إن الله عز وجل لم يدع العالم في هذا الزمن يخبط خبط عشواء دون أن يرسل إليه من يرشده إلى السبيل التي تنجيه من تبعات ابتعاده عن تعاليم الله عز وجل إذ بعث جل وعلا سيدنا احمد عليه السلام المسيح الموعود والمهدي المعهود ليكون معلما ومرشدا للبشرية جمعاء في حب الله عز وجل وكل من يبغي هذا السبيل لا بد له من اللحاق به والارتشاف من كأسه الرقراق، هذا الإمام المعلم الذي كان يعج قلبه بحب الله عز وجل قد ضرب أروع مثال وأعلى قدوة بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المضمار.
إن تتبع سيرة حياته وتقصي دقائق أمورها يكشف لنا عن عظمة هذا الإنسان الذي أُنيطت به مهمة إحياء هذا العالم من جديد وتوطيد أمنه واستقراره .إذ إن حب الله بالنسبة له كان أغلى ما لديه في هذا الوجود، وكان يعيش في حضن الله تعالى ويستظل بظله في كل حين، وكان يشعر أن حب الله كنز لا بد أن يُقتنى، لأنه يُغني الإنسان عن كل كنوز الدنيا، ولذلك كان يكتب دائما عن حب الله، ويسعى لكي يعرف الناس الإله الحق، ويعبدوه وحده حق العبادة.
كان يريد للجميع أن يعرفوا الله تعالى كما عرفه هو، ويدركوا أنه هو وحده مصدر كل عزة وكرامة، وأنه الينبوع العذب الذي يعطي الحياة الأبدية لمن اغترف واستقى منه، وأنه المنهل الرقراق الذي يروي العطاشى ويطفئ غليلهم، فكتب يدعو الناس ويقول ما تعريبه:
"... ما أشقى الإنسان الذي لا يعرف أن له إلها قادرا على كل شيء! إن إلهنا هو فردوسنا، وإن أعظم ملذاتنا في ربنا، لأننا رأيناه ووجدنا فيه الحسن كله. إن هذا الكنْز جدير أن يُقتنى ولو افتدى الإنسان به حياته، وهذه الجوهرة حريّة بأن تُشترى ولو ضحّى الإنسان في طلبها بكل وجوده. أيها المحرومون.. هلموا سراعا إلى هذا النبع الدفاق ليروي عطشكم.. إنه ينبوع الحياة الذي فيه نجاتكم. ماذا أفعل، وكيف أقرُّ هذه البشرى في القلوب؟ بأي دف أنادي في الأسواق حتى يعلم الناس أن هذا هو إلهكم؟ وبأي دواء أعالج حتى تتفتح للسمع آذان الناس؟"
<table align=left cellpading="2"><tr><td>(الخزائن الروحانية ج19-كتاب: سفينة نوح ص21-22)</TD></TR></TABLE>
لقد كان قلبه عليه السلام يجيش بالمحبة الإلهية، ويفيض امتنانا بفضل الله تعالى ومننه وآياته التي تتنزل عليه كل حين، فكان مما قاله ما تعريبه:
"ليس بإمكاني أن أعدد تلك الآيات التي أعرفها، لكن الدنيا لا تراها ولا تعرفها. اللهم إني أعرفك حقا لأنك أنت إلهي، لذا فإن روحي تتوثب إليك بسماع اسمك كما يتوثب الرضيع لرؤية أمه، ولكن أكثر الناس لم يعرفوني ولم يقبلوني..."
<table align=left cellpading="2"><tr><td>(الخزائن الروحانية ج15- كتاب: ترياق القلوب ص511)</TD></TR></TABLE>