(1/61)
فخرجت أسعى إليها، فأدر كتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، قال: فلدمت (1) في صدري، وكانت امرأة جلدة، قالت: إليك لا أرض لك، فقلت: إن رسول صلى الله عليه وسلم عزم عليك، فوقفت، وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لاخي حمزة، فقد بلغي مقتله، فكفنه فيهما، قال: فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة، فإذا إلى جنبه رجل من الانصار قتيل، قد فعل به كما فعل بحمزة، فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين، والانصاري لاكفن له، فقلنا: لحمزة، ثوب، وللانصاري ثوب، فقدر ناهما فكان أحدهما أكبر من الاخر، فأقر عنا بينهما، فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له ".
أخرجه أحمد (1418) والسياق له بسند حسن.
والبيهقي (3 / 401) وسنده صحيح 40 - والمحرم يكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته الناقة: "...وكفنوه في ثوبيه (اللذين أحرم فيهما)..".
وتقدم بتمامه في الفصل (3) فقرة (د)، ص 12 - 13) وهذه الزيادة رواها النسائي وكذا الطبراني في " المعجم الكبير " (ق 165 / 2) مر طريقين عن عمرو بن دينار عن ابن جبير عن ابن عباس.
وهذا سند صحيح.
41 - ويستحب في الكفن أمور: الاول: البياض، لقوله صلى الله عليه وسلم: " البسوا من ثيابكم البياض، فانها خير ثيابكم، وكفنوا فيها ".
أخرجه أبو داود (2 / 176) والترمذي (2 / 132) وصححه، وابن ماجه (1 / 449) والبيهقي (3 / 245) وأحمد (3426)، والضياء في " المختارة " (60 / 229 / 2) وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
__________
(1) أي: ضربت ودفعت
(1/62)
وله شاهد من حديث سمرة بن جندب.
أخرجه النسائي (1 / 268) وابن الجارود (260) والبيهقي (3 / 402 - 403) وغيرهم قلت: وسنده صحيح أيضا كما قال الحاكم والذهبي والحافظ في " فتح الباري " (3 / 105).
الثاني: كونه ثلاثة أثواب، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية، من كرسف، ليس فيهن قميص، ولا عمامة (أدرج فيها إدراجا) ".
أخرجه الستة، وابن الجارود (259) والبيهقي (3 / 399) وأحمد (6 / 40، 93، 118، 165، 192، 203، 221، 231، 264) والزيادة له.
الثالث: أن يكون أحدها ثوب حبرة (1) إذا تيسر، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا توفي أحدكم فوجد شيئا، فليكفن في ثوب حبرة ".
أخرجه أبو داود (2 / 61) ومن طريقه البيهقي (3 / 403) ومن طريق وهب بن منبه عن جابر مرفوعا.
قلت: وهذا سند صحيح عندي، وهو كذلك عند المزي وأما الحافظ فقال في " التلخيص " " من وجد سعة، فليكفن في ثوب حبرة ".
(2)
__________
(1) بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة ما كان من البرود مخططا.
(2) اعلم أنه لا تعارض بين الحديث الاول في " البياض ": " وكفنوا فيها موتا كم ".
لامكان التوفيق بينهما بوجه من وجوه الجمع الكثيرة المعلومة عند العلماء، ويخطر في بالي الان منها وجهان: الاول: أن تكون الحبرة بيضاء مخططة، وهذا إذا كان الكفن ثوبا واحدا، وأما إذا كان أكثر فالجمع أيسر وهو الوجه الاتي.
(1/63)
وسنده صحيح لولا عنعنة أبي الزبير.
الرابع: تبخيرة ثلاثا، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمرتم الميت، فأجمروه ثلاثا ".
أخرجه أحمد (3 / 331) وابن أبي شيبة (4 / 92) وابن حبان في " صحيحه " (752 - موارد) والحاكم (1 / 355) والبيهقي (3 / 405) قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وصححه الووي أيضا في " المجموع " (5 / 196).
وهذا الحكم، لا يشمل المحرم لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته الناقة "...ولا تطيبوه...".
وقد مضى بتمامه مع تخريجه في المسألة (17) فقرة (د) (ص 52 - 53).
42 - ولا يجوز المغالاة في الكفن، ولا الزيادة فيه على الثلاثة لانه خلاف ما كفن لا سيما والحي أولى به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال " (1).
=
__________
الثاني: أن يجعل كفن واحد حبرة، وما بقي أبيض، وبذلك يعمل بالحديثين معا.
وبهذا قال الحنفية، ودليلهم هذا الحديث، وليس هو الحديث الذي عزاه الحافظ لابي داود عن جابر أنه عليه السلام كفن في ثوبين وبرد حبرة.
وقال: إسناده حسن، فإن هذا لم يستدلوا به بل لا وجود له عند أبي داود، بل عنده عن عائشة في حديثها وهو الثاني قالت: أتي بالبر لكنهم ردوه ولم بكفنوه فيه وسنده صحيح.
(1) ويعجبني بهذه المناسبة ما قاله العلامة أبو الطيب في " الروضة الندية " (1 / 165) " وليس تكثير الاكفان والمغالاة في أثمانها بمحمود، فإنه لولا ورود الشرع به لكان من إضاعة المال، لانه لا ينتفع به الميت، ولا يعود نفعه على الحي، ورحم الله أبا بكر الصديق حيث قال: " إن الحي أحق بالجديد "، لما قيل له عند تعيينه لثوب من أبوابه في كفنه: " إن هذا خلق ".
والحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في في سبعة أثواب، منكر تفرد به من وصف بسوء الحفظ فراجعه في " نصب الراية " (2 / 261 - 262).
(1/64)
أخرجه البخاري (3 / 266) ومسلم (5 / 131) وأحمد (4 / 246، 249، 250، 254) من حديث المغيرة بن شعبة.
وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما.
أخرجه مسلم.
43 - والمرأة في ذلك كالرجل، إذا لا دليل على التفريق (1).
__________
(1) وأما حديث ليلى بنت قائف الثقفية في تكفين ابنته (ص) في خمسة أبواب فلا يصح إسناده، لان فيه نوح بن حكيم الثقفي وهو مجهول كما قال الحافظ ابن حجر وغيره وفيه علة أخرى بينها الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 258).
(1/65)
(12) حمل الجنازة واتباعها
43 - ويجب حمل اجنازة واتباعها، وذلك من حق الميت المسلم على المسلمين، وفي ذلك أحاديث، أذكر اثنين منها: الاول: قوله صلى الله عليه وسلم: " حق المسلم (وفي رواية: يجب المسلم على أخيه) خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ".
أخرجه البخاري (3 / 88) والسياق له، ومسلم (7 / 3) بالرواية الثانية وابن ماجه (1 / 439) وابن الجارود (261) وأحمد (2 / 372، 412، 540)، وقال في رواية له: " ست ".
وزاد: " وإذا استنصحك فانصح له "، وهي رواية لمسلم أيضا، أخرجوه كلهم من حديث أبي هريرة.
وفي الباب عن البراء بن عازب عند الشيخين وغيرهما.
الثاني: قوله أيضا: " عودوا المريض، واتبعوا الجنائز، تذكر كم الاخرة ".
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 73) والبخاري في " الادب المفرد " (ص 75) وابن حبان في " صحيحه " (709 - موارد) والطيالسي (1 / 224) وأحمد (3 / 27،
(1/66)
32، 48) والبغوي في " شرح السنة " (1 / 166 / 1) من حديث أبي سعيد الخدري.
قلت: وإسناده حسن.
وله شاهد من حديث عوف بن مالك بدون الجملة الاخيرة.
رواه الطبراني.
راجع " المجمع " (2 / 299).
44 - واتباعها على مرتبتين: الاولى: اتباعها من عند أهلها حتى الصلاة عليها.
والاخرى: اتباعها من عند أهلها حتى يفرغ من دفنها.
وكل منهما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " كنا مقدم النبي صلى الله عليه وسلم (يعني المدينة)، إذا حضر منا الميت آذنا النبي صلى الله عليه وسلم، فحضره واستغفر له، حتى إذا قبض، انصرف النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى يدفن، وربما طال؟؟؟ حيس ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما خشينا مشقة ذلك عليه، قال بعض القوم لبعض: لو كنا لا نؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بأحد حتى يقبض، فإذا قبض آذناه، فلم يكن عليه في ذلك مشقة ولا خبس، ففعلنا ذلك، وكنا نؤذنه بالميت بعد أن يموت، فيأتيه فيصلي عليه، فربما انصرف، وربما مكث حتى يدفن الميت، فكنا على ذلك حينا، ثم قلنا لو لم يشخص النبي صلى الله عليه وسلم، وحملنا جنازتنا إليه حتى يصلي عليه عند بيته لكان ذلك أرفق به، فكان ذلك الامر إلى اليوم ".
أخرجه ابن حبان في صحيحه (753 - مورد) والحاكم (1 / 353 - 364 - 365) وعنه البيهقي (3 / 74) وأحمد (3 / 66) بنحوه، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! وإنما هو صحيح فقط، لان فيه سعيد بن عبيد بن السباق، ولم يخرجا له شيئا.
45 - ولا شك في أن المرتبة الاخرى أفضل من الاولى لقوله صلى الله عليه وسلم: " من شهد الجنازة (من بيتها)، (وفي رواية من ابتع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا) حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهد ها حتى تدفن، (وفي الرواية الاخرى: يفرغ
(1/67)
منها) فله قيراطان (من الاجر)، قيل: (يارسول الله) وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.
(وفي الرواية الاخرى: كل قيراط مثل أحد) ".
أخرجه البخاري (1 / 89 - 90، 3 / 150، 154) ومسلم (3 / 51 - 52) وأبو داود (2 / 63 - 64) والنسائي (1 / 282) والترمذي (2 / 150) وصححه، وابن ماجه (1 / 467 - 468) وابن الجارود (261) والبيهقي (3 / 412 - 413) والطيالسي
(2581) وأحمد (2 / 233، 246، 320، 401، 458، 470، 474 493، 521، 531) من طرق كثيرة عن أبي هريد رضي الله عنه.
والرواية الثانية للبخاري والنسائي وأحمد.
والزيادة الاولى لمسلم وأبي داود وغيرها، والزيادتان الاخريان للنسائي.
وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
الاول عن ثوبان عند مسلم والطيالسي (985) وأحمد (5 / 276 - 277، 282 - 283 - 284 begin_of_the_skype_highlighting 282 - 283 - 284 مجاني end_of_the_skype_highlighting).
الثاني والثالث: عن البراء بن غازب لث: عن البراء بن عازب وعبد الله بن مغفل، عند النسائي وأحمد (4 / 86، 294).
الرابع عن أبي سعيد الخدري.
رواه أحمد (3 / 20، 27، 97) من طريقين عنه.
وله شواهد أخرى ذكرها الحافظ في " الفتح " (3 / 153).
وفي بعض الشواهد عن أبي هريرة زيادات مفيدة لعله من المستحسن ذكرها: " وكان ابن عمر يصلي عليها، ثم ينصرف، فلما بلغه حديث أبي هريرة قال: (أكثر علينا أبو هريرة، (وفي رواية: فتعاظمه))، (فإرسل خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت، وخذ ابن عمر قبضة من حصى المسجد يقلبها في يده حتي رجع إليه الرسول، فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة، فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الارض ثم قال
لقد فرطنا في قراريط كثيرة، (فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: إنه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صفقة
(1/68)
السوق، ولا غرس الودي (1)، إنما كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم لكلمة يعلمنيها، وللقمة يطعمنيها)، (فقال له ابن عمر: أنب يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه) ".
هذه الزيادات كلها لمسلم، إلا الاخيرة، فهي لاحمد (2 / 2 - 3، 387) وكذا سعيد بن منصور بإسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح "، والتي قبلها للطيالسي وسندها صحيح على شرط مسلم، والزيادة الثانية للشيخين، والرواية الثانية فيها للترمذي وأحمد.
والزيادة الاخيرة صريحة بأن ابن عمر رضي الله عنه اتصل عنه اسصل بنفسه بأبي هريرة، ويؤيده ما في رواية لمسلم وغيره بلفظ: فقال ابن عمر: أبا هر انظر ما تحدث عن رسول الله عليه وسلم، فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق به إلى عائشة، فقال لها، يا أم المؤمنين أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكر الحديث)، فقالت: اللهم نعم، فقال أبو هريرة: إنه لم يكن..الخ.
فظاهر هذا كله يخالف رواية أنه أرسل خبابا إلى ابن عمر.
وجمع الحافظ ابن حجر بين الروايتين بأن الرسول لما رجع إلى ابن عمر يخبر عائشة بلغ ذلك أبا هريرة، فمشى إلى ابن عمر فأسمعه ذلك من عائشة مشافهة.
ولابي هريرة رضي الله عنه حديث آخر في فضل شهود الجنازة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: من شهد منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا قال: من أطعم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا، قال صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت هذه الخصال في رجل في يوم إلا دخل الجنة ".
أخرجه مسلم في " صحيحه " (3 / 92، 7 / 110) والبخاري في " الادب المفرد " ص 75 46 - وهذا الفضل في اتباع الجنائز، إنما هو للرجال دون النساء لنهي النبي صلى الله عليه وسلم لهن عن اتباعها، وهو ني تنزيه، فقد قالت أم عطية رضي الله عنها:
__________
(1) بتشديد الياء صغار النخل.
(1/69)
" كنا ننهى (وفي رواية: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا ".
أخرجه البخاري (1 / 328 - 329، 3 / 162) ومسلم (3 / 47) والسياق له، وأبو داود (2 / 63) وابن ماجه (1 / 487) وأحمد (6 / 408، 409) وكذا البيهقي (4 / 77) والاسماعيلي والرواية الاخرى له، وهي رواية للبخاري تعليقا.
" لا تتبع الجنائز، بما يخالف الشريعة، وقد جاء النص فيها على أمرين: رفع الصوت بالبكاء، واتباعها بالبخور، وذلك في وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ".
أخرجه أبو داود (2 / 64) وأحمد (2 / 42 7، 528، 532) من حديث أبي هريرة.
وفي سنده من لم يسم، لكنه يتقوى بشواهده المرفوعة، وبعض الاثار الموقوفة.
أما الشواهد، فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتبع الميت صوت أو نار، قال الهيثمي (3 / 29): " رواه أبو يعلى، وفيه من لاذكر له ".
وعن ابن عمر قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتبع جنازة معها رانة ".
أخرجه ابن ماجه (1 / 479 - 480) وأحمد (5668) من طريقين عن مجاهد عنه.
وهو حسن بمجموع الطريقين.
وعن أبي موسى في النهي عن اتباع الميت بمجمر.
وقد تقدم لفظه في المسألة (1 2) فقرة (ب)، (ص
.
وأما الاثار، فعن عمرو بن العاص أنه قال في وصيته: " فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار ".
أخرجه مسلم (1 / 78) وأحمد (4 / 199).
وعن أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت: " لا تضربوا علي فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمر (وفي رواية: بنار) ".
رواه أحمد وغيره بسند صحيح كما يأتي بعد مسألة، الحديث الثاني.
(1/70)
48 - ويلحق بذلك رفع الصوت بالذكر أمام الجنازة، لانه بدعة، ولقول قيس ابن عباد: " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز ".
أخرجه البيهقي (4 / 74) بسند رجاله ثقات.
ولان فيه تشبها بالنصارى فإنهم يرفعون أصواتهم بشئ من أنا جيلهم وأذكارهم مع التمطيط والتلحين والتحزين (1).
وأقبح من ذلك تشييعها بالعزف على الالات الموسيقية أما مها عزفا حزينا كما يفعل في بعض البلاد الاسلامية تقليدا للكفار.
والله المستعان.
49 - ويجب الاسراع في السيربها، سيرا دون الرمل، وفي ذلك أحاديث: الاول: " أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ".
أخرجه الشيخان، والسياق لمسلم، وأصحاب السنن الاربعة، وصححه الترمذي وأحمد (2 / 240، 280، 488) والبيهقي (4 / 21) من طرق عن أبي هريرة، وله حديث آخر بنحو الاتي.
__________
(1) قال النووي رحمه الله تعالى في " الا ذكر " (ص 203): " واعلم أن الصواب والمختار وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة، فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك.
والحكمة فيه ظاهرة، وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق، ولا تغتر بكثرة من يخالفه، فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه: " إلزم طرق الهدي ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ".
وقد روينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته (يشير إلى قول فيس بن عباد).
وأما ما يفعله الجهلة من القراءة على الجنازة بدمشق وغير ها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن مواضعه فحرام بإجماع العلماء، وقد أو ضحت قبحه وغلظ تحريمه وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب " آداب القراءة ".
والله المستعان ".
(1/71)
الثاني: " إذا وضعت الجنازة، واحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني (قدموني)، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين يذهبون بها!؟ يسمع صوتها كل شئ إلا الانسان، ولو سمعه (ل) صعق ".
أخرجه البخاري (3 / 142) والنسائي (1 / 270) والبيهقي وأحمد (3 / 41، 58) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ويشهد للزيادة الاولى حديث أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت: " لا تضربوا علي فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمر، وأسر عوا بي، فإني سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: " إذا وضع الرجل الصالح على سريره، قال: قدموني..." الحديث نحوه، دون قوله يسمع صوتها...أخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه (764) والبيهقي والطيالسي (رقم 2336) وأحمد (2 / 292، 274، 500) بإسناد صحيح على شرط مسلم.
الثالث: عن عبد الرحمن بن جوشن قال: " كنت في جنازة عبد الرحمن بن سمرة، فجع ل زياد ورجال من مواليه يمشون على أعقابهم أمام السرير، ثم يقولون: رويدا بارك الله فيكم: فلحقهم أبو بكرة في بعض سكك المدينة فحمل عليهم بالبغلة، وشد عليهم بالسوط، وقال: خلوا! والذي أكرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد رأيتنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لنكاد أن نرمل بها رملا ".
أخرجه أبو داود (2 / 65) والنسائي (1 / 271) والطحاوي (1 / 276) والحاكم (1 / 255) والبيهقي (4 / 22) والطيالسي (883) وأحمد (5 / 36 - 38) قال الحاكم:
" صحيح ".
ووافقه الذهبي، ومن قبله النووي في " المجموع " (5 / 272) (1)
__________
(1) وقال فيه (5 / 271): " واتفق العلماء على استحباب الاسراع بالجنازة إلا أن يخاف من الاسراع =
(1/72)
50 - ويجوز المشي أمامها وخلفها، وعن يمينها ويسارها، على أن يكون قريبا منها، إلا الراكب فيسير خلفها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " الراكب (يسير) خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها، (خلفها وأمامها، وعن يمينها، وعن يسارها، قريبا منها)، والطفل يصلى عليه، (ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة) ".
أخرجه أبو داود (2 / 65) والنسائي (1 / 275 - 276) والترمذي (2 / 144) وابن ماجه (1 / 451، 458) والطحاوي (1 / 278) وابن حبان في " صحيحه " (769) والبيهقي (84، 25) والطيالسي (701 - 702) وأحمد (4 / 247، 248 - 249، 249، 252) من حديث المغيرة بن شعبة، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط البخاري ".
ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا.
والسياق للنسائي وأحمد في رواية.
والزيادات الثلاث لابي داود والحاكم والطيالسي، ولاحمد الاوليان منها، وللبيهقي الثالثة.
وقال أبو داود وابن حبان: " السقط " بدل " الطفل " وهو رواية للحاكم والبيهقي وأحمد، وعزاها الحافظ في " التلخيص " (5 / 147) للترمذي أيضا، وهو وهم فإنما لفظه عنده كلفظ الجماعة.
51 - وكل من المشي أمامها وخلفها، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلا، كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه:
=
__________
انفجار الميت أو تغيره ونحوه فيتأتي ".
قلت: ظاهر الامر الوجوب، وبه قال ابن حزم (5 / 154 - 155)، ولم نجد دليلا يصرفه إلى الاستحباب، فوقفنا عنده.
وقا لابن القيم في " زاد المعاد ": " وأما دبيب الناس اليوم خطوة فبدعة مكروهة، مخالفة للسنة، ومتضمنة للتشبه بأهل الكتاب اليهود ".
(1/73)
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها ".
أخرجه الطحاوي (1 / 278) من طريقين عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين (1).
51 - لكن الافضل المشي خلفها، لانه مقتضى قوله صلى الله عليه وسلم: " واتبعو الجنائز "، وما في معنا ه مما تقدم في المسألة (43) أول هذا الفصل.
ويؤيده قول علي رضي الله عنه: " المشي خلفها أفضل من المشي أمامها، كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذا ".
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 101) والطحاوي (1 / 279) والبيهقي (4 / 9 25 وأحمد (754) وكذا ابن حزم في " المحلى " (5 / 165) وسعيد بن منصور من طريقين عنه، قال الحافظ (3 / 143) في أحدهما: " وإسناده حسن، وهو موقوف له حكم المرفوع، لكن حكى الاثرم عن أحمد أنه تكلم في إسناده ".
قلت: لكنه يتقوى بالطريق الاخر (2).
__________
(1) قلت: وأما ما في " الجوهر النقي " (4 / 25): " وفي مصنف عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: " ما مشى رسول الله (ص) حتى مات، إلا خلف الجنازة ".
وهذا سند صحيح على شرط الجماعة ".
فأقول: كيف وهو مرسل: فإن طاووسا تابعي وقد أرسله، والمرسل ليس حجة عندهم، وقد عارضه حديث أنس الصحيح، وأعله الشوكاني (4 / 62) ايضا بالارسال، ولكنه قال: " لم أقف عليه في شئ من كتب الحديث " (2) تنبيه، قال الشوكاني عقب كلمته السابقة: " وحكى في البحر عن الثوري أنه قال: الراكب يمشي خلفها، والماشي أما مها.
ويدل لما قاله حديث المغير ة المقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الراكب خلف الجنازة، والماشي أما مها قريبا منها عن يمينها أو عن يسارها.
أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا مذهب قوي...".
قلت: كلا فإن الحديث بهذا اللفظ رواه أحمد من طريق المبارك بن فضالة، وفيه ضعف وقد زاد غيره فقال: " خلفها وأمامها..." كما تقدمت الاشارة إليها، وقد رواها المبارك أيضا عند الطيالسي، فوجب الاخذ بها، وهي نص في التخيير لا في تفضيل التقدم عليها، ومن الغريب أن هذه الزيادة ذكرها صاحب المنتقى في المكان الذي أشار إليه الشوكاني نفسه بقوله آنفا " المتقدم " ثم هو ذهل عنها.
(1/74)
52 - ويجوز الركوب بشرط أن يسير وراء ها لقوله صلى الله عليه وسلم: " الراكب يسير خلف الجنازة..".
وقد مضى ذلك بتمامه في المسألة (50).
لكن الافضل المشي، لانه المعهور عنه صلى الله عليه وسلم، ولم يرد أنه ركب معها بل قال ثوبان رضي الله عنه: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها، فلما انصرف أتي بدابة فركب، فقيل له؟ فقال: إن الملائكة كانت تمشي فلم أكن لاركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت ".
أخرجه أبو داود (2 / 64 - 65) والحاكم (1 / 355) والبيهقي (4 / 23) وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ".
ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
53 - وأما الركوب بعد الانصراف عنها فجائز، بدون كراهة لحديث ثوبان المذكور آنفا، ومثله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن الدحداح (ونحن شهود)، (وفي رواية: خرج على جنازة ابن الدحداح (ماشيا))، ثم أتي بفرس عري، فعقله رجل فر كبه (حين انصراف)، فجعل يتوقص به (1)، ونحن نتبعه نسعى خلفه، (وفي رواية: حوله) قال: فقال رجل من القوم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كم من عذق معلق أو مدلى في الجنة لابن الدحداح ".
أخرجه مسلم (2 / 60 - 61) والسياق له، وأبو داود (2 / 65) والنسائي (1 / 284) والترمذي (2 / 138) وصححه، والبيهقي (4 / 22 - 23) والطيالسي (760 - 761) وأحمد (5 / 98 - 99، 102) من طرق عن سماك بن حرب عنه.
__________
(1) أي يثب ويقارب الخطو.
(1/75)
والرواية الثانية للنسائي، والزيادة فيها للترمذي في إحدى روايتيه، ومعناها للطيالسي.
والرواية الثالثة لابي داود والترمذي، ولمسلم والبيهقي وأحمد في رواية لهم.
والزيادة الاولى للنسائي والاخرى لابي داود (1).
54 - وأما حمل الجنازة على عربة أو سيارة مخصصة للجنائز، وتشييع المشيعين لها وهم في السيارات، فهذه الصورة لا تشرع البتة، وذلك لامور: الاول: أنها من عادات الكفار، وقد تقرر في الشريعة أنه لا يجوز تقليدهم فيها.
وفي ذلك أحاديث كثيرة جدا، كنت أستوعبتها وخرجتها في كتابي " حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة "، بعضها في الامر والحض على مخالفتهم في عباداتهم وأزيائهم وعاداتهم، وبعضها من فعله صلى الله عليه وسلم في مخالفتهم في ذلك، فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إليه (2).
الثاني: أنها بدعة في عبادة، مع معارضتها للسنة العملية في حمل الجنازة، وكل ماكان كذلك من المحدثات، فهو ضلالة اتفاقا.
الثالث: أنها تفوت الغاية من حملها وتشييعها، وهي تذكر الاخرة، كما نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم في أول هذا الفصل بلفظ:
__________
(1) وهي نص في أنه صلى الله عليه وسلم ركب انصرافه من الجنازة، وقد خفي هذا على أبي الطيب صديق حسن خان فاستدل في " الروضة " (1 / 173) على أن المشبع للجنازة مخير بين أن يمشي أمامها أو خلفها بهذا الحديث فقال: إن الصحابة كانوا يمشون حول جنازة ابن الدحداح! وهذا خطأ من وجهين: الاول: أنه ليس في الحديث ما ذكره، بل هو صريح في أنهم كانوا يمشون حول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تلازم بين الامرين كما هو ظاهر.
الثاني: أن ذلك كاف عند الانصراف من الجنازة كما سبق، ولعل سبب الوهم رواية عمربن موسى بن الوجيه عن سماك به بلفظ: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جنازة ثابت بن الدحداح على فرص أغر محجل تحته، ليس عليه سرج، مع الناس وهم حوله قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم جلس حتى فرغ منه، ثم قام فقعد على فرسه ثم انطلق يسير حوله الرجال ".
أخرجه أحمد (5 / 99)، فهذا صريح في الركوب أثناء تشييعها أيضا، ولكنه بهذا السياق باطل لان عمر ابن موسى هذا كان يضع الحديث فلا يحتج به عند الموافقة فكيف عند المخالفة! (2) وقد قام بطبعه " المكتب الاسلامي " ثانية، وفيها إضافات لم ترد في الطبعة السابقة.
(1/76)
"...واتبعوا الجنائز تذكركم الاخرة ".
أقول: إن تشييعها على تلك الصورة مما يفوت على الناس هذه الغاية الشريفة تفويتا كاملا أو دون ذلك، فإنه ممالا يخفى على البصير أن حمل الميت على الاعناق، ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم، أبلغ في تحقيق التذكر والاتعاظ من تشييعها على
الصورد المذكورة، ولا أكون مبالغا إذا قلت: إن الذي حمل الاوربيين عليها إنما هو خوفهم من الموت وكل ما يذكر به، بسبب تغلب المادة عليهم، وكفرهم بالاخرة! الرابع: أنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الاجر الذي سبق ذكره في المسألة (45) من هذا الفصل، ذلك لانه لايستطيع كل أحد أن يستأجر سيارة ليشيعها " الخامس: أن هذه الصورة لا تتفق من قريب ولامن بعيد مع ما عرف عن الشريعة المطهرة السمحة من البعد عن الشكليات والرسميات، لا سيما في مثل هذا الامر الخطير: الموت! والحق أقول: إنه لو لم يكن في هذه البدعة إلا هذه المخالفة، لكفى ذلك في ردها فكيف إذا انضم إليها ما سبق بيانه من المخالفات والمفاسد وغير ذلك مما لا أذكره! 55 - والقيام لها منسوخ، وهو على نوعين: أ - قيام الجالس إذا مرت به.
ب - وقيام المشيع لها عند انتهائها إلى القبر حتى توضع على الارض.
والدليل على ذلك حديث علي رضي الله عنه، وله ألفاظ: الاول: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم للجنازة فقمنا، ثم جلس فجلسنا ".
أخرجه مسلم (3 / 59) وابن ماجه (1 / 468) والطحاوي (1 / 383) والطيالسي (150) وأحمد رقم (631، 1094، 1167).
الثاني: " كان يقوم في الجنائز، ثم جلس بعد ".
رواه مالك (1 / 332) وعنه الشافعي في " الام " (1 / 247) وأبو داود (2 / 64).
الثالث: من طريق واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال:
(1/77)
" شهدت جنازة في بني سلمة، فقمت، فقال لي نافع بن جبير: اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت، ثنى مسعود بن الحكم الزرقي أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه
برحبة الكوفة وهو يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا بالجلوس ".
أخرجه الشافعي وأحمد (627) والطحاوي (1 / 282) وابن حبان في " صحيحه " هذا الوجه بلفظ آخر وهو.
الرابع: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجنائز حتى توضع، وقام الناس معه، ثم قعد بعد ذلك، وأمر هم بالقعود ".
الخامس: من طريق اسماعيل بن مسعود (1) بن الحكم الزرقي عن أبيه قال: " شهدت جنازة بالعراق، فرأيت رجالا قياما نيتظرون أن توضع، ورأيت علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يشير إليهم أن اجلسوا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالجلوس بعد القيام " (2).
أخرجه الطحاوي (1 / 282) بسند حسن.
56 - ويستحب لمن حملها أن يتوضأ، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ ".
وهو حديث صحيح، كما تقدم بيانه في المسألة (31).
__________
(1) وقع في الاصل " اسماعيل بن الحكم بن مسعود " والصواب ما أثبت، وكأنه انقلب على الطابع، أو بعض النساخ.
(2) قلت: هذا اللفظ والذي قبله صريحان في أن القيام لها حتى توضع داخل في النهي، وأنه منسوخ، فقول صديق حسن خان في " الروضة " (1 / 176) بعد أن قرر منسوخية القيام لها إذا مرت: " وأما قيام الناس خلفها حتى توضع على حتى توضع على الارض فمحكم لم ينسخ ".
فهذا خطأ بين، لمخالفته لما ذكرنا من اللفظين، والظاهر أنه لم يقف عليهما.
(1/78)
(13)
الصلاة على الجنازة 57 - والصلاة على الميت المسلم فرض كفاية، لامره صلى الله عليه وسلم بها في أحاديث أذكر منها حديث زيد بن خالد الجهني: " أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " صلوا على صاحبكم "، فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: " إن صاحبكم غل في سبيل الله "، ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين! ".
أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 14) وأبو داود (1 / 425) والنسائي (1 / 278) وابن ماجه (2 / 197) وأحمد (4 / 114 - 5 / 192) بإسناد صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرطهما "، وفيه نظر بينته في " التعليقات الجياد على زاد المعاد ".
وفي الباب عن أبي قتادة ويأتي حديثه في المسألة الاية ص 82 وعن أبي هريرة فيها، ص 84 58 - ويستثنى من ذلك شخصان فلا تجب الصلاة عليهما: الاول: الطفل الذي لم يبلغ، لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه ابراهيم عليه السلام، قالت عائشة رضي الله عنها: " مات ابراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا، فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
(1/79)
أخرجه أبو داود (2 / 166) ومن طريقه حزم (5 / 158) وأحمد (6 / 267) وإسناده حسن، كما قال الحافظ في " الاصابة "، وقال ابن حزم: " هذا خبر صحيح "! (1).
الثاني: الشهيد، لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد وغيرهم، وفي ذلك ثلاثة أحاديث سبق ذكرها في المسألة (32)، (ص 5 2).
ولكن ذلك لا ينفي مشروعية الصلاة عليهما بدون وجوب كما يأتي من الاحاديث فيهما في المسألة التالية: 59 - وتشرع الصلاة على من يأتي ذكرهم: الاول: الطفل، ولو كان سقطا (وهو الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه) وفي ذلك حديثان: 1 - "...والطفل (وفي رواية: السقط) يصلى عليه، ويد عى لوالديه بالمغفرة والرحمة ".
رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح، وقد سبق بتمامه في المسألة (50) 2 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي من صبيان الانصار، فصلى عليه، قالت عائشة: فقلت: طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل سوة، ولم يدركه.
قال: أو غير ذلك
__________
(1) قلت: والصواب ما قاله الحافظ، فقد ذكر ابن القيم في " زاد المعاد " (1 / 203) عن الامام أحمد أنه قال: " هذا حديث منكر "، ولعله يعني " حديث فرد " فإن هذا منقول عنه في بعض الاحاديث المعروفة الصحة.
واعلم أنه لا يخدج في ثبوت الحديث أنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى على ابنه ابراهيم.
لان ذلك لم يصح عنه وإن جاء من طرق، فهي كلها معلولة اما بالارسال، وإما بالضعف الشديد، كما تراه مفصلا في " نصب الراية " (2 / 279 - 280)، وقد روى أحمد (3 / 281) عن أنس أنه سئل: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه ابراهيم؟ قال: لا أدري.
وسنده صحيح.
ولو كان صلى عليه، لم يخف ذلك على أنس إن شاء الله، وقد خدمه عشر سنين.
(1/80)
يا عائشة؟ خلق الله عزوجل الجنة، وخلق لها أهلا، وخلقهم، في أصلاب آبائهم.
وخلق النار وخلق لها أهلا، وخلقهم في أصلاب آبائهم " (1) أخرجه مسلم (8 / 55) والنسائي (276 9 1) وأحمد (6 / 208) واللفظا للنسائي،
وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير شيخه عمرو بن منصور، وهو ثقة ثبت.
والظاهر أن السقط إنما يصلي عليه إذا كان قد نفخت فيه الروح، وذلك إذا استكمل أربعة أشهر، ثم مات، فإما إذا سقط قبل ذلك، لانه ليس بميت كما لا يخفى.
وأل ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: " أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين، يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملكا...ينفخ فيه الروح ".
متفق عليه.
واشترط بعضهم أن يسقط حيا، لحديث: " إذا استهل السقط صلي عليه وورث ".
ولكنه حديث ضعيف لا يحتج به، كما بينه العلماء (2).
الثاني: الشهيد، وفيه إحاديث كثيرة، أكتفي بذكر بعضها 1 - عن شداد بن الهاد:
__________
(1) قا لا لنووي رحمه الله تعالى: " أجمع من يعتقد بن من علماء المسلمين على أن من ما من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة، والجواب عن هذا لاحديث أنه لعله نهاها عن المسارعة إل يالقطع من غير دليل، أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة ".
وأجاب السندي في حاشيته على النسائي بجواب آخر خلاصته: أنه إنما أنكر عليها الجزم بالجنة لطفل معين.
قال: ولا يصبح الجزم في مخصوص لان إيمان الأبوين تحقيقا غيب، وهو المناط عند الله تعالى.
(2) انظر " نصب الراية " (2 / 277) و " التلخيص " (5 / 146 - 147) و " المجموع " (5 / 255)، وكتابي " نقد التاج الجامع للاصول الخمسة " (رقم 293)، وإنما صح الحديث بدون ذكر الصلاة فيه، كما حققته في " إرواء الغليل " (1704) يسر الله طبعه.
(1/81)
" أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم آمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك..فلبثوا قليلا، ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم "..ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته، ثم قدمه فصلى عليه..".
أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح، وقد مضى بتمامه المسألة (39) (ص 61).
2 - عن عبد الله الزبير: " أن رسول الله صلى اله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجي ببردة، ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى يصفون، ويصلي عليهم.
وعليه معهم ".
أخرجه الطحاوي في " معاني الآثار " (1 / 290) وإسناده حسن.
رجاله كلهم ثقات معروفون، وابي اسحاق قد صرح بالحديث.
وله شواهد كثيرة ذكرت بعضها في " التعليقات الجياد " في المسألة (75).
3 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحمزة وقد مثل به وأيضا، على أحد من الشهداء غيره.
يعني شهداء أحد ".
(1) أخرجه أبو داود بسند حسن، وهو مختصر حديثه المتقدم المسألة (37).
(ص 57 - 58).
4 - عن عقبة بن عامر الجهني: " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت [ بعد ثمان سنين ] [ كالمودع للأحياء والأموات ]، ثم انصرف إلى المنبر [ فحمد الله وأثنى ] عليه! فقال: إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، [ وإن موعدكم الحوض ] وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، [ وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة ]، - وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض واني والله ما أخاف عليكم أن وتشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم [ الدنيا ] أن تتنافسوا فيها [ وتقتتلوا فتهلكوا هلك من كان قبلكم ]
__________
(1) لعله يعني الصلاة على غيره استقلالا، فلا ينبغي الصلاة على غيره مقرونا معه كما في الحديث الذي قبله، ولا يعارض هذان الحديثان بحديث جابر المتقدم أنه صلى الله عليه وسلم لم بصل على شهداء أحد لأنه ناف، والمثبت مقدم على المنافي، وانظر التفصيل في " نيل الأوطار ".
(1/82)
قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ".
أخرجه البخاري (3 / 64 - 7 / 279 - 280 و 302) ومسلم (7 / 67) وأحمد (4 149، 153، 154)، والسياق للبخاري، والزيادة الأولى والثانية والسادسة والسابعة له، ولمسلم الثانية والخامسة وما وراءها ولأحمد الأولى إلى الرابعة.
رواه البيهقي (4 / 14) وعنده الزيادات كلها إلا الثالثة والخامسة.
وأخرجه الطحاوي (1 / 290) وكذا النسائي (1 / 277) والدارقطني (ص 197) مختصرا، وعند الدارقطني الزيادة الأولى (1) الثالث: من قتل في حد من حدود الله، لحديث عمران بن حصين " أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى، فقالت: يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي، فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها، فقال: أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها، ففعل، فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جاءت بنفسها لله تعالى؟ " أخرجه مسلم (5 / 121) وأبو داود (2 / 233) والنسائي (1 / 278) والترمذي (2 / 325) وصححه، والدارمي (2 / 180) والبيهقي (4 / 18 و 19).
ورواه ابن ماجه (2 / 116 و 117) مختصرا الرابع: الفاجر المنعث في المعامي والمحارم، مثل تارك الصلاة والزكاة مع اعترافه بوجوبهما، والزاني ومدمن الخمر، ونحوهم من الفساق فإنه يصلي عليهم، إلا أنه ينبغي لأهل العلم والدين أن يدعوا الصلاة عليهم، عقوبة وتأديبا لأمثالهم، كما فعل
النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي ذلك أحاديث:
__________
(1) قد يقول قائل: لقد ثبت في هذه الأحاديث مشروعية الصلاة على الشهداء، والأصل أنها واجبة فلماذا لا يقال بالوجوب! قلت: لما سبق ذكره في المسألة (58).
ونزيد علي ذلك هنا فنقول: لقد استشهد كثير من الصحابة في غزوة بدر وغيرها، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى عليهم ولو فعل لنقلوه عنه.
فدل ذلك أن الصلات عليهم غير واجبة.
ولذلك قال ابن القيم في " تهذيب السنن " (4 / 295): (والصواب في المسألة أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها لمجئ.
الاثار بكل واحد من الأمرين وهذا إحدى الروايات عن الامام أحمد، وهي الأليق بأصوله ومذهبه " قلت: ولاشك أن الصلاة عليهم أفضل من الترك إذا تيسرت لأنها دعاء وعبادة.
(1/83)
1 - عن أبن قتادة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي لجنازة سأل عنها، فان أثني عليها خير قام فصلى عليها، وإن أثني عليها غير ذلك قال لأهلها شأنكم بها، ولم يصل عليها " أخرجه أحمد (5 / 399، 300، 301) والحاكم (1 / 364) وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، وواففه الذهبي.
وهو كما قالا.
2 - عن جابر بن سمرة قال " مرض رجل، فصيح عليه، فجاء جاره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد مات، قال: وما يدريك؟ قال: أنا رأيته، قال رسول الله: إنه لم يمت، قال: فرجع فصيح عليه، فقالت امرأته، انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأخبره فقال الرجل: اللهم العنه! قال: ثم انطلق الرجل فرآه قد نحر نفسه بمشقص، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه مات، فقال ما يدريك؟ قال: رأيته ينحر نفسه بمشقص معه! قال: أنت رأيته؟ قال: نعم، قال: إذا لا أصلي عليه.
أخرجه بهذا التمام أبو داود (2 / 65) باسناد صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه.
سملم (3 / 66) مختصرا، وكذا النسائي (1 / 279) والترمذي (2 / 161) وابن ماجه (1 / 465) والحاكم (1 / 364) والبيهقي (4 / 19) والطيالسي (779) وأحمد (5 / 87 و 91 و 92 و 96 94 - 97 و 102 و 107) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن، وقد اختلف أهل العلم في هذا زرارة فقال بعضهم: يصلي على كل من صلى للقبلة، وعلى قاتل النفس وهو قول سفيان الثوري وإسحاق " وقال أحمد: لا يصلي الامام على قاتل النفس، ويصلي عليه غير الامام " وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في " الاختيارات " (ص 52): " ومن امتنع من الصلاة على أحدهم (يعني القاتل والناس والمدين الذي ليس له وفاء) زجرا لأمثاله عن مثل فعله كان حسنا، ولو امتنع في الظاهر، ودعا له في الباطن، ليجمع بين المصلحتين كان أولى من تفويت إحداهما ".
(1/84)
3 - عن زيد بن خالد في حديث امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال وقوله لأصحابه: " صلوا على صاحبكم..إن صاحبكم غل في سبيل الله!.
أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح على ما سبق بيانه عند المسألة (57).
الخامس: المدين الذي لم يترك من المال ما يقضي به دينه فإنه يصلى عليه، وإنما ترك رسول الله صلي الله عليه وسلم الصلاة عليه في أول الأمر، وفيه أحاديث: 1 - عن سلمة بن الأكوع قال: " كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازة فقالوا: صل عليها، فقال: هل عليه دين؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئا؟ قالوا: لا، فصلى عليه.
ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا: يارسول الله صل عليها، قال: هل عليه دين؟ قيل: نعم، قال فهل ترك شيئا؟ قالوا: ثلاثة دنانير [ قال: فقال بأصابعه ثلاث كيات ]،
فصلى عليها.
ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليه، قال: هل ترك شيئا؟ قالوا: لا، قال: هل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم، قال [ رجل من الأنصار يقال له، أبو قتادة: صل عليه يارسول الله وعلي دينه ".
أخرجه البخاري (3 / 368، 369 و 374) وأحمد (4 / 47، 50) والزيادة له.
وروى منه النسائي (1 / 278) القصة الثالثة.
2 - عن أبي قتادة رضي الله عنه نحو القصة الثالثة في حديث سلمة في الأكوع وروي الذي قبله، وفيه: " أرأيت إن قضيت عنه أتصلي عليه؟ قال: إن قضيت عنه بالوفاء صليت عليه، قال: فذهب أبو قتادة فقضى عنه، فقال: أوفيت ما عليه؟ قال نعم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ".
أخرجه النسائي (1 / 378) والترمذي (2 / 161) والدارمي (2 / 263) وابن ماجه (2 / 75) وأحمد (5 / 297، 301، 302، 304، 311) والسياق له وإسناده
(1/85)
صحيح على شرط مسلم، وليس عند الآخرين ذهاب أبي قتادة ووفاءه للدين ثم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
3 - عن جابر رضي الله عنه نحوها وزاد في آخره: فلما فتح الله على رسوله قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، ومن ترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته ".
رواه أبو داود (2 / 85) والنسائي (1 / 278) بإسناد صحيح على شرط الشيخين وله طريق أخرى عن جابر بزيادة أخرى، وقد تقدم.
4 - عن أبي هريرة:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين، فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا فلا: قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال:.
أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ في الدنيا والاخرة، إقرؤوا إن شئتم: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ]، فمن توفي وعليه دين [ ولم يترك وفاء ] فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته ".
أخرجه البخاري (4 / 376 - 9 / 425) ومسلم (5 / 62) والنسائي (1 / 379) وابن ماجه (2 / 77) والطيالسي (2338) وأحمد (2 / 399 و 453)، والسياق المسلم، والزيادتان للبخاري، ولأحمد الأولى منهما.
وأخرج منه ما هو من كلامه الترمذي (3 / 178) وصححه، والدارمي (2 / 263) والطيالسي (2524) وأحمد (2 / 287، 318، 334، 335، 356، 399، 450، 464، 527) بنحوه، وهو رواية مسلم وكذا البخاري بالفاظ متقاربة.
(8 / 420 و 12 / 7، 22، 40) من طرق كثيرة عن أبي هريرة.
وقال أبو بشر يونس بن حبيب راوي مسند الطيالسي عقب الحديث: " سمعت أبا الوليد - يعني الطيالسي - يقول: بذا نسخ تلك الأحاديث التي جاءت على الذي عليه الدين "
(1/86)
السادس: من قبل دفن أن يصلى عليه، أو صلى عليه بعضهم دون بعض، فيصلون عليه في قبره، على أن يكون الامام في الصورة الثانية ممن لم يكن صلى عليه.
وفي ذلك أحاديث 1 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: " مات رجل - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده - فدفنوه بالليل، فلما أصبح أعلموه، فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل، وكانت الظلمة، فكرهنا أن نشق عليك قبره، فأتى قبره فصلى عليه، [ قال: فأمنا، وصفنا خلفه ]، [ وأنا فيهم ]، [ وكبر أربعا ] "
أخرجه البخاري (3 / 91 - 92) وابن ماجه (1 / 266) والسياق له، ورواه مسلم (5 / 53 - 56) مختصرا وكذا النسائي (1 / 284) والترمذي (8 / 142) وابي الجارود في " ا لمنتقى " (266) والبيهقي (3 / 45، 46) والطيالسي (2687) وأحمد (رقم 1962، 2554، 3134)، والزيادة الأولى لهم " وللبخاري وفي رواية (3 / 146، 147، 159)، والزيادتان الأخيرتان له وللبيهقي، ولمسلم والنسائي الأخيرة.
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن امرأة سوداء كانت تقم (وفي رواية تلتقط الخرق والعيدان من) المسجد، فماتت، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له انها ماتت، فقال: هلا كنتم اذنتموني؟ (قالوا: ماتت من الليل ودفنت، وكرهنا أن نوقظك)، (قال: فكأنهم صغروا أمرها.
فقال دلوني على قبرها فدلوه، (فأتى قبرها فصلى عليها) ثم قال: [ قال ثابت (أحد رواة الحديث): عند ذاك أو في حديث آخر ]: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل منورها لهم بصلاتي عليهم ".
أخرجه البخاري (1 / 438، 439، 440 - 3 / 159) ومسلم (3 / 56) وأبو داود (2 / 68) وابن ماجه (1 / 465) والبيهقي (4 / 47) والسياق لهما، والطيالسي (2446) وأحمد (2 / 353، 388 / 406) من طريق ثابت البناني عن أبي رافع عنه.
وإنما اثرت السياق المذكور لأن رواية لم ترد في أن الميت امرأة، بينما تردد الراوي عند الآخرين في كونه امرأة أو رجلا، والشك فيه من ثابث أو من أبي رافع كما جزم به الحافظ بن حجر، وترجح عندنا أنه امرأة من وجوه: الاول: أن اليقين مقدم على الشك.
(1/87)
الثاني: أن في رواية للبخاري بلفظ: " أن امرأة أو رجلا كانت تقم المسجد، ولا أراه إلا امرأة ".
فقد ترجح عند الراوي أنه امرأة.
الثالث: إن الحديث ورد من طريق أخر عن أبي هريرة لم يشك الا روي فيها: ولفظها: " فقد النبي امرأة سوداء كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد، فقال: أين فلانة؟ قالوا: ماتت ".
وذكر الحديث هكذا ساقه البيهقي (2 / 440 - 4 / 32) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه.
وهكذا أخرجه ابي خزيمة في " صحيحه " كما في " الفتح ".
والزيادة الأولى للبيهقي وإبن خزيمة، وشطرها الأول لأحمد، والثانية لمسلم والبيهقي في رواية وللبخاري معناها، ولأبي داود " والمسندين " الشطر الثاني منها، والزيادة الثالثة للبيهقي والرابعة له في رواية ولمسلم وكذا أحمد، وعنده الزيادة من قول ثابت، وهي عند البيهقي أيضا.
وقد رجح الحافظ تبعا للبيهقي أن الزيادة الرابعة مدرجة في الحديث وأنها من مراسيل ثابت.
وخالفهما ابن الترحماني، فذهب