حكم تتبع العورات في الإسلام
لقد نهانا النبي "صلى الله عليه وسلم" عن تتبع العورات، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يتَّبِعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ يتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يتَّبَِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ) (رواه الترمذي).
وأمرنا "صلى الله عليه وسلم" بالستر عامة، وإقالة عثرات أهل الفضل والمروءة خاصة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) ..رواه مسلم
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) (رواه أبوداوود وصححه الألباني.(
ومن المعروف أن الصحابة رضوان الله عليهم خير الناس وخير القرون، لبقول النبي "صلى الله عليه وسلم": (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) رواه البخاري، قال ابن تيمية: "ثبت بأدلة الكتاب والسنة أن أفضل الأمة أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، والعشرة المفضلون على غيرهم، والخلفاء الأربعة".
ومن الأحاديث النبوية المرشدة لذلك ما رواه أبو داود وصححه الألباني عن عائشة رضي الله عنها أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود). وظاهر الحديث قد يفهم منه البعض أنه مُعارِضٌ لمبدأ العدل والمساواة الذي أقره الإسلام بين الناس، وليس الأمر كذلك؛ وذلك أن من كثرت عثراته، وتكررت زلاته لا يستوي ومَن قلَّت عثراته، وندرت زلاته، وغاية ما يرمي إليه الحديث هو رفع المؤاخذة بالخطأ والذنب إذا صدر عمَّن لم يكن من عادته ذلك، وعُرِفَ بالاستقامة والصلاح، إلا ما كان حداً من حدود الله تعالى وبلغ الحاكم فيجب إقامته.
قال النبي "صلى الله عليه وسلم": إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) متفق على صحته).
وهذا باب عظيم من أبواب محاسن هذه الشريعة الكاملة، وسياستها للعالم، وانتظامها لمصالح العباد في المعاش والمعاد.
عن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي "صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم" قال: سمِعت رسول اللَّه "صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم" يقول: «كُلُّ أَمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ المُجاهرينَ، وإِنَّ مِن المُجاهرةِ أَن يعمَلَ الرَّجُلُ بالليلِ عمَلاً، ثُمَّ يُصْبحَ وَقَدْ سَتَرهُ اللَّه عَلَيْهِ فَيقُولُ: يَا فلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْترهُ ربُّهُ، ويُصْبحُ يَكْشفُ سِتْرَ اللَّه» متفق عليه.
وخير الكلام قول الله سبحانه وتعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ﴾ صدق الله العظيم.