آداب الزفاف في السنة المطهرة
29- وجوب إجابة الدعوة:
ويجب على من دعي إليها أن يحضرها وفيها حديثان:
ص -154- الأول: "فكوا العاني1 وأجيبوا الداعي وعودوا المريض"2.
الثاني: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها [عرسا كان أو نحوه] [ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله]"3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: الأسير أي: أعتقوه من أيدي العدو بمال أو غيره.
2 رواه البخاري 9/198 وعبد بن حميد في "المنتخب من مسنده" 65/1 من حديث أبي موسى الأشعري.
3 رواه البخاري 9/198 ومسلم 4/152 وأحمد رقم 6337 والبيهقي 7/262 من حديث ابن عمر ورواه أبو يعلى والزيادة الثانية له وسندها صحيح كما قال الحافظ في "التلخيص" وهي عند أحمد أيضا في رواية رقم 5263 مفصولة عن الحديث من طريق آخر وكذلك رواه أبو عوانة في "صحيحه" كما في "الفتح" 9/201 ولها شاهد من حديث أبي هريرة تقدم قريبا. وفيه دليل على وجوب الإجابة لأن العصيان لا يطلق إلا على ترك الواجب كما قال الحافظ.
30- الإجابة ولو كان صائما:
وينبغي أن يجيب ولو كان صائما لقوله صلى الله عليه وسلم:
ص -155- "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل"1. يعني: الدعاء"2.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: فليدع كما هو مفسر في آخر الحديث من بعض الرواة.
2 رواه مسلم 4/153 والنسائي في "الكبرى" 62/2 وأحمد 2/507 والبيهقي 7/263 واللفظ له من حديث أبي هريرة مرفوعا.
31- الإفطار من أجل الداعي:
وله أن يفطر إذا كان متطوعا في صيامه ولا سيما إذا ألح عليه الداعي وفيه أحاديث:
الأول: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك"3.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 رواه مسلم وأحمد 3/392 وعبد بن حميد في المنتخب 116/1 والطحاوي في المشكل 4/148 قال النووي:
"إن كان صومه نفلا وشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطر".
ونحوه في الفتاوى 4/143 لابن تيمية.
ص -156- الثاني: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه النسائي في الكبرى 64/2 والحاكم 1/439 والبيهقي 4/276 من طريق سماك بن حرب عن أبي صالح عن أم هانئ مرفوعا . وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي. وهو كما قالا فإن سماكا لم يتفرد به فقد رواه شعبة حدثني جعدة عن أم هانئ به قال شعبة فقلت لجعدة أسمعته من أم هانئ؟ قال أخبرني أهلنا وأبو صالح مولى أم هانئ عن أم هانئ.
رواه الدارقطني في الأفراد ج 2 رقم 30 و 31 من نسختي والبيهقي وأحمد 6/341 وابن عدي في الكامل 59/2 فهذه طريق أخرى تقوي الأولى.
وله طريق ثالث أخرجه أبو داود عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم نحوه.
وهذا إسناد قوي في المتابعات وقد قال الحافظ العراقي في
ص -157- ...............................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= تخريج الأحياء 2/331:
"إسناده حسن".
"تنبيه": كتب الشيخ شعيب الأرناؤوط تعليقا على هذا الحديث في شرح السنة 6/371 وفي تهذيب الكمال 4/569 تعقيب فيه تصحيح الحاكم له بأن باذام مولى أم هانئ ضعيف ومدلس. قال: وقد التبس أمره على الشيخ ناصر في آداب الزفاف فظنه أبا صالح السمان الثقة فوافق الحاكم والذهبي على تصحيحه فأخطأ. ثم أطال في تخريج الحديث دون فائدة تذكر وتمسك في تضعيف الحديث بالاختلاف على سماك في سنده وغلطه في ذكره يوم الفتح فيه وبالجهالة والضعف.
وجوابا عليه وبيانا للحق أقول:
أولا: إن مانسبه إلي من الظن إنما هو من سوء ظنه بأخيه ومحاولاته المعروفة في الكشف عن عثرة من عثراته وإلا ففي سياق كلامي أنه أبو صالح مولى أم هانئ على أنه لو لم يكن ذلك مذكورا فالمبتدئون في هذا العلم يعلمون ذلك لاشتهاره بين العلماء فهل يتصور منصف أن يخفى ذلك على من قضى فيه أكثر من نصف قرن من الزمان والشيخ شعيب يعلم ذلك ولكن.. وإنما وافقت الحاكم على تصحيحه للطرق التي ذكرتها بعد وقلت في الثانية منها:
ص -158- الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "هل عندكم شيء؟" فقلت: لا. قال: "فإني صائم". ثم مر بي بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس قالت: يا رسول الله! إنه أهدي لنا حيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهذه تقوي الأولى.
فهذا صريح أو كالصريح في أن الطريق الأولى ليست قوية وقد كنت شرحت ضعفها قديما في صحيح أبو داود 2120.
ثانيا: أما تضعيفه إياه من الطرق الثلاث: أبو صالح جعدة يزيد بن أبي زياد فهو مسلم من حيث مفرداتها ولكن لماذا أعرض الشيخ عن قاعدة تقوية الحديث الضعيف كما هنا ولا سيما وقد حسن الحافظ العراقي أحد مفرداتها؟ أهو الانتصار للمذهب؟ أم هو حب الظهور بالمخالفة لكي لا يشاع عنه ما يقوله بعض عارفيه ويدل عليه أكثر تعليقاته: إن أكثر أحكامه يستقيها من كتب الألباني؟!
ثم إذا لم يكف ماذكرته في بيان خطئه في تضعيفه للحديث فإنا قد ذكرنا عقبه في المتن شاهدا قويا من حديث عائشة ونحوه حديث أبي سعيد الخدري الآتي بعده فلعل فيه ما يقنعه ويرده إلى الصواب إن شاء الله.
ص -159- فخبأت لك منه. قال: "أدنيه أما إني قد أصبحت وأنا صائم". فأكل منه ثم قال:
"إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها"1.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخرجه النسائي بإسناد صحيح. كما هو مبين في " الإرواء "4/135/636.