أبلغ تعبير عن هذه التجاوزات نجده في اعترافات بعض المفكرين اليهود الجدد الذين يسمون أنفسهم « الاجتماعيين الجدد » الذين أرادوا التجمُّل قليلًا فأدانوا تاريخ آبائهم لكنهم لم يقبلوا برد الحق لصاحبه !! آخر ما كتب في ذلك كتاب « Sacred Iandscape » « المكان المقدس » بقلم نائب رئيس بلدية القدس السابق : « ميرون بنفنيستي » الذي يبدأ بتوصية الأمم المتحدة وقرارها بتقسيم فلسطين لدولتين : دولة يهودية على 54% من مساحة فلسطين لمن يملكون 5% فقط منها ! ونصف سكانها عرب ، ودولة عربية على مساحة 46% لمن يملكون 95% منها ولا يوجد بين سكانها يهود !! فقام العرب بالمظاهرات قابلها اليهود بنسف بيوت العرب مستعينين بجيش قوامه 65.000 جندي مدرب خاضوا الحرب العالمية الثانية لم يقف أمامهم سوى 2500 مناضل شعبي انضم إليهم فيما بعد 5000 متطوع سوري ومصري وآخرون ... وقد كانت حرب زعيم اليهود « بن جوريون » عسكرية واقتصادية ومدنية ، يقتل فيها الأطفال والنساء والشيوخ ، وتسمم آبارها وترمي فيها جراثيم التيفود ... فدمروا المجتمع العربي في فلسطين بأهله ومؤسساته وقراه ومدنه وباختصار إزالة كل آثار المكان الإنسانية والعمرانية ... يقول في ذلك الزوجان عالمًا الآثار « دوثان » أنهما اكتشفا تدمير « تل مرّة » الذي يحتوي على آثار لا نظير لها للبالشتيين ( الفلسطينين القدماء ) .. والذي سلم من الدمار من هذه الآثار سرق خاصة على يد « موشى ديان » الذي حصل على مجموعة تكفي لمتحف صغير ... من ذلك الزيف أيضًا إزالة كافة الأسماء العربية والإسلامية من كافة الخرائط واختراع أسماء عبرية لها بإشراف « بن جوريون » نفسه حيث لم يكن كثر من 5% من الأسماء عبرية رغم الاستيطان اليهودي لمدة 30 عامًا ( قبل 948ام ) تحت المظلة البريطانية ...
وقد بدأ التدمير في نهاية الانتداب البريطاني على يد اللصوص سكان المستعمرات ثم امتد التدمير ليزيل من الوجود 418 قرية عربية من أصل 531 ، دمر الثلثان تدميرًا كاملًا والثلث الباقي دمر بدرجة أقل وتعيش فيه عائلات يهودية بالطبع هذا التدمير سبقه مذابح للسكان الفلسطينين . .
* مذابح قبل إعلان الدولة :
من المذابح التي سبقت إعلان الدولة اليهودية . حيث حدثت 35 مذبحة في الخليل وحده !! منها ما سجل من قبل ومنها ما لم يعرف إلا عام 1999م . مثل مذبحة « الطنطورة » حيث جمع اليهود النساء والأطفال ليشاهدوا الرجال حيث يقتل 40 تدفنهم المجموعة الثانية وهكذا حتى بلغوا مئتا شهيد . يذكر الكاتب كذلك مذبحة « طيرة حيفا » ، حيث قتل الضحايا بنفس الطريقة السابقة إلا أن المجرمين هنا أجلسوا الضحايا على كومة قمح ناشف في مساء رمضان ثم أضرموا فيهم النيران فصار الضحايا يصرخون ولا يدرون أين يتجهون في الظلام وقتها كان الإسرائيليون يضحكون . هلك في ذلك 55 شهيدًا .
أما أشهر المذابح قبل إعلان دولة اليهود والتي كانت معروفة من قبل - فهي مذبحة دير ياسين - حيث قتل 260 من أصل 400 هم كل سكان القرية .. حيث ألقى بـ 53 من الأطفال أحياء وراء سور المدينة القديمة وتمت عمليات تعذيب وبتر أعضاء وذبح حوامل ومراهنة على نوع الأجنة . ثم ألقيت الجثث في بئر القرية .
وقد كتب مجرم دير ياسين الأكبر « بيجن » - رئيس الوزراء فيما بعد . كتب يقول : « إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي ... لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل !! » وقد عبرت الدولة الصهيونية عن امتنانها لأصحاب تلك المجزرة إذ أطلقت أسماء المنظمات التي قامت بالجريمة على شوارع المستوطنة التي قامت على أطلال القرية المنكوبة وقد أقيم احتفال وصدحت الموسيقى وحضر أعضاء الحكومة عند إعادة افتتاح القرية .
ومن تلك المذابح مذبحة « اللد » التي كان بطلها موشى ديان حيث لقى 250 عربي مصرعهم . وقد فصح مراسل الهيرالد تربيون عن هذه المجزرة
مذابح بعد إعلان الدولة الصهيونية : بعد إعلان الدولة اشتدت المذابح . فحدثت « مذبحة الدوايمة » حيث قتل 500 بالرصاص والحرق في المسجد وقتل الأطفال بالضرب على رؤوسهم بالشواكيش . كذلك مذابح أخرى أهمها مذبحة « قبية » التي كانت تحت إدارة الأردن وهي تعد علامة شهيرة في انتهاك إسرائيل للأعراف والقوانين فضلًا عن حقوق الإنسان . بطلها كان شارون حيث قتل 69 ونسف 41 منزلًا ومسجد ومن هذه المذابح مذبحة كفر قاسم وغزة .
لم يكتف اليهود بالمذابح للسيطرة على فلسطين . فبعد الاستيلاء على الأرض - استخدمت أساليب العقاب الجماعي وفرض حصار أمني وهدم البيوت (1259 بيتًا من 1967م إلى 1980م ) إطلاق النار على المتظاهرين والاعتداء على المثقفين وترحيلهم ( لعلنا لا ننسى من استبعدوا من برج الزهور ) والاعتقال والتعذيب أما الأهم فكان مجموعة القوانين الظالمة : فأي مواطن فلسطيني معرض للاعتقال وعرضة للتفتيش دون سبب أو إذن وفي أي مكان وأي وقت ( خُمس الفلسطينيين تعرضوا للاعتقال ) .. منها كذلك قانون الأرض غير المفتلحة الذي يقضي بالاستيلاء على أي أرض لم يفلحها صاحبها 3 سنوات . وكيف يفلحها وهو مطرود ؟! كذلك تخصص 3/ 4 المياه للمستوطنين اليهود بسعر أقل من التكلفة .
وبعد فليس هذا كل الإجرام الإسرائيلي ... إذ يذكر التاريخ لهم قتل الأسرى المصريين عامي 56 و 67 ( حوالي 1270 شهيدًا منهم 200 مدني ) وقتلهم لكافة نزلاء مستشفى خان يونس وقتلهم الأسرى بالموت حتى الظمأ ودهسهم بالدبابات وأمرهم بحفر قبورهم ( هذا ما ذكرته صحيفة معاريف الإسرائيلية 8/4/ 1995م ) ... كذلك ضرب مصنع أبي زعبل ومدرسة بحر البقر في مصر . ونسف طائرة مدنية ليبية . وضرب 15 مخيمًا للاجئين على امتداد نهر الأردن بالنابالم عام 1968. ومن ذلك مذبحة صابرا وشاتيلا ( المخيمين الفلسطينيين في بيروت ) عقب احتلالها عام 1982 فقتل 1500 شهيد وتعرضت النساء للاغتصاب المتكرر وبقر بطون الحوامل وقتل حتى البهائم وقد اعترفت لجنة كاهانا الإسرائيلية بمسؤولية بيجن رئيس الوزراء آنذاك .
ومن ذلك « مذبحة قانا » حيث قتل 110 لبنانيٍّا بقصف الطائرات وقد احتموا في مخبأ للأمم المتحدة عام 1996م . كذلك « مذبحة الحرم الإبراهيمي » في مدينة الخليل وفي رمضان حيث قتل المسلمون وهم يصلون في الجمعة الأخيرة . عام 1994م . فسقط 60 شهيدًا عدا المصابين ثم قتل 53 خلال يوم لاحتجاجهم على ذلك !! وقد تكرر ذلك عام 2000 في مسجد قرية حسان في رمضان أيضًا كما قتل الصهاينة في الانتفاضة الأولى ( 1987 - 1991م ) ألف شهيد وجرح 90.000 واعتقل 15.000ونسف 1228 منزلًا واقتلعت 0 0 0.0 14 شجرة من حقول الفلسطينيين(43). ( عدا تكسير عظام أطفال الحجارة ) أما في الانتفاضة الثانية ( الحالية ) وهي انتفاضة الأقصى عام 1421هـ / 2000م وهي مستمرة إن شاء الله - حصيلتها خلال شهرين ونصف حوالي أربعمائة شهيد عدا الجرحى حيث ضرب الاحتلال المدن والمخيمات بالدبابات والصواريخ والطائرات . وضرب المتظاهرون في صدورهم ورؤوسهم برصاص محرم دوليًّا .
= بعد ذلك بقليل تسلم « شارون » راية الإجرام الصهيوني من « باراك » ليعيد مسيرة المدمرين الإسرائيليين الأوائل ، وليس التعبير من عندي بل من « ميرون بنفنستي » الصحفي الإسرائيلي في جريدة « ها آرتس » ( الأهرام 25/ 1/ 2002 ) . شارون الذي بدأ إجرامه منذ المشاركة في مذبحة دير ياسين 1948م وسفاح « قبية » ص1953م و « قوابية » 1955م والأسرى المصريين عام 1956م خاصة في ممر تلا . وسفاح « الشوف » اللبنانية ، عدا جريمته العظمى في « صبرا وشاتيلا » . وسارع شارون في اتباع سياسة العين الحمراء للفلسطينيين الذين قابلوها بصدور مفتوحة فقتل مع رئيس أركانه (موفاز ) ما لا يقل عن 2000 فلسطيني في أقل في عام منهم 500 على الأقل في مذبحة جنين حيث هدم المخيم على من فيه بعد مقاومة أسطورية أجبرت موفاز على قيادة عملية جنين بنفسه . وسعت قوات الاحتلال إلى نقل جثث الشهداء إلى أماكن بعيدة ( النقب ) وإلى جمعهم بالجرفات وإلقائهم في المجاري (الصرف الصحي ) وكانت قد استخدمت معهم الأسلحة المحرمة دوليًّا مثل المثيليوفوسفات - الذي لا يستبعد أن يكون استخدم في أحداث 11 سبتمبر - واندهش العالم لهذا الإجرام الذي سبقه في حصار الضفة إجبار الناس على الشرب من مياه المجاري ثم استخدم بعضهم كدروع بشرية . فصرخ « تيري ليرنر » مبعوث الأمم المتحدة : « هذا أول زلزال من صنع البشر » . كما صرح مدير وكالة غوث اللاجئين « بيتر هانسن » : « ليس من المبالغة أن نسمي هذه مجزرة » . ومثل ذلك قاله وزير خارجية بريطانيا ونظيرته السويدية ، إلا « بوش » الذي صرح أن شارون رجل سلام . أما كولين باول فهدد باستمرار العمليات ويدعو الجرائم بحق الدفاع عن النفس واستمر شارون في شاسة العقاب الجماعي وهدم بيوت أقارب الاستشهاديين والتهجير . نعود إلى مذبحة جنين فنذكر أن العالم حين طالب بإرسال لجنة تحقيق دولية ، ماطلت إسرائيل لتخفي معالم الجريمة وحين لم تفلح - على ما يبدو - رفضت في آخر الأمر . ورضخت الأمم المتحدة لهذه الإهانة ، وليذهب دم الأبرياء هدرًا ما داموا مسلمين .. ولتذهب جرائم جنين ومن قبلها نابلس ولتذهب إهانات الناس عند الحواجز التي يموت عندها المرضى والحوامل وليذهب منع سيارات الإسعاف بل وتحطيمها .. وليذهب إجبار الرجال ، بل والأطفال على خلع ملابسهم ثم تمزيقهم بمرور الدبابات فوقهم وليذهب ذلك أدراج الرياح [ هذه شهادة « جيرالد كوفمان » عضو البرلمان البريطاني - وهو يهودي - ] شاهد شريط فيديو بإجبار الأطفال على خلع ملابسهم ثم مرور دبابات فوقهم فتمزقهم فرصف شارون بأنه مجرم حرب . أعلن ذلك في مجلس العموم البريطاني . في أبريل 2002 لم يثن ذلك وغيره مجرمي الصهاينة عن الاستمرار في الغي . وليذهب كل ذلك أدراج الرياح .. وليستمر مسلسل قتل زعماء الفلسطينيين الشعبيين وليضرب حي سكني ( حي الدرك ) في غزة ، والناس نائمون بالطائرات وليقتل العشرات عدا الجرحى . ومن يرد الاستزادة من تفاصيل تلك الجرائم خاصة نابلس وجنين ليرجع إلى صحف « الإندبندنت » و« الصنداي تايمز » في أواخر أبريل 2002 حيث قالت « ماري كولفيني » في الأخيرة : شارون مجرم حرب للمرة الثانية بعد صبرا وشاتيلا ، إن ما حدث في جنين هو بمثابة أول زلزال من صنع الإنسان .. وهذا التعبير تقريبًا هو نفس ما قاله أمين عام الصليب الأحمر الدانماركي وتيرى ليرنر مبعوث كوفي عنان .. » كما قالت « لوموند » الفرنسية : أرض جنين تحولت إلى مقابر جماعية .
والحق أن الانتفاضة الحالية محطة مهمة في الصراع مع الصهاينة إذ إنها نبهت من كان غافلًا من المسلمين وخرجت المظاهرات للمسلمين في كل العالم . كما أننا لأول مرة صرنا نرى بعضًا من تعاطف من الغرب خاصة غير المسؤولين ، مثل « ماري روبرتسون » مبعوثة الأمم المتحدة لفلسطين ورئيسة أيرلندا السابقة ، كذلك.