أردوغان ( بائع السميط ) الذي زاحم الجميع فى التاريخ التركي
بالرغم من نشأته فى أفقر أحياء إسطنبول (قائم باشا) وتلقيه تعليما بمدرسة شعبية بسيطة .. إلا أن سياسة حزبه ونجاح حكومته داخليا وخارجيا فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية جعل الشعب التركى يجدد الثقة فى زعيمه رجب طيب أردوغان ويقود حزبه للفوز مرة أخرى بأغلبية البرلمان بعد أن حقق الحزب الحاكم خلال 9 سنوات خطوات واسعة على طريق الديمقراطية.
رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان سياسى عصامى كان فى صغره بائعا للفافات الخبز بشوارع إسطنبول القديمة ، حيث كانت تركيا دولة محاصرة بسلسلة من انقلابات الجيش ..وكان أبناؤها المتدينون مضطهدين فى المجتمع.
واستطاع أن يصل إلى منصب سياسى مرموق فى زمن قياسى فى عمر صغير (15 عاما).. فضلا عن تعرضه لكثير من العوائق والاعتقالات التى كادت أن تبطىء من مسيرته السياسية.
ولد الطيب باستانبول فى 26 فبراير عام 1954 فى حي قاسم باشا الفقير لوالد يعمل فى خفر السواحل ، وبعد ان انتهى من تعليمه الابتدائي التحق بمدرسة الأئمة والخطباء ، ومنها إلى كلية التجارة والاقتصاد بمرمره طويل القامة ، فارع الطول ، جهوري الصوت ، حاد الطباع ، نتيجة نشأته ، لكنه خرج من السجن بدرجة عالية من المرونة وأفكار إصلاحية وأسلوب معتدل ..
متدين لا يجيد سوى التركية ، لكنه متحدث بارع ومصغي جيد .
تاجر ماهر ، مارس كرة القدم فى ثلاثة أندية رياضية .
يقول الصحفي العربي المقيم فى تركيا سعد عبد المجيد : لم يتخلف أردوغان يوماً عن واجب العزاء لأي تركي يفقد عزيزاً ويدعوه للجنازه.
اقترب الطيب من الجماهير خاصة البسطاء منهم ، قال احدهم : نحن نفخر بأردوغان ونعتقد أنه لن يجرؤ أحد بعد اليوم على السخرية منا أو إهمالنا .
يقول رجل الأعمال - التركي من أصل سوري - غزوان مصري : كل من يعيش فى استانبول يدين للطيب بالماء والهواء النظيفين ، والخضرة التى تملأ المكان .. كانت وسائل الإعلام سابقاً تنصح كبار السن و الأطفال ألا يخرجوا للشارع لأن الهواء ملوث ، كما كانت الكمامات توزع فى الشارع .
خلال ثمان سنوات عالج الطيب كل ذلك وحول استانبول إلى عاصمة اجتماعية وثقافية وسياحية تليق بتركيا .
اقتحم الطيب عالم الدعارة ، واستطاع أن يعيد تأهيل الفتيات نفسيأ واجتماعياً ، ويلحقهم كعاملات فى المصانع .
لم يغير الطيب مسكنه رغم تواضعه حتى بعد وصوله لمنصب عمدة استانبول ووجود فرص للحصول على عملات بملايين الدولارات بشكل شرعي ومتعارف عليه لكنه كان يخصم تلك العملات ويوفرها لخزينة المدينة .
دخل السجن فى عام 1999 بسبب أبيات من الشعر : ( المآذن رماحنا.. والقباب خوذاتنا.. والجوامع ثكناتنا .. والمؤمنون جنودنا ) .
حملته الجماهير إلى السجن لتودعه فى مشهد مهيب ، حيث أكد لهم أنه سيقضي أيامه فى وضع حلول لمشكلات تركيا ، وخطط للنهوض بمستقبلها .. مطالباً إياهم بالعمل والبذل والعطاء .
لم تمنع أردوغان نشأته المتواضعة أن يعتز بنفسه ، ففي مناظرة تليفزيونية مع زعيم الحزب الجمهوري وريث الكمالية دينز بايكال قال: (لم يكن أمامي غير السميد والبطيخ فى مرحلة الابتدائية والإعدادية كي استطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي ، لأن والدي كان فقيراً ) .
مُنِع أردوغان من ممارسة العمل السياسي رغم فوز حزبه بانتخابات 2002 وحصوله على 354 مقعداً وتشكيله الحكومة منفرداً ، لكنه عاد إلى البرلمان بعد خمسة أشهر ، حينما رفع عنه البرلمان عدم الصلاحية واستقال أحد نواب الحزب بـ (سرت) لتجري الانتخابات ويفوز الطيب بها ، ثم تنازل له جول عن رئاسة الوزراء ليعيد صياغة التاريخ التركي في ظرف أعوامٍ قليلة .