إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
كتاب الاعتكاف
(966) - (حديث عائشة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده " متفق عليه (ص 232).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/236 ـ فتح) ومسلم (3/175) وكذا أبو داود (2262) والبيهقى (4/315 , 320) وأحمد (6/92) من طرق عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن عروة عنها.
وزاد البيهقى: " والسنة فى المعتكف ألا يخرج إلى للحاجة التى لابد منها , ولا يعود مريضا , ولا يمس امرأة , ولا يباشرها , ولا اعتكاف إلا فى مسجد جماعة , والسنة فيمن اعتكف أن يصوم ".
قلت: وإسناده صحيح.
وأخرج أبو داود هذه الزيادة مفصولة عن الحديث (2473) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى به.
قلت: وهذا إسناد جيد , وهو على شرط مسلم.
ثم رأيت الدارقطنى أخرجها مع الحديث (247 ـ 248 , 248) من طريق ابن جريج: أخبرنى الزهرى عن الاعتكاف , وكيف سنته عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن عائشة به.
وأعل الزيادة بقوله: " يقال: إن قوله: وإن السنة للمعتكف.. إلى آخره , ليس من قول
(4/139)
النبى صلى الله عليه وسلم , وإنه من كلام الزهرى , ومن أدرجه فى الحديث , فقد وهم والله أعلم , وهشام بن سليمان لم يذكره ".
قلت: كذا قال: " ليس من قول النبى صلى الله عليه وسلم " ولعله سبق قلم , فإن هذا النفى لا حاجة إليه لأن أحدا من الرواة لم يذكر أنه من قوله صلى الله عليه وسلم , لأن الحديث من أصله ليس من قوله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول عائشة تحكى فعله صلى الله عليه وسلم , فالظاهر أنه أراد أن يقول: " ليس من قول عائشة " فوهم , وقال أبو داود: " غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت السنة " قال أبو داود: جعله قول عائشة ".
قلت: رواية ابن جريج وعقيل عند البيهقى فى معنى رواية عبد الرحمن كما لا يخفى , ولذلك ادعى الدارقطنى أنه من كلام الزهرى , واتفاق هؤلاء الثقات الثلاث على جعله من الحديث يرد دعوى الإدراج , والله أعلم.
(967) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " من نذر أن يطيع الله فليطعه ". رواه البخارى (ص 232).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/274 , 275) وكذا مالك (2/476/
وأبو داود (3289) والنسائى (2/142 , 143) والترمذى (1/288) والدارمى (2/184) وابن ماجه (2126) والطحاوى (2/76 ـ 77) وفى " المشكل " (3/37) وابن الجارود (934) والبيهقى (10/68) وأحمد (6/36 , 41 , 224) من طرق عن طلحة بن عبد الملك الأيلى عن القاسم بن محمد عنها. وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح "
وأخرجه الطحاوى من طريق حفص بن غياث عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة به. قال حفص: سمعت ابن محيريز , وهو عبد الله ـ فذكره عن القاسم عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يكفر عن يمينه ".
(4/140)
قلت: وعبد الله بن محيريز ثقة عابد من رجال الشيخين , فالزيادة صحيحة , وسيأتى لها طريق أخرى عن عائشة برقم (2580).
(968) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " (ص 232).
* ضعيف.
وتقدم تخريجه والكلام عليه قبيل " ما يوجب الغسل ".
(969) - (قوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة فى مسجدى هذا... ".
* صحيح.
ويأتى تخريجه بعد حديث.
(970) - (لحديث أبى هريرة مرفوعا: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد , المسجد الحرام , ومسجدى هذا , والمسجد الأقصى " متفق عليه.
* صحيح.
أخرجه البخارى (1/299) ومسلم (4/126) وكذا أبو داود (2033) والنسائى (1/114) وابن ماجه (1409) وأحمد (2/234 , 238 , 278) من طريق سعيد بن المسيب عن أبى هريرة به.
وله عنه طرق أخرى:
1 ـ عن أبى سلمة عن أبى هريرة به.
أخرجه الدارمى (1/330) وأحمد (1/501) عن محمد بن عمرو عنه.
قلت: وإسناده جيد. وتابعه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبى هريرة أنه قال: " خرجت إلى الطور...... فلقيت بصرة بن أبى بصرة الغفارى , فقال: من أين أقبلت ؟ فقلت: من الطور , فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تعمل المطى إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام , وإلى مسجدى
(4/141)
هذا , وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس , يشك ". الحديث.
أخرجه مالك (1/108/16) ومن طريقه النسائى (1/210) وأحمد (6/7) وابن حبان (1024).
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وفيه دليل ظاهر على أن الحديث من مراسيل أبى هريرة لم يسمعه من النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة , وإنما تلقاه عن بصرة بن أبى بصرة وكنيته أبو بصرة عنه صلى الله عليه وسلم. وله طريقان آخران عن أبى بصرة , الأولى عن مرثد بن عبد الله اليزنى عنه قال: " لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلى فيه , قال: فقلت له: لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت , قال: فقال: ولم ؟ قال: فقلت: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تشد الرحال... " الحديث أخرجه أحمد (6/397 ـ 398).
قلت: وإسناده حسن , وفيه محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث.
الثانية: عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه قال: " لقى أبو بصرة الغفارى أبا هريرة وهو جاء من الطور , فقال: من أين أقبلت ؟ قال: من الطور , صليت فيه , قال: أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلت , إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكره.
أخرجه الطيالسى (1348 , 2506) وأحمد (6/7).
قلت: ورجاله ثقات.
والحديث رواه أيضا أبو سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أخرجه البخارى (1/300 , 466 , 497) ومسلم (4/102) والترمذى (1/67) وابن ماجه (1410) وأحمد (3/7 , 34 , 45 , 51 , 77) من طريق قزعة عنه.
وقال الترمذى:
(4/142)
" حديث حسن صحيح ".
وله فى المسند (3/53 , 64 , 71) ثلاث طرق أخرى عن أبى سعيد , وأحدها بلفظ: " لا ينبغى للمطى أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام ... ". الحديث.
وهو بهذا اللفظ ضعيف , فيه شهر بن حوشب وهو سىء الحفظ , لاسيما وقد خالف جميع الثقات فيه وزيادته ما يخصص معناه وهو قوله: " إلى مسجد... ".
والحديث عام يشمل المساجد وغيرها من المواطن التى تقصد لذاتها أو لفضل يدعى فيها , ألا ترى أن أبا بصرة رضى الله عنه قد أنكر على أبى هريرة سفره إلى الطور , وليس هو مسجدا يصلى فيه , وإنما هو جبل كلم الله فيه موسى عليه السلام فهو جبل مبارك , ومع ذلك أنكر أبو بصرة السفر إليه , وقد ثبت مثله عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه كما بينته فى غير هذا الموضع.
هذا ولفظ حديث أبى سعيد عند مسلم: " لا تشدوا الرحال... ".
وله عنده طريق ثالثة عن أبى هريرة بلفظ: " إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد... ".
وفى الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
أخرجه ابن ماجه مقرونا مع أبى سعيد.
(971) - (حديث أبى هريرة مرفوعا: " صلاة فى مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " رواه الجماعة إلا أبا داود. وفى رواية: " فإنه أفضل " (ص 233 ـ 234).
(4/143)
* صحيح.
وله طرق كثيرة عن أبى هريرة رضى الله عنه:
الأولى: عن أبى عبد الله الأغر عنه.
أخرجه البخارى (1/299) ومسلم (4/124) والنسائى (1/113 , 2/34) والترمذى (1/67) وابن ماجه (1404) وكذا مالك (1/196/9) والدارمى (1/330) والبيهقى (5/246) وأحمد (2/256 , 386 , 468 , 473 , 485) من طرق عنه , وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
الثانية: عن سعيد بن المسيب عنه.
أخرجه مسلم والدارمى وابن ماجه وأحمد (2/239 , 277).
الثالثة: عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ عنه.
أخرجه مسلم وأحمد (2/251 , 473).
الرابعة: عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عنه.
أخرجه أحمد (2/397 , 528) بإسناد جيد.
وبقى هناك طريقان فى " المسند " (2/466 , 484 , 499) وفيهما ضعف.
ثم أخرجه (2/277 ـ 278) من طريق عطاء أن أبا سلمة أخبره عن أبى هريرة عن عائشة فذكره.
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين , وفيه إشعار بأن الحديث تلقاه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة عائشة رضى الله عنها , فهو فيه كهو فى الحديث الذى قبله.
وقد سمعه منه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر أيضا.
أخرجه مسلم والدارمى وابن ماجه (1405) والطيالسى (1826)
(4/144)
و أحمد (2/16 , 53 , 53 ـ 54 , 68 , 102) والبيهقى عن نافع عنه به.
وأخرجه أحمد (2/29 , 155) والبيهقى من طريق عطاء عنه به وزاد فى آخره: " فهو أفضل ".
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفى الباب عن ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم:
أخرجه مسلم والنسائى وأحمد (6/334).
وعن سعد بن أبى وقاص , رواه أحمد (1/184) بسند حسن.
وعن جبير بن مطعم , أخرجه الطيالسى (950) وأحمد (4/80) بإسناد رجاله ثقات لكنه منقطع.
وعن أبى سعيد الخدرى:
أخرجه أحمد (3/77) بسند رجاله ثقات غير إبراهيم بن سهل فلم أعرفه ولم يترجم له الحافظ فى " التعجيل " ولا ابن أبى حاتم. ثم ظهر أنه محرف , فإنه من رواية جرير عن مغيرة عنه.
وقد أخرجه ابن حبان (1035) من طريق أخرى عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن سهم ابن منجاب عن قزعة عن أبى سعيد الخدرى قال: " ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقال: أين تريد ؟ قال: أريد بيت المقدس , فقال النبى صلى الله عليه وسلم ". فذكره إلا أن ابن حبان قال: " مائة صلاة ".
فتبين أن الصواب: إبراهيم عن سهل. وإبراهيم هو ابن يزيد النخعى وهو ثقة محتج به فى الصحيحين , وكذلك بقية الرواة سوى سهم بن منجاب وهو ثقة من رجال مسلم فالسند صحيح.
(4/145)
و الحديث قال الهيثمى (4/6):
" رواه أبو يعلى والبزار إلا أنه قال: أفضل من ألف صلاة , ورجال أبى يعلى رجال الصحيح ".
قلت: وفاته أنه فى المسند أيضا ! وهو عند ابن حبان من طريق أبى يعلى.
وعن جابر بن عبد الله مرفوعا به وزاد: " وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ".
أخرجه ابن ماجه (1406) وأحمد (3/343 , 397) من طريق عبيد الله بن عمرو الرقى عن عبد الكريم عن عطاء عنه.
قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين , وصححه المنذرى والبوصيرى , وقول الأول منهما: " رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين ".
قلت: فهذا وهم منه فإن عندهما بإسناد واحد كما رأيت.
وعن عبد الله بن الزبير مرفوعا به مع الزيادة ولفظها: " وصلاة فى ذلك أفضل من مائة صلاة فى هذا ".
أخرجه الطحاوى فى " المشكل " (1/245) وابن حبان (1027) والبيهقى والطيالسى (1367) وأحمد (4/5).
قلت: وإسنادهم ـ إلا الطيالسى ـ صحيح على شرط الشيخين.
وفى الباب عن جماعة آخرين من الصحابة عند الطحاوى وأحمد وغيرهما , فراجع إن شئت " مجمع الزوائد " (4/5 ـ 7).
(972) - (لحديث جابر: " أن رجلا قال يوم الفتح: يا رسول الله إنى نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلى فى بيت المقدس فقال: صل
(4/146)
ها هنا , فسأله , فقال صل ها هنا. فسأله , فقال: شأنك إذنً " رواه أحمد وأبو داود (ص 234).
* صحيح.
أخرجه أبو داود (3305) وكذا الدارمى (2/184 ـ 185) والطحاوى (2/72) والحاكم (4/304 ـ 305) والبيهقى (10/82) من طريق حبيب المعلم عن عطاء بن أبى رباح عن جابر.
قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". وهو كما قال وأقره الذهبى , وصححه أيضا ابن دقيق العيد فى " الاقتراح " كما فى " التلخيص " (ص 399).
وأخرج له أبو داود شاهدا عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر وزاد: " والذى بعث محمدا بالحق , لو صليت ههنا لأجزأ عنك صلاة فى بيت المقدس ".
وفيه عمر بن عبد الرحمن بن عوف لم يوثقه غير ابن حبان وقال الحافظ: " مقبول ".
(973) - (لقول عائشة: " السنة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لابد له منه ". رواه أبو داود (ص 234).
* صحيح.
وتقدم تخريجه قريبا فى الحديث (967).
(974) - (حديث: " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " متفق عليه (ص 234).
* صحيح.
أخرجه البخارى (4/236) ومسلم (1/167) وكذا أبو داود (2467) والترمذى (1/153) وابن ماجه مفرقا (1776 , 1778) ومالك (1/312/1) وابن الجارود (409) وابن أبى شيبة (2/179/1) وأحمد (6/104 , 181 , 235 , 247 , 262 ,364 , 281) عنها بلفظ: " كان إذا اعتكف يدنى إلى رأسه فأرجله , وكان... "
وقال الترمذى:
(4/147)
" حديث حسن صحيح ".
وزاد مسلم وغيره فى رواية: " وأنا حائض ".
(975) - (حديث: " إنما الأعمال بالنيات " (ص 234).
* صحيح.
وتقدم تخريجه فى " باب الوضوء ".
(976) - (روى حرب عن ابن عباس: " إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه واستأنف الاعتكاف " (ص 234).
* صحيح.
أخرجه ابن أبى شيبة فى " المصنف " (2/178/2): وكيع عن سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(977) - (حديث عائشة: " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " متفق عليه (ص 235).
* صحيح.
تقدم قبل حديثين (974).
(978) - (قول عائشة: " إن كنت لأدخل البيت للحاجة , والمريض فيه , فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة " متفق عليه (ص 235).
* صحيح.
ولم أره عند البخارى , ورواه مسلم (1/167) وابن ماجه (1776) بإسناد واحد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عنها. ثم رأيت البيهقى قد أخرجه أيضا (4/220) ونص أن البخارى لم يروه بهذا اللفظ , ويعنى أنه رواه
إنما باللفظ الذى قبله.
(4/148)