيلية قبل اشهر تخصيص مبلغ 68 مليون شيقل لأعمال إنشائية في منطقة حائط البراق وأسفل المسجد الأقصى ، ويأتي تصريح موشيه كتساب المطالب بتنفيذ مخطط واستكمال اعمال الحفريات لربط مقطعي الطريق الهرودياني ، فإذا كنا قد علمنا أن احد سيناريوهات بناء الهيكل الثالث هو إقامة أربعة أعمدة كبيرة وطويلة في ساحة البراق وبناء الهيكل الثالث " المؤقت " فوق الأعمدة هذه ليطل من خلالها على المسجد الأقصى فإن الوجهة الاسرائيلية تتجه نحو مزيد من إيقاع الأذى والسيطرة على المسجد الأقصى وعلى حائط البراق وكل محيط المسجد الأقصى المبارك ، فالتساؤل الذي يطرح نفسه هذا ما استطعنا أن نراه أو أن نطلع عليه ولكن المخفي غير المعلوم هو أكثر بكثير ؟!