(**) ثم عليك المبيت بمنى.
سبع مسائل في رمي الجمرات[83]
المسألة الأولى: حكم الرمي: الرمي واجب من واجبات الحج وهو أطول زمن يقضيه الحاج في منى أيام حجه حيث يستغرق من وقته ثلاثة أيام أو أربعة.
وهل يجبر الواجب؟ نعم يجبر بدم.
المسألة الثانية: حجم الحصى: يكون مثل حصى (الخذف) [84] وقد حددها بعض الفقهاء بأنها: أكبر من الحمص وأصغر من البندق. وفي سنن ابن ماجه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته ألقط لي حصى فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول: ((أمثال هؤلاء فارموا)) ثم قال: ((يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)).
المسألة الثالثة: عدد الحصى ومكان لقطه: تَرمى الجمرة الواحدة بسبع حصيات، ومجموع الحصى الذي يرمي به الحاج الجمرات طوال أيام الحج سبعون حصاة. أو تسع وأربعون حصاةً لمن تعجل.
حيث يجب على كل حاج أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر بسبع حصيات، يسن له أن يلتقط الحصى من مزدلفة أو من طريقه إلى منى.
أما أيام التشريق يجب عليه أن يرمي الجمرات الثلاث كل جمرة بسبع حصيات، يجوز له أن يلتقط الحصى من أي مكان من منى.
المسألة الرابعة: شروط الرمي:
أن يكون المرمي به حصى فلا يصح أن يرمي بأسمنت أو طين أو حجر كبير أو غيره، لأنه لا يطلق عليه اسم الحصى.
أن تقع الحصاة في الحوض الدائري على الجمرتين الصغرى والوسطى، أما جمرة العقبة فالحوض نصف دائرة فينتبه لذلك لأن الكثير يرميها من الخلف ولا تقع في الحوض وهذا الرمي غير صحيح, إلا إذا رماها من فوق الجسر جاز له ذلك.
ج- تفريق الرميات أي يرمي واحدة بعد واحدة، ولا يصح أن يرمي السبع جميعاً بكف واحد، وإذا رمى السبع بكف واحد تعتبر له رمية واحدة.
د- ترتيب رمي الجمرات: يرمي الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة ولا يصح العكس.
المسألة الخامسة: وقت رمي جمرة العقبة يبتدئ من طلوع الشمس إلى الزوال من يوم النحر فمن رماها في هذا الوقت فقد أصاب سنتها ووقتها المختار، وإنه لا يرمي يوم النحر غيرها، أما الضعفاء والمرضى وكبار السن ونحوهم ممن يشق عليهم مزاحمة الناس ومن يرافقهم كالسائق أو المحرم أو المساعد فإنهم ينصرفون من مزدلفة إلى منى بعد مغيب قمر ليلة النحر، فمتى ما وصلوا إلى جمرة العقبة جاز لهم رميها وآخر وقت لرمي جمرة العقبة ينتهي بغروب شمس ذلك اليوم.
أما وقت رمي الجمرات أيام التشريق: فيبدأ الرمي من زوال الشمس وهو وقت دخول صلاة الظهر وينتهي بغروب الشمس لمن ليس له عذر.
والأفضل فعل العبادة في أول وقتها لمن قدر على ذلك ولفعله صلى الله عليه وسلم وقوله: ((خذوا عني مناسككم)).
المسألة السادسة: جواز الرمي ليلاً أيام التشريق، فمن كان له عذر جاز له مثل الرعاة والسقاة وكبار السن وكل ضعيف والنساء عموماً لمنع اختلاطهن بالرجال وخوف التكشف.
ولا يجوز التوكيل إلا لمن لا يستطيع الرمي ليلاً أو نهاراً مثل الحامل التي تخشى على ولدها أو المريضة أو لعذر نحوهما، ولا يجوز أن يتولى الرمي إلا من كان حاجاً.
المسألة السابعة: سنن الرمي:
من السنّة للحاج عند دخوله منى أن يبتدئ برمي جمرة العقبة وهي تحية منى.
يستقبل جمرة العقبة حيث يجعل منى عن يمينه والكعبة عن يساره ثم يرمي ويقطع التلبية.
جـ- يكبر مع كل حصاة (الله أكبر).
د- يسن أيام التشريق أن يذهب إلى الجمرات الثلاث ماشياً.
هـ- يسن أن يقف للدعاء مستقبل القبلة بعد رمي الجمرة الأولى والتي تسمى الصغرى يجعلها على يساره بعيداً عن الزحام ويرفع يديه يدعو وكذلك بعد رمي الجمرة الوسطى يجعلها عن يمينه بعيداً عن الزحام ويطيل في دعائه، وليس هناك دعاء بعد رمي جمرة العقبة[85].
من مخالفات اليوم الحادي عشر
الرمي قبل الزوال ومن رمى قبل الزوال فعليه دم إلا أن يعيده بعد الزوال فلا شيء عليه.
من الخطأ رمي الجمار بالعكس حيث يبدأ برمي الكبرى ثم الوسطى، ثم الصغرى, فمن فعل ذلك فيجب عليه إعادة رمي الوسطى ثم الكبرى.
من ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظنّاً منه أن هذا هو التعجل وغادر ولم يطف للوداع فما حكم حجه؟
فالجواب
حجه صحيح؛ لأنه لم يترك فيه ركناً من أركان الحج، ولكن ترك فيه ثلاث واجبات إن كان لم يبت ليلة الثاني عشر بمنى.
الواجب الأول: المبيت بمنى ليلة الثاني عشر.
والواجب الثاني: رمي الجمار في اليوم الثاني عشر.
والواجب الثالث: طواف الوداع.
ويجب عليه لكل واحد منها دم يذبحه في مكة ويوزعه على الفقراء، لأن الواجب في الحج عند أهل العلم إذا تركه الإنسان وجب عليه دم يذبحه في مكة ويفرقه على الفقراء) من كتاب (فتاوى أركان الإسلام، لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى-).
خامس أيام الحج
أعمال اليوم الثاني عشر من ذي الحجة
ثاني أيام التشريق
(**) يلزمك المبيت بمنى هذه الليلة.
(*) عليك أن تستغل وقتك بفعل الخيرات وذكر الله والإحسان إلى الخلق.
(**) وبعد الظهر ترمي الجمرات الثلاث وتفعل كما فعلت في اليوم الحادي عشر فترمي بعد الظهر الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى.
(*) وتقف للدعاء بعد الصغرى والوسطى.
(*) وبعد أن تنتهي من الرمي إن أردت أن تتعجّل في السفر جاز لك.
(**) إن نويت التعجل فيلزمك الانصراف من منى قبل غروب الشمس وتطوف طواف الوداع. ولا شيء عليك إذا تأخرت بسبب الزحام.
(*) لكن التأخُّر للحاج أفضل لقول الله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}[البقرة]. ولفعل رسول الله e ولنيل فضيلة الرمي.
(*) إذا أمكنك أن تصلي أثناء بقائك في منى أيام التشريق في مسجد الخيف كان أفضل؛ لأنه ((صلى في مسجد الخيف سبعون نيباً))[86].
سادس أيام الحج
أعمال اليوم الثالث عشر من ذي الحجة
ثالث أيام التشريق
(**) بعد المبيت بمنى ليلة الثالث عشر.
(**) ترمي الجمرات الثلاث بعد الزوال وقت دخول صلاة الظهر وتفعل كما فعلت في اليومين السابقين.
(**) فإذا عزمت الرجوع إلى بلدك فطف طواف الوداع، أما الحائض والنفساء فليس عليهما طواف وداع، إلا إذا طهرتا قبل السفر فوجب عليهما.
قال الله تعالى:{وأتموا الحج والعمرة لله}[87].
وبذلك تمت مناسك الحج ولله الحمد والمنة[88].
من مخالفات يومي الثاني عشر والثالث عشر
عدم المحافظة على نظافة المكان وتركه متسخاً دون أي مبالاة وهذا ليس من أدب الإسلام في شيء.
كثير من الناس يغفل عن حسن الخلق وإنما الأعمال بالخواتيم.
قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُقٍ حسن)) [رواه الترمذي].
الالتزام بزيارة المسجد النبوي؛ حيث يعتقد بعض الحجاج أن لها علاقة بالحج، أو أنها من مكملاته وهذا خطأ، والصحيح أن زيارة المسجد النبوي سنة قبل الحج أو بعده، وليست من مكملاته. والصلاة فيه بألف صلاة، فيكون مقصد السفر للصلاة فيه لا لزيارة القبر، وبعد الصلاة يستحب زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – والسلام عليهم ثم زيارة مسجد قباء للصلاة فيه، ثم زيارة بقيع الغرقد حيث قبور الصحابة رضي الله عنهم، والسلام عليهم، والدعاء لهم، ثم قبور الشهداء في أحد والدعاء لهم.
وأحذر من دعاء الأموات أو الاستغاثة بهم، لكونه شركاً أكبر ومحبطاً للعمل.
أثر الحج
وتحقيق العبودية بترك أمور الجاهلية
وقف النبي صلى الله عليه وسلم موقفاً عظيماً وأعلن إعلاناً أشهد عليه صحابته خير هذه الأمة، وذلك تقرباً إلى الله عز وجل فتدبر أيها الحاج ملياً هذه الخطبة:
حيث قال صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع.
ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل.
وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا. ربا عباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع كله.
فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرّح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعد إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك وأديت، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس ((اللهم اشهد، اللهم اشهد)). رواه مسلم.
............................................................................
طرق كسب الثواب
قال الله تعالى: {والذين ءامنوا أشد حبا لله} [البقرة، الآية: 165].
إظهار البراءة من المشركين وتعمد مخالفتهم.
احرص على تطبيق جميع السنن الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف وطلاقة الوجه.
سقاية الحجاج وإطعامهم والإحسان إليهم.
الصبر على إخوانك الحجاج وما تجده منهم من مضايقة أو إزعاج.
مساعدة الضعيف وتعليم الجاهل بالحكمة والموعظة الحسنة.
نشر الكتب القيمة والأشرطة العلمية المفيدة.
الدعاء لإخوانك المسلمين في كل مكان.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصحية.
سلامة الصدر والابتعاد عن الغيبة وتجريح الناس وخصوصاً الدعاة ولمن لهم عليك ولاية، والدعاء لهم بالخير والصلاح والتوفيق في الدنيا والآخرة.
تنال رحمة الله إذا كنت سمحاً. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى))[89].
حاجتنا إلى دعاء الله عز وجل
قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} [سورة غافر: 60].
وقال جل شأنه:}وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} [سورة البقرة: 186].
وقال سبحانه وتعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} [سورة النمل: 62].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده، إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً))[90].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنه من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه))[91].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((الدعاء هو العبادة))[92].
وقال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لابن عباس رضي الله عنهما: ((يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف))[93].
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (إني لا أحمل همّ الإجابة، ولكن أحمل هم الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه).
لذلك نحن بحاجة مع ما سأذكره من بعض آداب الدعاء إلى الجزم والثقة واليقين على الله بالإجابة.
حيث يقول صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه))[94].
من آداب الدعاء:
أن تسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، لقول تعالى:}ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها { .
البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله e .
الصدق والإخلاص لله في الطلب.
الإلحاح وعدم الاستعجال.
تكرار الدعاء ثلاثاً.
كون المطعم والمشرب والملبس من الحلال.
رفع الأيدي في الدعاء واستقبال القبلة.
الوضوء قبل الدعاء إن تيسر.
خفض الصوت بالدعاء (بين المخافتة والجهر) قال الله تعالى: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً}[سورة الأنبياء، الآية: 90].
عدم تكلف السجع في الدعاء.
عدم الاعتداء في الدعاء أو الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم.
لا يسأل إلا الله وحده.
أخي الحاج: إن من الناس من يشهد أن لا إلا الله، وأن محمداً رسول الله باللسان فقط!! وحسبوا أنهم على شيء وأنى لهم ذلك!! إذ أن أقوالهم وأعمالهم شاهدة بفساد دعواهم، ودليل ذلك أنهم دعوا غير الله تعالى، فأشركوا بالله في عبادته ما لم ينزل به سلطاناً، فلم يزدهم شركهم عند ربهم إلا مقتاً وبعداً، فدعا فريق منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا آخرون عليًّا والحسن والحسين رضي الله عنهم، ودعا آخرون البدوي والجيلاني وأبا طير وغير هؤلاء من المخلوقين؛ فزلت أقدام هؤلاء الداعين[95]. وأشركوا بالله رب العالمين وضلوا عن صراطه المستقيم: {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف 6].
فلا تسأل ولا تدع إلا الله وحده واحذر أن تشرك بالله شيئاً، والحمد لله القائل:
{ادعوني أستجب لكم}.
الدعاء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وتضمن اسم الله الأعظم.
ومن أهم الآداب الدعاء بجوامع الأدعية
وإليك بعض الأذكار والأدعية
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))[96].
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر))[97].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم))[98].
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم))[99].
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: ((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري،وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر))[100].
وكان يقول: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))[101].
((اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك))[102].
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك من خير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشداً))[103].
وعليك أن تكثر من الاستغفار وتتوب إلى الله توبة صادقة، وتسأل الله من خيري الدنيا والآخرة، وتكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أكثر دعاء النبي[104] صلى الله عليه وسلم: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)). متفق عليه. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هين، وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. وأما الحسنة في الآخرة، فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة[105].
الدعاء الذي جمعه سماحة الشيخ
عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – في منسكه[106]
ويختار جوامع الذكر والدعاء ومن ذلك:
((سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)).
((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)).
((لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)).
((لا حول ولا قوة إلا بالله)).
{ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}.
((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر)).
((أعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء)).
((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن العجز والكسل، ومن الجبن والبخل، ومن المأثم والمغرم، ومن غلبة الدين وقهر الرجال)).
((أعوذ بك اللهم من البرص والجنون والجذام، ومن سيء الأسقام)).
((اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة)).
((اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)).
((اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني)).
((اللهم اغفر جدِّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي)).
((اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير)).
((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك علام الغيوب)).
((اللهم ربِّ النبي محمد عليه الصلاة والسلام اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأعذني من مضلات الفتن ما أبقيتني)).
((اللهم ربِّ السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين واغنني من الفقر)).
((اللهم أعط نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها)).
((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر)).
((اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت أعوذ بعزتك أن تضلني لا إله إلا أنت. أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون)).
((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها)).
((اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء)).
((اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي)).
((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك)).
((اللهم إنِّي أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)).
((اللهم إني أسألك الهدى والسداد)).
((اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم)).
((اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً)).
((لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير)).
((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)).
((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)).
((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).
ويستحب في هذا الموقف العظيم أن يكرر الحاج ما تقدم من الأذكار والأدعية وما كان في معناها من الذكر والدعاء والصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، ويلح في الدعاء، ويسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذا دعا كرر الدعاء ثلاثاً فينبغي التأسي به
في ذلك عليه الصلاة والسلام.
ويكون المسلم في هذا الموقف مخبتاً لربه –سبحانه – متواضعاً له، خاضعاً لجنابه منكسراً بين يديه، يرجو رحمته ومغفرته، ويخاف عذابه ومقته، ويحاسب نفسه ويجدد توبة نصوحاً، لأن هذا يوم عظيم ومجمع كبير، يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته ويكثر فيه العتق من النار، وما يرى الشيطان في يوم هو فيه أدحر ولا أصغر ولا أحقر منه في يوم عرفة إلا ما رؤي يوم بدر، وذلك لما يرى من جود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثرة إعتاقه ومغفرته، وفي صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟.)).
فينبغي للمسلمين أن يروا الله من أنفسهم خيراً، وأن يهينوا عدوهم الشيطان ويحزنوه بكثرة الذكر والدعاء وملازمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والخطايا، ولا يزال الحجاج في هذا الموقف مشتغلين بالذكر والدعاء والتضرع إلى أن تغرب الشمس.
فإذا غربت الشمس انصرفوا إلى مزدلفة بسكينة ووقار وأكثروا من التلبية. انتهى كلام سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.
تــــــــــــــــــــــــــابع