خير ما أعطي الإنسان ....؟
عن أسامة بن شريك قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسنا الطير ،ما يتكلم منا متكلم ، إذ جاءه أناس فقالوا : من أحب عباد الله إلى الله تعالى ؟ قال : ( أحسنهم خلقا )* الطبراني
وفي رواية : (( ما خير ما أعطي الإنسان ؟ قال : خلق حسن )) * ابن حبان
فإذا تحدثنا عن الأخلاق تحدثنا عن غرسها وإذا سألنا كيف نغرس الأخلاق تحدثنا عن التربية وإذا سألنا كيف نربي تحدثنا عن منهج وملة وكتاب وسنة وخير قدوة محمد صلى الله عليه وسلم وقد قالها عليه الصلاة والسلام:
( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))
وإذا تحدثنا عن خلقه صلى الله عليه وسلم ما انتهى بنا الحديث وما انتهى بنا الإعجاب بأدب في النفس جعلها عند الله دوما مرضية وكأنه لم يترك لنا موضعا إلا كان لنا فيه أسوة حسنة .. فعجبا لنا اليوم كيف اختفت منا القدوة وكيف انفصلنا عن خيار الأمة وكيف بتنا بلا خلق ولا ذمة ....!
إذا فضعف الخلق فينا اليوم ليس إلا علامة ضعف الإيمان
لقد سأل أصحابه صلى الله عليه وسلم يوما : (( أتدرون من المفلس قالوا : المفلس من لا درهم له ولا متاع له ، قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطي هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ن أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ن ثم طرح في النار .)) *رواه مسلم
ولا أعتقد أن أحدا ما قد يختلف في ما هو خلق حسن وخلق سيء.
فلسنا بصدد الدفاع عن الصدق أو الوفاء أو الأمانة وما حسن من سلوكيات ومعاملات عديدة تزين من أتصف بها وتعيب من اتصف بالضد منها ..
ولكن عندما نجد المبشرات الكثيرة والفضائل العديدة في حسن الخلق والتحلي بالأخلاق الحميدة و سوء العاقبة لسيء الخلق :
ففي حديث عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله رفيق ،يحب الرفق ، ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ، ومالا يعطي على سواه ))* مسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم ((إن الفحش والتفحش ليس من الإسلام في شيء وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم أخلاقا ))*الطبراني
وقال : ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، إن الله يكره الفاحش البذيء ، وإن صاحب الخلق الحسن ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة )) *احمد
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام عن أنس : (( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة ، وأشرف المنازل ، وإنه لضعيف العبادة ، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم )) *الطبراني
*اللهم أجرنا من جهنم واهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت*
فلماذا ؟ :
_مكارم الأخلاق : لا تتوجب علينا كما هي واجبة على الطرف الأخر أو على من يتعامل معنا ( لأننا نجيد حقا الانتقاد وكأني بها الافتقاد )
_نمتدح بها أهل الغرب ولا نبدي أي جهدا لنكون نحن أهلا لها أو صفات نتسم بها
_موجودة في كتيباتنا وفي بعض اللوح المعلقة على جدران المنزل
_في حكمة اليوم التي لا تتجاوز طرف اللسان وربما سقف الحلق أو كما ينبغي أن تكون مخارج الحروف
_هي لمن لك عنده حاجة وتلتمس منه المعروف
_ نعيب القذارة ونرمي بالمخلفات من نوافذ سيارتنا
_ الكرم وسيلة فقط لنيل الصيت بين الناس
_ وآخر أشعث الرأس أغبر اللبس أزهم الرائحة تتوارى عنه الملائكة ربما مسيرة ألف عام
.................................................. ..الخ
وهنا يجب أن لا يفوتنا قوله صلى الله عليه وسلم (( ثلاث من كن فيه فهو منافق: إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ))*مسلم
فهل هذه أخلاق نرتقي بها ؟
وهل هذه درجة تقربنا مجلسا منه صلى الله عليه وسلم ؟
وهل تسمى هذه أخلاق فعلا ؟
أين نحن عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من ستر على مؤمن عورة فكأنما أحيا موؤدة))*الطبراني
وقوله ((إياكم والحسد فان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب))*أبو داوود
وقوله : ((لا يكن أحدكم إمعة . يقول : أنا مع الناس،إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أساءت !! ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساء الناس أن تجتنبوا إساءتهم )) *الترمذي
وفي حديث : (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )) *البخاري
وحديث : ((من بات وفي يده ريح غمر فأصابه شيء فلا يلومن الإ نفسه ))*البزار . والغمر: زهومة اللحم
وكثير لا أستطيع حصره من أحاديث نبوية وسنة عطرة زكية تهذبنا وتعلمنا وترشدنا فنحيا ونموت بها أطهارا
في العفو والرحمة والصدق والأمانة والنظافة والكرم والحلم والصبر والتسامح وغيرها مما يجلب لنا محبة الله
فيفرض حب الناس لنا أيضا
إنا والله بحاجة إلى تربية و قبلها بحاجة إلى مربين
والعجيب أننا لو طلعنا إلى منهاجنا الدراسية لوجدنا أننا نقرأ ( ولا نتعلم ) منذ أول السنين الدراسية كيف نكون منظمين على سبيل المثال .. ولكن قد يتخرج الطالب بلا نظام ولا نظافة ولا صدق ولا أمانه
إذا نحن اليوم أمة نقرأ لنكتب عن ظهر غيب فنرتفع في المستويات الدراسية
ولا نتعلم فنعمل عن ظهر غيب فنرتفع بالدرجات العلية عند رب البرية
ولكن مهلا مازال لدينا بعض من حسن الأخلاق :
**متسامحون فنحن يا بني صهيون مسلمون وليس من أخلاقنا أن نثور
**صابرون وليس للصبر عندنا أي حدود
**متفهمون فأنتم بشر وعن الخطأ لستم معصومون
**والعفو شيمتنا فنحن نعرف أنكم لم تكونوا في أي يوم نادمون
وبصراحة أكثر ليس من أخلاقنا أن نخاف لكننا نعلم أن الغاضب حتى يذهب غضبه إن كان واقفا جلس ، وإن كان جالسا استلقى ، وإن كان مستلقيا توضأ ، وبني صهيون وعملائها لا تعرف شيئا من هذا فكان أحرى أن نحتاط فنقابل السيئة بالحسنة فنحن أبدا لسنا كالإمعة...!
وليست أخلاقنا هكذا مع دول أصبحت للعدوان مهيئة !
وإن كانت جارتنا أو حتى قريبتنا أو حتى توجد عليها مقدساتنا فيجب أن نضع الفاصل حتى لا يخلط العدو الحابل بالنابل وبدل أن تقصف غزة تدمى يد من صافحت الغادر..
وهكذا................
فإذا كان خير ما أعطي الإنسان هو خلق حسن فقد سلبنا اليوم الخير كله