حقٌ على كل مسلم أن يقبِّل رأس عبدالله بن حذافة
عبدالله بن حذافة السهمي ، صحابي جليل ، أُسر في معركةٍ مع الروم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، وكان سبباً في فكِّ أسرى المسلمين ..
نظر قيصر الروم إلى عبدالله بن حذافة طويلاً .. ثمَّ بادره قائلاً : إني أعرض عليك أمراً ..
قال ابن حذافة : وما هو ؟
قال قيصر : أعرض عليك أن تتنصَّر .. فإن فعلت خلَّيت سبيلك وأكرمت مثواك ..
قال ابن حذافة في أنَفَةٍ وحزم : هيهات .. إن الموت لأحب إليَّ ألف مرةٍ مما تدعوني إليه ..
فقال قيصر : إني لأراك رجلاً شهماً .. فإن أجبتني إلى ما أعرضه أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني ..
فتبسَّم ابن حذافة وقال : والله لة أعطيتني جميع ما تملك .. وجميع ما ملكه العرب .. على أن أرجع عن دين محمدٍ طرفة عين .. ما فعلت ..
قال قيصر : إذن أقتلك ..
قال ابن حذافة : أنت وما تريد ..
ثمَّ أُمر به فصُلب ، وقال قيصر لقناصته – بالرومية - : أرموه قريباً من يديه .. وهو يعرض عليه التنصُّر .. فأبى ابن حذافة .. فقال قيصر : أرموه قريباً من رجليه .. وهو يعرض عليه مفارقة دينه .. فأبى ابن حذافة ..
فأمر قيصر قناصته أن يكفُّو عنه .. وطلب إليهم أن ينزلوه عن خشبة الصلب ، ثمَّ دعا بقِدرٍ عظيمة .. فصبَّ فيها الزيت ورُفعت على النار حتى غلت .. ثمَّ دعا بأسيرين من أسارى المسلمين .. فأمر بأحدهما أن يُلقى فيها .. فأُلقيَ .. فإذا لحمه يتفتَّت .. وإذا عظامه تبدو عارية .. ثم إلتفت إلى ابن حذافه ودعاه إلى النصرانية .. فكان أشدَّ إباءً من قبل .. فلما يئس منه .. أُمر أن يُلقى في القِدر التي أُلقيَ فيها صاحباه .. فلما ذُهب به .. دمعت عينا ابن حذافه .. فأُخبر قيصر بأنه بكى .. فظنَّ انه جَزع .. وأمر برده إليه .. ثم عرض عليه النصرانية .. فأباها ابن حذافة ..
فقال قيصر : ويحك .. فما أبكاك إذن ؟
فقال ابن حذافة : أبكاني أني قلت في نفسي : تُلقى الآن في القِدرِ فتذهب نفسك .. وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعرٍ أنفس .. أن تُلقى كلها في هذا القِدر في سبيل الله ..
فقال قيصر : هل لك أن تُقبِّل رأسي وأُخلي عنك ؟
فقال ابن حذافة : وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً ..
قال قيصر : وعن جميع أسارى المسلمين ايضاً ..
قال ابن حذافة في نفسه : عدوٌ من أعداء الله ، أُقبل راسه فيُخلي عني وعن أسارى المسلمين جميعاً .. لا ضير في ذلك عليَّ ..
ثم دنا ابن حذافة من قيصر وقبَّل رأسه .. فأمر قيصر أن يجمعوا له أسارى المسلمين ، وأن يدفعوهم إلى ابن حذافة .. ففعلوا ..
ولمَّا قدِم ابن حذافة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأخبره خبره .. سُرَّ به الفاروق أعظم سرور ، ولما نظر إلى الأسرى قال : حَقٌ على كل مسلمٍ أن يقبَّل رأس عبدالله بن حذافة .. وأنا أبدأ بذلك ..