مخاطر النميمة على الانسان والمجتمع
إن النميمة محرمة بإجماع المسلمين لأنها نقل لكلام الناس بعضهم إلى بعض من اجل الإفساد بينهم. قال تعالى
ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم ) ( سورة القلم:الآيتان:10 – 11)
وروى حذيفة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يدخل الجنة قتات). رواه البخاري ومسلم، والقتات هو النمام. وفي رواية لمسلم: (لا يدخل الجنة نمام ).
لذلك كانت النميمة ذنبا كبيرا، وداء خطيرا، وآفة مهلكة، ضررها عظيم وخطرها جسيم، فرب كلمة أطلقها صاحبها ولم يلق لها بالا هوت به على وجهه في النار.
من هنا كان لزاما علي أن اوجه لك النصح فلعل الله أن ينفعنا وإياك بما نقول ونسمع،واستعين بالله قائلا:
إن النميمة من اخطر آفات اللسان وعثراته التي قد تؤدي به إلى الهلاك. وصدق قول الشاعر:
يموت الفتى من عثره بلسانه وليس يموت المرء من عثره الرجل
من هنا وجب عليك ان تحفظ لسانك من سيئ القول وبذي الحديث وان تترك الثرثرة وفضول الكلام فان: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه). وما احسن قول الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة فإذا نطقت فلا تكن مكثارا
فلئن ندمت على سكـوتك مرة فلتندمن على الكلام مرارا
واعلم انك قد تساهلت في أمر اللسان، وغفلت عن خطره،فعظم جرمه وبان زله، وأفشيت الأسرار،فأفسدت العلاقة بين أبناء المجتمع،ونشرت بينهم العداوة والبغضاء بسبب النميمة.
وتذكر-هدانا الله وإياك-قول ابن عباس-رضي الله عنهما –عندما اخذ بلسانه وهو يقول: (ويحك، قل خيرا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم انك ستندم) .
وما ذلك إلا لان اللسان سبع ضار، وعدو مهلك متى أطلق له العنان. قال الناظم:
أحذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
قال يحيى بن معاذ: (القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإنه لسانه يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك).
ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة). رواه البخاري .
كما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ( إذا اصبح ابن آدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا، وان اعوججت اعوججنا ). رواه الترمذي.
فاعلم -بارك الله فيك- إن نعمة اللسان من اجل النعم، ومن اكبر المنن الإلهية علينا وان التساهل في شأنه، وإشعاله بغير طاعة الله اشد ما يخشى على الإنسان لانه سهل التحرك، سريع الانفعالات، ومتى كان ذلك كان الخسران والهلاك-والعياذ بالله.
لقد أطلقت العنان للسانك وأرسلته بلا زمام ولا خطام، اعلم أنه ما من شيء أحوج إلى طول سجن من هذا اللسان، فهو أكبر ما يبتلي به الإنسان ولذلك فهو أمانة عظيمة عليك أن تتقي الله سبحانه فيها وأن تعلم معنى قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) (سورة ق،الآية:18).
فإن كل كلمة ينطق بها لسانك محسوبة لك أو عليك: (وما ربك بظلام للعبيد )(سورة فصلت،الآية:46).
فاحفظ لسانك واستخدمه في الخير وجنبه الزور والإثم والعدوان. قال حاتم الأصم: (لو أن أحدا جلس إليك ليكتب كلامك، لاحترزت منه، وكلامك يعرض على الله-عز وجل-فلا تحترز).
لقد قال أهل العلم: (يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة) وما ذلك إلا لان النميمة من أنواع السحر فهي تفرق بين الناس، وتغير قلوب المتحابين وتشعل نيران الحقد والبغضاء في نفوسهم، وتفسد على المسـلمين معيشتهم لما فيها من ثلم للقيم، وهدم للأخلاق، وتعد على الحرمات – والعياذ بالله-.
فعليك بالتوبة إلى الله والإقلاع عن ذلك الفعل الشنيع قبل أن يأتيك ملك الموت وأنت على هذه المعصية فيقبض روحك لتلقي الله سبحانه، وهو ساخط عليك.
فيا من أسرف على نفسه، طهر لسانك من النميمة ولا تفتش عن زلات العباد وتفسد بينهم، وبادر بالعلاج قبل فوات الأوان، ولن يكون ذلك إلا بالإكثار من ذكر الله سبحانه، والإقبال على الطاعات، ومراقبة الحي القيوم في كل لفظة ومع كل كلمة.