زكاة الفطر الفريضة المنسية
زكاة الفطر عبادة من العبادات وقربة من القربات العظيمات، لارتباطها بالصوم الذي أضافه الله إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم: «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، كانت فرضيتها في السنة الثانية من الهجرة - أي مع رمضان -، ولكنها للأسف عبادة ينساها البعض في عصرنا الحالي أو يغفلون عنها.
وقد شرعها الله سبحانه وتعالى على كل مسلم ذكراً كان أو أنثى، حراً كان أو عبداً، وسواء كان من أهل المدن أو القرى، أو البوادي، وقد فرضت على كل من يجد قوت يومه حتى ولو كان فقيرًا، فقد جعلها الله تطهيراً للنفس من أدرانها، من الشح وغيره من الأخلاق الرديئة، وتطهيراً للصيام ما قد يؤثر فيه وينقص ثوابه من اللغو والرفث ونحوهما، وتكميلاً للأجر وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للمحتاجين والمساكين، وإغناء لهم من ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، كما أن فيها إظهارَ شكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وما يسر من قيامه، وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة، فضل عن إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم.
وفي زكاة الفطر يخرج الإنسان عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده ووالديه الفقيرين، والبنت التي لم يدخل بها زوجها، فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه، ويُخرج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن.
والواجبَ في زكاة الفطر نصفُ صاعٍ من بُرٍّ أو دقيقه أو سويقه أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير، وهو ما يعادل 2.5 كيلو من الحبوب عن كل فرد، وأما عن إخراجها بالقيمة فيرى السادة الحنفية أنَّه يجوز أن يعطي عن جميع ذلك القيمة دراهم، أو دنانير، أو فلوسًا، أو عروضًا، أو ما شاء في قيمته.
والذي نختاره للفتوى في هذا العصر ونراه أوفق لمقاصد الشرع وأرفق بمصالح الخلق هو جواز إخراج زكاة الفطر مالا مطلقًا، وهذا هو مذهب الحنفية، كما سبق وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، كما أنه مذهب جماعة من التابعين.
ويجب ألا يصل الخلاف في هذا الأمر إلى حد الجدال والتشاحن والتبديع، لأن في الأمر سعة، والأفضل مراعاة مصالح الناس والتيسير عليهم.
كما يجب ألا يتم تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد صلاة العيد، لأنها في هذه الحالة تكون صدقة عادية، ولأن الأصل في زكاة الفطر هي إغناء المحتاجين وكفايته مذلة السؤال يوم العيد.