حقيقة الزهد فى الإسلام
قال الحكماء عن حقيقة الزهد هو ألا تملك شيئا وإن الزاهد لايملكه شيء ولاتظنن أن كل من يترك مال الدنيا أنه زاهد فإن ترك المال وإظهار التضييق والخشونة في المأكل والملبس سهل علي من أحب المدح بالزهد.
فكم من الرهابين والمرائين تركوا مال الدنيا وروضوا أنفسهم كل يوم علي قدر قليل من القوت واكتفوا من المسكن بأي موضع انفق لهم وكان غرضهم من ذلك أن يعرفهم الناس بالزهد ومدحهم عليه فهم تركوا المال لنيل الجاه ولكن الزهد الحقيقي ليس ترك المال والجاه فقط بل ترك جميع حظوظ النفس من الدنيا وعلامة ذلك إستواء الغني والفقر والذم والمدح والذل والعز لأجل غلبة الأنس بالله عز وجل إذا لم يغلب علي القلب الأنس بالله له إلا أن يخرج عنه حب الدنيا كلية.
وقال الإمام الغزالي رحمة الله: إن الزهد هو أن تترك الدنيا طواعية لعلمك بحقارتها وليس كل نوع من الترك يسمي زهدا لأن الإنسان قد يترك الشيء من باب المروءة والسخاء وحسن الخلق ولايسمي هذا زهدا إنما الزهد يكون في شيء مستحب ومرغوب فيه مع أن الواجبات والمستحبات لا يصلح فيها الزهد ولا الورع أما المحرمات والمكروهات فيصلح فيها الزهد والورع.
والمنهي عنه إنما جمع المال والإستكثار منه بقصد الاكتناز والمفاخره به والتياهي وصرفه في مرضاة الشيطان والغابات الدنيئة أما إدخاره بنية إعفاف النفس والأهل والتوسعة علي الفقراء والإخوان وفعل الخيرات والقربات فإن المرء يثاب عليه بهذا التصرف النبيل لأنه يشجعه بهذا النحو علي فعل الكثير من الطاعات.