الحاج سعد لاشين
الحاج سعد الدين مرسى لاشين، مهندس زراعى بالمعاش من مواليد بلدة هورين، مركز بركة السبع منوفية بتاريخ 16/6/1924، تزوج فى 26 يونيه 52، وكانت زواجه من أسرة من الإخوان وله من الأبناء ثلاثة، ومن والأحفاد 12.
حصل على دبلوم زراعة متوسطة سنة 42، ودبلوم دراسات تكميلية عالية شعبة فلاحة 52، وعمل بوزارة الزراعة، كما عمل بشركة توظيف الأموال.
والحاج سعد لاشين هو مسئول الإخوان بمحافظة الشرقية هو أحد القلائل الذين عاصروا الإمام البنا، ونهلوا من علمه، وتربوا على يديه، فأعطوا لهذه الدعوة، وضحوا من أجلها، فمكَث في السجن ثمانية عشر عاما.
وهو عضو مجلس شوري عام 1987 حين دخل انتخابات مجلس الشورى، وكانت هذه أول تجربة خاضها، ومع ذلك أخذ 11 ألف صوت.
التحاقه بالجماعة
تعرف الحاج لاشين علي دعوة الإخوان المسلمين عام 1945، عن طريق خطاب جاء لأحد أصدقائه، وكانت به كلمات عن الإخوان والجهاد بالنفس والنفيس والتضحية، وغير ذلك من المبادئ الإسلامية الممتازة، وبعد أن قام بقراءته علي قال له إن هذه مبادئ سامية وأمور متميزة جدا، واتفقوا على أن يذهبوا دار الإخوان المسلمين، ويتحدث الحاج لاشين عن التحاقة بالإخوان فيقول:
" عرفت الإخوان تحديدًا عام 1945م، وكان قد تم تعييني بإحدى الوظائف بوزارة الزراعة قبل ذلك بعام في ظل وجود حكومة الوفد التي صدر قرار فيما بعد بحلها، ونكايةً فيها أصدرت الحكومة الجديدة قرارًا بنقل جميع الذين التحقوا بالوظائف الحكومية في عهد حكومة الوفد إلى الوجه القبلي، وكنت من بينهم بالطبع؛ حيث نقلت إلى محافظة سوهاج،
وكان عدد الذين تم نقلهم معي من الزملاء والأصدقاء كبيرا وكانت الأعمار متقاربة؛ لذلك كنا نسير هناك معًا في أي مكان فنذهب للمقهى ولجمعية الشبان المسلمين معًا، وبعد هذا بفترة وجيزة جاء خطاب إلى أحد الأصدقاء، وكانت به كلمات عن الإخوان والجهاد بالنفس والنفيس والتضحية، وغير ذلك من المبادئ الإسلامية الممتازة، وبعد أن قام بقراءته علي قلت له إن هذه مبادئ سامية وأمور متميزة جدا، واتفقنا على أن نذهب مع بقية الزملاء إلى المقهى عصرا كما هي عادتنا وبعد الجلوس بفترة نقوم نحن الاثنان وعندما يسألنا الباقون:
إلى أين أنتما ذاهبان؟ نقول إننا ذاهبان إلى الصيدلية التي كانت تقع بجوار دار الإخوان، والتي ذهبنا إليها بالفعل في نهاية المطاف؛ حيث قابلونا بشكل جيد، وقاموا بإعطائنا رسالة (دعوتنا) كما قاموا بضمنا إلى إحدى الأسر، وبعد هذا وفي سبتمبر 1946م انتقلت إلى محافظة الشرقية التي كانت تموج بالعمل الدعوي، واستفدت من نشاط الإخوان هناك كثيرا.
كما أنني تعرفت على الإمام البنا عام 1945م في مدينة سوهاج، بعد انتهاء حفل أقامه الإخوان وقتئذ، فدعانا الإخوة إلى جلسةِ تعارف، اقتربنا فيها أكثر من الإمام واقترب منا، وكان اللقاء مقتصرا على التعارف فقط، ولكن الشيء اللافت للنظر أثناء تعريف نفسي للآخرين قال لي الإمام البنا:
ماذا يمثِل لك الأستاذ محمود لاشين؟ قلت: عمي، والعجيب أنني عندما قابلت عمي هذا فيما بعد، وقلت له إن الإمام البنا يعرفك جيدا حتى إنه سألني عنك، قال لي إن هذا شيء مدهش، فأنا لم أتقابل مع الإمام البنا إلا مرة واحدة عام 1929م، ، فجمع الإمام البنا بعد مرور 16 عامًا بين شكلي وشكل عمي ليربط الصلة بيننا، هذا الموقف يكشف عن أن الإمام البنا كانت ذاكرته قوية جدا، وكان لماحا للغاية؛ حيث ربط بين ملامح وجهي ووجه عمي الذي لم يقابله سوى مرة واحدة "
الحاج لاشين والنظام الخاص
كان الحاج لاشين أحد أفراد النظام الخاص الذي كان يربي الجنود علي أرض مصر ليشاركوا في حمل راية الجهاد ضد اليهود والمحتلين فيما بعد، ولكنه لم يذهب إلي فلسطين مع من ذهبوا، ولقد كان جنود النظام الخاص كافة مؤهلين للجهاد، لكن كان سعيد الحظ هو من يتمكن من الذهاب إلي فلسطين، ويقول الحاج لاشين عن هذا:
" كنت أحد أعضاء النظام الخاص الذي كان يربِّي جنودًا على أرض مصر ليشاركوا في حمل راية الجهاد ضد اليهود والمحتلين فيما بعد، وكان النظام الدقيق، وهو الذي يحكم عمل كافة الأفراد، ولم يكن لأي شخص منهم أن يتصرف في أي أمر من تلقاء نفسه، وكان من فضل الله علينا أن نصبح جنودًا لدعوته، لكن للأسف لم أتمكن من الذهاب إلى فلسطين مع مَن ذهبوا من الإخوان، وقد كان جنود النظام الخاص كافةً مؤهَّلين للمعركة، لكن كان سعيد الحظ منهم هو الذي يتمكن من الذهاب إلى أرض المعركة، أما الذين لا يذهبون فإنهم يقومون بمجهود شاقٍّ جدًّا؛ حتى إنهم يتمنون لو ذهبوا مع أسلافهم حتى يرتاحوا من هذا الجهد الشاق، وأتذكر أن عددًا كبيرًا من الإخوان ذهبوا إلى هناك وسجَّلوا بطولاتٍ رائعةً، ولنا مع البعض منهم ذكرياتٌ رائعةٌ، مثل أخونا عبد الرحمن البنا "
محنته
ذاق الحاج لاشين مع إخوانه العذاب في سجون عبد الناصر، وقد كان الحاج لاشين أحد آيات ثبات عباد الله الصالحين في هذه السجون، واعتقل الحاج لاشين عدة مرات، وهو يتحدث عن هذه الاعتقالات ويقول:
" اعتقلت عام 1949م حوالي 4 شهور فيقضية السيارة الجيب التي حدثت عندما جاء لنا الأخ محمود فرغلي من الجيزة بصحبة أخ آخر أخبره بالعديد من المعلومات التي وصلت إلى إبراهيم عبد الهادي، وهذا الكلام قرأته في جريدة أخبار اليوم، وأنا في سجن السيدة زينب، فعرفت النقاط كافة التي سيتم سؤالي عنها قبل بداية التحقيق.
وبالتالي كانت إجاباتي منظمةً في القضية التي تمَّ التحقيق معنا فيها، لكننا لم نقدَّم بسببها للمحاكمة لعدم كفاية الأدلة، واعتُقلت فقط عدة أشهر، اعتُقلتُ أيضا في الفترة من 1954م- 1964م وكان الحكم بالأشغال الشاقة لمدة 10 سنين، وبداية كنا بالسجن الحربى، وتعرفت بالأستاذ مصطفى مشهور في هذا السجن والتاني في ليمان طره، وفى سجن جناح، وتعرفت في هذا السجن بالأستاذ عمر التلمساني.
وكنا عايشين فى خيام فكانت فى خيمة لأعضاء مكتب الإرشاد وكان الصف الثانى الذى يجانبه فيه إخوان الزقازيق والشرقية، وكان فى خيمة فى الصف الثانى لإخوان الغربية، فكان ياتى أ عمر التلمسانى ونلعب شطرنج فكانت العلاقة قوية، واستفدنا كذلك من أ حامد أبو النصر والشيخ الشريت وسكنت بعد ذلك مع عمر التلمسانى فى سجن المحاريق سكنت معاه فى حجرة واحدة كذا سنة.
فأوجد كل هذا الرابطة القوية بينى وبينه، وبعد كده فى سجن المحاريق ده كل كان فى الواحات، وبعد كده فى سجن أسيوط، وبعدكده خرجنا من سجن مصر، كل ده فى العشر سينين، وبعد هذا تعرضتُ للاعتقال مرةً ثالثةً عام 1965م، ولم يفرج عني إلا في عام 1971م، والمرة الرابعة سنة 88 اعتقال 38 يوم.
والخاسمة فى قضية الشرقية فى 5 يونيه 92 قضينا فيها 26 يوم، وكان لدينا أملٌ في أن أي محنة لابد أن يكون لها نهاية مهما طالت، كما حدثت في عهد عبد الناصر فتنةُ التأييد التي سقط فيها البعض؛ رغبةً في أن يتم الإفراج عنهم، ولكن في المقابل هناك الكثيرون- ممن ربط الله على قلوبهم- رفضوا هذا الأمر، وكنت بفضل الله مِن هؤلاء حتى إنني تركت المعتقَل ضمن آخِر من أُفرج عنهم، حتى إن أسامة خضير- وكان ضابط أمن دولة في الزقازيق في ذلك الوقت- استغرب هذا الأمر، وسألني عن السبب قلت له لا أريد أن أكون منافقًا وأقول لشخص قام بسجني أنت رجل جيد، وكان الغرض من التأييد أن ينسلخ الإخوان من هذه الدعوة.
وكانت هذه حيلةً خبيثةً يسعَون من خلالها إلى تقسيم التنظيم الواحد إلى عدد من التنظيمات، وما زالت هذه الخطة موجودةً حتى اليوم لدى الجهات الأمنية التي تريد إبعاد الإخوان عن دعوتهم، وكان من فضل الله أن اكتشفنا بعد اجتياز المحنة ما لرفض التأييد من مصلحة كبيرة لهذه الدعوة، حتى إن الأستاذ حسن الهضيبي- يرحمه الله- كان يقول في المعتقل: لو استمرَّ مائة شخص فقط ثابتين على رفض تأييد عبد الناصر فإن هذا يُعدُّ كافيًا.
وأثبتت الأيام أن الرجل كانت نظرتُه ثاقبةً، وأنه كان على حق، فالدعوة انتشرت بشكل كبير بعد المحنة، ووصلت اليوم لـ70 دولة، في الوقت الذي كانت محصورةً في أيام الإمام البنا في عدد محدود من الدول المحيطة بمصر فقط، ومع توالي الأيام يزداد عدد المتحمِّسين لهذه الدعوة والمقبلين عليها، وعندما أنظر لوضعي اليوم ووضعي عام 1945م أجد أن الأمر مختلفًا تمامًا؛ فالمحن صقلتنا وأمدَّتنا بالعديد من التجارب، وكانت هذه المحن هي السبب في وجودنا في هذه الدعوة حتى اليوم.
وعندما نتحدث الآن مع رجال أمن الدولة نجد أنهم يهابوننا بشكل كبير، وكانت هناك معانٍ كثيرةٌ بسيطةٌ، كنا نستفيد منها في هذه الأوقات الحرجة، منها كلام سيدنا علي- رضي الله عنه-: "كل بلاء دون النار عافيةٌ، وكل نعيم دون الجنة حقير"، وكنا نكتب هذه العبارات في الخطابات التي كنا نبعث بها لآبائنا وأهلينا، وكان لوجودنا وسط الإخوان دور كبير في تثبيتنا.
خاصةً عمي عبد العزيز بيه عطية، كما رأينا الأستاذ حسن الهضيبي والأستاذ حامد أبو النصر وعمر التلمساني بيننا، وكان لوجودهم دورٌ كبيرٌ في اجتيازنا للمحنة، كما اكتسبنا خلال فترات وجودنا بينهم العديد من الصفات الجيدة التي لم نكن نتحلى بها؛ مما أسهَم في استمرارنا في دعوة الإخوان، وبشكل عام فإنني أستبشر بالمحن؛ فالمحنة يأتي بعدها فرجٌ كبيرٌ..
ففي عام 49 كان يقال إن هؤلاء لن تقوم لهم قيامةٌ مرةً أخرى، والنتيجة أن الدعوة مزدهرة اليوم وعقب اعتقالات عام 1954م توقع عبد الناصر أن الذي قضى 10 سنوات داخل السجن سيخرج ليسير بجوار الحائط، فإذا به يرى الإخوان يعودون لممارسة دعوتهم بمجرد خروجه، فأدرك أنه لا فائدةَ فأصدر قرارًا جمهوريًّا باعتقال كل من سبق اعتقاله.
وخرجنا بعد وفاة عبد الناصر الذي كان يتصور أنه لا يموت، وأننا سنموت واحدًا بعد الآخر في السجون، والنتيجة أن هناك اليوم تنظيمًا دوليًّا للإخوان الذين لم يعودوا تنظيمًا محليًّا، وهو ما يؤرِّق الحكومة، وبعد خروجي من المعتقل بسبعة أشهر سافرتُ إلى دولة الإمارات، وحصلت على إذن من الأستاذ حسن الهضيبي لكي أسافر، وقال لي نصيحةً، قال لي: قل للإخوان في الشرقية لا تختلفوا، وظللت في دولة الإمارات 12 عامًا متواصلةً.
وكان ذلك سببًا في تحسين حالتي المادية؛ حيث عملت في القطاع الخاص، وذلك بعد أن جاء إليَّ جواب من ابن عمي في دولة الإمارات يقول لي فيه إنك مرحَّب بك في دولة الإمارات، وسافرت وكانت النتيجة أن الوضع الجديد أصبح يغيظ رجال الأمن، وعندما عدت إلى مصر عام 1984م بعد اشتعال الحرب بين العراق وإيران قمت بتسليم نفسي للأستاذ عمر التلمساني وأمرني السيد حامد أبو النصر أن أكون مسئولاً عن الإخوان بالشرقية ".
عزة الإسلام
ذاق الحاج لاشين كما ذكرنا سابقا مع إخوانه العذاب في سجون عبد الناصر، وقد كان الحاج لاشين أحد آيات ثبات عباد الله الصالحين في هذه السجون، فيروى أنه كان في المعتقل الناصري في مقتبل العمر وكان رجال البوليس السياسي يعذبون الإخوان بشراسة منقطعة النظير حتى يعترف كل منهم باسم مسئوله في الجماعة وأسماء أعضاء أسرته التربوية ليتمكنوا من عمل نموذج لهيكل الجماعة وسلمها الإداري، ولما كان جميع الإخوان في المعتقل فقد قرر الإخوان
أنه لا مانع من الإدلاء بهذه المعلومات إذ لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها اتقاء لعذاب الكهرباء والسلخ والكي بالنار، والجميع بدأ بإخبارهم بالأسماء ....إلا الحاج سعد لاشين... وكان الأستاذ المرشد حسن الهضيبي حينئذ يقول له :يا سعد أنا باقولك قول اللي هما عاوزينك تقوله من شدة التعذيب الذي تعرض له الحاج سعد وكان رد بطلنا:
" يا أستاذنا هما أكيد عارفين لكن هما عاوزين يكسروا إرادتي ....لكن أنا اللي هاكسر إرادتهم "
من أقواله وحكمه الشهيرة
" إخواننا نمرض فنعودكم وتخطئون فنأتيكم فنعتذر ".
"أخي أضع اللقمة في فمه فأجد حلاوتها في فمي".
"سهام الحقد الموجَّهة إلى دعوة الإخوان لا تستحق الرد".
" الإخوان هم أول من نجح في إقامة حوار مع الأقباط ".
" دعوة الإخوان دعوة عالمية علنية ... مشرفة ".