(1/216)
(7 / 317) بإسناد صحيح، وأما قول الهيثمي، في (مجمع الزوائد) (23): (رواه أبو يعلى، وفيه إسحاق بن أبي إسرائيل وفيه كلام لوقفه في القرآن، وبقية رجاله ثقات).
فقيه نظر من وجوه: 1: إنه اقتصر على أبي يعلى في العزو فأوهم أنه ليس في (مسند أحمد) وليس كذلك كما عرفت.
2 - أن إسحاق المذكور ثقة، ووقفه في القرآن لا بجرحه كما هو مقرر في المصطلح، 3 - أنه لم يتفرد به، فهو عند أحمد من غير طريقه، فالحديث صحيح لاشك فيه.
وله شاهد مرسل.
أخرجه مالك في (الموطأ) (1 / 185 - 186) بسند صحيح.
وروي موصولا عن أبي سعيد الخدري.
الخامس: عن جندب قال: سمعت النبي (ص) قبل أن يموت بخمس يقول: [ قد كان لي فيكم أخوة وأصدقاء، و ] إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل،
فإن الله تعالى قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من امتي خليلا، لا تخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانو يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنها كم عن ذلك).
أخرجه مسلم (2 / 67 - 68) دون سائر الستة، ونسبه الشوكاني (2 / 114) للنسائي أيضا، فلعله يعني (السنن الكبرى) له، ولم ينسبه في (الذخائر) إلا لمسلم وحده، نعم أخرجه عوانة في (صحيحه) (2 / 401) والزيادة له السادس: عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: (إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد).
أخرجه أحمد (رقم 3844، 4143، 4144، 4342) بإسناد في حسنين عنه.
ورواه ابن أبي شيبة وابن حبان في (صحيحه)، وقال ابن تيمية:
(1/217)
(إسناده جيد).
وذهل الهيثمي عن كونه في المسند فقال (2 / 27): (رواه الطبراني في (الكبير) وإسناده حسن).
السابع: عن عائشة قالت: (لما كان مرض النبي (ص)، تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها (مارية) - وقد كانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة - فذكرن من حسنها وتصاويرها.
قالت: فقال النبي (ص): إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح [ فمات ] بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله [ يوم القيامة ]).
أخرجه البخاري (1 / 416، 422) ومسلم (2 / 66 - 67) والنسائي (1 / 115) وكذا أبو عوانة (2 / 400 - 401) والبيهقي (4 / 80) والسياق لهما، وأحمد (6 / 51) وابن
أبي شيبة (4 / 140)، والزيادتان له للشيخين وغيرهما.
وفي الباب أحاديث أخرى عن جماعة آخرين من الصحابة، أوردتها في (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) وهي تدل دلالة قاطعة على أن اتخاذ القبور مساجد حرام لما فيها من لعن المتخذين، ولذلك قال الفقيه الهيتمي في (الزواجر) (1 / 120 - 121): (الكبيرة الثالثة والتسعون اتخاذ القبور مساجد).
ثم ساق بعض الاحاديث المتقدمة وغيرها مما ليس على شرطنا ثم قال: (وعد هذه من الكبائر وقع في كلام بعض الشافعية، وكأنه أخذ ذلك مما ذكره من هذه الاحاديث، ووجهه واضح، لانه لعن من فعل ذلك بقبور أنبيائه.
وجعل من فعل ذلك بقبور صلحاثه شر الخلق عند الله يوم القيامة، ففيه تحذير لنا كما في رواية (يحذر ما صنعوا)، أي يحذر أمته بقوله لهم ذلك من أن يصنعوا كصنع أولئك، فيلعنوا كما لعنوا..قال بعض الحنابلة: قصد الرجل الصلاة عند القبر متبركا بها عين المحادة لله ورسوله، وإبداع دين لما يأذن به الله لا نهي عنها ثم إجماعا،
(1/218)
فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها، واتخاذها مساجد، أو بناؤها عليها، والقول بالكراهة محمول على غير ذلك، إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي (ص) لعن فاعله، وتجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لانها أسست على معصية رسول الله (ص)، لانه نهى عن ذلك، وأمر (ص) بهدم القبور المشرفة، وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر، ولا يصح وقفه ونذره.
انتهى).
هذا والاتخاذ المذكور في الاحاديث المتقدمة يشمل عدة أمور: الاول: الصلاة إلى القبور مستقبلا لها.
الثاني: السجود على القبور.
الثالث: بناء المساجد عليها.
والمعنى الثاثي ظاهر من الاتخاذة والاخر مع دخولهما فيه، فقد جاء النص عليهما في بعض الاحاديث المتقدمة، وفصلت القول في ذلك وأوردت أقوال العلماء مستشهدا بها في كتابنا الخاص (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) وذكرت فيه تاريخ إدخال القبر النبوي في المسجد الشريف، وما فيه من المخالفة للاحاديث المتقدمة وأن الصلاة مع ذلك لا تكره فيه خاصة، فمن شاء بسط القول في ذلك كله فليرجع إليه.
10 - اتخاذها عيدا، تقصد في أوقات معينة، ومواسم معروفة، للتعبد عندها، أو لغيرها.
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): (لا تتخذوا قبري عيدا.
ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وحيثما كنتم فصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني).
أخرجه أبو داود (1 / 319) وأحمد (2 / 367) بإسناد حسن، وهو على شرط مسلم، وهو صحيح مما له من طرق وشواهد.
فله طريق أخرى عن أبي هريرة، عند أبي نعيم في (الحلية) (6 / 283)
(1/219)
وله شاهد مرسل بإسناد قوي عن سهيل قال: (رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر، فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى، فقال: هلم إلى العشاء، فقلت: لا أريده.
فقال: مالي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي (ص)، فقال: (إذا دخلت المسجد فسلم) ثم قال: إن رسول الله (ص) قال: (لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي، فإن صلاتكم
تبلغني حيثما كنتم، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
ما أنتم ومن بالاندلس إلا سواء.
رواه سعيد بن منصور كما في (الاقتضاء) لابن تيمية، وهو عند الشيخ اسماعيل بن اسحاق القاضي في (فضل الصلاة على النبي (ص)) (رقم 30) (1) دون قوله (لعن الله اليهود...) وكذا رواه ابن أبي شيبة (4 / 140) مقتصرا على المرفوع منه فقط.
وله شاهد آخر بنحو هذا من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن جده مرفوعا.
أخرجه اسماعيل القاضي (رقم 20) وغيره.
انظر (تحذير الساجد) (98 - 99) والحديث دليل على تحريم اتخاذ قبور الانبياء والصالحين عيدا.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في (الاقتضاء) (ص 155 - 156): (ووجه الدلالة أن قبر النبي (ص) أفضل قبر على وجه الارض وقد نهى عن اتخاذه عيدا، فقبر غيره أولى بالنهي كائنا من كان، ثم قرن ذلك بقوله (ص): ولا تتخذوا بيوتكم قبورا) أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم.
قال: فهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهم، نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره (ص)، واستدل بالحديث الذي سمعه من أبيه الحسين عن جده علي.
وهو أعلم بمعناه من غيره، فتبين أن قصده
__________
(1) قام بنشره لاول مرة المكتب الاسلامي بتحقيقنا، فيطلب منه.
(1/220)
أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند غير دخول المسجد، ورأى أن ذلك من الدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا.
وكذلك ابن عمه حسن بن حسن شيخ أهل بيته كره اتخاذه عيدا.
فانظر هذه السنة كيف أن مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول الله (ص) قرب النسب وقرب الدار لانهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا
له أضبط.
والعيد إذا جعل اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وإتيانه للعبادة عنده أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها الله عيدا مثابة للناس، يجتمعون فيها وينتابونها للدعاء والذكر والنسك.
وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها، فلما جاء الاسلام محا الله ذلك كله.
وهذا النوع من الامكنة يدخل فيه قبور الانبياء والصالحين).
ثم قال الشيخ (ص 175 - 181): (ولهذا كره مالك رضي الله عنه وغيره من أهل العلم لاهل المدينة، كلما دخل أحدهم المسجد أن يجبئ فيسلم على قبر النبي (ص) وصاحبيه.
قال: وإنما يكون ذلك لاحدهم إذا قدم.
من سفر، أو أراد سفرا ونحو ذلك، ورخص بعضهم في السلام عليه إذا دخل المسجد للصلاة ونحوها، وأما قصده دائما للصلاة والسلام فما علمت أحدا رخص به، لان ذلك نوع من اتخاذه عيدا..مع أنه قد شرح لنا إذا دخلنا المسجد أن نقول (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (1) كما نقول ذلك في آخر صلاتنا.
قال: فخاف مالك وغيره أن يكون فعل ذلك عند القبر كل ساعة نوعا من اتخاذ القبر.
عيدا.
وأيضا فإن ذلك بدعة، فقد كان المهاجرون والانصار على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم يجيئون إلى المسجد كل يوم لعلمهم رضي الله عنهم بما
__________
() قلت: لم أر هذه الصيغة في شئ من الاحاديث الواردة في آداب الدخول إلى المسجد والخروج منه، وأخذها من مطلق قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم...الحديث أخرجه أبو عوانة في صحيحه (1 / 414) وأبو داود في سننه (رقم 465)، فمما لا يخفى بعده، لا سيما وقد جاءت الصيغة في حديت فاطمة رضي الله عنها بلفظ (السلام على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد).
أخرجه القاضي اسماعيل (82 - 84) وغيره.
وانظر (نزل الابرار) (72).
و (الكلم الطيب (رقم 63 بتحقيقي وضع المكتب الاسلامي).
(1/221)
كان النبي (ص) يكرهه من ذلك وما نهاهم عنه، وانهم يسلمون عليه حين دخول المسجد والخروج منه، وفي التشهد كما كانوا يسلمون عليه كذلك في حياته، وما أحسن ما قال مالك: لن يصلح آخر هذه الامة إلا ما أصلح أولها، ولكن كلما ضعف تمسك الامم بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عوضوا ذلك بما أحدثوه من إلبدع والشرك وغيره لهذا كرهت الامة استلام القبر وتقبيله.
وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه، قال: وقد ذكرنا عن أحمد وغيره أنه أمر من سلم على النبي وصاحبيه ثم أراد أن يدعو أن ينصرف فيستقبل القبلة، وكذلك أنكر ذلك من العلماء المتقدمين كما لك وغيره، ومن المتأخرين مثل أبي الوفاء بن عقيل وأبي الفرج ابن الجوزي، وما أحفظ لاعن صحابي ولا عن تابعي ولا عن إمام معروف أنه استحب قصد شئ من القبور للدعاء عنده، ولا روى أحد في ذلك شيئا، لا عن النبي (ص).
ولا عن أصحابه ولا عن أحد من الائمة المعروفين، وقد صنف الناس في الدعاء وأوقاته وأمكنته وذكروا فيه الاثار، فما ذكر أحد منهم في فضل الدعاء عندها شئ من القبور حرفا واحدا فيما أعلم، فكيف يجوز والحالة هذه أن يكون الدعاء عندها أجوب وأفضل، والسلف تنكره ولا تعرفه وتنهى عنه ولا تأمر به!؟ قال: وقد أوجب اعتقاد استجابة الدعاء عندها وفضله أن تنتاب لذلك وتقصد، وربما اجتمع عندها اجتماعات كثيرة في مواسم معينة.
وهذا بعينه هو الذي نهى عنه النبي (ص) بقوله: (لا تتخذوا قبري عيدا).
قال: حتي إن بعض القبور يجتمع عندها في يوم من السنة، ويسافر إليها إما في المحرم أو رجب أو شعبان أو ذي الحجة أو غيرها.
وبعضها يجتمع عندها في يوم عاشوراء، وبعضها في يوم عرفة، وبعضها في النصف من شعبان.
وبعضها في وقت آخر.
بحيث يكون لها يوم من السنة تقصد فيه.
ويجتمع عندها فيه.
كما تقصد عرفة ومزدلفة ومنى في أيام معلومة من السنة، وكما يقصد مصلى المصر
يوم العيدين.
بل ربما كان الاهتمام بهذه الاجتماعات في الدين والدنيا أهم وأشد ومنها ما يسافر إليه من الامصار في وقت معين، أو وقت غير معين لقصد الدعاء عنده والعبادة هناك، كما يقصد بيت الله الحرام لذلك وهذا السفر لا أعلم بين المسلمين خلافا في النهي عنه.
قال:
(1/222)
ومنها ما يقصد الاجتماع عنده في يوم معين من الاسبوع.
وفي الجملة هذا الذي يفعل عند هذه القبور هو بعينه الذي نهى عنه رسول الله (ص) بقوله: (لا تتخذوا قبري عيدا) فإن اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين عائد بعود السنة أو الشهر أو الاسبوع هو بعينه معنى العيد، ثم ينهى عن دق ذلك وجله، وهذا هو الذي تقدم عن الامام أحمد إنكاره.
قالت (يعني أحمد): وقد أفرط الناس في هذا جدا وأكثروا.
وذكر ما يفعل عند قبر الحسين.
ثم قال الشيخ: ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها.
وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال: إنه قبر علي رضي الله عنه، وقبر الحسين وحذيفة بن اليمان و...و...وما يفعل عند قبر أبي يزيد البسطامي إلى قبور كثيرة في أكثر بلاد الاسلام لا يمكن حصرها.
قال: واعتياد قصد هذه القبور في وقت معين، والاجتماع العام عندها في وقت معين هو أتخاذها عيدا كما تقدم ولا أعلم بين المسلمين أهل العلم في ذلك خلافا.
ولا يغتر بكثرة العادات الفاسدة فإن هذا من التشبه بأهل الكتابين الذي أخبرنا النبي (ص) أنه كائن في هذه الامة.
وأصل ذلك إنما هو اعتقاد فضل الدعاء عندها، وإلا فلو لم يقم هذا الاعتقاد في القلوب لا نمحى ذلك كله.
فإذا كان قصدها يجر هذه المفاسد كان حراما كالصلاة عندها وأولى، وكان ذلك فتنة للخلق، وفتحا لباب الشرك، وإغلاقا لباب الايمان).
قلت.
ومما يدخل في ذلك دخولا أوليا ما هو مشاهد اليوم في المدينة المنورة، من
قصد الناس دبر كل صلاة مكتوبة في قبر النبي (ص): للسلام عليه والدعاء عنده وبه، ويرفعون أصواتهم لديه، حتى ليضج المسجد بهم، ولا سيما في موسم الحج حتى لكأن ذلك من سنن الصلاة! بل إنهم ليحافظون عليه أكثر من محافظتهم على السنن وكل ذلك يقع من مرأى ومسمع من ولاة الامر، ولا أحد منهم ينكر، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ووا أسفاء على غربة الدين وأهله، وفي مسجد النبي (ص) الذي ينبغي أن يكون أبعد المساجد بعد المسجد الحرام عما يخالف شريعته عليه الصلاة والسلام.
هذا، وقد سبق في كلام شيخ الاسلام ابن تيمية أن بعض أهل العلم رخص في إتيان القبر الشريف للسلام عليه إذا دخل المسجد للصلاة ونحوها.
وكأن ذلك يفيد
(1/223)
عدم الاكثار والتكرار بدليل قوله عقب ذلك: (وأما قصده دائما للصلاة والسلام فما علمت أحدا رخص فيه).
قلت: وهذا الترخيص الذي نقله الشيخ عن بعض أهل العلم هو الذي رواه ونعتمد عليه بشرط القيد المذكور، فيجوز لمن بالمدينة إتيان القبر الشريف للسلام عليه (ص)، أحيانا، لان ذلك ليس، من اتخاذه عيدا كما هو ظاهر، والسلام عليه وعلى صاحبيه مشروع بالادلة العامة، فلا يجوز نفي المشروعية مطلقا لنهيه (ص) عن اتخاذ قبره عيدا، لامكان الجمع بملاحظة الشرط الذي ذكرنا، ولا يخرج عليه أننا لا نعلم أن أحدا من السلف كان يفعل ذلك، لان عدم العلم بالشئ لا يستلزم العلم بعدمه كما يقول العلماء، ففي مثل هذا يكفي لاثبات مشروعته الادلة العامة مادام أنه لا يثبت ما يعارضها فيما نحن فيه.
على أن شيخ الاسلام قد ذكر في (القاعدة الجليلة) (ص 80 طبع المنار) عن نافع أنه قال: كان ابن عمر يسلم على القبر، رأيته مائة مرة أو أكثر يجيئ إلى القبر فيقول: السلام على النبي (ص)، السلام على أبي بكر، السلام على أبي، ثم ينصرف فان ظاهره أنه كان يفعل ذلك في حالة الاقامة لا السفر، لان قوله (مائة مرة)، مما يبعد
حمل هذا الائر على حالة السفر..11 - السفر إليها: وفيه أحاديث: ااأول: عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول (ص) ومسجد الاقصى).
وفي رواية عنه بلفظ: (إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء).
أخرجه البخاري باللفظ الاول، ومسلم باللفظ الاخر من طريق ثان عنه، وأخرجه من الطريق الاول أصحاب السنن وغيرهم.
(1/224)
وله طريق ثالث عند أحمد (2 / 501) والدارمي (1 / 330) وقد خرجت الحديث مبسوطا في (الثمر المستطاب).
الثاني: عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله (ص) يقول: (لا تشد (وفي لفظ: لا تشدوا) الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الاقصى).
أخرجه الشيخان وغيرهما، وله عنه أربعة طرق أوردتها في المصدر السابق واللفظ الاخر لمسلم.
والطريق الرابعة: يرويها شهر بن حوشب، وعنه اثنان: أحدهما: ليث بن أبي سليم عنه قال: (لقينا أبا سعيد ونحن نريد الطور، فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: لا تعمل المطي إلا...) الحديث.
والاخر: عبد الحميد بن بهرام عنه قال: (سمعت أبا سعيد الخدري وذكرت عنده صلاة الطور، فقال: قال رسول الله (ص): لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام).
الحديث.
أخرجهما أحمد (3 / 93، 64).
وشهر ضعيف، وقد تفرد بهذه الزيادة (إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة) فهي منكرة لعدم ورودها في الطرق الاخرى عن أبي سعيد، حتى ولا في طريق ليث عن شهر، وكذلك لم ترد في الاحاديث الاخرى، وهي ثمانية وغالبها لها أكثر من طريق واحد، وقد سقتها كلها في (الثمر المستطاب) فعدم ورود هذه الزيادة في شئ من هذه الاحاديث على كثرتها وتعدد مخارجها لاكبر دليل على نكارة الزيادة وبطلانها.
فهي من أوهام شهر بن حوشب أو الراوي عنه عبد الحميد، فإن فيه بعض الضعف من قبل حفظه، وقال الحافظ في ترجمة شهر من (التقريب): (صدوق كثير الاوهام).
(1/225)
الثالث: عن أبي بصرة الغفاري أنه لقي أبا هريرة وهو جاء، فقال: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من الطور، صليت فيه، قال: أما إني لو أدركتك لم تذهب، إني سمعت رسول الله (ص) يقول: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الاقصى).
أخرجه الطيالسي (1348) وأحمد (6 / 7) والسياق له، وإسناده صحيح.
وله عند أحمد طريقان آخران، إسناد الاول منهما حسن، والاخر صحيح.
وأخرجه مالك والنسائي والترمذي وصححه من الطريق الثالث، إلا أن أحد الرواة أخطأ في سنده فجعله من مسند بصرة بن أبي بصرة.
وفي متنه حيث قال: (لاتعمل
المطي).
الرابع: عن قزعة قال: (أردت الخروج إلى الطور فسألت ابن عمر، فقال: أما علمت أن النبي (ص) قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد النبي (ص) والمسجد الاقصى)، ودع عنك الطور فلا تأته).
أخرجه الازرقي (في أخبار مكة) (ص 304) بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيح، وأورد المرفوع منه الهيثمي في (المجمع) (4 / 4) وقال: (رواه الطبراني في الكبير والاوسط ورجاله ثقات).
وفي هذه الاحاديث تحريم السفر إلي موضع من المواضع المباركة، مثل مقابر الانبباء والصالحين، وهي وإن كانت بلفظ النفي (لا تشد)، فالمراد النهي كما قال الحافظ، على وزن قوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)، وهو كما قال الطيبي: (هو أبلغ من صريح النهي، كأنه قال: لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به).
(1/226)
قلت: ومما يشهد لكون النفي هنا بمعنى النهي رواية لمسلم في الحديث الثاني: (لا تشدوا).
ثم قال الحافظ: (قوله: (إلا إلى ثلاثة مساجد)، الاستثناء مفرغ، والتقدير لا تشد الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها، لان المستثنى منه في المفرغ مقدر بأعم العام، ولكن يمكن أن يكون المراد بالعموم هنا المخصوص، وهو المسجد).
قلت: وهذا الاحتمال ضعيف، والصواب التقدير الاول.
لما تقدم في حديث أبي بصرة وابن عمر من أنكار السفر إلى الطور.
ويأتى بيانه، ثم قال الحافظ:
(وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد، ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الانبياء، ولان الاول، قبلة الناس، وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الامم السالفة، والثالث أسس على التقوى.
(قال
واختلف في شد الرحال إلى غيرها كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتا، وإلى المواضع الفاضلة، لقصد التبرك بها، والصلاة فيها، فقال الشيخ أبو محمد الجويني (1) (يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر الحديث)، وأشار القاضي حسين إلى اختياره، وبه قال عياض وطائفة، ويدل عليه ما رواه أصحاب السنن من إنكار أبي بصرة الغفاري على أبي هريرة خروجه إلى الطور، وقال له: (لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت)، واستدل بهذا الحديث، فدل على أنه يرى حمل الحديث على عمومه، ووافته أبو هريرة.
والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم، وأجابوا عن الحديث بأجوبة: 1 - منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي شد الرحال إلى هذه المساجد بخلاف غيرها فإنه جائز، وقد وقع في رواية لاحمد سيأتي ذكرها بلفظ: (لا ينبغي للمطي أن تعمل) وهو لفظ ظاهر في غير التحريم.
__________
(1) هو عبد الله بن يوسف شيخ الشافعية ووالد إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله، كان إماما في التفسير والفقه والادب.
مات سنة (438).
(1/227)
2 - ومنها أن النهي مخصوص بمن نذر على نفسه الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة، فإنه لا يجب الوفاء به.
قاله ابن بطال.
3 - ومنها أن المراد حكم المساجد فقط، وأنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح أو قريب أو صاحب،
أو طلب عالم أو تجارة أو نزهة، فلا يدخل في النهي، ويؤيده ما روى أحمد من طريق شهر بن حوشب قال: سمعت أبا سعيد - وذكرت عنده الصلاة في الطور - فقال: قال رسول الله (ص): (لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام، والمسجد الاقصى، ومسجدي).
وشهر حسن الحديث، وإن كان فيه بعض الضعف).
قلت: لقد تساهل الحافظ رحمه الله تعالى في قوله في شهر أنه حسن الحديث.
مع أنه قال فيه في (التقريب): (كثير الاوهام) كما سبق، ومن المعلوم أن من كان كذلك فحديثه ضعيف لا يحتج به، كما قرره الحافظ نفسه في (شرح النخبة) ثم هب أنه حسن الحديث، فإنما يكون كذلك عند عدم المخالفة، أما وهو قدخالف جميع الرواة الذين رووا الحديث عن أبي سعيد، والاخرين الذين رووه عن غيره من الصحابة كما تقدم بيانه، فكيف يكون حسن الحديث مع هذه المخالفة!؟ بل هو منكر الحديث في مثل هذه الحالة، دون أي شك أو ريب.
أضف إلى ذلك أن قوله في الحديث (إلى مسجد) مما لم يثبت عن شهر نفسه فقد ذكرها عنه عبد الحميد ولم يذكرها عنه ليث بن أبي سليم، وهذه الرواية عنه أرجح لموافقتها لروايات الثقات كما عرفت.
وأيضا فإن المتأمل في حديثه يجد فيه دليلا آخر على بطلان ذكر هذه الزيادة فيه، وهو قوله: أن أبا سعيد الخدري احتج بالحديث على شهر لذهابه إلى الطور.
فلو كان فيه هذه الزيادة التي تخص حكمه بالمساجد دون سائر المواضع الفاضلة، لما جاز لابي سعيد رضي الله عنه أن يحتج به عليه، لان الطور ليس مسجدا.
وإنما هو الجبل المقدس الذي كلم الله تعالى موسى عليه، فلا يشمله الحديث لو كانت الزيادة ثابتة فيه.
ولكان استدلال أبي سعيد به والحالة هذه وهما، لا يعقل أن يسكت عنه شهر ومن كان معه.
فكل هذا يؤكد بطلان هذه الزيادة ه وأنها لا أصل لها عن رسول الله (ص)
(1/228)
فثبت مما تقدم أنه لا دليل يخصص الحديث بالمساجد، فالواجب البقاء على عمومه الذي ذهب إليه أبو محمد الجويني ومن ذكر معه.
وهو الحق.
بقي علينا الجواب على جوابهم الاول والثاني، فأقول: 1 - إن هذا الجواب ساقط من وجهين: الاول: أن اللفظ الذي احتجوا به (لا ينبغي..) غير ثابث في الحديث لانه تفرد به شهر وهو ضعيف كما سبق بيانه.
الثاني: هب أنه لفظ ثابت، فلا نسلم أنه ظاهر في غير التحريم، بل العكس هو الصواب، والادلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة، أجتزئ ببعضها: أ - قوله تعالى: (قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء) [ الفرقان: 18 ] ب - قوله (ص): (لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار).
رواه أبو داود (2675) من حديث ابن مسعود، والدارمي (2 / 222) من حديث أبي هريرة.
ج - (لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا).
رواه مسلم.
د - (إن الصدقة لا تنبغي لال محمد..).
رواه مسلم.
ه - (لا ينبغي لعبد أن يقول: إنه خير من يونس بن متى).
رواه البخاري.
الثالث: هب أنه ظاهر في غير التحريم، فهو يدل على الكراهة، وهم لا يقولون بها، ففي (شرح مسلم) للنووي: (الصحيح عند أصحابنا أنه لا يحرم ولا يكره).
!
(1/229)
فالحديث حجة عليهم على كل حال.
2 - إن هذا الجواب كالذي قبله ساقط الاعتبار، لانه لا دليل على التخصيص، فالواجب البقاء على العموم لا سيما وقد تأيد بفهم الصحابة إلذين روا الحديث أبي بصرة، وأبي هريرة، وابي عمر، وأبي سعيد إن صح عنه - فقد استدلوا جميعا به على المنع من السفر إلى الطور، وهم أدرى بالمراد منه من غيرهم، ولذلك قال الصنعاني في (سبل السلام) (2 / 251): (وذهب الجمهور إلى أن ذلك غير محرم، واستدلوا بما لا ينهض، وتأولوا أحاديث الباب بتأويل بعيدة، ولا ينبغي التأويل إلا بعد أن ينهض على خلاف ما أولوه الدليل) زاد عقبه (فتح العلام) (1 / 310): (ولا دليل، والاحاديث الواردة في الحث على الزيارة النبوية وفضيلتها ليس فيها الامر بشد الرحل إليها، مع أنها كلها ضعاف أو موضوعات، لا يصلح شئ منها للاستدلال، ولم يتفطن أكثر الناس للفرق بين مسألة الزيارة وبين مسألة السفر إليها، فصرفوا حديث الباب عن منطوقه الواضح بلا دليل يدعو إليه).
قلت: وللغفة المشار إليها اتهم الشيخ السبكي عفا الله عنا وعنه شيخ الاسلام ابن تيمية بأنه ينكر زيارة القبر النبوي ولو بدون شد رحل، مع أنه كان من القائلين بها، والذاكرين لفضلها وآدابها، وقد أورد ذلك في غير ما كتاب من كتبه الطيبة (1) وقد تولى بيان هذه الحقيقة، ورد تهمة السبكي العلامة الحافظ محمد بن عبد الهادي في مؤلف كبير أسماه (الصارم المنكى في الرد على السبكي): نقل فيه عن ابن تيمية النصوص الكثيرة في جواز الزيارة بدون السفر إليها.
وأورد فيه الاحاديث الواردة في فضلها، وتكلم عليها مفصلا، وبين ما فيها من ضعف ووضع، وفيه فوائد أخرى كثيرة، فقهية وحديثية وتاريخية، حري بكل طالب علم أن يسعى إلى الاطلاع عليها.
__________
(1) مثل كتابه (مناسك الحج) (3 / 390) من (مجموعة الرسائل الكبرى).
(1/230)
ثم إني النظر السليم يحكم بصحة قول من ذهب إلى أن الحديث على عمومه، لانه إذا كان بمنطوقه يمنع من السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة، مع العلم بأن العبادة في أي مسجد أفضل منها في غير المسجد، وقال (ص): (أحب البقاع إلى الله المساجد) حتى ولو كان ذلك المسجد هو المسجد الذي أسس على التقوى ألا وهو مسجد قباء الذي قال فيه رسول الله (ص): (صلاة في مسجد قباء كعمرة)، إذا كان الامر كذلك فلان يمنع الحديث من السفر إلى غيرها من المواطن أولى وأحرى، لا سيما إذا كان المقصود إنما هو مسجد بني على قبر نبي أو صالح، من أجل الصلاة فيه والتعبد عنده.
وقد علمت لعن من فعل ذلك، فهل يعقل أن يسمح الشارع الحكيم بالسفر إلى مثل ذلك ويمنع من السفر إلى مسجد قباء!؟ والخلاصة: إن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني الشافعي وغيره من تحريم السفر إلى غير المساجد الثلاثة من المواضع الفاضلة، هو الذي يجب المصير إليه، فلا جرم اختاره كبار العلماء المحققين المعروفين باستقلالهم في الفهم، وتعمقهم في الفقه عن الله ورسوله أمثال شيخي الاسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهم الله تعالى، فإن لهم البحوث والكثيرة النافعة في هذه المسألة الهامة، ومن هؤلاء الافاضل الشيخ ولي الله الدهلوي، ومن كلامه في ذلك ما قال في (الحجة البالغة) (1 / 192): (كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها ويتبركون بها، وفيه من التحريف والفساد ما لا يخفى، فسد صلى الله عليه وسلم الفساد، لئلا يلحق غير الشعائر بالشعائر، ولئلا يصير ذريعة لعبادة غير الله، والحق عندي أن القبر، ومحل عبادة ولي من الاولياء والطور كل ذلك سواء في النهي).
ومما يحسن التنبيه عليه في خاتمة هذا البحث أنه لا يدخل في النهي السفر للتجارة وطلب
العلم، فإن السفر إنما هو لطلب تلك الحاجة حيث كانت لا لخصوص المكان، وكذلك السفر لزيارة الاخ في الله فإنه هو المقصود كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية في (الفتاوي) (2 / 186).
12 - إيقاد السرج عندها.
والدليل على ذلك غدة أمور:
(1/231)
أولا: كونه بدعة محدثة لا يعرفها السلف الصالح، وقد قال (ص): (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
رواه النسائي وأبن خزيمه في (صحيحه) بسند صحيح.
ثانيا: أن فيه إضاعة للمال وهو منهي عنه بالنص كما تقدم في المسألة (42 ص 64).
ثالثا: أن فيه تشبها بالمجوس عباد النار، قال ابن حجر الفقيه في (الزواجر) (1 / 134): (صرح أصحابنا بحرمة السراج على القبر وإن قل، حيث لم ينتفع به مقيم ولا زائر، وعللوه بالاسراف وإضاعة المال، والتشبه بالمجوس، فلا يبعد في هذا أن يكون كبيرة).
قلت: ولم يورد بالاضافة إلى ما ذكر من التعليل دليلنا الاول، مع أنه دليل وارد، بل لعله أقوى الادلة، لان الذين يوقدون السرج على القبور إنما يقصدون بذلك التقرب إلى الله تعالى - زعموا، ولا يقصدون الانارة على المقيم أو الزائر، بدليل إيقادهم إياها والشمس طالعة في رابغة النهار! فكان من أجل ذلك بدعة ضلالة.
فإن قيل: فلماذا لم تستدل بالحديث المشهور الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس: (لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج) وجوابي عليه: أن هذا الحديث مع شهرته ضعيف الاسناد، لا تقوم به حجة، وإن تساهل كثير من المصنفين فأوردوه في هذا الباب وسكتوا عن علته، كما فعل ابن حجر
في (الزواجر)، ومن قبله العلامة ابن القيم في (زاد المعاد)، واغتر به جماهير السلفيين وأهل الحديث فاحتجوا به في كتبهم ورسائلهم ومحاضراتهم.
وقد كنت انتقدت ابن القيم من أجل ذلك فيما كنت علقته على كتابه، وبينت علة الحديث مفصلا هناك، ثم في (سلسلة الاحاديث الضعيفة) (رقم 223)، ثم رأيث ابن القيم في (تهذيب السنن) (4 / 342) نقل عن عبد الحق الاشبيلي أن في سند الحديث باذام صاحب الكلبي وهو عندهم ضعيف جدا، وأقره ابن القيم، فالحمد لله على توفيقه.
وأما الجملة الاولى من الحديث فصحيحة لها شاهدان من حديث أبي هريرة وحسان ابن ثابت أوردتهما في المسألة (119 ص 185، 186).
(1/232)
وأما الجملة الثانية فهي صحيحة أيضا متواترة المعنى، وقد ذكرت في هذا الفصل في المسألة السابعة سبعة أحاديث صحيحة تشهد لها.
13 - كسر عظامها.
والدليل عليه قوله (ص): (إن كسر عظم المؤمن ميتا، مثل كسره حيا).
أخرجه أبو داود (2 / 69) وابن ماجه (1 / 492) والطحاوي في (المشكل) (2 / 108) وابن حبان في (صحيحه) (رقم 776 موارد) وابن الجارود في (المنتقى) (ص 551) والدار قطني في سننه (367) والبيهقي (4 / 58) وأحمد (6 / 58، 105، 168، 200، 264) واللفظ له، وأبو نعيم في (الحلية) (7 / 95) والخطيب في (تاريخ بغداد) (12 / 106، 13: 120) من طرق عن عمرة عنها.
قلت: وبعض طرقه صحيح على شرط مسلم، وقواه النووي في (المجموع) (5 / 300)، وقال ابن القطان: (سنده حسن) كما في (المرقاة) (2 / 380).
وله طريقان آخران عن عائشة رضي الله عنها.
الاول: عند أحمد (6 / 100): والاخر: عند الدار قطني (367).
وله شاهد من حديث أم سلمة.
أخرجه ابن ماجه (1) وزاد في آخره: (في الاثم).
لكن إسناده ضعيف، وهي عند الدار قطني في الحديث الاول في بعض طرقه من الوجه الاول.
لكن الظاهر أنها مدرجة في الحديث، فإن في رواية أخرى له بلفظ: (يعني في الاثم).
__________
(1) وعزاه في (الامام) لمسلم ورد عليه كما في (فيض القدير) و (الامام) كتاب عظيم جدا في الاحكام لابن دقيق العيد، قال الذهبي: (ولو كمل تصنيفه وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدا).
(1/233)
فهذا ظاهر في أن هذه الزياذة ليست من الحديث بل هي من تفسير بعض الرواة، ويؤيده رواية لاحمد بلفظ: (قال: يرون أنه في الاثم.
قال عبد الرزاق أظنه قول داود).
قلت: يعني داود بن قيس، وهو شيخ عبد الرزاق فيه.
ومن الظاهر أن هذا التفسير هو المراد من الحديث، وبه جزم الطحاوي وعقد له بابا خاصا في (مشكله)، فليراجعه من شاء.
والحديث دليل على تحريم كسر عظم الميت المؤمن، ولهذا جاء في كتب الحنابلة: (ويحرم قطع شئ من أطراف الميت، وإتلاف ذاته، وإحراقه، ولو أوصى به).
كذا في (كشاف القناع) (2 / 127)، ونحو ذلك في سائر المذاهب بل جزم ابن حجر الفقيه في (الزواجر) (1 / 134) بأنه من الكبائر، قال: (لما علمت من الحديث أنه ككسر عظم الحي) (1)
__________
(1) وبالغت الحنابلة في ذلك حتى قالوا كما في (الكشاف) (2 / 130): (وإن ماتت حامل بمن يرجى حياته حرم شق بطنها من أجل الحمل، مسلمة كانت أو ذمية، لما فيه من هتك حرمة متيقنة، لابقاء حياة موهومة، لان الغالب والظاهر أن الولد لا يعيش، واحتج أحمد على ذلك في رواية أبي داود بما روت عائشة...).
قلت.
: ثم ذكر الحديث ونص أبي داود في (المسائل) (ص 150): (سمعت أحمد سئل عن المرأة تموت والولد يتحرك في بطنها أيشق عنها؟ قال: لا، كسر عظم الميت ككسره حيا).
وعلق عليه السيد محمد رشيد رضا فقال: (والاستدلال به على ترك الجنين الحي في بطن أمه يموت مطلقا فيه غرابة من وجهين: أحدهما: أن شق البطن ليس فيه كسر عظم للميت.
وثانيهما: أن الجنين إذا كان تام الخلق، وأخرج من بطن أمه بشقه فإنه قد يعيش كما وقع مزارا، فههنا إنقاذه، وحفط حياته، مع حفظ كرامة أمه بناء على أن شق البطن ككسر العظم.
ولا شك أن الاول أرجج، على أن شق البطن بمثل هذا السبب لا يعد إهانة للميت كما هو ظاهر في عرف الناس كلهم.
فالصواب قول من يوجب شق البطن وإخراجه إذا رجح الطبيب حياته بعد خروجه، وقد صرح بهذا بعضهم).
وقال في منار السبيل (1 / 178): وان خرج بعضه حيا شق للباقي لتيقن حياته بعد ان كانت متوهمة.
قلت: وما اختاره السيد رحمه الله تعالى هو الاصح عند الاشفعية كما قال النووي (5 / 301) وعزأه لقول أبي حنيفة وأكثر الفقهاء، وهو مذهب ابن حزم (5 / 166 - 167) وهو الحق إن شاء الله تعالى.
(1/234)
ويستفاد من الحديث: 1 - حرمة نبش قبر المسلم لما فيه من تعريض عظامه للكسر، ولذلك كان بعض السلف يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها، قال الامام الشافعي في (الام) (1 / 245):
(أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع! لان أدفن في غيره أحب ألي، إنما هو أحد رجلين، إما ظالم، فلا أحب أن أكون في جواره، وإما صالح فلا أحب أن ينبش في عظامه، قال: وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن).
وقال النووي في (المجموع) (5 / 303) ما مختصره: (ولا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الاصحاب، ويجوز بالاسباب الشرعية كنحو ما سبق (في المسألة 109)، ومختصره: أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه.
ويجوز زرع تلك الارض وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الاصحاب، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والارض.
ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها: قلت: ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات الاسلامية من درس بعض المقابر الاسلامية ونبشها من أجل التنظيم العمراني، دون أي مبالاة بحرمتها، أو اهتمام بالنهي عن وطئها وكسر عظامها ونحو ذلك.
ولا يتوهمن من أحد، أن التنظيم المشار إليه يبرر مثل هذه المخالافت، كلا، فإنه ليس من الضروريات، وإنما هي من الكماليات التي لا يجوز بمثلها إلاعتداء على الاموات، فعلى الاحياء أن ينظموا أمورهم، دون أن يؤذوا موتاهم.
ومن العجائب التي تلفت النظر، أن ترى هذه الحكومات تحترم الاحجار والابنية القائمة على بعض الموتى أكثر من احترامها للاموات أنفسهم.
فإنه لو وقف في طريق التنظيم المزعوم بعض هذه الابنية من القباب أو الكنائس ونحوها تركتها على حالها، وعدلت من أجلها خارطة التنظيم إبقاء عليها، لانهم يعتبرونها من الاثار القديمة!
(1/235)
وأما قبور الموتى أنفسهم فلا تستحق عندهم ذلك التعديل! بل إن بعض تلك الحكومات
لتسعى فيما علمنا - إلى جعل القبور خارج البلدة، والمنع من الدفن في القبور القديمة - وهذه مخالفة أخرى في نظري، لانها تفوت على المسلمين سنة زيارة القبور، لانه ليس من السهل على عامة الناس أن يقطع المسافات الطويلة حتى يتمكن من الوصول إليها، ويقوم بزيارتها والدعاء لها! والحامل على هذه المخالفات - فيما أعتقد - إنما هو التقليد الاعمى لاوروبا المادية الكافرة، التي تريد أن تقضي على كل مظهر من مظاهر الايمان بالاخرة، وكل ما يذكر بها، وليس هو مراعاة القواعد الصحية كما يزعمون، ولو كان ذلك صحيحا لبادروا إلى محاربة الاسباب التي لا يشك عاقل في ضررها مثل بيع الخمور وشربها، والفسق والفجور على اختلاف اشكاله وأسمائه، فعدم اهتمامهم بالقضاء على هذه المفاسد الظاهرة، وسعيهم إلى إزالة كل ما يذكر بالاخرة وإبعادها عن أعينهم أكبر دليل على أن القصد خلاف ما يزعمون ويعلنون، وما تكنه صدورهم أكبر.
2 - أنه لا حرمة لعظام غير المؤمنين، لاضافة العظم إلى المؤمن في قوله: (عظم المؤمن)، فأفاد أن عظم الكافر ليس كذلك، وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ في (الفتح) بقوله: (يستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته) (1) ومن ذلك يعرف الجواب عن السؤال الذي يتردد على ألسنة كثير من الطلاب في كليات الطب، وهو: هل يجوز كسر العظام لفحصها وإجراء التحريات الطبية فيها؟ والجواب: لا يجوز ذلك في عظام المؤمن، ويجوز في غيرها، ويؤيده ما يأتي في المسألة التالية: 129 - ويجوز نبش قبور الكفار، لانه لا حرمة لها كما دل عليه مفهوم الحديث السابق، ويشهد له حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
__________
(1) ذكره في (الفيض) (4 / 551).
(1/236)
(قدم النبي (ص) المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف، فآنام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى بني النجار فجاؤوا متقلدي السيوف كأني أنظر إلى النبي (ص) على راحلته وأبو بكر ردفه، وملا من بني النجار حوله، حتى أتى بفناء أبي أيوب، وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، وكان أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملا من بنى النجار، فقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه قبور المشركين، وخرب ونخل، فأمر النبي (ص) بقبور المشركين فنبشت، ثم بالحرب فسويت، وبالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعل عضاديته الحجارة، وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون، والنبي (ص) معهم، وهو يقول، [ وهو ينقل اللبن: هذا الحمال (1) لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر ] اللهم لا خير إلا خير الاخرة فاغفر للانصار والمهاجرة.
وفي رواية من حديث عائشة رضي الله عنها: اللهم إن الاجر أجر الاخرة فارحم الانصار والمهاجرة).
أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس، والسياق له، والبخاري من حديث عائشة، وما بين القوسين من حديثها، وقد أخرجت الحديثين في (الثمر المستطاب).
قال الحافظ في (الفتح): (وفي الحديث جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع، وجواز نبش القبور الدارسة إذا لم تكن محترمة، وجواز الصلاة في مقابر المشركين بعد نبشها وإخراج ما فيها وجواز بناء المساجد في أماكنها).
__________
(1) بالكسر من الحمل، والذي يحمل من خبير التمر، أي أن هذا في الاخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبة، كأنه جمع حمل (بكسر الميم) أو حمل (بفتح الميم)، ويجوز أن يكون مصدر حمل أو حامل، كما في (النهاية).
(*)
(1/237)
وهذا آخر ما وفق الله تعالى لجمعه من (أحكام الجنائز)، وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك).
دمشق 1 / 7 / 1373 وانتهى تبيضه ظهر الاحد 19 / 4 / 1382 (1) والحمد الله رب العالمين
__________
(1) وجرت المباشرة بطبعه عام 1385 ولكن قدر الله توقف الطبع في إحدى مطابع المكتب الاسلامي مدة ثلاث سنوات وانتهى طبعه في شعبان سنة 1388، والله اسأل ان يكتب السداد والتوفيق لهذا المكتب وصاحبه.
(1/238)
بدع الجنائز
(1/239)
بدع الجنائز وإني تتميما لفائدة الكتاب، رأيت أن أتبعه بفصل خاص ببدع الجنائز، كي يكون المسلم منها على حذر ويسلم له عمله على السنة وحدها، والشاعر الحكيم يقول: عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه وفي حديث حذيفة بن اليمان قال: (كان الناس يسألون رسول الله (ص) عن الخير، وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني).
أخرجه البخاري (13 / 29) وغيره.
ولولا أن الفصل المشار إليه كانت مادته جاهزة عندي، لما اتسع وقتي الان لجمهعا وإلحاقها بالكتاب، ولكنها حاضرة عندي، وهي جزء من مادة واسعة كنت شرعت في
جمعها منذ سنة فأكثر لاؤلف منها كتابا حافلا يجمع مختلف البدع الدينية يصلح أن يكون كالقاموس لها، استخرجتها من عشرات الكتب، وكان قد بقي علي قراءة بضعة كتب أخرى لانصرف بعد ذلك إلى ترتيبها جميعها وتأليفها، ولكني صرفت عنها، فاغتنمت هذه المناسبة واستخرجتها مما عندي من المادة الفصل المذكور، ورتبته على الترتيب الذي في النية أن يكون أصله عليه كما ستراه، وهو أني أنقل البدعة من الكتاب الذي استخرجتها منه بنصه أو معناه، ثم أعقبها بالاشارة إلى رقم الجزء والصفحة منه، فإن لم أعقبها بشئ، فذلك إشارة الى أنها مني، وأدى إليها علمي أنها من البدع، وهي قليلة جدا بالنسبة لمادة الفصل الغزيرة أو الكتاب.
وقبل الشروع في سردها لابد من ذكر القواعد والاسس التي بني عليها هذا الفصل، تبعا للاصل فأقول:
(1/241)
إن البدعة المنصوص على ضلالتها من الشارع هي: أ - كل ما عارض السنة من الاقوال أو الافعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد.
ب - كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله (ص).
ج - كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه، فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي.
د - ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار.
ه - ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه.
و - كل عبادة لم تأت كيفيتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع.
ز - الغلو في العبادة.
ح - كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل المكان أو الزمان أو صفة أو عدد.
وتفصيل القول على هذه الاصول محله الكتاب المستقل إن شاء الله تعالى.
فلنشرع الان في المقصود، فأقول: * * *
(1/242)
قبل الوفاة 1 - اعتقاد بعضهم أن الشياطين يأتون المحتضر على صفة أبويه في زي يهودي ونصراني حتى يعرضوا عليه كل ملة ليضلوه.
(قال ابن حجر الهيتمي في (الفتاوى الحديثية) نقلا عن السيوطي: (لم يرد ذلك)).
2 - وضع المصحف عند رأس المحتضر.
3 - تلقين الميت الاقرار بالنبي وأئمة أهل البيت عليهم السلام (1) 4 - قراءة سورة (يس) على المحتضر.
(انظر المسألة 15).
5 - توجيه المحتضر إلى القبلة.
(أنكره سعيد بن المسيب كما في (المحلى) (5 / 174) ومالك كما في (المدخل) (3 / 229 - 230) ولا يصح فيه حديث.
__________
(1) انظر (مفتاح الكرامة) من كتب الشيعة (1 / 408)
(1/243)
بعد الوفاة 6 - قول الشيعة: (الادمي ينجس بالموت إلا المعصوم (1)، والشهيد ومن وجب قتله فاغتسل قبل قتله فقتل لذلك السبب بعينه) (2) (انظر الحديث الاول من المسألة 31) 7 - إخراج الحائض والنفساء والجنب من عنده! 8 - ترك الشغل ممن حضر خروج روح الميت حتى يمضي عليه سبعة أيام! (المدخل لابن الحاج 3 / 276 - 277).
9 - اعتقاد بعضهم أن روح الميت تحوم حول المكان الذي مات.
10 - إبقاء الشمعة عند الميت ليلة وفاته حتى الصبح.
(المدخل 3 / 236) 11 - وضع غصن أخضر في الغرفة التي مات فيها.
12 - قراءة القرآن عند الميت حتى يباشر بغسله.
13 - تقليم أظافر الميت وحلق عانته.
المدونة للامام مالك (1 / 180) مدخل (3 / 240) 14 - إدخال القطن في دبره وحلقه وأنفه!)))))) 15 - جعل التراب في عيني الميت والقول عند ذلك: (لا يملا عين ابن آدم إلا التراب) (المدخل 3 / 261).
16 - ترك أهل الميت الاكل حتى يفرغوا من دفنه.
(منه 3 / 276) 17 - التزام البكاء حين الغداء والعشاء)))
__________
(1) يعنى أئمة الشيعة فإنهم يعتقدون فيهم العصمة! (2) نقل المصدر لاسبق (1 / 153) إجماع الشيعة عليه! وهو يعارض الحديث المشار إليه.
(1/244)
18 - شق الرجل الثوب على الاب والاخ (1) (انظر الحديث المتقدم في (الفقرة ب، ج) من المسألة 22).
19 - الحزن على الميت سنة كاملة لا يختضب النساء فيها بالحناء ولا يلبسن الثياب الحسان ولا يتحلين، فإذا انقضت السنة عملن ما يعهد منهن من النقش والكتابة الممنوع في الشرع، يفعلن ذلك هن ومن التزمن الحزن معهن ويسمون ذلك ب (فك الحزن) (المدخل 3 / 277).
20 - إعفاء بعضهم عن لحيته حزنا على الميت.
(انظر المسألة 22 (فقرة) و) 21 - قلب الطنافس والسجاجيد وتغطية المرايا والثريات.
22 - ترك الانتفاع بما كان من الماء في البيت في زير أو غيره، ويرون أنه نجس، ويعللون ذلك بأن روح الميت إذا طلعت غطست فيه! (المدخل).
23 - إذا عطس أحدهم على الطعام يقولون له كلم فلانا أو فلانة ممن يجب من الاحياء باسمه - ويعللون ذلك لئلا يلحق بالميت! (منه) 24 - ترك أكل الملوخية والسمك مدة حزنهم على ميتهم.
(منه 3 / 281).
25 - ترك أكل اللحوم والمعلاق المشوية والكبة.
26 - قول المتصوفة: من بكى على هالك خرج عن طريق أهل المعارف! (تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 340 - 342، انظر الاحاديث في المسألة 18).
27 - ترك ثياب الميت بدون غسل إلى اليوم الثالث بزعم أن ذلك يرد عنه عذاب القبر.
(المدخل (3 / 276).
28 - قول بعضهم: إن من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة يكون له عذاب القبر ساعة واحدة، ثم ينقطع عنه العذاب ولا يعود إلى يوم القيامة.
(حكاه الشيخ علي القاري في (شرح الفقه الاكبر) (ص 96) ورده، وانظر الحديث تحت الفقرة (الثالة) من المسألة 25).
__________
(1) هو مذهب الامامية كما في (مفتاح الكرامة) (1 / 509).
(1/245)
29 - قول آخر: المؤمن العاصي ينقطع عنه عذاب القبر يوم الجمعة وليلة الجمعة ولا يعود إليه إلى يوم القيامة.
(1) 30 - الاعلان عن وفاة الميت من على المنائر.
(3 / 245 - 246 من المدخل) وراجع المسألة 22 (فقرة ز) 31 - قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة: الفاتحة على روح فلان.
(انظر المسألة 24)
__________
(1) نقله الشيخ علي القاري في (شرح الفقه الاكبر) (ص 91) ورده بقوله: (إنه باطل) وأوضح منه في البطلان القول الاخر: إن عذاب القبر يرفع عن الكافر يوم الجمعة وشهر رمضان بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم.
حكاه الشيخ أيضا ورده.
(1/246)
غسل الميت 32 - وضع رغيف وكوز ماء في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلاث ليال بعد موته.
(المدخل 3 / 276).
33 - إيقاد السراج أو القنديل في الموضع الذي غسل فيه الميت ثلاث ليال من غروب الشمس إلى طلوعها، وعند بعضهم سبع ليال، وبعضهم يزيد على ذلك ويفعلون مثله في الموضع الذي مات فيه.
(منه) 34 - ذكر الغاسل، ذكرا من الاذكار عند كل عضو يغسله.
(منه 3 / 329).
35 - الجهر بالذكر عند غسل الجنازة وتشييعها.
(الخادمي في (شرح الطريقة المحمدية) (4 / 22).
36 - سدل شعر الميتة من بين ثدييها.
(انظر حديث