آداب الزفاف في السنة المطهرة
9- اغتسال الزوجين معا:
ويجوز لهما أن يغتسلا معا في مكان واحد ولو رأى منه ورأت منه وفيه أحاديث:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت:
"كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد [تختلف أيدينا فيه] فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي قالت: وهما جنبان"2.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 رواه البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم" والسياق لمسلم والزيادة له وللبخاي في رواية وترجم له ب "باب غسل الرجل مع امرأته "قال الحافظ في "الفتح" 1/290:
"استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته=
ص -109- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وعكسه ويؤيده مارواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه وهو نص في المسألة".
قلت: وهذا يدل على بطلان ماروي عنها قالت: "ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قط". أخرجه الطبراني الصغير ص 27 ومن طريقه أبو نعيم 8/147 والخطيب 1/225 وفي سنده بركة بن محمد الحلبي ولا بركة فيه! فإنه كذاب وضاع وقد ذكر اه الحافظ ابن حجر في اللسان هذا الحديث من أباطيله.
وله طريق أخرى عن ابن ماجه 1/226 و 593 وابن سعد 8/136 وفيه مولاة لعائشة وهي مجهولة ولذلك ضعف سند البوصيري في الزوائد.
وله طريق ثالث عند أبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص 251 وفيه أبو صالح وهو باذام ضعيف ومجمد بن القاسم الأسدي وهو كذاب. ونحوه حديث:
"إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجردا تجرد العيرين".
أخرجه ابن ماجه 1/592 عن عتبة بن عبد السلمي وفي سنده الأحوص بنحكيم وهو ضعف الراوي عنه الوليد بن القاسم الهمداني=
ص -110- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ضعفه ابن معين وغيره وقال ابن حبان:
"انفرد عن الثقات بما لا يشبه حديثهم فخرج عن حد الاحتجاج به".
ولهذا جزم العراقي في تخريج الأحياء 2/46 بضعف سنده وأخرجه النسائي في عشرة النساء 1/79/1 والمخلص في الفوائد المنتقاة 10/13/1 وابن عدي 149/2 و 201/2 عن عبد الله بن سرجس وقال النسائي:
"حديث منكر وصدقة بن عبد الله يعني أحد رواته ضعيف".
ورواه ابن أبي شيبة 7/70/1 وعبد الرزاق 6/194/10467 عن أبي قلابة مرفوعا وهو مرسل وأخرجه الطبراني 3/178/1 وأحمد ابن مسعود في أحاديثه 39/1 – 2 والعقيلي في الضعفاء 433 والباطرقاني في حديثه 156/1 والبيهقي في سننه 7/193 عن ابن مسعود وضعفه البيهقي بقوله:
"تفرد به مندل بن علي وليس بالقوي".
ثم ذكره بنحوه من حديث أنس وقال:
"إنه منكر". =
ص -111- الثاني: عن معاوية بن حيدة قال:
قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"1. قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ورواه عبد الرزاق أيضا 6/194/10469 و 10470.
وأما حديث: "إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى" فهو موضوع كما قال الإمام أبو حاتم الرازي وابن حبان وتبعهما ابن الجوزي وعبد الحق في أحكامه 143/1 وابن دقيق العيد كما في الخلاصة 118/2 وقد بينت علته في الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة برقم 195.
1 قال ابن عروة الحنبلي في الكواكب 575/29/1:
"ومباح لكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه ولمسه حتى الفرج لهذا الحديث ولأن الفرج يحل له الاستمتاع به فجاز النظر إليه ولمسه كبقية البدن".
وهذا مذهب مالك وغيره فقد روى ابن سعد عن الواقدي أنه قال:
رأيت مالك بن أنس وابن أبي ذئب لا يريان بأسا يراه منها وتراه=
ص -112- قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال:
"إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها". قال:
فقلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خاليا؟ قال:
"الله أحق أن يستحيى منه من الناس"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= منه. ثم قال عروة: ويكره النظر إلى الفرج فإن عائشة قالت: ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قلت: وخفي عليه ضعف سنده الذي سبق بيانه.
1 رواه أصحاب "السنن" إلا النسائي ففي "العشرة" 76/1 والروياني في "المسند" 17/169/1 1- 2, 171/1, 2 وكذا أحمد 5/3- 4 والبيهقي 1/199 واللفظ لأبي داود 2/171 وسنده حسن وصححه الحاكم ووافقه الذبي وقواه ابن دقيق العيد في "الإلمام" 126/2.
والحديث ترجم له النسائي ب "نظر المرأة إلى عورة زوجها" وعلقه البخاري في "صحيحه" في "باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالستر افضل" ثم ساق حديث أبي هريرة في اغتسال كل من موسى وأيوب عليهما السلام في الخلاء عريانين=
ص -113- 10- توضؤ الجنب قبل النوم:
ولا ينامان جنبين إلا إذا توضآ وفيه أحاديث:
الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن [يأكل أو] ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة"1.
الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنهما:
"أن عمر قال: يا رسول الله! أينام أحدنا وهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= فأشار في إلى أن قوله في الحديث: "الله أحق أن يستحيى منه" محمول على ما هو الأفضل والأكمل وليس على ظاهره المفيد للوجوب قال المناوي:
"وقد حمله الشافعية على الندب وممن وافقهم ابن جريج فأول الخبر في "الآثار" على الندب قال: لأن الله تعالى لا يغيب عنه شيء من خلقه عراة أو غير عراة"
وذكر الحافظ في "الفتح" نحوه فراجعه إن شئت 1/307.
1 أخرجه البخاري ومسلم وأبو عوانة في "صحاحهم "وخرجناه في كتابنا "صحيح سنن أبي داود 218.
ص -114- جنب؟ قال: "نعم إذا توضأ" وفي رواية:
"توضأ واغسل ذكرك ثم نم". وفي رواية:
"نعم ليتوضأ ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء".
وفي أخرى:
"نعم ويتوضأ إن شاء"1.
الثالث: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر والمتضمخ2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه الثلاثة في "صحاحهم" وابن عساكر 13/223/2 والرواية الثانية لأبي داود بسند صحيح كما بينته في "صحيح أبي داود" برقم 217 والرواية الثالثة لمسلم وأبو عوانة والبيهقي 1/210 والأخيرة لابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" كما في "التلخيص" 2/156 وهي تدل على عدم وجوب هذا الوضوء وهو مذهب جمهور العلماء وسيأتي لهذا زيادة بيان في المسألة التالية. وإذا كان كذلك فبالأولى أن لا يجب هذا على الوضوء على غير الجنب. فتنبه!
2 أي: المنكر التلطخ ب "الخلوق" وهو بفتح المعجمة قال ابن الأثير=
ص -115- بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= "وهو طيب معروف مركب من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وإنما نهي عنه لأنه من طيب النساء "
1 حديث حسن أخرجه أبو داود في "سننه" 2/192- 193 من طريقين وأحمد والطحاوي والبيهقي من أحدهما وصححه الترمذي وغيره وفيه نظر بينته في كتابي "ضعيف سنن أبي داود" برقم 29 لكن متن الطريق الأولى وهو هذا له شاهدان أوردهما الهيثمي في "المجمع" 5/156 ولهذا حسنته وأحدهما عند الطبراني في "الكبير" 3/143/2 من حديث ابن عباس.
11- حكم هذا الوضوء:
وليس ذلك على الوجوب وإنما للاستحباب المؤكد لحديث عمر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال:
"نعم ويتوضأ إن شاء"2.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 رواه ابن حبان في "صحيحه" 232- موارد عن شيخه ابن خزيمة وإلى "صحيحه" عزاه الحافظ في "التلخيص" كما تقدم قريبا ثم قال الحافظ :=
ص -116- ويؤيده حديث عائشة قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء [حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= "وأصله في "الصحيحين" دون قوله: إن شاء".
قلت: بل هو في " صحيح مسلم " أيضا بهذه الزيادة كما سبق تخريجه آنفا ص 114 وهي دليل صريح على عدم وجوب الوضوء قبل النوم على الجنب خلافا للظاهرية.
1 رواه ابن أبي شيبة 1/45/1 وأصحاب "السنن" إلا النسائي ففي "العشرة" 79- 80 والطحاوي والطيالسي وأحمد والبغوي في "حديث علي بن الجعد" 9/85/1 و 11/114/2 وأبو يعلى في "مسنده" 224/2 والبيهقي والحاكم وصححاه وهو كما قالا كما بينته في "صحيح أبي داود" برقم 223 ورواه عفيف الدين أبو المعالي في "ستين حديثا" برقم 6 بلفظ:
" فإن استيقظ من آخر الليل فإن كان له في أهله حاجة عاودهم ثم اغتسل".
وفي سنده أبو حنيفة رحمه الله.
وروى ابن أبي شيبة بسند حسن عن ابن عباس قال:
"إذا جامع الرجل ثم أراد أن يعود فلا بأس أن يؤخر الغسل".=
ص -117- وفي رواية عنها:
"كان يبيت جنبا فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة فيقوم فيغتسل فأنظر إلى تحدر الماء من رأسه ثم يخرج فأسمع صوته في صلاة الفجر ثم يظل صائما. قال مطرف: فقلت لعامر: في رمضان؟ قال: نعم سواء رمضان أو غيره"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وعن سعيد بن المسيب قال:
"إن شاء الجنب نام قبل أن يتوضأ".
وسنده صحيح وهو مذهب الجمهور.
1 رواه ابن أبي شيبة 2/173/2 من رواية الشعبي عن مسروق عنها. وسنده صحيح وهو شاهد قوي للذي قبله وكذا رواه أحمد 6/101 و 254 وأبو يعلى في "مسنده" 224/1 وله عندي طريق أخرى.